تزايدت التقارير المتشائمة حول الاقتصاد العالمي، مع مرور أسبوعين فقط من العام الجديد، لتبدد سريعًا الآمال، حول حدوث تعاف، يتجاوز تأثيرات كورونا ومتحوراتها.

توقع البنك الدولي، في آخر تقاريره، أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا حاًدا ليهبط من 5.5% عام 2021 إلى 4.1% عام 2022. و3.2% عام 2023 مع تبدد الطلب الذي ظل مكبوتا في 2020 وظهر بقوة في 2021، بجانب تراجع دول العام عن صرف حزم المالية والنقدية لتنشيط الاقتصاد.

تأتي التوقعات الجديدة، مع تقدير صندوق النقد الدولي، خسائر الناتج الإجمالي العالمي المتوقَعة جراء جائحة فيروس كورونا بنحو 15 تريليون دولار. خلال أربعة أعوام (2020 ـ 2024)، بما يعادل 2.8% من قيمة الناتج العالمي، بينها 2.96 تريليون دولار أمريكي من الناتج الاقتصادي العالمي في 2020.

منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية  قالت إنه بعد التوسع بنسبة 5.5% عام 2021 أعلى معدل للنمو الاقتصادي العالمي. منذ أكثر من أربعة عقود فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4% فقط في عام 2022 و3.5% في عام 2023.

قالت المنظمة إن الانتعاش القوي في 2021 كان مدفوعًا إلى حد كبير بالإنفاق الاستهلاكي. وبعض الزيادة في الاستثمارات والتجارة في السلع التي تجاوزت المستويات قبل الجائحة. لكن زخم النمو تباطأ الأوروبي والولايات المتحدة حيث بدأت آثار المحفزات النقدية والمالية من الوباء في الانحسار بشكل كبير بحلول 2021. بعد تفشي الوباء مجددًا في الصين والاتحاد، وظهرت اضطرابات سلسلة التوريد الرئيسية.

بدون اتباع نهج عالمي منسق ومستدام لاحتواء كورونا يشمل الوصول الشامل للقاحات. سيظل الوباء يشكل أكبر خطر على التعافي الشامل والمستدام للاقتصاد العالمي. مع نقص العمالة في البلدان المتقدمة يزيد من تحديات سلسلة التوريد والضغوط التضخمية. حتى بات النمو في معظم البلدان النامية والانتقالية كان ضعيفًا بشكل عام.

النشاط الاقتصادي

بحسب البنك الدولي، فإن سرعة انتشار المتحور أوميكرون تشير إلى أن الجائحة ستستمر على الأرجح في تعطيل الأنشطة الاقتصادية قريباً. على ذلك مع انعكاس التباطؤ الملحوظ في الاقتصاديات المتقدمة على الطلب الخارجي في اقتصاديات الأسواق الصاعدة والنامية.

تعاني البنوك المركزية، حاليًا، مشكلات في السيطرة على التضخم الذي يضر بشدة العمال ذوي الدخل المحدود بعدما سجل أعلى معدلاته منذ عام 2008. ما دفع كثيرٌ من اقتصاديات الأسواق الصاعدة والنامية إلى البدء في إنهاء العمل بتدابير دعم السياسات من أجل احتواء الضغوط التضخمية في تحركٍ متعجلٍ قبل أن يكتمل التعافي.

وقال حميد رشيد، رئيس فرع متابعة الاقتصاد العالمي بالأمم المتحدة: “بالنظر إلى ما وراء أرقام الناتج المحلي الإجمالي.. يتعين على العالم أن يأخذ في الحسبان تزايد الفقر وعدم المساواة في البلدان المتقدمة والنامية”.

أضاف أن الأمر مقلق لأن 64 مليون شخص جدد سيعيشون في فقر مدقع في عام 2022 مقارنة بعام 2019  قبل الوباء.

ومن المتوقع، أن ينخفض الناتج في الاقتصاديات الهشة والمتأثرة بالصراعات بنسبة 7.5% عن اتجاهاته التي كانت سائدة قبل تفشِّي الجائحة. وسيقل الناتج في الدول المكونة من حزر صغيرة بنسبة 8.5%.

زيادة الفقر

يحذر خبراء اقتصاديون من أن جائحة فيروس كورونا أدت إلى عصر جديد من عدم المساواة في التضخم. حيث تتحمل الأسر الفقيرة وطأة ارتفاع الأسعار لأن جزءًا أكبر من ميزانيتهم ​​يذهب نحو السلع التي ارتفعت تكلفتها بشكل كبير. كالغذاء بنسبة 6.4٪ خلال العام الماضي والبنزين بنسبة هائلة بلغت 58٪. والآن يواجه الكثير من الناس هذه الأسعار المرتفعة مع تلاشي برامج التحفيز الفيدرالية.

ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، فقد دخل 124 مليون شخص في براثن الفقر عام 2020 ثمانية من كل 10 منهم في البلدان المتوسطة الدخل. بجانب تكاليف الضروريات الأساسية مثل الطعام والتدفئة والكهرباء، ما يزيد من التوترات السياسية. بينما أكد صندوق النقد أن استمرار تفشي فيروس كورونا جنبًا إلى جنب مع ارتفاع التضخم والديون وأسعار الفائدة. يعني أن الاقتصاديات الناشئة يجب أن “تستعد لموجات محتملة من الاضطرابات الاقتصادية”.

التأثيرات طويلة المدى لـ COVID-19 على الفقر المدقع الذي كان يتراجع قبل ظهور الفيروس ليصبح العام عالقا حاليا بين مكافحة الفقر والتغير المناخي معًا.

الاقتصاد والتضخم العالمي

وذكر التقرير أن “التضخم العام العالمي ارتفع إلى ما يقدر بنحو 5.2% في عام 2021. بزيادة أكثر من نقطتين مئويتين عن معدل الاتجاه في السنوات العشر الماضية”. كما حذر من أن تزايد عواقب الوباء على المدى الطويل تتمثل في ارتفاع مستويات عدم المساواة داخل الاقتصاديات وفيما بينها.

يقول جوستافو فلوريس-ماسياس، الأستاذ المساعد في جامعة كورنيل. إن هناك حجة يجب إثباتها بأن الإعفاءات الضريبية ضرورية للغاية إذا لم نتعامل مع التضخم. فهذه بالتأكيد وسيلة لدعم المحرومين، لكن التوقيت السياسي سيئ بسبب التضخم.

يأتي 2022، والدول العربية تتصدر قائمة الأعلى تضخما عالميًا بصدارة بنسبة ارتفاع الأسعار إلى 194.6%. تليها اليمن قفز لبنان بمعدل التضخم 173.6%  ثمن اليمن بنسبة 40.7%. فليبيا بنسبة 21.1%، ثم الجزائر بمتوسط تضخم سنوي 6.5% في 2021 ، والعراق بنسبة 6.4%.

بلغ متوسط مؤشر الفاو لأسعار الغذاء 125.7 نقطة في 2021 بزيادة قدرها 28.1% عن 2020. وسط توقعات بألا يترك الوباء والظروف المناخية المتزايدة مجالًا كبيرًا للتفاؤل بشأن العودة إلى ظروف سوق أكثر استقرارًا حتى عام 2022″.

بلغ مؤشر الفاو لأسعار الحبوب أعلى مستوى سنوي له منذ عام 2012 وبلغ متوسطه 27.2% مع ارتفاع الذرة 44.1%. والقمح 31.3%، كما وصلت أسعار الزيوت النباتية لأعلى مستوى له على الإطلاق. بزيادة 65.8% عن عام 2020.