أعلنت منظمة “القسط”، المدافعة عن حقوق الإنسان في السعودية ومقرها لندن، إطلاق سراح الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز وابنتها سهود. وقد احتجزتا منذ مارس 2019، دون توجيه أي اتهامات بحقهما، طوال فترة احتجازهما. بينما استنكرت المنظمة –غير الحكومية– إهمال السلطات السعودية الحالة الصحية للأميرة، طوال تلك الفترة. حيث تم اعتقالها قبيل سفرها إلى سويسرا لتلقي العلاج، بحسب مصدر مقرب من عائلتها. فيما لم يتم الكشف عن طبيعة مرضها.

رحلة الأميرة بسمة.. من الاختفاء إلى الاستغاثة بالملك وولي عهده

تعرضت الأميرة (57 عامًا) لـ”الإخفاء القسري” في أعقاب القبض عليها، ولم تظهر أو تستطيع الاتصال بعائلتها إلا بعد شهر من الاحتجاز، وفق “القسط”. وسبق أن وجهت نداءً إلى الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد، في أبريل من عام 2020. إذ طالبت بالإفراج عنها لأسباب صحية، موضحةً أنها لم ترتكب أي خطأ.

وقضت الأميرة وابنتها فترة احتجاز في سجن “الحائر”. ويحظى بانتقادات عدة من قبل جهات حقوقية، حول مخالفته معايير حقوق الإنسان.

وقد ذكرت وكالة “فرانس برس” للأنباء، أن عائلة الأميرة وجهت رسالة خطية للأمم المتحدة في عام 2020. ورجحت الرسالة -حينها- أن يكون سجل بسمة آل سعود بتوجيه انتقادات حقوقية علنية للدولة سببًا في اعتقالها.

في مارس الماضي، طلب المستشار القانوني للأميرة بسمة بنت سعود، هنري إسترامانت، المملكة المتحدة بالضغط على السلطات السعودية للإفراج عنها وعن ابنتها سهود الشريف. ووفقًا لصحيفة “الجارديان” آنذاك، فإن رسالتين منفصلتين رفعها إسترامانت ولوسي راي من منظمة حقوق الإنسان البريطانية، إلى وزير الخارجية دومنيك راب، والأمين العام لدول الكومنولث، باتريسيا سكوتلاند. قالا -في الرسالة- إن الأميرة تعاني من مرض في القلب يتطلب علاجًا عاجلاً. وأن “حياتها تتوقف على إطلاق سراحها”.

وجاء في الرسالة: “إننا نرجوكم أن تعملوا لمحاولة الإفراج عن الأميرة وابنتها؛ لأنهما مواطنتان في الكومنولث”. كانت الأميرة بسمة حصلت على جنسية جزيرة دومينيكا الواقعة في البحر الكاريبي، بعد أن تقدمت للحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار. والدومينيكا إحدى دول الكومنولث.

كذلك، كتب “إسترامانت وراي” إلى وزير الخارجية البريطانية أن الأميرة السعودية تشتهر بالدفاع عن حقوق الإنسان. كما أن لديها علاقات وثيقة مع المملكة المتحدة ودرست فيها. وتضمنت الرسالتان تحذيرًا من احتمالية أن تكون الأميرة احتُجزت بسبب دعمها السابق للحريات المدنية داخل المملكة. فضلاً عن “روابطها الوثيقة مع ولي العهد السابق محمد بن نايف” الذي تم خلعه من منصبه واحتجازه في وقت سابق.

حفيدة المؤسس وابنتها خارج السجن

عقب الإفراج عن الأميرة وابنتها، قال الدكتور خالد الجبري، نجل المسؤول السعودي السابق سعد الجبري، الذي تطالب المملكة به وتحتجز نجليه، إنه سعيد بإطلاق سراح حفيدة المؤسس وابنة الملك سعود وابنتها. وأضاف: “والعقبى لجميع المعتقلين بشكل تعسفي”. كما أثنى على الأميرة السعودية. وقال: “الأميرة بسمة مثال للأفاضل من أسرة آل سعود (علمًا وخلقًا) ممّن ابتلي بابن عمه ولم يقبل برعونته وجرائمه. والذين يجب أن لا يؤخذوا بجريرته. ولا تزر وازرةُ وزر أخرى”.

من هي الأميرة بسمة بنت سعود؟

الأميرة بسمة هي أصغر بنات الملك الراحل سعود، الذي حكم السعودية بين عامي 1953 و1964. وهي من أحد الفروع التي روج لها كبديل للحكم في حياة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. كما أنها سيدة أعمال عملت في لندن بعض الوقت. بينما نشطت في الكتابة لوسائل الإعلام السعودية منذ عام 2006. وظهرت في العديد من المنتديات الدولية التي تسلط الضوء على الفساد، والقضايا الإنسانية، وعدم المساواة في توزيع الثروة في جميع أنحاء المنطقة.

وقد شجعت الأميرة بسمة إجراء إصلاحات دستورية في المملكة، والتي كان من شأنها أن تحد من سلطات الشرطة الدينية، وتكرس من حقوق المرأة في القوانين السعودية.

بعد العام 2015 عادت الأميرة مرة أخرى إلى المملكة. أغلقت بعض شركاتها في لندن في عام 2016. بينما نقلت ما تبقى منها إلى إحدى بناتها في عام 2018. لكنها استمرت في الظهور في وسائل الإعلام الدولية.

أثناء تولي الأمير سلمان الحكم وولي عهده الشاب محمد بدا أن الأميرة تمر بلحظات صعبة. وقد لفتت في تصريحات عدة إلى تعرضها للابتزاز، التي خفتت منذ ذلك الحين. فيما عدا دعوة عبر “بي بي سي العربية” إلى إنهاء الحرب السعودية في اليمن.

في وقت سابق، صرحت مضاوي الرشيد، الخبيرة في السياسة السعودية وشؤون العائلة المالكة السعودية والأستاذة في كلية لندن للاقتصاد لـ “دويتشه فيليه” بأنه من المحتمل أن تكون الأميرة بسمة بنت سعود “قيد الإقامة الجبرية أو الاحتجاز لمنعها من المغادرة والتحدث للإعلام”.

ولفتت الدكتورة مضاوي إنه قبل تسلم الملك سلمان العرش في عام 2015، كان سلفه الملك عبد الله قد روج لجانب من العائلة المالكة والذي تنتمي إليه الأميرة بسمة في محاولة منه لإحياء إرث والدها سعود.

تضيف الرشيد: “خلال عهد الملك عبد الله، كانت هناك لحظة قام فيها حكام السعودية بإخراج كل أميراتهم إلى العلن للحديث، فيما بدا كحملة علاقات عامة بشكل أساسي”. تتابع: “لن يفاجئني أن الملك سلمان وابنه أرادوا إسكات هؤلاء النساء اللواتي لم يعد مصرح لهن بالحديث”.

صفحة حقوق الانسان في عهد بن سلمان

عندما تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد أعلن عن رؤية استراتيجية جديدة. وقد قدم نفسه إلى العالم باعتباره الوجه الشاب للمملكة، الذي سينهض بها اجتماعيًا وسياسيا، بما يشمل ذلك من تحسين وضع المرأة. بينما في الوقت نفسه اعتقل المئات من مخالفيه. حينها، دافع عن اعتقال النشطاء، قائلاً إنهم “أساؤوا استخدام” حقهم في حرية التعبير.

وصل الأمر لاحقًا إلى إعدام الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل سفارة بلاده. حينها قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنييس كالامارد إن فريق من العملاء السعوديين قطّعوا جثته ثم تخلصوا منها “قتل بوحشية” داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. بينما نفت المملكة علاقتها بالحادث، وقدمت بعض المتهمين للمحاكمة.

وصل سجل حقوق الإنسان لدى بن سلمان -منذ هذه اللحظة- إلى مستويات خطيرة. وكان التهاون معه خلال حكم دونالد ترامب أحد السقطات التي وعد الرئيس الحالي جون بايدن بتداركها.

منتصف العام الماضي، لفتت منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان” إلى استمرار احتجاز ناشطات حقوق المرأة في السعوديّة، واستهدافهن من قبل الحكومة منذُ 2018.

وتشير العديد من المنظمات الحقوقية إلى أنه لا يزال نظام الوصاية على النساء ساريًا في السعودية. ذلك رغم بعض الإصلاحات الأخيرة. ونظام الوصاية هذا يعني أن المرأة يجب أن تأخذ الإذن من زوجها أو والدها وحتى الأبناء في بعض الحالات. وهذا في قضايا تتعلق بالزواج واتخاذ قرارات مصيرية في حياتهن.

وبالنسبة للملابس النسائية، ففي الرياض على سبيل المثال -وهي المدينة التي باتت أكثر استرخاءً مما كانت عليه قبل سنوات قليلة- لا تزال العاصمة بعيدة كل البعد عن الليبرالية، بحسب جريدة “نيويورك تايمز”.

تقول الصحيفة إن النساء بتن قادرات على ارتداء عباءات ملونة، بدلاً من السوداء التي كانت سائدة في السابق. لكن اللواتي لا يفضلن ارتداء العباءات، يضطررن لارتداء ملابس بأكمام طويلة وياقة عالية وحواف منخفضة.

وقبل يونيو 2018، كانت القيود مفروضة أيضًا على قيادة المرأة، وبينما احتفل البعض برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة بما أنّها خطوة إيجابية تهدف إلى تحقيق العدالة بين الجنسين في المملكة، حذّر مسؤولون حكوميون ناشطات حقوق المرأة من أجل من إصدار بيان رسمي عن تغيير القانون قبل إتمام رفع الحظر. بينما اعتقلت الحكومة منذ ذلك الحين ناشطات حقوق المرأة البارزات على أساس اتهامات لا أساس لها من الصحة أو حتى من دون توجيه اتهامات، وفق الجريدة.