بات مشروع قانون العمل الجديد، على بعد خطوات من الإقرار، بعد 8 سنوات من المداولات والمناقشات بشأنه. إذ مثلت موافقة مجلس الشيوخ -هيئة استشارية لـ”مجلس النواب”- على مشروع القانون المقدم من الحكومة، خطوة تمهيدية لعرضه على البرلمان.

قانون العمل.. سنوات التعثر

بدأ الحديث عن قانون العمل الجديد عام 2014. كان ذلك عندما شكلت الحكومة لجنة لصياغة القانون. وهي اللجنة التي استغرق عملها نحو عامين، وحضرها ممثلون عن رجال الأعمال، عارضوا بشدة معظم المواد التي تمنح حقوقًا للعمال -وقتها-.

وفي نوفمبر 2016، وافقت الحكومة على مشروع القانون وأحالته إلى مجلس الدولة، لبحث مدى اتساقه مع الدستور. ثم أحالته على مجلس النواب بتشكيلته السابق عام 2017 لإقراره. إلا أن ذلك لم يحدث.

بعد انتخاب مجلسي الشيوخ والنواب الحاليين، أرسلت الحكومة مسودة مشروع القانون مرة أخرى لمجلس النواب في نوفمبر الماضي بعد إقرار مسودته الأخيرة.

خلال مؤتمر صحفي عقد الأربعاء الماضي، قال جبالي المراغي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن تأخر صدور قانون العمل الجديد يرجع إلى قوة اتحاد النقابات العمالية في مصر، والذي يرفض خروج قانون لصالح رجال الأعمال على حساب العامل.

وقد أكد المراغي أن قيادات النقابات متمسّكة بعدد من المواد باعتبارها حقًا أصيلًا للعامل لتحقيق الأمان الوظيفي. وعلى الرغم من حديث الحكومة وأعضاء مجلس الشيوخ عن المميزات التي يتضمنها القانون لمصلحة العمال. إلا أن هناك عدة ملاحظات أبدتها القيادات العمالية على القانون. خاصة فيما يتعلق بما يعرف بالأمان الوظيفي ونسبة العلاوة السنوية والتمييز بين العامل المصري والأجنبي.

مواد كارثية بالقانون الجديد

ويرى شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، في قانون العمل الجديد الذي وافق عليه مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، بعض المواد الكارثية. وهو يصفها بأنها “تعصف بحقوق العمال“. بينما يطالب الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ بمراجعة باب علاقات العمل والعقود.

وكانت العلاوة الدورية واحدة من البنود التي انتقدها خليفة في القانون. يقول إن المادة 3 في القانون تنتقص من مكتسبات العمال، بعدم وضع العلاوة الدورية 7%. وكانت موجودة في المادة الثالثة في قانون 12 لسنة 2003، وتم تخفيضها إلى 3% من الاشتراك التأميني. وقد أشارت إلى المادة نفسها دار الخدمات النقابية والعمالية، في ملاحظات نشرتها بالتزامن مع مناقشة مجلس الشيوخ لمشروع القانون.

تمييز للعامل الأجنبي

ولفت “خليفة” إلى أن القانون ميّز بين عمال خدم المنازل المصريين والأجانب، وأن المادة (4) من الأحكام العامة بالقانون لا تسرى على عمال المنازل، ومن في حكمهم بالمخالفة المادة 53 للدستور. ذلك في وقت نصت المادة 63 بتطبيق هذا القانون على عمال خدم المنازل الأجانب.

ويرى أن المشكلة في باب الأحكام العامة، فهو لا يخاطب المرأة أو والعاملين في المنازل، مثل حارس العقار والجنايني. وهم قرابة مليون عامل محرومين من قانون العمل، بينما المشروع لا يعطي مكتب العمل السلطة لمراقبة هذه العمالة، في الوقت الذي ينص الدستور في مادته رقم 53 على عدم التمييز بين العاملين.

عقود العمل في مشروع قانون العمل

ونصت المادة 69 من مشروع القانون على أن يبرم عقد العمل الفردي غير محدد المدة أو لمدة محددة لا تقل عن سنة. وخصص علاقات العمل بـ 3 أنواع من العقود؛ عقد مفتوح وآخر مؤقت يحدد سنة بسنة لمدة 4 سنين، وعقد ينتهي بانتهاء الغرض منه في حالة المشروع المؤقت.

وفي باب إنهاء علاقة العمل، نصت المادة 28 على أن العقد المبرم لإنجاز عمل معين يجوز تجديده لمدة ست سنوات. بينما لا يجوز للعامل إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال.

وتذكر دار الخدمات النقابية والعمالية أن القول بحق صاحب العمل في اختيار نوع العقد الذي يناسبه ينطوي على مغالطة صريحة. إذ يمكننا العودة في هذا الشأن إلى القانون المقارن لنرى كيف تُصاغ التشريعات، للحد من ظاهرة العقود المؤقتة، وكيف تنص اتفاقيات العمل الجماعية التي تتفاوض بشأنها وتتفق عليها النقابات والاتحادات النقابية العمالية “الحقيقية، والفاعلة”، على تحجيم العقود المؤقتة داخل أطر من القواعد والمعايير الواضحة أو من خلال نسب محدودة من عدد العقود لا يجوز تجاوزها.

وتطالب الدار بالنص على عدم جواز إبرام عقد العمل لمدة محددة إلا فى حالة القيام بأعمال مؤقتة أو عرضية أو موسمية. لأن ذلك يتسق أيضًا مع التعريفات الواردة في صدر مشروع القانون لهذه الأنماط من العمل. وإلا ما قيمة وجدوى إدراج هذه التعريفات إذن.

 

25 مليون عامل، يعملون في 3 ملايين و738 ألف منشأة قطاع خاص، يستحوذون على 80% من إجمالي الاقتصاد

شعبان خليفة رئيس نقابة العاملين في القطاع الخاص.

غياب الأمان الوظيفي

يقول “خليفة” إن المشرع أطاح بأحلام العمال بالأمان الوظيفي. ذلك لأن الأصل في العقد أن يكون غير محدد المدة.

في باب إنهاء علاقة العمل مثلاً، في المادة 28 التي تنص على أن العقد المبرم لإنجاز عمل معين يجوز تجديده لمدة ست سنوات، ولا يجوز للعامل إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال، ما يجعل علاقة العمل سخرة للعامل، الذي يستمر في تأدية مهامه لمدة 6  سنوات دون استقرار في العمل.

نقطة أخرى أثارها خليفة هي أن مادة 138 التي تنص على أنه إذا أنهى صاحب العمل عقد غير محدد المدة لسبب غير مشروع استحق العامل تعويض بمقدار أجر شهرين من الأجر الأساسي عن كل سنة خدمة. وفي ذلك أيضًا انتقاص من مكتسبات العمال، إذ نصت المادة 122 من قانون 12 لسنة 2003 على شهرين من الأجر الشامل.

“هذه المادة تمثل خطوة للوراء في سبيل إضاعة حقوق العمال دون النظر للأجر الشامل أو التأمينات”؛ يعقب رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص.

حق الإضراب في القانون الجديد

من بين المواد التي أثارت جدلاً واسعًا كانت المادة 207 التي نصت على حظر الإضراب أو الدعوة إليه، أو إعلانه في تطبيق أحكام هذا القانون، بالمنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين. على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتحديد هذه المنشآت.

وقد طالبت دار الخدمات النقابية والعمالية بتطبيق رأي قسم التشريع بمجلس الدولة حول ضرورة تحديد مفهوم تلك المنشآت، أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، نظرًا لمساس هذا الحكم بأصل الحق.

وذكرت الدار أن تقرير لجنة الخبراء بشأن تطبيق معايير واتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الحالة المصرية، تحفظ -بالفعل- على تقييد حق الإضراب في مؤسسات خدمية لا تعد أساسية، وفقًا للتعريف الدقيق لهذا المصطلح.

ما هو لصالح المرأة في القانون الجديد

رغم ذلك، فإن مشروع قانون العمل الجديد تضمن عددًا من المميزات، منها باب تشغيل النساء. إذ نصت المادة 50 منه على أن المرأة العاملة تحق لها إجازة وضع 4 أشهر، ولمدة 3 مرات. وقد ساوى بين المرأة العاملة في القطاع الخاص وغيرها بالجهاز الإداري للدولة.

كما منح مشروع القانون الحق للمرأة في الحصول على إجازة دون أجر لمدة سنتين لرعاية طفلها. بينما لا تستحق هذه الإجازة لأكثر من 3 مرات طول مدة الخدمة.

هنا يلفت “خليفة”، إلى أنه ضمن مميزات القانون ما جاء بالمادة 118، إذ أنه يحق صرف أجر العمل كامل في حالة الوقف عن العمل بسبب التحقيق معه، وفي المادة 121، إذ يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل للمحكمة العمالية المختصة، وفي مادته 139 والتي تنص على أن يعتبر العامل مستقيلًا إذا تغيب بدون مبرر مشروع أكثر من ثلاثين يومًا متقطعة خلال السنة أو عشرين يومًا متصلة.

ومن جانبها، رأت الدار أن معدي مشروع القانون أحسنوا في استحداث النص في المادة (6) على حظر التمييز في شروط وظروف العمل بسبب اختلاف الجنس، أو الأصل، أو اللغة ، أو الدين، أو العقيدة، أو الانتماء السياسى، أو الموقع الجغرافي، أو لأى سبب آخر. وذلك يتوافق مع الدستور (المادة 53). لكن الدار دعت أيضًا إلى أن يتضمن النص حظر التمييز في التدريب والتشغيل فضلًا عن شروط وظروف العمل.

ونبهت إلى أن التمييز ضد المرأة وقائعه متعددة. فيما تصل فى بعض الأحيان إلى النص في إعلانات الوظائف على قصرها على العاملين من الذكور دون الإناث.