قررت حقبةُ ما بعد 30 يونيو 2013م أن تصل بمنسوب الديمقراطية إلى نقطة الصفر ونجحت في ذلك. وبالتوازي مع ذلك، قررت أن يكون منسوب المعارضة عند نقطة الصفر ونجحت في ذلك كذلك. استغرقت هذه العملية ما يقرب من ست سنوات من منتصف 2013م إلى منتصف 2019م.

فعلى مدى اثنين وسبعين شهرًا تم -بنجاح- مسح المعارضة من جذورها، سواء معارضة دينية أو مدنية، وسواء كرتونية مستأنسة أو فعلية حقيقية، وسواء يمينية أو يسارية، بما في ذلك المعارضة التي درجت الأجهزة الأمنية على تصنيعها ورعايتها وكفالتها من الباطن حسب رؤية كل جهاز وحسبته ومصالحه، يستوي في ذلك المعارضات القديمة التي تعود إلى القرن العشرين أو المعارضات التي استجدت مع الحراك الاحتجاجي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.

*********

عجزت كل أنواع المعارضة عن مواجهة هذا الاجتثاث بما ينطوي عليه من استئصال كامل، فانطقأت فاعليتها بصورة كاملة، ولم يتبق منها غير اللافتات والأسماء والعناوين التي أصبحت بمثابة شواهد فوق قبور تضم أعظم ورفات كيانات معارضة طالما ملأت السياسة المصرية صخبا وضجيجا.

هذا العجز مستمر، وسوف يستمر، طالما بقيت ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو مطمئنة مستقرة، وهي بالفعل مطمئنة مستقرة سواء بدواعي القوة الخشنة التي تلجأ إليها لقمع كل مبادرة يلوح منها بصيص المعارضة، أو بدواعي ما توفره من أمان واستقرار وانتظام عمل المرافق والمؤسسات وبسط النظام وفرض القانون، أو بدواعي ما تنجزه من مشروعات تستفيد منها قطاعات متزايدة من قوى الانتفاع ومن جموع المواطنين، حتى لو كان تنفيذ هذه المشاريع يتم بدون شفافية ولا مساءلة ولا محاسبة، وسواء كانت تتم بديون أجنبية واستدانة غير مسبوقة في تاريخ المالية العامة المصرية، وفضلا عن ذلك كله، فإن ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو سوف تظل مطمئنة مستقرة طالما بقي الإقليم من حولها مضطربا بين جكومات عاجزة ومعارضات ضالة سواء في الشق الآسيوي من العالم  العربي أو في الشق الأفريقي منه.

ففي مثل هذا السياق المحلي والإقليمي تبدو ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو ضرورة وجودية سوف تستمر موجودة ما بقيت دواعيها، وسوف تستمر طالما بقيت الديكتاتورية بما تنطوي عليه من جبر وقهر أحفظ لتماسك الدول والمجتمعات من الديمقراطية المستجدة الناشئة بما تنطوي عليه من اختيارات يغلب عليها التجريب، وبما تنطوي عليه من حريات لا تجد من يحسن استخدامها ولا من يوظفها في خدمة المصالح العامة بتدرج ورشد ونضج وعقل.

**********

نجحت ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو 2013م في أن تقلب تاريخ المعارضة المصرية في القرن الحادي والعشرين من النقيض إلى النقيض، من ذروة الازدهار في السنوات العشر الأولى والتي توجت بثورة 25 يناير 2011م، إلى الاضمحلال التدريجي في العشرية الثانية فلا تكاد تسمع للمعارضة صوتا ولا همسا.

وبدل أن تتوقف المعارضة مع نفسها، وتدرس لماذا وكيف حصل ما حصل لها من الهزيمة، وكيف ومتى يمكن الخروج منها، بدلا من ذلك ذهبت تنساق لمزاج الهزيمة وما يصاحبه من تأزمات نفسية وضلالات ذهنية تصور الواقع على غير ما هو عليه، وتضل عن دراسة الأسباب والنتائج، وتنكر مسؤوليتها عما لحق بها، وتتمادى في الضلال النفسي والذهني وتبحث عمن تلقي عليه باللائمة وتحمله مسؤولية إخفاقها وعجزها وفشلها.

عقلية الهزيمة -التي لم تكن متوقعة- امتلأت بالمرارة والحزازات والضغائن والأحقاد بصورة أعمت البصائر قبل الأبصار، ومن ثم وقع العقل تحت ضغط أسوأ أنواع الانفعالات العصبية التي فقد أصحابها القدرة على التحكم فيها، مثلما فقدوا القدرة على التفكير بمعزل عن تأثيرها وتضليلها، فذهبوا يصنعون عداوات لا لزوم لها، وذهبوا يهدرون طاقاتهم في معارك لا طائل منها، وذهبوا يسرعون الخُطى على طريق الاضمحلال، سواء كان اضمحلالا مؤقتا أو كان اضمحلالا دائما.

**********

من السابق لأوانه حسم ما إذا كان اضمحلال المعارضة مؤقتا بوجود ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو 2013م أو أنه اضحلال نهائي مستمر بعدها .

وبكل يقين، فإن الديكتاتورية إذا كانت قد نجحت في استئصال المعارضة إلا أنها لم تنجح ولن تنجح في استئصال دواعي الغضب في نفوس قطاعات واسعة من الشعب، هو -بسطوة القمع- غضب صامت وكامن وعاجز، ولكن دوام الحال من الحال، وفي أجل قريب أو بعيد، سوف تتوفر لهذا الغضب الصامت الكامن العاجز العوامل ليكون غضبا ناطقا ظاهرا قادرا، وساعتها ربما تجدد المعارضات التي اضمحلت وجودها من جديد، وربما تنشأ معارضات جديدة تحمل صفات المستقبل، وربما يحوي المشهد المقبل خليطا من القديم والجديد .

ولكن إلى أن يحدث ذلك في أجل غير معلوم، فسوف يظل رفات المعارضة المضمحلة ينتج أسوأ الظواهر المرضية السقيمة البائسة التعيسة ومنها تلك الظاهرة الصاخبة: شماتة الأموات سياسيا – وأغلبهم من المعارضة الدينية وبعض المعارضة الثورية- فيمن يتوفاهم الموت من خصومهم السياسيين .

لست أتكلم هنا من منظور الأخلاق، فأخلاق الجميع محل احترام وتقدير، لكن النقاش هنا يتركز على السياسة، فهذا الشماتة هي سلوك سياسي بالدرجة الأولى، وهي مظهر من مظاهر الصراع، وربما يكون الأداة الأخيرة في يد الأطراف الأضعف، وربما يكون الأداة الوحيدة لتنفيس ما في الأنفس من قهر، وربما يكون الأداة الوحيدة للتعبير عما أدرك العقول من ضلال في التفكير، وربما تكون آخر ما تملكه قوى الاضمحلال من مشاريع وأفكار تكشف ما أدرك هذه القوى من تكسير وصل إلى حدود التكسيح وربما الشلل الكامل .

*********

الشماتة التي تُبديها بعض الأصوات الشبابية من قوى الثورة يفسرها حداثة التجربة ونقص الخبرة وصدمة التجربة المباغتة بين النجاح المباغت للثورة ثم الارتداد العنيف عليها، وأغلب هؤلاء شباب كانوا فوق العشرين ودون الثلاثين، ولم يزاولوا العمل العام إلا قبيل 2011م أو معها أو بعدها. الارتجاج النفسي والذهني هنا مبرر ومفهوم وله شرح وتفسير، فقد تم رفعهم في السماء أيام 25 يناير مع ألقاب يحبونها مثل الثوار والنشطاء إلى آخره، ثم بعد 30 يونيو تم تجريدهم من كل فضيلة ونُسبت إليهم كل نقيصة وعن قصد وعمد خُططت ومُولت ونُفذت حملات إعلامية ضخمة لتشويههم ونزع كل غطاء وطني أو أخلاقي أو إنساني عنهم .

ويظل هؤلاء الشباب -من قوى الثورة- رغم قلة عددهم ورغم نقص خبرتهم ورغم أنهم لم يعمروا في السياسة أطول من برهة قصيرة خاطفة، رغم ذلك كله فإنهم كانوا ومازالوا الهاجس الأكبر في دماغ ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو، فهي تريد أن تطمئن إلى أن مثل هذه النوعية من الشباب -الذين كانوا طليعة الاحتجاج في سنوات ما قبل ثورة 25 يناير- قد اختفت بذورها وتم اقتلاعها من جذورها، وأنهم كظاهرة ثورية لن ينبتوا من جديد أبدا .

***********

الشماتة التي تُبديها القوى القديمة لا تقتصر على الإسلاميين وحدهم، لكن الإسلاميين هم القوة الغالبة فيها، ثم هم يجعلون منها حربا بين الحق والباطل، وليست مجرد مشاعر سلبية تتشفى فيمن قد مات، ولذلك -من الناحية الفعلية- تُنسب لهم وحدهم، وليس في ذلك تجنيا عليهم ولا مجافاة للموضوعية في الكتابة أو الشهادة، فهم لا يمارسون الشماتة كمجرد التعبير عن الارتياح السلبي لموت هذا الخصم أو ذاك، ولكن هم يستغلونها لحظة حرب يمارسون فيها كل أشكال الانتقام التى تجرد من قد مات من كل خلق ومن كل فضية وتنزع عنه رداء الستر والتوقير والاحترام.  فالشماتة -عند الإسلاميين- هي استباحة كاملة لكل حرمات من قد مات، استباحة لسمعته وشرفه وكرامته ولكل ما أمرت الأديان والأعراف والأخلاق بحفظه وصيانته .

هذه الشماتة من الإسلاميين في موت خصومهم لا يسهل تبريرها، إذ الإسلاميون مروا بتجارب كثيرة بين صعود وهبوط وبين تقدم وتراجع وبين عافية ومحنة على مدى يقرب من قرن من الزمن، والطبيعي أن تكون هذه التجارب قد زودتهم وزانتهم  بالحكمة والبصيرة ليحسنوا التعامل مع ما تسمح به الأيام أو ما تكشف عنه الأيام من عسر ومحنة. صحيح أن الإسلاميين مروا في السنوات العشر بأعنف المحن، فمن ذروة الذروة إلى قاع القاع، ومن قمة المجد إلى قاع الإنحدار، أخذوا كل شيء في غفلة من الزمن ثم فقدوا كل شيء في الغفلة ذاتها، فلم يأخذ الزمن فرصته ليرمش بعينيه، في لحظة خاطفة تزاوج الحلم والكابوس، وفي لحظة واحدة كانت قدم في القصور والقدم الثانية في زنازين السجون، في لحظة واحدة صعدوا سابع سماء لتنخسف بهم سابع أرض. هنا -كذلك- الارتجاج العصبي والذهني والنفسي وارد تماما، خاصة أنهم تعرضوا لحملات غير مسبوقة من الاتهام والتجني والتشويه والاستئصال الكامل ليس في مصر وحدها ولكن في عدد كبير من الدول العربية .

***********

الشماتة ليست هي الخطر الأكبر في سلوك الإسلاميين، الخطر الأكبر هو ما تكشف عنه هذه الشماتة من عقليتهم السياسية، وأقصد بالعقلية السياسية قراءتهم غير الواقعية لما يمرون به من تجارب، وخاصة تجربة الصعود السريع ثم السقوط السريع، الاستحواذ الكامل على كل شيء ثم الفقد السريع لكل شيء، الارتفاع إلى سابع سماء ثم الانخساف تحت سابع أرض .

عقلية الإسلاميين السياسية هي مركب ذهني – نفسي متصلب، ينسب كل ضرر وقع بهم إلى غيرهم، ولا ينسبونه إلى أنفسهم، ما يقع بهم من ضرر هو مؤامرة من الآخرين .

هذه العقلية تنكر أن يكون ما أصابها هو من نتاج ما تتبناه من تصورات للواقع، وهو نتاج لما ينبني على هذه التصورات من قرارات، وهو نتاج لما ينبني على هذه القرارات من سياسات عملية في الواقع، ونتاج لاصطدام هذه السياسات -المبنية على تصورات وقرارات خاظئة- بالواقع الذي يتصورونه كما يرغبون وليس كما هو على وجه الحقيقة .

من هذه السلسة تنشأ محنة الإسلاميين: تصورات للواقع غير مطابقة للواقع، ثم قرارات مبنية على تصورات خاطئة، ثم سياسات مبنية على قرارات خاطئة، ثم اصطدام ذلك كله -في نهاية المطاف- بالواقع كما هو وكما خلقه الله وليس كما يتصورونه وهم قابعون في الخلايا التربوية التي هي ليست أكثر من كهوف ومعازل عن الواقع وليست منه في شيء .

***********

عقلية الإسلاميين -كمركب ذهني ونفسي- تتشكل في معازل أشبه ما تكون بالكهوف عبارة عن خلايا تحمل كل واحدة منها اسم “الأسرة” مكونة من خمسة أفراد يجتمعون بانتظام، بصورة دورية، وبصورة سرية غير معلنة، وعليهم مرشد يحمل لقب نقيب الأسرة، يحفظون آيات من الذكر الحكيم وبعض الحديث الشريف ويقرأون بعض الفصول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ينسجون من ذلك كله عالما متخيلا، عالما كله خيال محض، يقوم على توهم أنهم -في معزلهم هذا- يمثلون الإيمان، وهم امتداد نضالي للمؤمنين الأولين الذين حملوا أمانة الدين الجديد وصمدوا بها في وجه المشركين في مكة والكفار في جزيرة العرب والعالم .

في داخل هذه العقلية، عقلية الخلية الضيقة، أو عقلية الكهف السري المنعزل، تتشكل البنية الذهنية – النفسية لأجيال من الإسلاميين يحملون تصورات غير مطابقة للواقع عن ذواتهم الفردية والجماعية ثم عن زمانهم ومكانهم ثم عن الدين ذاته ثم عن السياسة ذاتها ثم عن التاريخ الإنساني منذ كان، هذا العقلية – كمركب ذهني – نفسي – تنتج لأصحابها ما يرغبونه ويحبونه ويتمنونه ويشتهونه من واقع وأفكار وعوالم وسرديات تسعدهم وتمنحهم الرضا واليقين، وليس مهما إذا كانت خاطئة، فالخطأ عندهم غير وارد وحل محله اليقين المطلق.. فهم يعيشون باليقين المحض الذي لا شك فيه أنهم على صواب، وأن تنظيمهم خير تنظيم، وقيادتهم محل ثقة، وجماعتهم خير جماعة، وطريقهم هو الطريق الوحيد الذي لا بديل عنه ولا شك فيه من قريب ولا من بعيد .

***********

هذه العقلية، بهذه المواصفات، اندفعت بعد 25 يناير 2011م، دون احتراس، ودون حذر، ودون شك، ودون أدنى تقليب للأمور على كل وجوهها، اندفعت -تحت إغواء فراغ السلطة – إلى الوقوع في كل الفخاخ، وهم يتصورون أن التاريخ قد دانت مقاليده بين أيديهم، ولم يراودهم الشك أن التاريخ هو سلطان المكر وملك الدهاء .

كان العقل الطبيعي  يقتضي أن يقضموا ما يستطيعون مضغه، ثم يمضغوا ما يستطيعون بلعه، ثم يبلعوا ما يستطيعون هضمه، ثم يهضمون ما تستطيعه معدتهم، ثم ما يستطيعون تصريفه دون مضاعفات تضر بهم .

لكن عقل الخلية، أو عقل الكهف، قادهم في سياق ينتقلون فيه من تصورات خاطئة إلى قرارات خاطئة إلى سياسات خاطئة ثم إلى أكبر وأضخم صدام -في تاريخهم- مع الواقع الصحيح الذي لم يكونوا يعرفونه على حقيقته .

كان العقل الطبيعي يقتضي التريث وليس الاندفاع إلى أبعد حدود الاندفاع  بحيث تتم إدارة عملية انتقال هادئ منظم تدريجي :

– من وضع كانوا فيه ممنوعين من الاعتراف القانوني منذ صدامهم الأول مع الملك فاروق 1948م ثم صدامهم الثاني مع ثورة 23 يوليو في أزمة مارس 1954م .

– كانت الخطوة الأولى إذن الحصول على اعتراف قانوني بشرعيتهم داخل نظام الحكم .

– ثم تكون الخطوة الثانية تأهيل النفس وتدريبها على الحياة الطبيعية العلنية فوق الأرض بعد عقود من العمل السري تحت الأرض .

ثم تكون الخطوة الثالثة توسيع نصيب المشاركة السياسية في البرلمان والنقابات دون السعي للغلبة والاستحواذ .

ثم تكون الخطوة الرابعة تأجيل إغراء الترشح للرئاسة تأجيلا كاملا والاكتفاء بتأييد هذا أو ذاك .

ثم تكون الخطوة الخامسة تطبيعا هادئا للعلاقات مع عموم الشعب بكل نسيجه القومي .

ثم تكون الخطوة السادسة بتجديد الأفكار وتطوير التنظيم في اتجاه الحرية والديمقراطية .

ثم تكون الخطوة السابعة تذويب الشكوك المتبادلة مع الدولة وأجهزتها .

ثم تكون الخطوة الثامنة علاج مخاوف شركاء الوطن .

ثم تكون الخطوة التاسعة الخروج الآمن كهوف التنظيم إلى رحابة الوطن .

ثم تكون الخطوة الأخير تمصير المنظومة كلها والدخول في صميم الإطار الوطني .

***********

لم تسلك عقليةُ الخلية أو عقلية الكهف المنعزل ما يقتضيه العقل الطبيعي .

– ذهبت تكرر الأخطاء القديمة بحذافيرها، منحت نفسها للعسكريين حتى يتخلصوا من خصومهم ثم يستديرون للتخلص منها بسهولة ويُسر .

هذه العقلية لم تمارس ما يمارسه العقلاء من شك حين منحهم من أداروا الفترة الانتقالية بعد 11 فبراير 2011م من مزايا، فلم يساورهم الشك في: لماذا يُقبل ترشحهم ويُرفض ترشح اللواء عمر سليمان؟ ولماذا يُعلن فوزهم وليس فوز الفريق أحمد شفيق؟

 

***********

بكل يقين، الإسلاميون في محنة يتمزق لها قلب كل ذي ضمير حي .

وبكل يقين كذلك، هذه المحنة هم صانعوها وليس أحد سواهم .

وبكل يقين ثالثا، وهم -دون غيرهم- المسؤولون عن محنتهم، وعليهم يقع اللوم، ما بين قيادة اختارت الاندفاع في قلب المجهول، وما بين قواعد اندفعت وراء القيادة، بموجب ما لها عليهم من حق البيعة وواجب الطاعة، وهما معا: البيعة والطاعة فكر سياسي قديم لا يصلح لهذا العصر، لأنه لا يأتي بغير الكوارث على من بايع وبويع وعلى من أمر وعلى من أطاع .

**********

بإختصار شديد: شماتة الأموات سياسيا فيمن يتوفاهم الموت هي عنوان سياسي على ما هو أخطر :

وهو الاضمحلال التام والذي قد يكون مؤقتا وربما يكون دائما.