كتب: أسماء زيدان- ومحمد سيد أحمد
مع دنو العام الجديد نستعرض المشهد المالي الاقتصادي المصري عبر تحليل البيانات واستنباط القادم عبر آراء خبراء قدموا لـ”مصر 360″ توقعاتهم حول الاقتصاد المصري لعام 2022.
فلعامين متتاليين سيطرت جائحة كورونا على المشهد المالي. ورغم التفاؤل الذي خلّفه وجود التطعيمات فإن متحورا بعد آخر جدد الشكوك بشأن الوضع الاقتصادي العالمي والمحلي.
وفي عام 2021 تصاعد النمو على المستوى المحلي بشكل غير مسبوق ليصل إلى 9.8% خلال الربع الأول. ومع نهاية العام ارتفع معدل النمو السنوي ليتراوح بين 5.5% و5.7%. في الوقت نفسه ارتفع معدل التضخم خلال سبتمبر الماضي. وبحسب الأرقام الرسمية ارتفع معدل التضخم خلال سبتمبر الماضي ليصل إلى 8.0% سنويا. جزء منه يرجع لارتفاع الأسعار العالمية للطاقة والسلع الغذائية والمعادن.
وبالتوازي كشفت البيانات ارتفاع قروض صندوق النقد الدولي لمصر بنسبة 55% سنويا في 2020. لتصل إلى 20.4 مليار دولار. وكانت هذه القروض غالبا بسبب الجائحة.
بينما استمرت المنظومة الضرائبية في الاعتماد على حصيلة الضرائب غير المباشرة والقيمة المضافة خصوصا. بعيدا عن الضرائب على الثروات. ما يلقى العديد من الانتقادات نظرا لتواضع المحصلة النهائية لتلك المنظومة.
وعالميا توقع مسؤولون بـ”المركزي الأمريكي” رفع أسعار الفائدة 3 مرات العام المقبل. وذلك بمجموع 8 مرات في السنوات الثلاث المقبلة. ما يطرح تساؤلات حول انعكاس المسألة على الوضع المصري. من حيث سعر الصرف والدين وكذلك عجز الموازنة وبطبيعة الحال مستوى النمو.
وبالتزامن مع هذا المشهد المرتبط باقتصاد 2022 ظهرت مبادرات خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة. والتي لا تزال تواجه عقباتٍ لتطويرها. كذلك استمرت تصفيات شركات القطاع العام.
أما فيما يخص الرعاية الاجتماعية فقد طرحت الدولة برامج كـ”حياة كريمة” بديلا للدعم العيني. الذي يبدو أنه آخذ في الزوال. كما زادت مبادرات التمويل العقاري من “المركزي المصري”.
أخيرا لم يكن عام 2021 هو الأفضل في البورصة المصرية. والتي تأثرت بالبورصات العالمية كما استمرت محدودية التداول والخسائر التي حاقت بصغار اللاعبين فيها.
وجاءت توقعات الخبراء الذي تحدثوا إلى “مصر 360” على النحو التالي:
السياسات المالية والنقدية في الاقتصاد المصري
مع التوسع في التطعيم ظهرت أمارات تعافي الاقتصاد العالمي من الجائحة. ومعها بدأ التفكير في رفع الفائدة. ولكن مع ظهور “أوميكرون” صار هناك شك حول استدامة التعافي. ما سينعكس على الوضع المصري. خاصة أن تحرير سعر صرف الجنيه لم يسهم في توسيع القاعدة التصديرية المأمولة. فضلا عن ارتفاع معدلات الاستيراد. وجميعها أمور تؤثر على الميزان التجاري بالسلب. حيث لن يتم تغطية هذا العجز إلا عبر الاقتراض. أو تحويلات العاملين بالخارج. كما أن السياحة لم تشهد القوة المأمولة حتى في موسم الأعياد.
ولكن قد يكون لتأخر التعافي الاقتصادي العالمي أثر إيجابي على الأسواق الناشئة ومنها مصر. حيث إن الأمر قد يؤجل الضغط المنتظر على هذه الأسواق نتيجة ارتفاع الفائدة المتوقع. ما يزيد فوائد الخدمة على الدين نتيجة انخفاض الدولار أمام الجنيه. كذلك ضمان عدم خروج الاستثمار الأجنبي. خاصة الأموال الساخنة. أي الاستثمار قصير المدى لصالح أمريكا.
وحال رفع الفائدة العالمية يكون لزاما على مصر رفع الفائدة بدورها. وأيضا خفض سعر الجنيه لموازنة الموقف أمام الصدمة المتوقعة. وسعيا للحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الأخيرة في ميزان المدفوعات والسيطرة على معدلات التضخم.
إن استمرار السيطرة على الأزمة التركية قد يكون أمرا إيجابيا لمصر. حيث يضمن ذلك عدم خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة والتي منها الدولتان.
وفي مسألة الحصيلة الضريبية لا تزال مصر دولة متعثرة في الانتقال إلى الطور الضريبي. فنحن دولة لا تزال حصيلتها لا تتعدى 14% من الدخل. وهي نسبة شديدة الانخفاض. ونعتمد على الضرائب غير المباشرة التي تأتي على حساب قيم المساواة. والمسألة لا تزال بحاجة إلى ترتيبات إدارية سياسية.
وفي البنوك فإن استمرار اقتراض الدولة للنسبة الكبرى من القروض ومزاحمة القطاع الاستثماري فقط من أجل سد عجز الميزانية والمصاريف العامة. بعيدا عن أي فرص للاستثمار. يعد عقبة أمام استغلال الودائع التي تعد مرتفعة مقارنة بنسب دخول السكان.
باحث غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي، والدراسات التنموية، وعلم الاجتماع الاقتصادي للشرق الأوسط، مع تركيز على مصر.
كانت السمة المميزة لعام 2021 هي استمرار سياسات التبعية لروشتة صندوق النقد والبنك الدولي.
ولو تأملنا بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية نجد الآتي: على صعيد عجز الموازنة فقد ارتفع العجز الكلي من 432.6 مليار جنيه عام 2017/2018 إلى 475.5 مليار جنيه عام 2021/2022. كما ارتفعت فوائد الديون من 437.4 مليار جنيه إلى 579.6 مليار جنيه خلال الفترة نفسها.
وبالمثل ارتفع حجم الاقتراض وإصدار الأوراق المالية بخلاف الأسهم من 700 مليار إلى 1.7 تريليون جنيه خلال الخمس سنوات الأخيرة. كما أن أقساط الديون المحلية والأجنبية ارتفعت من 267.6 مليار جنيه لـ593 مليار جنيه.
وفي موازنة العام الحالي لم تمثل الضرائب والمنح سوى 55% من الموارد. والباقي ديون محلية وخارجية. وفي العام الحالي تسدد “المالية” 1.1 تريليون جنيه أقساطا وفوائد ديون. وتقترض تريليون جنيه جديدة وفق ما ورد في مشروع الموازنة.
فالاعتماد الرئيسي في تمويل التنمية على الديون. وهو ما يرهن قرار الاقتصاد المصري بإرادة المانحين.
ويستمر خلل النظام الضريبي الذي يعتمد بشكل رئيسي على الضرائب غير المباشرة بينما ضرائب الدخل لا تعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي باستثناء ضريبة الأجور والمرتبات والتي بلغت 93.1 مليار جنيه في العام الحالي، كما لا يزال هناك رفض لفرض الضرائب التصاعدية وضرائب الثروة المعمول بها في العديد من دول العالم.
يعمل في مجال الاستشارات الاقتصادية والإدارية منذ عام 1979. كما شارك في العشرات من الدراسات الاقتصادية ودراسة هيكلة الشركات العربية والمصرية ودراسات جدوى المشروعات. وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء منذ عام 1978.
مواجهة التضخم في مصر تتطلب في المقام الأول الاهتمام بالتصنيع والزراعة. وليس مسؤولية البنك المركزي أو السياسة النقدية فقط. فطالما مصر تستورد احتياجاتها الغذائية الأساسية من رغيف الخبز والبقول مثل الفول والعدس والزيوت فسيرتبط التضخم فيها بأسعار هذه السلع عالمياً.
وتستورد مصر حالًيا كميات كبيرة من أساسيات المادة الخام اللازمة للصناعة. ما يجعلها عُرضة للتضخم المستورد المجلوب من الخارج. وهو أمر سيختفي مع التوسع الحالي في الزراعة بمشروعات الدلتا الجديدة والمليون ونصف المليون فدان وتوشكي وغيرها. بجانب المشروعات الصناعية التي توفر منتجات محلية بديلة للمستورد من الخارج.
كما أن قوة العملة ليست أمرا مطلقًا ويتوقف على حجم التصدير أو الاستيراد. فمن مصلحة الدول المصدرة أن تكون عملتها ضعيفة من أجل منح منتجاتها تنافسية أعلى خارجيًا مثل الصين. وكان ذلك السبب الأول للحرب التجارية بين الصين وأمريكا.
تتطلب حالة الاقتصاد المصري أن تكون العملة قوية من أجل تقليل عبء الاستيراد مع ضعفها مستقبلاً لمنحها قدرات أعلى في التصدير. ولكن بشرط سد الحاجة المحلية من المنتجات الأساسية أولاً.
عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب سابقًا، ومستشارة رئيس بنك البركة مصر، وخبيرة مصرفية سبق لها العمل ببنوك دولية مثل تشيز مانهاتن بالولايات المتحدة، كما شغلت عضوية مجلس إدارة مركز الدراسات الاقتصادية بكلية الاقتصاد، جامعة القاهرة)، ومجلس إدارة المجلس المصري الأوروبي، وعضوًا باللجنة العليا العلمية للأكاديمية العربية.
الصناعة والتجارة.. وسط مفقود بالاقتصاد المصري
نمتلك قطاعا خاصا ومجموعة من رجال الأعمال الذين لا يخططون إلا للربح السريع والأنشطة التي تضمن سهولة تحويل الأموال للخارج. وفي الوقت الحالي تتخلى الحكومة عن دورها في الاقتصاد المصري عبر القطاع العام. ما يخلق أزمة بالنسبة لبعض القطاعات. خاصة الصناعات الضخمة مثل الحديد والصلب. وعليه يجب أن تحل الدولة تلك المعضلة عبر مشاركة بعض مستثمري القطاع الخاص. وبالعموم يبدو أن القطاع العام إلى زوال.
في الوقت نفسه لا يزال الاقتصاد المصري يفتقر إلى سلسلة الأعمال التي تؤمّن عمليات إنتاج السلع الحقيقية. حيث نفتقد المشاريع المتوسطة والصغيرة. وذلك رغم المبادرات المعلنة. لكن الأمر لا يزال يشوبه العديد من العقبات. والتي تتمثل في غياب التمويل الكافي. حيث لا تستجيب البنوك لمسألة الاقراض. بل تتهرب من تنفيذ المبادرات الحكومية الخاصة بتلك المشاريع. حيث لا تجد منها عوائد مالية سريعة.
ونقترح هنا مشاركة تلك البنوك لصغار المستثمرين بدلا من الاكتفاء بإقراضهم. فقد تكون الفوائد القليلة على هذه المشاريع غير مغرية للبنوك على عكس الشراكة.
كذلك توافر التدريب اللازم والإشراف على الكوادر المؤسسة لتلك المشروعات ضرورة أساسية لنجاحها. كما أن عدم البدء بجدية في تدشين تلك المشاريع والعمل على نموها يقلل آفاق التنمية الحقيقية المأمولة. ويجعلنا دائما في مصاف الأسواق الناشئة.
باحث اقتصادي ومصرفي عمل في مجال المحاسبة والمراجعة في مصر والخليج العربي، وأصدر كتابًا بعنوان “صندوق النقد رؤية سياسية لمسألة اقتصادية”. كما أنه لديه العديد من الدراسات والأبحاث في مجالات التنمية الاقتصادية والإصلاح الاقتصادي والمالي. وحاصل على زمالة من “كلية المحاسبين القانونيين الأمريكية.
الصادرات المصرية سجلت ارتفاعا بنسبة 40% خلال عام 2021 مقارنة بـ2020. وذلك بفضل الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتوسع في المجمعات الصناعية وتوفير تيسيرات بنكية في تمويلها. علاوة على دمج الاقتصاد غير الرسمي وفتح الباب أمامه للتصدير.
وسجل إجمالي قيمة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية خلال الـ11 شهرا الأولى من 2021 ارتفاعًا إلى 29 مليارا و87 مليون دولار. وذلك مقارنة بنحو 22 مليارا و868 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من 2020. بنسبة زيادة بلغت 27%. وهي تعادل 6.2 مليار دولار. مع توقعات للوزارة بتسجيل 31 مليار دولار لعام 2021 بشكل كامل.
وتستهدف وزارة التجارة والصناعة الوصول بالصادرات إلى نحو 100 مليار دولار. ما يتطلب العمل على مضاعفة حجم الإنتاج الحالي. والذي وفقا للأرقام الرسمية لا يتجاوز 90 مليار دولار موزعة بين السوق المحلية والتصدير.
كما أن الصناعة المصرية مرشحة لتسجيل ارتفاعات أكبر في 2022. مع استمرار افتتاح المشروعات الصناعية. خاصة في صعيد مصر الذي يعادل 68% من إجمالي مساحة مصر. فضلا عن توطين المشروعات الأجنبية. علاوة على الدعوة الصريحة من الدولة للقطاع الخاص بإدارة المشروعات الحكومية والشراكة فيها. في ظل عجز القطاع العام عن تحقيق أهدافه على مدار 40 عامًا.
كذلك فإن توجه الدولة حاليا هو دمج الجميع في نشاط الاقتصاد المصري حتى المصانع غير الرسمية صدر تعليمات بعدم ملاحقتها أمنيا ولكن توفيق أوضاعها لتكون مواكبة للاشتراطات الصحية مايحافظ على أوضاع العاملين فيها وفي الوقت ذاته حق المستهلك في منتج آمن.
رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، ومحاسب قانوني وخبير ضرائب، ومراقب حسابات في البنك المركزي المصري، حاصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ويست بروك بأمريكا.
السياسات الاجتماعية في الاقتصاد المصري
خلال العام المقبل تزيد التوقعات بنهاية منظومة الدعم العيني والانتقال إلى نظيره النقدي. وفي العموم لا حرج من تحول الدعم العيني إلى نقدي عبر برامج كـ”تكافل وكرامة”. وقد قامت العديد من الاقتصادات بهذه الخطوة ونجحت فيها نسبيا. كما أن الأفراد قد يفضلون هذا النوع من الدعم لتوجيه إنفاقهم بشكل يلائم حاجتهم. وللأمر كفاءة معروفة في استهداف الفئات المحتاجة بالأساس.
ولكن يكمن الشيطان في التفاصيل. فالتحول من نظام لآخر يتطلب جهازا إداريا جيدا. فضلا عن تغطية مالية كافية. ويظهر الأمر جليا عبر الأرقام. ففي بلد يمثل فيه الفقراء بالشكل الرسمي أكثر من 28 مليون شخص. لا تستهدف تلك البرامج النقدية سوى ستة ملايين فرد. وخلال كورونا لم يستفد من الدعم المادي سوى نسبة قليلة. فلا تزال الميزانية المرصودة لبرامج الرعاية الاجتماعية النقدية شديدة التواضع. ولا يمكن التعويل عليها كبديل للدعم العيني.
فنجاح تلك البرامج مرهون بميزانيتها. وهو ما لم يتوفر حتى الساعة.
من جانب آخر لا تزال مبادرات التمويل العقاري والسكن بشكل عام -رغم معقوليتها- لا تناسب إلا الشريحة العليا والمتوسطة. حيث إن مستوى الدخول لا يناسب الشروط المعلنة حتى مع تخفيض الفائدة عليها. ففي كل الأحوال لا يجب أن يقتطع السكن أكثر من ربع أو ثلث الدخل للأسرة. وعليه فإن تلك المبادرات لا تزال بعيدة عن محدودي الدخل المستهدفين بالأساس من برامج الحماية الاجتماعية عموما.
باحث اقتصادي اجتماعي رسمي بالبرنامج الانمائي للأمم المتحدة، وأستاذ في معهد الدوحة للدراسات العليا، وحاليًا أستاذ الاقتصاد في جامعة النيل، وله مجموعة من الأبحاث والطروحات التي تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والتنمية في العالم الثالث.
شهدت مصر إجراءات عدة لرفع أسعار العديد من السلع والخدمات مثل الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي وأنبوبة البوتاجاز. إضافة لتخفيض وزن رغيف الخبز ورفع سعر لتر زيت التموين من 17 لـ25 جنيها. وقد انعكست تخفيضات الدعم ورفع الأسعار على زيادة معدلات الفقر طبقاً لنتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك. كما أن استمرار تلك السياسات ينذر بمزيد من إفقار الفقراء. وهو المتوقع خلال العام الجديد.
في الوقت نفسه استمرت فجوة الغذاء. حيث انخفض الاكتفاء الذاتي من القمح من 52.1% عام 2014 إلى 34.7% عام 2018. والأرز من 100.4% لـ90.7%. والفول من 33.8% لـ12.4%. والعدس من 1.3% إلى 1.1%.
كما انخفض متوسط استهلاك الفرد من سلع غذائية كالحبوب والمحاصيل النشوية واالسكرية واللحوم الحمراء والدواجن. وذلك بخلاف تخفيض الإنفاق على التعليم والصحة. لذلك حمل عام 2021 التوجهات الاقتصادية والمالية والانحيازات الاجتماعية ذاتها لصالح المستثمرين ورجال الأعمال. والمزيد من فرض الضرائب والرسوم وتخفيض الدعم بما يعمق الفقر ومظاهر الجوع المتمثلة في الأنيميا والتقزم والسمنة المفرطة.
(الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني)
اللجوء إلى الدعم النقدي بديلا عن العيني هو بالأساس محاولة حكومية للتهرب من تكلفة التضخم التي تقابل مصر. وذلك نظرا لاعتمادها على الاستيراد بشكل أساسي. وما يواجهها من ارتفاع السلع نتيجة ارتباك سلاسل التوريد.
ولكن تكمن المشكلة في أن هذا الدعم -بحسب تقارير الأمم المتحدة- حافظ على نسبة كبيرة من محدودي الدخل من الوقوع بين براثن الفقر والجوع. فمنظومة الخبز مثالا يكتسب منها محدودو الدخل أكثر نصيبهم من السعرات الحرارية. ويمكن تعديل المنظومة التموينية بشكل يجعلها أكثر استهدافا للفقراء وأقل تكلفة ممكنة. خاصة أن الدولة أكبر مشترٍ لتلك السلع. بدلا من العمل على إلغائها تماما كما يبدو أنه الاحتمال الأقرب خلال العام المقبل.
النظام الحالي هو نصف نقدي أيضا ويعتمد على تخصيص سلع بمبلغ 50 جنيها للفرد في البطاقة التموينية.
ويهدد رفع أسعار الخبز وحده ما بين 4-5% من المصريين بالسقوط تحت خط الفقر. بعد أن كان يحميهم دعم الخبز فقط والذي يُشكل جزءًا من الاحتياجات الأساسية وعلى رأسها الطعام. وهو ما توافقه حتى الجهات الدولية العالمية.
تقرير البنك الدولي مثلا سبق أن لفت إلى أن الدعم الغذائي في مصر على كل ما به من مشكلات من سوء كفاءة التوزيع والتسرب المستمر لأموال الدعم نحو فئات غير مستحقة فإنه أسهم في عدم هبوط 9% من المصريين تحت خط الفقر.
مشهد البورصة المهتز
تعاني البورصة المصرية مشكلات لا تجعلها جاذبة للمستثمر الخارجي. والتي يأتي على رأسها مسألة المضاربات. والتي ترفع من أسهم لا تستحق. فيصبح الاستثمار فيها كالقمار. كما أنها تعاني محدودية شركاتها. فضلا عن حجم التداول.
وخلال الفترة الأخيرة حاولت الرقابة على البورصة الحد من هذه المضاربات عبر استخدام المسؤولين سلطتهم في وقف بعض الأسهم. أو إلغاء بعض العمليات. وهو الأمر المنطقي في ظل جنون المضاربات. والتي ترجع أساسا لكون أغلب مستثمري البورصة المصرية من الأفراد لا المؤسسات. فالمسألة هنا مجرد ربح سريع لا استثمارا طويل الأجل.
من جانب آخر يقف صغار المستثمرين محاصرين بالقرارات الرقابية التي قد تكون ضرورية. ولكنها تؤثر عليهم بالسلب. كذلك بالمضاربات التي لا تخلق قيما مضافة حقيقية ومعرضة للانهيار في أي لحظة.
وتنتظر البورصة خلال الشهور المقبلة دخول الشركات الحكومية إليها. وذلك بعد أن أعلن عن دخول عدد منها. ما سيؤثر بطبيعة الحال على حجم التداول بشكل إيجابي. كذلك يرفع من عدد الشركات التي تقوم بالتداول والناقصة بالأساس. كما أن السهم الحكومي جذاب للمستثمر الأجنبي على تواضع سعره مقابل قيمة حقيقية جيدة. وهو ما يتوقع معه حدوث انتعاشة ودخول مستثمرين جدد إليها.
باحث اقتصادي، يهتم بموضوعات اللامساواة والفقر في مصر، صدر له كتاب “عيش مرحرح: الاقتصاد السياسي للغذاء في مصر”، كما ساهم في تأليف العديد من الكتب منها ملاك مصر، ومشروع طلعت حرب، ويعمل حاليًا كمحلل مالي يركز علي الأسواق الدولية.
إن عام 2021 كان صعباً على البورصة المصرية مع استمرار تداعيات فيروس كورونا على المستثمرين خاصة الأجانب. لكنها استطاعت أن تنهي العام عند المنطقة الخضراء بمستوى 11500 نقطة للمؤشر الرئيسي “إيجي إكس 30”.
ويتوقع محللون ماليون أن تختبر البورصة مستوى 12500 نقطة في العام الجديد. لكن هناك صعوبة حول التكهن. في ظل تأثر الأسواق العالمية بمتحور أوميكرون. إلى جانب ترقب السوق المزيد من الطروحات الحكومية في 2022 والتي ستحدد اتجاه حركة السوق.
ومع ذلك يواجه المؤشر الرئيسي للبورصة مستوى مقاومة كبير عند منطقة 12000 نقطة. وتخطيه يحتاج إلى طروحات شبيهة بشركة “إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية”. والتي استطاعت جذب سيولة كبيرة للسوق في العام المنتهي. ووصل رأس مالها السوقي إلى قرابة 35 مليار جنيه.
وبدأ مؤشر البورصة الرئيسي إيجي إكس 30. والذي يقيس أداء أكبر 30 شركة في السوق عام 2021. عند مستوى 10800 نقطة. وقفز بعدها لمستويات 11600 نقطة في مطلع مارس من العام ذاته. قبل أن يتراجع بحلول يونيو إلى 9700 نقطة. ثم تعافى مجددا في الشهور الثلاثة التالية ليصل إلى 11.886 نقطة.
مسألة صغار المستثمرين وتعرضهم لمشكلات في التداول في 2021 ترجع إلى دخولهم السوق دون دراسة كافية للفرص الاستثمارية. وأيضا إلى عدم قدرة بعضهم حتى على قراءة القوائم المالية للشركات لاتخاذ قرار صائب. فالمستثمر الذي يفتقر إلى الخبرة عليه الاستثمار عبر صناديق الاستثمار الكبيرة التي لديها إدارات ذات خبرة بالفرص الواعدة ويمكنها حماية أموال مستثمريها.
محلل مالي بالبورصة المصرية، وعضو مجلس إدارة شركة إيليت للاستشارات، وسبق له العمل بشركات استشارات مالية مثل شعاع كابتل، والرواد لتداول الأوراق المالية.