قررت جهات التحقيق في مصر، إحالة بلاغ يتهم الفنانة المصرية مها أحمد بنشر الفسق والفجور. إلى نيابة قصر النيل لاتخاذ إجراءاتها نحو التحقيق والإطلاع على المستندات المقدمة.

وجاء القرار بعدما تقدم المحامي أشرف فرحات. مؤسس حملة “تطهير المجتمع” ببلاغ ضد الفنانة مها أحمد. لاتهامها بنشر الفسق والفجور.

وذكر فرحات في بلاغه أن المشكو في حقها الفنانة مها أحمد. خرجت علينا من خلال تطبيق يدعى “ميجو” ببث مباشر مرفق بالأسطوانة المدمجة التي سنتقدم بها بالتحقيقات. ورفقتها شاب ممن يدعون إلى المثلية، وهذا واضح من الصور الخاصة بحسابه وأخذوا يجرون حوارا مع أحد الأشخاص. بدعوى أنه طبيب صيدلي مدعيا بأنه سيدة.

وتابع فرحات في بلاغه ضد الفنانة مها أحمد: “الحوار بدأ بحديث به إيحاءات جنسية صريحة. والمشكو في حقها تسانده في ذلك بل وتطلب منه أن يجاريه بالحديث، ويطلب منه توجيه الكلمات والتي بها تحريض على الفسق والفجور”.

وأكد فرحات في بلاغه أن الفنانة تسيء بشكل مباشر للمجتمع المصري. مرتكبة عدة جرائم من خلال هذا التطبيق.

وفي واقعة فتيات “التيك توك” كانت تهمة التحريض على الفسق حاضرة بشدة. فعلى سبيل المثال وجهت النيابة العامة إلى هدير الهادي «فتاة التيك توك». تهم بالاعتداء على قيم المجتمع ومخالفة الآداب العامة. من خلال نشر فيديوهات تخدش الحياء العام، والتحريض على الفسق والفجور. ثم لاحقا جرت محاكمتها والحكم عليها بالسجن لمدة عامين.

تهم التحريض على الفسق في القانون؟

ووفقا للمحامي ياسر سعد فإن الاتهام بالتحريض على الفسق يرد بأكثر من مادة كما تم التوسع فيه. فمثلا مادة 1 من قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961. تنص على “كل من حرض شخصًا ذكرًا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له. وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه”.

وفي مادة 4 في الأحوال المنصوص عليها في المواد الثلاث السابقة تكون عقوبة الحبس من 3 سنوات الى 7. إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر 16 سنة ميلادية أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته. أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم.

وتابع ياسر في المادة 6، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من استغل بأيه وسيلة بغاء شخص أو فجوره. فإن عقوبة المدان بالتحريض على الفسق والفجور لا تتعدى الـ 3 سنوات. حيث تنص على “كل من أعلن بأي طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراء بالفجور، أو الدعارة. أو لفت الأنظار إلى ذلك، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه.

كما حددت المادة 14 من قانون مكافحة الدعارة لسنة 61 مادة 1. فقرة (أ) كل من حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له. وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه. (ب) إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر 21 سنة كانت عقوبة الحبس. مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100جنيه إلى 50 جنيه في مصر.

قانون العقوبات المصري

وفي موضع آخر نص قانون العقوبات المصري في مادته 178، على مكافحه الفسق والفجور، بالحبس مدة لا تزيد على سنتين. وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. لكل من صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية. أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة.

وأخيرا نصت المادة 269 مكرر من المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات: “يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث أشهر كل من وُجد فى طريق عام أو مكان مطروق. يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال، فإذا عاد الجانى إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه نهائيًا فى الجريمة الأولى. تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه. ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة”.

التحريض على الفسق.. تهمة تتربص بالجميع

وتعليقا على تلك المواد جميعا يقول ياسر سعد: “بهذه المواد يمكن توجيه تلك التهمة لأيا من كان. حيث إن المادة لم تحدد مفهوم التحريض على الفسق الذي يمكن أن يكون ملبسا، إلى الإشارة. أو الدعوة الصريحة للجنس، وبالرغم من أن المادة ينظمها قانونين. إلا أنه لا يوجد لها أي شرح أو تفصيل، فالشرح في الغالب يخص العقوبات نفسها التي تقضي بالسجن غالبا”.

سعد تابع : “كانت محكمة النقض قد استقرت على ضرورة توافر فكرة الاعتياد فيما يخص مسألة الفسق والفجور. حيث تتم الادانة في حالة أن اعتاد المتهم عل تكرار هذا الفعل”.

في الوقت نفسه يلفت سعد إلى أن القاعدة القانونية عادة ما تستلزم نتيجة الفعل أي هل ما تم من فعل تسبب في الفسق والفجور أو مايترتب عليه. ولكن للأسف الشديد فإن المحاكم تجاهلت تلك القاعدة، واعتبرت أن نتيجة الفعل ليست أحد مسؤلياتها.

أما المستوى العملي فيؤسس إلى فوضى استخدام تلك التهمة، فبإمكان قوات إنفاذ القانون استخدامها في أي لحظة خصوصا بالنسبة للنساء. ومجتمع المثليين، في ظل عدم وضوحها وكذلك انضباطها، وعدم حملها لدلالات واضحة. فهي بمثابة وصف جامع لأي فعل يمكن لأي شخص كان أن يقوم به. مما يعرض الحريات الشخصية، واختلاف الهويات للخطر الدائم، والتهديد بالسجن.

الغموض “سمة عامة” 

المحامي والباحث في شؤون المرأة محمد حمادة بدوره أوضح أن القانون الذي ينتمي بالأصل لأحد قوانين الدعارة. التي ترجع للعام 1961 والذي يعد الغموض والشيوع أحد مشاكله سببا في الكثير من حالات الوصم. وانتهاك الحرية الشخصية، حيث يمكن للقانون أن يتدخل في علاقة رضائية بين أطراف بالغين، وهو أمر لا يجرمه القانون المصري بالأساس.

وحتى فكرة الاعتياد التي اعتبرها القانون شرطا لإثبات التهمة فتعتمد على السلطة التقديرية دائما. إما من قبل المحكمة، أو محاضر التحريات التي لايحكمها معايير بعينها. وعليه فإنها أحد التهم المطاطة التي يمكن بها القضاء على مستقبل أسر بأكملها. خاصة أن الأمر يحيط به الكثير من الوصم، وربما النبذ من قبل المجتمع.

واعتبر حمادة أن مثل هذه التهم لا تتناسب مع التوجهات الداعية إلى اعتبار مصر دولة مدنية حديثة تحفظ حقوق الجميع أمام القانون. بما فيها الحريات الشخصية والهويات المختلفة.

النظام العام قبل الإنسان

الباحثة النسوية إلهام عيداروس لفتت إلى أن تهمة التحريض على الفسق بدأت في قانون الدعارة باعتبارها تخص القوادين. وهو القانون الصادر عام 1961، وحينها لم يكن هناك تهم تتعلق بأي من وسائل التعبير. سوى الفعل الفاضح في الطريق العام وخدش الحياء العام، وهي تهم موجودة في القانون من قبل بكثير. ومع الزمن تم استحداث مواد قانونية تعاقب على  التحريض على الفسق في وسائل النشر العام العادية والإلكترونية.

ولتقييم تلك التهم نظريا، وعمليا تقول إلهام “نحتاج معرفة القصد التشريعي من تلك المواد. والتدقيق في مواد أخرى قد تبدو مواكبة للعصر، واللغة الحقوقية الحديثة مثل تجريم الاتجار بالبشر. وتجريم التنمر، والتحرش، ومع ذلك يتم تطبيقها بنفس الطريقة القديمة كحالة فتاة التيك توك حنين حسام.

وتقول إلهام: “في تقديري فإن المشرع المصري مهموم دايما بالحفاظ على القيم المجردة. اللي بيعتبرها أحد الأركان المهمة للدولة مثل النظام العام والأخلاق والدي، وبشكل أكبر من اهتمامه بالحفاظ على سلامة الانسان نفسه”.

تدلل إلهام على ذلك بالقول “حتى زمان لما صدر قانون الدعارة كانت عقوبة المنظم مثل العامل. في تجاهل لفكرة أن كثيرا ما يكون العامل بالجنس ضحية الاستغلال والفقر”.

وحاليا يتم استخدام نفس التهم بشكل أبوي أكثر منه قانوني وبنفس الدعوى القديمة الحديثة. ألا وهي الحفاظ على قيم المجتمع، ونظامه، الذي يعني بشكل واحد للمجتمع، وهو نفس الشكل الذي ينحاز إلى الأغلبية عموما. والذكورية الأبوية بطبيعة الحال.