ارتفع صافي الاحتياطي النقدي لمصر خلال العام الماضي بنحو 871 مليون دولار. بما يعادل 72 مليون دولار شهريًا. وهو رقم وصفه محللو الاقتصاد بالطفيف نسبيًا.

بلغت نسبة الارتفاع في الاحتياطي 2.2% خلال 2021. ليرتفع من 40.063 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2020 إلى 40.934 مليار دولار بنهاية الشهر ذاته من 2021.

يقول الخبير الاقتصادي هاني توفيق إن الأهم من رقم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية هو مصادر ومكونات هذا الاحتياطي.

يضيف “توفيق” أن أهم تساؤل: هل تزايد الاحتياطات ناتج عن تحويلات واستثمارات وصادرات وسياحة أم عن زيادة القروض الأجنبية واستثمارات قصيرة الأجل في أدوات الدين؟

الاحتياطي والمناجم

يتكون الاحتياطي الأجنبي لمصر من العملات الدولية الرئيسية كالدولار واليورو والإسترليني والين واليوان. وتتغير كميات كل عملة حسب مدى استقرارها وأسعار صرفها.

ارتفع الذهب المسجل باحتياطي النقد الأجنبي خلال ديسمبر الماضي للشهر الثالث على التوالي. لتبلغ قيمته نحو 4.228 مليار دولار في نهاية ديسمبر مقابل 4.222 مليار دولار في نهاية نوفمبر. بزيادة نحو 6 ملايين دولار.

لكن على الصعيد السنوي تراجعت قيمة الذهب بصورة طفيفة بنحو 162 مليون دولار خلال 2021. لتصل إلى 4.228 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2021. مقابل 4.390 مليار دولار بنهاية ديسمبر من العام السابق عليه. وذلك بسبب تراجع أسعارها عالمًيا خلال العام.

يوجد اتفاق بين البنك المركزي المصري وشركة السكري لمناجم الذهب يقضي بتوفير احتياجات الشركة الشهرية بالعملة المحلية. والتي تقدر بنحو 50 مليون جنيه. على أن تورد بالقيمة المعادلة للمبلغ بالدولار سبائك ذهب بعد تنقيتها بدرجة نقاء لا تقل عن 99.99%.

احتياطي الذهب

تأتي مصر في المرتبة عربًيا في امتلاك احتياطات ذهب ضمن أصولها الاحتياطية بحجم يصل إلى نحو 79.5 طن. بينما عالميا جاءت في المرتبة 40 -وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي.

ومنذ تفشي كورونا زادت قيمة الذهب في الاحتياطيات حول العالم. وتمتلك البنوك المركزية الآن أكثر من 35000 طن متري من المعدن. أي نحو خُمس إجمالي الذهب المستخرج على الإطلاق.

لا يحمل الذهب أي مخاطر ائتمانية. وبالتالي يعتبر مصدرا للثقة في أي بلد وفي جميع البيئات الاقتصادية. ما يجعله أحد الأصول الاحتياطية الأكثر أهمية في جميع أنحاء العالم بجانب السندات الحكومية.

وقد أسهمت العلاقة العكسية للذهب بالدولار الأمريكي في تعزيز قيمته كأصل احتياطي رئيسي آخر. فعندما تنخفض قيمة الدولار -المكون الرئيسي للاحتياطيات- يرتفع الذهب في المقابل. ما يمكن البنوك المركزية من حماية احتياطاتها في أوقات تقلبات السوق.

حاليًا تمتلك الولايات المتحدة أكبر كم من الذهب بأكثر من 8100 طن. أي ما يعادل 78% من إجمالي احتياطاتها الأجنبية. ما يمثل أكثر من ضعف ما تمتلكه ألمانيا من أكثر من 3300 طن. ما يجعلها في المرتبة الثانية في القائمة وتعادل نحو 74% من احتياطاتها.

وديعة سعودية لدعم الاحتياطي

وسجلت قيمة العملات الأجنبية في الاحتياطي النقدي المصري ما يعادل 34.056 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي. مقابل 35.399 مليار دولار بنهاية الشهر ذاته من 2020.

وكانت وزارة المالية السعودية أودعت أخيرًا وديعة بقيمة 3 مليارات دولار للبنك المركزي المصري. بالإضافة إلى تمديد الودائع السابقة بمبلغ 2.3 مليار دولار. وذلك لتقديم الدعم للتعامل مع آثار جائحة “كوفيد-19” بما في ذلك دعم السيولة من النقد الأجنبي.

وانخفضت قيمة وحدات السحب الخاصة ضمن الاحتياطي بشكل طفيف إلى 2.657 مليار دولار بنهاية ديسمبر. مقابل 2.659 مليار دولار في نهاية نوفمبر السابق عليه على أساس شهري.

أما على أساس سنوي.. فقفز رصيد حقوق السحب الخاصة بقيمة 2.378 مليار دولار. ليصل إلى 2.657 مليار دولار مقابل 279 مليون دولار فقط بنهاية ديسمبر 2020.

حقوق السحب الخاصة

وتعد حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد عام 1969 مكملًا للاحتياطيات الرسمية الخاصة ببلدانه الأعضاء.

ويبلغ المجموع الكلي للمخصصات الموزعة حتى الآن 660.7 مليار وحدة حقوق سحب خاصة “ما يعادل 943 مليار دولار”.

وتظل مقادير العملات ثابتة على مدار فترة تقييم حقوق السحب الخاصة البالغة خمس سنوات. لكن الأوزان الفعلية للعملات التي تتضمنها تتذبذب مع حركة أسعار الصرف. وتتحدد قيمة حق السحب الخاص يوميا على أساس أسعار الصرف السائدة في السوق.

يقول خبراء إن الاحتياطي النقدي رغم ارتفاعه الطفيف في 2021 لكنه كان إيجابيا في ظل كم الضغوط التي عانتها مصادر العملة الصعبة منذ جائحة كورونا التي أثرت بقوة على قطاع السياحة بجانب وفاء مصر بالتزاماتها الخارجية.

وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطي توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية والأزمات الاقتصادية.

وسددت مصر خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري نحو 7.6 مليار دولار التزامات خارجية تتضمن أصل الدين ومدفوعات الفوائد.

وأعلن البنك المركزي سداد ديون خارجية بقيمة 15.8 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2020-2021 “الذي يتضمن 6 أشهر من عام 2021″، مقابل 17.2 مليار دولار نهاية يونيو 2020.

وتوزعت مدفوعات الدين الخارجي، التي تم سدادها العام الماضي بنحو 11.67 مليار دولار أقساطًا من أصل الدين و4.16 مليار دولار قيمة الفوائد.

سداد ديون

يقول الدكتور وليد جاب الله -الخبير الاقتصادي- إن أزمة كورونا تسببت في انخفاض الاحتياطي النقدي إلى نحو 37 مليار دولار. لكن سرعان ما استعاد عافيته وأنهى العام على تسعة أشهر متواصلة.

يوضح أن ارتفاع الاحتياطي على مدار الشهور الأخيرة كان بنسب طفيفة. لكنه في الوقت ذاته يعكس استقرارا اقتصاديا، خاصة مع تثبيت التصنيف الائتماني للاقتصاد وإشادته بالسياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي في التعامل مع الاحتياطيات النقدية.

ثبتت وكالة “فيتش” تصنيف مصر الائتماني عند مستوى B+، وستاندرد آند بورز عند مستوى B، وموديز عند مستوى B2. وأشارت إلى الاحتياطيات القوية من النقد الأجنبي لمصر، والتي تعكس نظرة مستقبلية مستقرة مع توقعاتها بانخفاض معدل الدين المحلي والخارجي بصورة تدريجية.

يشير “جاب الله” إلى موجة التضخم العالمية التي تسببت في ارتفاعات قياسية في أسعار السلع. والتي يفترض أن تحمل تأثيرا كبيرا على دولة مستوردة كمصر. لكن تنوع مصادر العملة الصعبة التي عززت صمود الاحتياطي خاصة إيرادات قناة السويس وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج مع العودة التدريجية للسياحة.