أتت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على ذكر أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال عام 2021 بين أكثر من 100 دولة، شملتها مراجعة المنظمة السنوية الـ23 لاتجاهات حقوق الإنسان حول العالم. إذ قال المدير التنفيذي كينيث روث، في افتتاحية التقرير، إن الزعماء الديمقراطيين عليهم أن يعالجوا المشكلات العالمية بشكل أفضل حتى تزدهر الديمقراطية في مواجهة الحكم الاستبدادي.

هيومن رايتس: التضييق في مصر لم يختف

فيما يخص مصر، أكد التقرير -الصادر في 752 صفحة- أن المحاولات مستمرة لخلق انطباع التقدم في حقوق الإنسان في مصر لم تخفِ التضييق الحكومي لجميع أنواع المعارضة عام 2021. وذلك رغم إنهاء حالة الطوارئ في البلاد في أكتوبر/تشرين الأول.

أشار التقرير كذلك إلى أن محاكم “أمن الدولة طوارئ” واصلت مقاضاة نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين السلميين. كما أضفت اللوائح التنفيذية لقانون الجمعيات الطابع الرسمي على قيود واسعة على منظمات المجتمع المدني المستقلة. بما يفرض على المنظمات التسجيل بحلول 11 يناير/كانون الثاني 2022، أو المخاطرة بحلها.

ومن جانبه، قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “استمرت الحكومة المصرية عام 2021 بالسير في الطريق المعتاد للتضييق”.

غلق الشبكة العربية وقضية الفيرمونت في تقرير هيومن رايتس

وأعربت المنظمة عن أسفها لقرار غلق الشبكة العربية. قال جو ستورك إن “إغلاق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان خسارة فادحة للحركة الحقوقية المصرية وشركائها الدوليين. قرار الشبكة العربية الصعب بالإغلاق بعد نحو عقدين من الزمن يُثبت للأسف أن هدف الحكومة المصرية هو إسكات المجتمع المدني المستقل الناقد”.

وتحدى المدير التنفيذي كينيث روث الفكرة السائدة أن السلطوية آخذة في النمو. قائلاً: “على القادة الديمقراطيين تحسين أدائهم في مواجهة التحديات الوطنية والعالمية وضمان أن تؤتي الديمقراطية ثمارها الموعودة”.

اقرأ أيضًا: بعد الاستراتيجية الوطنية.. كيف ينظر الحقوقيون لـ 2022؟

أيضًا، تناول التقرير قضية الفيرمونت الشهيرة. حيث لفت إلى ما وصفه بـ”تقاعس” السلطات عن التحقيق بشكل مناسب في القضية. مشيرًا إلى أن الشهود الرئيسيين لا يزالون يخضعون لحظر سفر غير قانوني. ذلك بعد سجنهم لشهور “انتقاما بسبب إدلائهم بشهاداتهم”، على حد وصف التقرير.

تقول المنظمة في تقريرها إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة نادرًا ما انتقد أزمة حقوق الإنسان الطويلة في مصر في ظل الفترة الرئاسية الحالية. مشيرة إلى “مرة وحيدة” صدر فيها بيان مشترك. وكان ذلك خلال الدورة 46 للمجلس في مارس/آذار، حينما أعربت 32 دولة عن “قلق عميق إزاء مسار حقوق الإنسان في مصر”. سلّط البيان حينها الضوء على “القيود المفروضة على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي. وكذلك التضييق على المجتمع المدني والمعارضة السياسية، وتوظيف قانون الإرهاب ضد المعارضين السلميين”.

تجاوزات الشرطة وقوات الأمن

في 2021، اعتقلت قوات الأمن العشرات، وعلى الأرجح المئات، بسبب نشاطهم السلمي، وفق ما يذكر التقرير. وهو يلفت إلى أنه في 1 فبراير/شباط، اعتقلت الشرطة أحمد سمير السنطاوي، طالب بـ”جامعة أوروبا الوسطى”. وقد اختفى قسريًا لمدة خمسة أيام. بينما قال محاميه إنه تعرّض لـ”الضرب المبرح”. وأيضًا ألقي القبض على والدة ووالد وشقيقة المحتجز عبد الرحمن جمال متولي الشويخ. ذلك بعد أن تقدمت عائلته بشكوى، ادعت فيها “تعرضه للتعذيب والاعتداء الجنسي في أحد السجون”. كذلك يشير التقرير إلى أن السلطات لم تحقق في “حوادث تعذيب وسوء معاملة وترهيب ومضايقة” تعرضت لها عائلات المعارضين الذين يعيشون في الخارج.

أوضاع السجون والوفيات في الاحتجاز

وفيما يتعلق بأوضاع السجون، يتحدث تقرير “هيومن رايتس” عن أنه لا تزال الظروف “متردية” داخل السجون وفي مراكز الاحتجاز غير الخاضعة للرقابة المستقلة. تقول المنظمة إنه “غالبًا ما تحرم السلطات السجناء المرضى من الحصول على الرعاية الصحية الكافية”. وبحسب “كوميتي فور جستس”، وهي منظمة مستقلة، توفي 57 سجينًا، معظمهم محتجزون لأسباب سياسية، خلال الأشهر الـ8 الأولى من 2021.

اتخذت “هيومن رايتس” -في تقريرها- عن الأوضاع الصحية رئيس حزب مصر القومية عبد المنعم أبوالفتوح مثالاً للظروف التي يمر بها السجناء. قالت أسرة أبو الفتوح، المحتجز منذ 2018 بالحبس الانفرادي، إنه تعرض لعدة نوبات قلبية أثناء الاحتجاز. وقد أشارت إلى “استمرار رفض إدارة السجن إدخاله إلى المستشفى”. ومثله لا يزال الناشط البارز علاء عبد الفتاح رهن الحبس الانفرادي في سجن طرة شديد الحراسة منذ سبتمبر/أيلول 2019.

اقرأ أيضًا: لماذا نحارب استراتيجيتنا الوطنية لحقوق الإنسان؟

عقوبة الإعدام ومحاكم الطوارئ واللقاح

ينتقد التقرير استخدام مصر لأحكام الإعدام، والتي صنفتها منظمة العفو الدولية في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث عدد الإعدامات. وكذلك اللجوء إلى استخدام محاكم أمن الدولة طوارئ الاستثنائية، التي تعتبر قراراتها قطعية لمحاكمة المعارضين. وكانت حكومة الرئيس الأسبق حسني مبارك قد ألغتها في 2007 قبل أن يعود العمل بها في 2017.

وعن خطة الحكومة المصرية لطرح لقاح “كورونا” التي بدأت في مارس/آذار، فقد وصفتها المنظمة بأنها “غير فعالة وغامضة”. وأشارت إلى أنه بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول، تلقى ما يقرب من 15% من السكان جرعة واحدة من اللقاح. ذلك رغم إعلان الحكومة أن لديها ملايين الجرعات الإضافية.

ووجدت دراسة استشهد بها تقرير لـ”البنك الدولي”، نُشر في أغسطس/آب، أن عدد حالات الوفاة المرتبطة بكورونا يزيد عشرات الآلاف من تلك التي أبلغت عنها السلطات المصرية. وأثناء “الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة” في 2019، لفت التقرير إلى أن مصر وعدت بحظر العقوبة البدنية في جميع الأماكن. لكنها لم تراجع قانون العقوبات أو القوانين الأخرى التي لا تُجرّم هذه الممارسة. نظرًا لتعرض معظم الأطفال في مصر للعقاب البدني في المنزل أو في المدرسة.