تنامى إنتاج نباتات الزينة بمصر خلال السنوات السبع الأخيرة بالتزامن مع حجم الاهتمام بالمدن الخضراء في مصر. ووضع غالبية المطورين العقاريين عُرفا خاصًا بالبناء على 40% فقط من مساحة الأرض وتخصيص الباقي للمساحات الخضراء. الأمر الذي حول المشاتل إلى فرصة استثمارية للكثيرين.
لا توجد إحصائيات رسمية حول حجم المنزرع من نباتات الزينة بمصر، حاليًا. لكن الثابت عالميا أنها صناعة تعتمد بنسبة 100% تقريبًا على الري بالغمر. وبالتالي ركزت العديد من دول العالم على كيفية تنميتها عبر الاعتماد على مصادر مختلفة من المياه.
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي تعليمات للحكومة بعدم زراعة نباتات الزينة مرة أخرى. خلال افتتاح مشروعات في أسوان بصعيد مصر أمس. معتبرا أنه طالما المياه تصلح لزراعة النباتات المثمرة فيجب زراعة النباتات المثمرة بدلاً منها.
تشير دراسة لمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي أن مساحات نباتات الزينة اتسمت بالتذبذب في المساحات المزروعة لها. لتبلغ 1195 فدانًا عام 2014 مقابل 1418 في 2013 ونحو 1623 فدانًا في 2012 و1913 فدانًا في 2011. وكانت أعلى المساحة المزروعة بها في 2009 بنحو 2822 فدانا.
لكن لا تتضمن تلك الإحصائيات المساحة المزروعة بها في الشوارع المصرية وبعض المشاتل الداخلية في المحافظات. التي تعتمد في المقام الأول على أنواع من نخيل الزينة وأشباهها. سواء في المساحات الداخلية أو الخارجية. مثل الكامیروبس، الكوكس، إلزاماك، السیكاس.
الأبنية الخضراء
بحسب آخر تقـدیرات لوزارة الزراعـة لعام 2011. فإن المساحة الإجمالية لنباتات الزينة في مصر تقارب 1 في الألف من إنتـاج الحاصلات البستانیة بنسبة 0.02%. مـن إجمالي مساحتها. لكن تلك المساحات تزايدت مع تنامي الطلب عليها من قبل المطورين العقاريين بمصر الذين يتبارون حاليًا في دمج الطبيعة مع العقار. واستحداث أنماط من الأبنية الخضراء.
تتضمن نباتات الزينة أنواعًا ورقية قصيرة مثل: الفیكس، البوتس، الفیلودندرون، السنجونیوم. ونباتات مزهرة مثل الأنتوریم، الإفیلاندرا، الأوركیدات، الجارونیات. والسرخسیات وهي نباتات لها شكل ممیز مثل الفوجیر والإسیلیني. وكثير منها استوائي المنشأ، أي يحتاج بيئة رطبة يتم ريها باستمرار.
تحتل محافظة القليوبية المرتبة الأولى من حيث المساحة المزروعة بنخيل السيكاس بنسبة بلغت 44.6%. تليها محافظة الجيزة بنحو 36.2%، وذلك لكون نخيل السيكاس يحتاج لمساحة كبيرة بزراعته ورعايته. وذلك في دراسة ميدانية أجريت على عينة من المنتجين وأصحاب المشاتل بالنسبة لنباتي البوتاس والسيكاس.
تأتي محافظة الجيزة في المرتبة الأولى من حيث المساحة المزروعة بنبات البوتس بنسبة بلغت نحو 41.8% تليها كل من القليوبية. والقاهرة بنسبة بلغت 31.9%، 26.4% لكل منهما على الترتيب.
والسیكاس شبيه بالنخيل من أغلى نباتات الزینة وأطولها عمرًا وتعتبر أسترالیا الموطن الأصلي لها ويصل عمره إلى خمسین سنة. أما البوتس فنبات متسلق استوائي یزرع بجانب الحوائط الخشبیة لیسهل تسلقه، كما یمكن زراعته في المياه بشكل شبيه تمامًا بالنباتات المائية.
يتباين استهلاك نباتات الزينة من شجرة لأخرى والمرحلة العمرية لها وشهور السنة. ففي يوليو قد تحتاج شجرة النخيل الواحدة لنحو 100 لتر من المياه. في الرية الواحدة وبالنسبة للشجرة الصغيرة فقد تحتاج 25 لترًا من المياه بالمتوسط. أما المسطحات الخضراء فتحتاج نحو 7 لترات من الميه في الرية والواحد في المساحات التي تتراوح بين 2 و6 أمتار.
ضوابط للاند سكيب
تبنت المدن الجديدة خلال السنوات الأخيرة ضوابط لاستخدام المياه عبر تدوير مياه الصرف الصحي المعالج. والهارد سكيب الذي يعتمد على التصميمات الهندسية كبديل للنافورات، والنباتات المجففة ومنخفضة استهلاك المياه التي توفر 70% من المياه المستهلكة في كل مشروع على حده.
لكن بعض الدراسات تطالب بضوابط لزراعة نباتات اللاندسكيب داخل المدن أيضَا باختيار أنواع النباتات الأقل استهلاكا للمياه مثل النباتات الملحية وعميقة الجذور. فضلاً عن الفصائل النباتية المحلية والمماثلة للمناخ، وتحديد المقننات المائية للنباتات بالفراغات الخارجية. بحيث لا يتجاوز إجمالي المتوسط المائي من 4 إلى 8 لترات يوميا للحدائق و3 إلى 5 لترات لأشجار الشوارع وأقل من 2 لتر للفراغات العمرانية. مع الأخذ في الاعتبار البيئة والموقع الجغرافي ونوع النبات وكثافته.
الفرصة البديلة
يقول عادل الغندور، رئيس البحوث بمركز البحوث الزراعية سابقًا عن صناعة نباتات الزينة في مصر إنها أسهمت في توفير فرص للعمالة اليومية. ضاربًا المثل بما وفرته المساحة المستصلحة بمنطقة المنصورية، وبلغت مساحتها 28 فدانا. مؤكدًا أنها فتحت المجال لـ80 مهندسًا و200 عامل يومي. ما يكشف حجم إسهاماتها الاقتصادية والاجتماعية في حل وعلاج أزمة البطالة.
بحسب بيانات المجلس التصديري لحاصلات الزراعية، تم تصدير نحو 18.1 ألف طن من زهور القطف ونباتات الزينة خلال الفترة من سبتمبر 2019 حتى يوليو 2020 بقيمة 21.4 مليون دولار. تم تصديرها لـ49 دولة بمقدمتها بريطانيا، مضيفًا أن صادرات الزهور ونباتات الزينة، بلغت الموسم الماضي نحو مليار جنيه لـ51 دولة. حيث تم تصدير 45.4 ألف طن بقيمة 53.1 مليون دولار في موسم 2018-2019.
لكن اقتصاديون يرون أن وقف زراعة نباتات الزينة يتماشى مع فكرة تكلفة الفرصة البديلة وهي فائدة كان من الممكن أن يحصل عليها الاقتصاد المصري ممثلة في صادرات نباتات الزينة. مقابل منفعة أخرى أفضل تتمثل في زراعة محاصيل ذات عائد اقتصادي أهم للمستهلك المحلي مع الوضع في الحسبان توفير المياه.
الأشجار المثمرة
وتمثل الأشجار المثمرة وسيلة مثلي لتحقيق الغرض من الزينة والنشاط الاقتصادي معًا فالنباتات الأصلية في البيئة المصرية لديها القدرة على مواجهة الحرارة وقليلة الاستهلاك للمياه أيضًا. مثل نخيل البلح والتين البرشومى، كما توجد نباتات مقاومة للجفاف مثل أكاسيا نيلوتيكا والفيكس نتدا والكافور البلدي. ونباتات تتحمل الملوحة مثل النخيل والزيتون والرمان.
كما توجد تجارب لزراعة سلالات نخيل الزيوت، التي تدخل في الغالبية العظمى من الصناعات الغذائية، خاصة بعد نجاح زراعتها بالحديقة النباتية بأسوان وحديثة الأورمان بالجيزة. وتتسم تلك الأشجار الإنتاجية الكبيرة التي تصل لأربعة أضعاف زيت الذرة، و9 أضعاف عباد الشمس.
تستورد مصر من زيوت النخيل، وموطنها الأصلي في أنجولا وزامبيا، نحو 50% من إجمالي احتياجها لزيوت الأكل التي يستهلك منها الفرد بمصر 23 كيلو/ سنوياً. وتعتبر ماليزيا وأندونيسيا أكثر دول العالم توطينا لذلك النوع من النخيل بنسبة 84% من الإنتاج العالمي لتلك الأشجار التي تتسم بأطوال مرتفعة ما يعطيها شكلا جماليًا.
يتم تقدير الفرصة البديلة في أشجار الصبار (من غير الأوليفيرا) والتين البرشومي فالأخير يحمل عائد كبير للتصدير حتى أن لجنة تقاوي الحاصلات بوزارة الزراعة. أعلنت عن تصدير 10 آلاف شتلة من التين البرشومي إلى الكويت في 2019، بجانب تصدير الثمار للعديد من الدول الأوروبية.