بعد عام ونصف العام من الحبس، تم تنفيذ قرار انقضاء المدة الكاملة في القضية رقم 659 لسنة 2020 أمن دولة عليا، بحق سناء سيف. وهى الآن على “الأسفلت”، وسط أهلها مرة أخرى. تم ترحيل سناء سيف من سجن القناطر إلى قسم بولاق، ومن هناك تم تنفيذ قرار إخلاء سبيلها قبل قليل، وفق محاميها محمد فتحي.
وقد أصدرت نيابة القاهرة الكلية شهادة تنفيذ المدة الكاملة الخاصة بـ “سناء”، وتم تسليمها لمحاميها.
سناء والتهم الأربع والقطة المحتجزة
قضت سناء مدة عام كامل بتهمة إذاعة أخبار كاذبة، وسب موظف عام، واستخدام حساب بشبكة التواصل الاجتماعي بغرض ارتكاب جريمة. فضلاً عن إهانة بالقول لأحد رجال الضبط. وفي جلسة 17 مارس الماضي، أمام الدائرة العاشرة جنوب جنايات، قضت المحكمة بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمتين الأولى والثالثة بأمر الإحالة. بالإضافة إلى حبسها 6 أشهر عن التهمتين الثانية والرابعة بذات أمر الإحالة. وقد خضعت للحبس بدءًا من 23 يونيو الماضي احتياطيًا، وفقا لما جاء في شهادة التنفيذ.
سبقت خروج سناء محاولات من أسرتها: ليلي سويف ومنى سيف، للحصول على موافقة لاستخراج قطة ارتبطت بسناء داخل السجن. كانت تعرفت على هذه القطة صغيرة ومريضة ونجحت في علاجها وأنقذتها من الموت. وقد قوبلت محاولات استخراجها تلك بالرفض، حتى أطلقت عليها منى سيف “القطة المحتجزة”.
استمرت مدة حبس سناء شقيقة علاء عبد الفتاح، وسط حالة من التوتر مرت بها أسرة أحمد سيف الإسلام بين الزيارات الموزعة على سجن القناطر وسجن طرة، حيث يقبع شقيقها والذي صدر له حكم في 20 ديسمبر الجاري بالحبس لمدة 5 سنوات.
تخرجت سناء في كلية اللغات والترجمة بجامعة 6 أكتوبر وهي في السجن. وقد انخرطت في مجال حقوق الإنسان، والنشاط السياسي السلمي منذ اللحظات الأولى لثورة يناير، عندما كان عمرها 17 عامًا. وأطلقت صحيفة “الجورنال” المستقلة المجانية مع عدد قليل من أصدقائها. ذلك بهدف معالجة قضايا الربيع العربي.
تفاصيل حبس سناء
تعود وقائع القضية إلى 23 يونيو/حزيران 2020، عندما اختطفت من قبل أشخاص بزي مدني سناء من أمام مكتب النائب العام. كان ذلك أثناء محاولتها التقدم ببلاغ للنائب العام عقب اعتداء مجموعة من السيدات -قيل إنهن مدفوعات من إدارة السجن- عليها هي وولدتها، الدكتورة ليلى سويف، أمام منطقة سجون طرة، حيث يحتجز أخيها. في الواقعة التي شهدت محاولتهما الاعتصام أمام بوابات السجن، بعد منعهما من زيارة علاء والتواصل الكتابي معه.
تروي أسرة سناء سيف ما حدث: في 20 يونيو/حزيران، قضت الدكتورة ليلى سويف ليلة أمام سجن طرة بمفردها، بعد أن استنفذت كل الطرق للمطالبة بخطاب يطمأنها على علاء. وفي اليوم التالي انضمت لها صباحًا منى. بينما في المساء حضرت سناء، وفي فجر 22 تم التعدي على سناء وأسرتها أمام سجن طرة بالضرب والسحل وسرقة متعلقاتهن. ثم اتجهت الأسرة لمكتب النائب العام في 23 يونيو رفقة محامين بغرض تقديم بلاغ وإثبات الإصابات. وأمام بوابة مكتب النائب العام، تعرضت سناء للاختطاف على يد أشخاص بلباس مدني في ميكروباص أبيض. ثم ظهرت عقب ذلك أمام نيابة أمن الدولة. وهناك وجهت لها قائمة اتهامات. بينما لم يتم التحقيق في أي من بلاغات سناء، التي أشارت الأسرة إليها.
طلبات الأسرة والدعم الحقوقي
تقدمت الأسرة -أثناء محاكمة سيناء- بعدة طلبات، منها طلب تفريغ كاميرات مراقبة سجن طرة في الأيام الخاصة بالواقعة. ذلك في محاولة لإثبات عدم تواجد سناء سيف أمام طرة في يوم 20 يونيو/حزيران. وأيضًا طلب إصدار أمر تتبع لشركة الاتصالات الخاصة، برقم هاتف سناء، لتبيان تحركاتها في الفترة من 9 إلى 23 يونيو. لكن تم رفض الطلبين. بالإضافة إلى طلب ثالث -لم يُنفذ رغم موافقة المحكمة- بتفريغ كاميرات مدخل مكتب النائب العام يوم 23 يونيو. وهو يوم واقعة اختطاف سناء.
وبالتزامن مع انعقاد جلسة محاكمة الناشطة سناء سيف، طالبت 4 منظمات حقوقية بالإفراج الفوري عنها، والتحقيق في كافة البلاغات التي تقدمت بها أسرتها ولم يتم التحقيق فيها. وقد استنكرت هذه المنظمات مسار التحقيقات والمحاكمة.
نضالات سابقة
“لساها ثورة يناير” عبارة أطلقتها سناء الصغيرة منذ سنوات، ولاتزال تصدقها، كما لاتزال تدفع ثمنها. وفي الطريق إلى ذلك فقدت حريتها مبكرًا، عندما ألقي القبض عليها في العام 2014 رفقة 22 متظاهرًا. حينما واجهت تهمًا بخرق قانون التظاهر، وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وحيازة “أسلحة ومفرقعات ومواد حارقة” ومقاومة السلطات. وكان ذلك أثناء تنظيم مسيرة قرب قصر الاتحادية ضد قانون التظاهر والمطالبة بالإفراج عن المتظاهرين المقبوض عليهم أمام مجلس الشورى، لرفضهم ذات القانون. وكان من بينهم علاء سيف شقيقها الأكبر.
أمام النيابة، اعترفت بأنها هي الداعية للتظاهر، وأنها تتحمل المسؤولية وحدها. وعليه قضت محكمة جنح مصر الجديدة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، عليها بالحبس ثلاث سنوات، إلى جانب عقوبات تكميلية أخرى. وقد خفضت محكمة الاستئناف الحكم في 28 ديسمبر عام 2014 إلى السجن عامين والمراقبة عامين آخرين.
شاركت سناء في 2014 -وتزامنًا مع رحيل والدها- في معركة البطون الخاوية، والتي شارك فيها عدد من مسجوني الرأي، من بينهم شقيقها علاء، والناشط أحمد دومة، ومحمد سلطان، وأفراد أسرتها أيضًا من المنزل.
وفي 23 سبتمبر عام 2015، تم الإفراج عن سناء ويارا سلام ومجموعة من الشباب. وكان ذلك ضمن عفو رئاسي يشمل المتهمين ذوي الأوضاع الصحية الحرجة. بينما في 4 مايو عام 2016، حكمت محكمة جنح السيدة زينب في القاهرة عليها بستة أشهر في السجن، بتهمة إهانة القضاء غيابيًا، حيث لم تكن حاضرة بالجلسة. لكنها بادرت بتسليم نفسها في نفس اليوم لدى مركز شرطة السيدة زينب. ولم تحتجزها النيابة، بل أبلغتها بالمراجعة في غضون عشرة أيام.
وعلى إثر ذلك تم اتهامها بعدم التعاون مع السلطات أثناء التحقيق المتعلق بمظاهرات تسلم جزيرتي تيران وصنافير في 25 أبريل 2016. حينها اتهمت سناء بطباعة وتوزيع منشورات قُبيل خروج مظاهرة “مصر ليست للبيع”. وقد أقرت بأنها تنازلت عن حقها في الطعن على الحكم، لأنها فقدت الثقة في النظام القضائي، على حد قولها.