على مدار السنوات الخمس الماضية، كان هناك هبوط حاد في منحنى نشاط الإرهاب في جميع أنحاء العالم. ذلك مع انخفاض كبير وبشكل خاص في الأعمال المتطرفة خلال 2021. وقد سجل هذا العام عمليات أقل بنحو 42% مقارنة بالعام السابق. الأمر الذي يرجعه تقرير جديد -نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)- إلى ضعف تنظيم داعش وهزيمته في سوريا والعراق. بالإضافة إلى انسحاب القوات العسكرية الغربية أو تقليصها في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
الإرهاب في 2021.. 42% انخفاض في العمليات المتطرفة
وفق التقرير الذي عمل عليه 11 من باحثي برنامج “الإرهاب والصراع منخفض الحدة”، سجل العام 2021 انخفاضًا بنسبة 48.5% في عدد المهاجمين الانتحاريين. وكذلك بنسبة 69% في عدد النساء المشاركات في مثل هذه الهجمات. بينما كان الانخفاض حادًا بنسبة 44.5% في عدد الهجمات التي نفذها تنظيم الدولة (داعش). ونحو 35% في عدد الهجمات التي نفذها أنصار القاعدة.
وبشكل عام، كان هناك انخفاض بنحو 44% في عدد الهجمات المرتبطة بتيار السلفية الجهادية. ذلك على الرغم من استمرار سيطرة المنظمات المرتبطة به كمحرضين على الهجمات الانتحارية.
وقد اعتمد هذا التقرير -في بياناته- على مصدرين يصفهما بـ”المستقلين”. وهما الهجوم المشترك على عدد من الأهداف المجاورة في نفس الوقت، والهجوم الناتج عن التخطيط المسبق المتعمد والذي يُحسب كهجوم واحد.
يذكر التقرير أنه في 2021، كان هناك حوالي 74 هجومًا انتحاريًا في جميع أنحاء العالم، مقارنة بنحو 127 في العام السابق، بانخفاض بنحو 42%. وقد نفذ هذه الهجمات حوالي 91 إرهابيًا مقارنة بـ 177 في عام 2020، بانخفاض قدره 48.5%. وتسببت في مقتل حوالي 805 أفراد مقارنة بـ 765 في عام 2020.
ارتفاع في عدد القتلى
ومع ذلك، ففي عام 2021، كان هناك ارتفاع في متوسط عدد القتلى في هجوم واحد. وهو ما يرجعه التقرير إلى نشاط تنظيم الدولة – ولاية خراسان (IS-K). إذ كانت هجماته مميتة بشكل خاص هذا العام. بينما دون ذلك كان عدد الدول التي تعرضت لهجمات انتحارية في عام 2021 مطابقًا للعدد المسجل في العام السابق. رغم أنها لم تكن كلها نفس الدول.
أشار التقرير أيضًا إلى أنه منذ أغسطس/آب، عندما اكتمل انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرت طالبان على البلاد حتى نهاية العام، نفذ تنظيم الدولة في خراسان 6 هجمات انتحارية. وكان الأكثر دموية الهجوم الذي نفذه انتحاريان عند مدخل مطار كابول. حيث كانت القوات الأمريكية تحاول السيطرة على حشود من الأفغان اليائسين للفرار من حكومة طالبان.
وأودى هذا الهجوم بحياة 183 شخصًا، من بينهم 13 أمريكيًا. فضلاً عن إصابة 200 آخرين. وقد قتل في جميع الهجمات الست التي نفذها تنظيم داعش في أفغانستان عام 2021 حوالي 383 شخصًا وجُرح 513 آخرين. بينما بلغ متوسط عدد القتلى 64 قتيلاً و 86 جريحًا في كل هجوم.
ومن ناحية أخرى، تم الإبقاء على الاتجاه التنازلي في عدد المصابين. إذ بلغ عددهم حوالي 1482 في عام 2021، مقارنة بـ 1926 في عام 2020 (حوالي 23%). لكن كان هناك ارتفاع بنحو 33% في متوسط عدد الجرحى في كل هجوم، إلى نحو 20 في عام 2021، مقارنة بـ 15 في عام 2020.
الإرهاب في أفريقيا.. 24 من أصل 40 هجومًا في الصومال فقط
وفق بيانات التقرير، كانت أفريقيا هي الساحة الأكثر نشاطًا للهجمات الانتحارية في عام 2021. ذلك بحوالي 40 هجومًا مقابل حوالي 37 في عام 2020. وقد شكلت الهجمات في أفريقيا نسبة 54٪ من الإجمالي العالمي. بينما نُفذت معظم الهجمات الإرهابية (حوالي 24) في الصومال من قبل حركة الشباب التابعة للقاعدة.
ومن بين الـ 40 هجومًا، شهدت الصومال حوالي 24 هجومًا نفذتها كلها حركة الشباب. وفي عام 2021، نفذت هذه المنظمة الإرهابية أيضًا هجومًا في كينيا.
إلى ذلك، تم إحصاء هجوم آخر من بين هجمات معسكر القاعدة تم تنفيذه في مالي من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (أو “مجموعة دعم الإسلام والمسلمين”). وشهدت مالي إجمالاً، أربع هجمات. فيما لم يعلن أي تنظيم مسؤوليته عن ثلاث هجمات أخرى، رغم أنه يمكن التأكيد أن نشطاء من التيار السلفي الجهادي نفّذوها.
أما الهجمات الـ 11 المتبقية في القارة فقد نفذها تنظيم الدولة: 3 في نيجيريا و2 في ليبيا و2 في أوغندا و2 في الكونغو وهجمات فردية في تونس والكاميرون.
الإرهاب في آسيا.. 27 من أصل 30 في أفغانستان وباكستان وحدهما
ثاني أكبر عدد من الهجمات سجلتها قارة آسيا. وكان ذلك مرتبطًا بشكل أساسي بالنشاط في أفغانستان. يشير تقرير “INSS” أنه -في هذا المجال- كان هناك 30 هجومًا انتحاريًا في عام 2021 (مقارنة بـ 57 في العام السابق، وبانخفاض قدره حوالي 47.5٪).
وقد نُفِّذ حوالي 27 من أصل الهجمات الثلاثين في آسيا داخل أفغانستان وباكستان (مقارنة بـ 55 هجومًا في عام 2020). ذلك في وقت سجل هجوم واحد في كل من إندونيسيا وروسيا وباكستان الصين.
ويُعزى الانخفاض في الهجمات إلى توقف النشاط الإرهابي من قبل حركة طالبان، التي أصبحت حاكمة البلاد في أغسطس 2021. وكانت المنظمة مسؤولة بشكل مباشر وغير مباشر عن حوالي 15 هجومًا في عام 2021.
الإرهاب في الشرق الأوسط.. 3 هجمات فقط
وفق بيانات “INSS“، شهد الشرق الأوسط 3 هجمات فقط العام الماضي، مقارنة بنحو 33 في عام 2020، وبانخفاض حاد بنسبة 91%. وهو تراجع سببه التغيير في استخدام أسلوب العمل هذا من قبل “داعش”، الذي كان العنصر الأكثر نشاطًا في المنطقة.
ومن بين الهجمات الثلاث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط عام 2021، نفذ المتمردون الأكراد هجومًا واحدًا في حلب بسوريا. فيما نفذ الهجومان الآخران في العراق من قبل داعش.
وبشكل عام في عام 2021، كان تنظيم داعش مسؤولاً بشكل مباشر وغير مباشر عن حوالي 20 هجومًا انتحاريًا. وقد شكلت 27٪ من الإجمالي العالمي. ذلك بانخفاض قدره 44.5٪ مقارنة بعام 2020، عندما تم تسجيل 36 هجومًا.
من ناحية أخرى، كانت الجماعات التابعة للقاعدة مسؤولة بشكل مباشر وغير مباشر عن حوالي 43 هجومًا، 58% من مجموع الهجمات، مقابل 66 هجومًا أو 52٪ من الإجمالي عام 2020. ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 35٪.
وعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في عدد الهجمات، كان التيار السلفي الجهادي ككل مسؤولاً بشكل مباشر عن 64 هجومًا. كما كان مسؤولاً على ما يبدو عن 5 هجمات إضافية لم يعلن مسؤوليته عنها. لكن على أساس موقعها والمنظمات العاملة في المنطقة، يمكن أن تُنسب إليها بشكل شبه مؤكد، وفق ما يذكر التقرير.
ووفق التقرير، نفذت التنظيمات السلفية الجهادية 69 هجومًا انتحاريًا في عام 2021، حوالي 93% من الإجمالي. وذلك بانخفاض طفيف عن عام 2020. في حين أن التقييم العام هو أنه من المحتمل جدًا أنها كانت في الواقع مسؤولة عن حوالي 95%.
4 مشاركات فقط في عمليات العام 2021
يذكر التقرير أنه تم تسجيل مشاركة 4 نساء فقط في هجمات انتحارية خلال 2021. وقد شكلن 7.5% في عام 2020، وفي عام 2019 قدرت حصتهن بـ 9.5%. وكانت الهجمات الأربع التي شاركت فيها النساء في الكاميرون وتونس وأفغانستان وإندونيسيا.
يختتم التقرير بأن الانخفاض المستمر في عدد العمليات الانتحارية هو تعبير آخر عن الضعف الحالي للمنظمات السلفية الجهادية في جميع أنحاء العالم. ذلك على الرغم من أن هذه المنظمات الإرهابية تنفذ عشرات العمليات كل شهر. إلا أن استخدامها للتكتيك الانتحاري قد انخفض بشكل كبير.
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يتم التخلي تمامًا عن هذا النوع من العمل الفعّال والقاتل، والذي كان لسنوات عديدة يحمل قيمة دينية وأخلاقية وتنظيمية بالنسبة لهم. يذكر التقرير أنه يمكن لتغيير قادم في الظروف الجيوسياسية الداخلية والإقليمية والعالمية أن تشجع مرة أخرى على استخدام أكبر لتكتيك الهجمات الإرهابية من قبل المنظمات المتطرفة، لتعزيز أهدافها وتجديد صورتها المهددة.