قبل أيام من انتهاء عام 2021 احتفت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بمرور 34 عاما على انطلاقتها. انطلاقة عرفت الكثير من التقويضات والتحولات والصراعات. ومسيرتها كانت قابلتها الانتفاضة الأولى وحاضنتها الانتفاضة الثانية. فضلا عن إعلانها وريثا شرعيا لحركات التحرر الوطني الفلسطيني مع معركة “سيف القدس” في مايو/أيار من العام المنقضي.

لكن مع عام 2022 تبدو كثير من التحديات ماثلة أمام الحركة، التي لم تنجح حتى الآن في جنْي ثمار “سيف القدس”. سواء على صعيد إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، أو تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة. إضافة إلى ملفات أخرى متعلقة بعلاقاتها مع الغرب، وتصنيفها مثلا على قوائم “الإرهاب” في بريطانيا. دون نسيان الملف الأبرز وهو ملف الانقسام والخلافات مع السلطة الفلسطينية.

وفي محاولة لاستدراك رؤية الحركة لهذه الملفات وتطلعاتها، كان لـ”مصر 360” هذا الحوار مع حسام بدران -عضو المكتب السياسي لحركة حماس.

وإلى نص الحوار:

اقرأ أيضا: (فلسطين في عام: إنجازات نضالية شعبية بددها الانقسام وأولويات السُلطة)

مصر 360: خلال العام المنقضي شهدنا انسدادا للأفق السياسي الفلسطيني، والذي كان قريبا من بعض الحلحلة في ظل انتخابات تشريعية تم التراجع عنها لاحقا. هل تعتقد أن العام الجديد قد يشهد انفتاحا في هذا الأفق أم أن المؤشرات لا تخبرنا بذلك؟

حسام بدران: بداية نحن لا نفقد الأمل في إصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني لأننا في حماس نؤمن بأن تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ضرورة ملحة في مسيرة المقاومة والتحرير. لكن أيضا لا يُخفى أن هناك عقبات وتحديات كبيرة أمام هذا الموضوع. ومن أهمها موقف السلطة وبالذات

الرئيس محمود عباس “أبو مازن” الذي ألغى الانتخابات الفلسطينية التي كانت مقررة العام الماضي. وذلك بقرار اتخذه دون إجراء حوار مع مكونات الشعب الفلسطيني ودون موافقة الأطراف الرئيسة الضامنة للانتخابات، وفي مقدمتها مصر.

 

مصر 360: ركزت حماس في خطابها مؤخرا على ضرورة إصلاح منظمة التحرير وانخراطها فيها، ولكن العقبات ما زالت قائمة. هل العوامل والسياقات المختلفة قد تسمح بإعادة توجيه خيارات المنظمة السياسية نحو مسارات جديدة بعيدة عن مشروع التسوية أم أن ذات العوامل لن تسمح بذلك قريبا؟

 

حسام بدران: إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية ليس مطلبا لحماس وحدها. بل موقف مجمع عليه لدى الفصائل والقوى الفلسطينية وكذلك على المستوى الشعبي بالداخل والخارج.

ربما تكون هناك أطراف متعددة -إقليمية ودولية- تريد بقاء المنظمة على حالها من الضعف وغيابها عن مجريات الصراع مع المحتل. لكن الأهم أن قيادة السلطة والتي تتحكم فعليا في المنظمة هي المعطل الأساسي لفكرة إصلاح وتطوير المنظمة وقد أصبحت المنظمة عمليا ملحقة بالسلطة الفلسطينية ماليا وسياسيا .

المطلوب حاليا هو تغيير جذري في المشروع السياسي الذي تتبناه المنظمة في العقود الأخيرة والمتمثل بالتسوية السياسية عبر التفاوض مع الاحتلال. وهو ما يثبت فشله بصورة تامة. والاستمرار في هذا النهج يتعارض مع الموقف الشعبي كله. وأمر آخر لا يقل أهمية هو إعطاء شعبنا في الداخل والخارج حقه الطبيعي في اختيار قيادته في المنظمة عبر الانتخابات حيثما أمكن، والتوافق حيثما تعذر ذلك.

اقرأ أيضا: (34 عاما على انطلاقة “حماس”: اختلاف على الحكم واتفاق على “المقاومة”)

الفصائل الفلسطينية
الفصائل الفلسطينية

مصر 360: بصفتك كنت أحد المُحررين في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011،  هل يحمل العام الجديد صفقة مماثلة في ظل التقارير التي تتحدث عن عدم ظهور بوادر للتقدم في هذا الملف؟ وما خيارات الحركة في ظل الإطار المسدود حتى الآن؟

 

حسام بدران: نحن في حماس نعتبر أن تحرير الأسرى من سجون الاحتلال هو أحد أهم أولوياتنا وهو على رأس جدول أعمال الحركة بكل الأوقات. ونحن حريصون أن يتم في أقرب وقت ممكن ونبذل كل ما هو متاح من أجل هذا الهدف. لكن الإشكالية دوما هي المراوغة التي يستخدمها الاحتلال في محاولة للتلاعب بالوقائع على الأرض وعدم إنجاز مثل هذه الصفقة. لكن مهما كان سلوك الاحتلال هذا الأمر هو هدف دائم وسنقدم ما يلزم من أجله.

 

 

مصر 360: تشهد الضفة الغربية المحتلة حراكا شعبيا وزخما للعمليات الفدائية. بصفتك كنت قياديا للحركة في الضفة ما تصورك لمستقبل المقاومة في الضفة. وهل الحركة قادرة على إعادة إحياء تنظيمها هناك في ظل الضربات الأمنية المتلاحقة؟

 

حسام بدران: الضفة الغربية تعيش وضعا صعبا من سنوات طويلة. وتعرضت المقاومة لضربات شديدة سواء من الاحتلال أو التنسيق الأمني. وجرت محاولات لتغيير الوعي للأجيال الفلسطينية الناشئة. وتم إنفاق مليارات الدولارات على ذلك. لكن نحن أصحاب الحق وهناك تراكم للعمل المقاوم في الضفة الغربية بمختلف أشكاله. وهذا يأتي من العمل التنظيمي سواء لحماس أو غيرها.

وأيضا هناك تحرك جماهيري ومبادرات فردية من قبل أبناء شعبنا الذي هو على قناعة تامة بأن المقاومة هي الخيار الوحيد القادر على تحقيق الإنجازات الوطنية. وأن كل سراب التسوية السياسية لم يؤد إلى أي شيء.

عمليات المقاومة المختلفة تتصاعد وتتراكم وفي النهاية ستصل عاجلا أم آجلا إلى انتفاضة مباشرة وشاملة مع هذا الاحتلال الذي لا يفهم سوى هذه اللغة. ومهما حاولت الأطراف المعنية كسر شوكة المقاومة والعمل في الضفة الغربية فإن شعبنا هو الأقدر والأكبر على وضع أجندته على الساحة. ونحن في حماس نفخر أن نكون في مقدمة أبناء شعبنا في مواجهة هذا الاحتلال.

 

اقرأ أيضا: (في فلسطين: النُطفة عَلَقة ثم لحمًا روحه حرة)

 

مصر 360: تحسنت علاقات الحركة مع العديد من الدول العربية، ولكن بشكل كبير يُنظر إلى الحركة كإدارة أمر واقع في غزة وليس كحركة تحرر فلسطينية. فما أسباب ذلك؟ وكيف يمكن إعادة صياغة تصور الدول العربية والغربية عن الحركة في ظل تصنيفها على قوائم الإرهاب ببريطانيا، وهل الحركة بحاجة إلى فتح قنوات تواصل خلفية مع الغرب؟

 

حسام بدران: أولا حركة حماس موجو دة بالأراضي الفلسطينية كافة وليس في قطاع غزة وحده. صحيح أننا ندير الأمور في قطاع غزة منذ سنوات لكن الحركة منتشرة ومتجذرة في الداخل والخارج. ونحن منذ أن تأسست الحركة قبل نحو 34 عاما ونحن حركة تحرر وطني فلسطيني. حركة مقاومة. وهذا أصل الاسم وأصل الرؤية وسنبقى كذلك إلى أن نحقق الهدف وهو تحرير فلسطين.. كل فلسطين.

في قطاع غزة نحن ندير الأمور هناك وبالتالي من واجبنا أن نلبي مطالب شعبنا وأهلنا في غزة في مختلف أمورهم الحياتية لكن في النهاية الهدف الأساس بالنسبة لنا هو مقاومة هذا الاحتلال بكافة الساحات ومواجهته بمختلف أشكال المقاومة.

تصنيفنا على قائمة الإرهاب أمر لا يؤثر علينا ولا يغير قناعاتنا. وهذه الدول تجرم في حق شعبنا حينما تتخذ هذا القرار. حماس حركة منتشرة على مستوى الشعب الفلسطيني. بالتالي اتهامات الإرهاب هي اتهام لنسبة كبيرة من أبناء شعبنا بالإرهاب. وهذا يخالف الوقائع على الأرض. بالنهاية نحن شعب تحت الاحتلال ومن حقنا وواجبنا أن نقاوم هذا الاحتلال وفقا للشرائع والقوانين الدولية التي تكفل لنا المقاومة بكل أشكالها.

نحن رغم ذلك لدينا علاقات متنوعة ومتعد دة مع كثير من الأطراف. سواء الدولية أو الإقليمية. بعض هذه العلاقات فوق الطاولة وبعضها خلف الكواليس بحسب ظروف كل دولة وأخرى. لكن لا يمكن لأي عاقل أو أي جهة إقليمية أو دولية تريد أن يكون لها دور في الحالة الفلسطينية إلا أن يكون لها تواصل بطريقة أو بأخرى مع حماس. لأن حماس اليوم هي الرقم الفلسطيني الصعب الذي لا يمكن أن تقضي أي أمر فلسطيني دون أن تقول حماس كلمتها فيه.

 

مصر 360: ماذا عن الدور المصري في الوساطة مع الاحتلال؟

حسام بدران: حماس كما هو معلوم ترفض التعامل مع الاحتلال مباشرة في كل الأحوال. وهناك أطراف عدة تقوم عادة بمهمة الوساطة في القضايا المختلفة. وتقف مصر في مقدمة هذه الجهات التي تلعب دورا مستمرا في هذا الشأن. وهذا يشمل الحفاظ على وقف إطلاق النار وكذلك موضوع إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة خلال العدوان وأيضا الحصار المفروض على غزة. ودور مصر في التخفيف منه. إضافة إلى موضوع الأسرى سواء التبادل وإطلاق سراح أسرانا أو الحفاظ على حقوق الأسرى أثناء اعتقالهم.. دور مصر في كل هذه الملفات مهم ومؤثر وحيوي ويكاد يكون يومي.

يحيى السنوار وعباس كامل رئيس المخابرات المصرية
يحيى السنوار وعباس كامل رئيس المخابرات المصرية

اقرأ أيضا: (ماجد فرج.. أحلام خلافة عباس قد تعيقها القاهرة)

مصر 360: يتقدم العمر برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتدور الأحاديث حاليا حول مجموعة مرشحين يتماهى جميعهم مع حل التسوية ويرتبطون بعلاقات مع دول إقليمية وغربية عدة وحتى علاقات قوية مع سلطة الاحتلال. كيف تنظر إلى هذا الملف، وما رؤيتكم حول خليفة عباس؟

حسام بدران: قيادة السلطة الفلسطينية أو حتى المنظمة هذا ليس أمرا حزبيا خاصا بحركة فتح. نحن هنا نتحدث عن قيادة للشعب الفلسطيني وهذا حق حصري للشعب أن يختار قيادته وبالذات على المستوى الأول وهو مستوى الرئاسة. والمراهنة على البرامج السياسية التي ثبت فشلها لا يمكن استمرارها.

ليس من حق أحد أن يحصر قيادة الشعب الفلسطيني بهذه الحركة أو تلك مهما كان ماضيها وتاريخها. شعبنا أصيل وواع ومقاوم وهو قادر على اختيار قيادته التي يؤمن بها والتي يقتنع بقدرتها على تحقيق آماله وطموحاته. لذلك كل الأشخاص أو الأسماء التي تطرح هنا أو هناك لا يمكن لشعبنا أن يوافق على قيادة دون أن ينتخبها مباشرة.