قبل عشر سنوات من الآن، وبالتحديد في النصف الأول من عام 2012، كان الإخوان على موعد استثنائي مع المقادير، كانوا على موعد يقين مع ذروة الوصول إلى كل شيء سعوا إليه، والحصول على كل شيء كافحوا لأجله منذ نشأتهم عام 1928 .

لم يلبثوا عند الذروة أكثر من اثني عشر شهرا، بعدها دخلوا في مواجهة ممتدة عبر السنوات العشر الأخيرة، ومازالت المواجهة قائمة سواء داخل مصر أو خارجها .

سواء في 2012م أو في 2022م، سواء في لحظة الصعود الأخير أو في لحظة الهبوط العنيف، فإنهم كانوا ومازالوا جزءا مهما من الواقع، اختلفت مواقعهم في السلطة ومن السلطة، فانتقلوا من الشرعية إلى التوصيف بالإرهابية، وانتقلوا من السيطرة إلى الحظر، وانتقلوا من القصور إلى السجون والمنافي وتحت الأرض، وفي كل الأحوال فإن السنوات العشر الأخيرة -وبغض النظر عن موقعهم- هي سنوات الإخوان من زاويتين: من زاوية وصولهم لأعلى منصب وهو رئاسة مصر، ثم من زاوية اختيارهم لوزير الدفاع الذي حظي برضاهم ثم حل محلهم في رئاسة البلاد وأدار معهم صراعا ممتدا كان ومازال .

السؤال الذي تطرحه هذه المقالة: هل الإخوان لهم مستقبل سياسي؟

والجواب الذي تطرحه هذه المقالة: نعم لهم مستقبل سياسي بشروط، وليس لهم مستقبل سياسي إذا لم تتوفر تلك الشروط .

**********

الإخوان لهم مستقبل بالمعنى القريب، وأقصد بالمعنى القريب أن تتغير الظروف السياسية، وتظهر الحاجة لهم من جديد، سواء مصلحة الحكم أو مصالح إقليمية ودولية، فيتم رفع الحظر عنهم بمقدار الحاجة إليهم، وهم بدورهم يبدأون بالقدر المُتاح ثم يستغلون مهاراتهم الاتصالية والتنظيمية وإمكاناتهم التمويلية في إعادة بناء التنظيم من جديد من الإسكندرية إلى أسوان في أقل مدى زمني ممكن، يساعدهم في ذلك :

– الفراغ السياسي الذي صنعته ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو التي وصلت بمنسوب الديمقراطية إلى نقطة الصفر واحتفظت بمستوى المعارضة كذلك عندى مستوى العدم الكامل .

– المظلومية السياسية التي يتقن الإخوان استخدامها في ترويج مشروعهم وذلك بتجنيد أجيال جديدة تسمع راويتهم وتصدقها وتتعاطف معها وتتبناها دون أن تشك فيها ودون أن تتساءل عن دور الإخوان في صناعة محنتهم بأخطائهم بالدرجة الأولى .

–  العاطفة الدينية لدى عموم المصريين من كافة الطبقات من أعلاها إلى قاعدة السلم الاجتماعي وبصفة خاصة الطبقة الوسطى التى تم ويتم إفقارها في السنوات العشر الأخيرة .

– التهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي تعانيه الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى وخصوصا بين الطلبة والعمال والفلاحين .

– نموذج التنمية الخديوية – نسبة إلى التنمية المشوهة في الربع الثالث من القرن التاسع عشر – الذي تم اتباعه في حقبة ما بعد 30 يونيو 2013م وقد ترك خلفه غضبا كامنا لدى قطاعات واسعة من المصريين.

**********

بهذا المعنى القريب، وارد جدا، أن يعود الإخوان من جديد، وأن يبدأوا من جديد، وأن يستأنفوا مسيرتهم، وأن يصلوا من حبالها ما انقطع، وأن يكسبوا أرضا جديدة بين كافة شرائح المجتمع، ويتضخم التنظيم، ويكونوا القوة الأولى، ثم يكررون أخطاءهم، ثم يندفعون بأقوى سرعة، ويخبطون رؤوسهم بأقرب حائط، ويرتطمون فيها بعنف، حتى يتهشم كل شيء، ويتحطم كل شيء، وتنتهي الدورة التي في الغالب تسستغرق من الزمن ربع قرن أو أقل قليلا أو أكثر قليلا .

– حدث ذلك للمرة الأولى في قترة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية، كان للملك فؤاد ثم فاروق مصلحة في وجودهم من باب أن شعبيتهم المتزايدة تخصم من قوة الوفد خصمهما السياسي العنيد، وكانت للإنجليز فيهم مصلحة من باب أنهم ينحرفون بالقضية الوطنية من طلب الاستقلال وطرد الاحتلال إلى إعادة مجد الإسلام، وكانت لأحزاب الأقلية فيهم مصلحة يمنحونها فرص الانتشار وتمنحهم التأييد، وصل الإخوان إلى ذروة الانتشار، ووصلوا في التوقيت ذاته إلى أول حائط مسدود، وكان من نتائج الارتطام: مقتل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، ثم مقتل مرشد الجماعة، ثم حل الجماعة ذاتها .

– ثم حدث ذلك للمرة الثانية، مع تغير الظروف السياسية، وقيام ثورة 23 يوليو 1952م، وقد كان للثورة مصلحة في وجود الإخوان، فأعادت الشرعية إليهم، وحاكمت خصومهم، وردت الاعتبار إليهم، وألغت وجود كل الأحزاب، واستثنتهم من ذلك، وفي أقل من عامين، انقلبت العلاقة، وتم حل الجماعة، وهو الحظر الذي ظل مستمرا من 1954 إلى 2011م، من جمال عبدالناصر إلى المشير طنطاوي .

ثم حدث ذلك للمرة الثالثة، في الفترة من منتصف السبعينات وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011م، حيث كانت للسادات ومعه السعودية مصلحة في وجودهم من باب مواجهة اليسار ومن باب الردم على إرث عبدالناصر ومن باب الود مع الأمريكان الذين بدورهم كانت لهم مصلحة مع الإخوان في إطار المواجهة مع السوفييت والشيوعيين في العالم الإسلامي.

ثم كانت لكل هذه الأسباب مصلحة لمبارك في وجود الإخوان مُضافا إليها سببا جديدا فقد كان يراهم قوة معتدلة يمكنها أن توازن الجماعات الأحدث الأكثر تطرفا، كما كان له مصلحة أخرى في وجود الإخوان وهي إضفاء المشروعية على مواجهته مع جماعات التطرف الجديدة التى تسيدت أعمال الإرهاب في عقدي الثمانينيات والتسعينيات. في عهد السادات استرد الإخوان وجودهم بعد انقطاع زاد على عشرين عاما، ثم في عهد مبارك ازدهروا كما لم يزدهروا من قبل، وفي عهده تغلغلوا وانتشروا وتمكنوا بما لم يحدث من قبل حتى في سنوات ازدهارهم الأولى خلال العشرين عاما من نشأتهم 1928 حتى مقتل مرشدهم 1849 .

– كان السر في تمكن وتغلغل وانتشار الإخوان في عهد مبارك أنهم أتقنوا دور القوة الإسلامية المعتدلة التربوية الإصلاحية الهادئة، وهذا ساعدهم ليس في مصر وحدها، لكن كذلك في دول الخليج دون استثناء، وقد كانت نتيجة كل ذلك أن راكموا ثروات ضخمة مكنتهم أن يكونوا في وقت واحد: قوة دعوة دينية، وقوة عمل سياسي، وقوة بيزنس ومال واستثمارات في شتى المجالات .

– وكانت الغلطة التي بدأت عندها مسيرة الهبوط ليست الترشح للرئاسة وليست الفشل في الرئاسة وليست المجهودات التي بُذلت لتفشيلهم في الرئاسة وليست ثورة 30 يونيو وليست ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو، لم يكن شيء من ذلك هو النقطة التي بدأت من عندها مسيرة الانحدار، فمسيرة الانحدار بدأت بعد صلاة الجمعة 28 يناير 2011م، عندما تأكد سقوط النظام، وعندما تأكد فراغ السلطة، وعند لمعت أعينهم تحت إغراء السلطة الملقاة على نواصي الميادين وأرصفة الشوارع، في هذه اللحظة أقدم الإخوان على عدة أخطاء نزلت بهم من الذروة ووصلت بهم إلى ما وصلوا إليه:

– الخطأ الأول: العدول عن المنهج الإصلاحي المعتدل الذي تبنوه طوال عهدي مبارك ومن قبله السادات -والذي كان السر وراء بلوغهم الذروة- وإعلان أنفسهم قوة ثورية ظنا منهم وطمعا منهم أن ذلك من شأنه أن يمكنهم من ملء فراغ السلطة الذي أنجزته ثورة 25 يناير 2011 في المائة ساعة الأولي من الثلاثاء 25 حتى مساء الجمعة 28 يناير 2011 .

الخطأ الثاني: أنهم قرروا -بوعي أو بغير وعي-  بعد ثورة 25 يناير 2011 أن يكرروا الخطأ القديم الذي ارتكبوه بعد ثورة 23 يوليو 1952، وهذا الخطأ هو إدارة الظهر للشركاء المدنيين والتحالف مع العسكريين، وقد كرر العسكريون العواجيز بعد 25 يناير مع الإخوان التكتيكات نفسها التي سبق واستخدمها العسكريون الشبان بعد 23 يوليو، تم استخدام الإخوان في المرتين للقضاء على الخصوم والمنافسين، ثم الالتفات للإخوان والقضاء عليهم بعد أن يكونوا قد أدوا الغرض وانتفت المصلحة من بقائهم، هكذا فعل الضباط الأحرار عام 1954 ثم هكذا فعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عام 2013 .

الخطأ الثالث: الأسلوب الذي اتبعوه في إدارة الأزمة في 30 يونيو، فقد استندوا إلى مفهوم نظري هو الشرعية، وغفلوا عن واقع عملي وهو أن القوة التصويتية -وهي حقيقية وليست مزورة- التي جاءت بهم للرئاسة تكفي وحدها لاستمرارهم فيها ولو تحركت ضدهم قوى كثيرة ذات مصالح وذات مطامع وذات تأثير وذات نفوذ سواء داخل دولاب الدولة أو بين كافة شرائح المجتمع. القوة التصويتية كانت مهة ليصلوا للرئاسة، لكن قوى المصالح والمطامع والنفوذ والتأثير كانت أيضا مهمة حتى يستمروا في الرئاسة، وهذه القوى كانت تحتاج تكتيكات مختلفة في التعامل معها، لم تتوفر هذه التكتيكات للإخوان لسبب بسيط، فقد جاءوا للرئاسة على عجلة من أمرهم دون استعداد ذهني ودون تأهيل سياسي .

الخطأ الرابع: أنهم اعتبروا الرئاسة كل شيء، وقرروا أن يضحوا في سبيلها بكل شيء، وكان من الممكن -بعقلية سياسية وروح حكيمة- القبول بخسارة الرئاسة والاحتفاظ بكل ما دون ذلك وهو كثير، لو توفرت للإخوان قيادة تملك مثل هذه الحسابات لكان من الممكن أن يكون التاريخ قد تحرك في مسار مختلف تماما، خسارة قليلة، والاحتفاظ بكل ما أنجزوه في تاريخهم، والتريث لظروف أفضل .

الخطأ الخامس: أنهم بدل أن يتمهلوا ويعالجوا ما لحق بهم من أضرار جسيمة مادية ومعنوية انخرطوا في معركة ممتدة مع النظام الجديد في حرب استئصال جديدة فُرضت عليها وفرضوها على أنفسهم، فخرجوا من إسقاط مبارك، إلى إسقاطهم، إلى محاولتهم إسقاط خصومهم .

باختصار شديد: تكرار ازدهار ثم انكسار الإخوان دورة تاريخية ممكنة طالما بقيت الظروف تسمح بذلك، وهو نوع من الإجهاض التاريخي المتكرر، حيث يحدث الحمل ثم يسقط قبل الولادة أو يسقط – كما حدث في 2013 – بعدها بقليل.

**********

الذروة الفعلية لصعود الإخوان كانت  في عهد مبارك، وصعودهم للرئاسة بعده كان كاشفا لهذا الصعود وليس منشئا ولا مُنتجا له، بالعكس، كان الصعود للرئاسة بداية الانحدار حتى لو لم يحدث ما حدث، وحتى لو أكملوا فترتهم، وذلك لسبب جوهري: الإخوان هم أبناء القرن العشرين، استنفذوه واستنفذهم، واستهلكوه واستهلكهم، وقد فاتهم ورحل، وظلوا هم، مثلما كان  مبارك الذي ازدهروا في عهدة، حمولة زائدة على عاتق الزمن، وفائضا من فوائض التاريخ، وبقية من بواقي القرن العشرين ومخلفاته وأطلاله، يستوي في ذلك الإخوان، مع مبارك، مع حكم ما بعد 30 يونيو، مع كافة أشكال المعارضة القديمة بما فيها الوفد ومختلف قوى وفصائل اليسار .

يظل الإخوان معلما بارزا من معالم القرن العشرين، فبعد سنوات معدودة من ثورة 1919 كانت نشأتهم، وبعد سنوات معدودة من ثورة 25 يناير 2011 كانت نهايتهم، التي ربما تكون مؤقتة أي تكون نهاية لمرحلة من مراحل تاريخهم، وربما تكون نهاية دائمة حيث يشقون طريقهم إلى الاضمحلال التدريجي .

موقع الإخوان من القرن العشرين كان محوريا سواء نظرت إليه من زاوية محلية أو من زاوية إقليمية أو من زاوية عالمية .

1- من الزاوية المحلية كان الإخوان ردا جاء به القرن العشرون، على ما أصاب مصر من تغريب وأوربة واستعمار في القرن التاسع عشر.. كانت لدى محمد علي باشا المقدرة التي تمكنه من الاستفادة من أوروبا واللعب على تناقضات قواها المتنافسة والمتصارعة وفي الوقت ذاته يحمي استقلاله بمصر قدر المستطاع، هذه المواهب لم تتوفر لخلفائه من أنجاله وأحفاده، فانفتحت أبواب مصر أمام الأوربيين، يهاجرون إليها، ويقيمون فيها، ويسيطرون على اقتصادها، ويبشرون بمذاهبهم الدينية، ويسيطرون على صناعة القرار السياسي، حتى تحولت -بالفعل- إلى مستعمرة أوروبية في عهدي كل من سعيد وإسماعيل أي على مدى ربع قرن من 1854 إلى ، ثم تحولت إلى مستعمرة بريطانية بعد ذلك فقط بثلاث سنوات، ويذكر الدكتور محمد حسين هيكل في رسالته للدكتوراة في الاقتصاد حول ( ديون مصر العامة ) من جامعة السوربون بفرنسا عام 1912 أن سكان مصر في ذاك الوقت كانوا اثني عشر مليونا منهم خمسة ملايين من الأوروبيين، وبالطبع فرضوا ثقافتهم وقيمهم وعاداتهم وأخلاقهم مثلما فرضوا كلمتهم السياسية وخدموا مصالحهم الإقتصادية.  كان الإخوان جزءا من حالة دينية بزغت في نهاية القرن التاسع عشر مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ثم في مطلع القرن العشرين حيث ظهرت الجمعية الشرعية 1912، ثم جماعة أنصار السنة المحمدية 1926م ثم الإخوان المسلمون ثم تكاثرت الجماعات ما بين معتدلة ومتطرفة حتى زحمت المجال العام  واكتظت حياة المصريين بتخمة دينية لا ضرورة لها وإلى حالة من التشبع الزائد عن الحد بدأ يؤتي ثماره السلبية في تزهيد الناس فيها جميعا، فما بدأ في أول القرن ضرورة أصبح في نهايته زيادة لا لزوم لها .

2 – من الزاوية الإقليمية كان الإخوان جزءا من مطامح الإسلامية السياسية الطامحة للحكم، ففي العالم السني اكتمل المشروع الوهابي في الدولة السعودية الثالثة، وفي العالم الشيعي نجحت نظرية ولاية الفقيه في تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، وفي جنوب وادي النيل قام نظام إسلامي -ذو جذور إخوانية- في السودان، ومن هذه التجارب وغيرها ثبت للشعوب أن فكرة الحكم الإسلامي ليست أكثر من حلم لذيذ في الخيال يتحول إلى كابوس مرير في الواقع .

3 – من الزاوية الدولية، نشأ الإخوان بعد سنوات معدودة من الثورة الشيوعية في روسيا 1917م وبداية الصراع الشيوعي – الرأسمالي، وكان الإخوان ومازالوا يُنظر إليهم بعيون الارتياح من القوى الغربية، سواء الإنجليز حين كانت الكلمة في الشرق الأوسط لهم، ثم الأمريكان من بعدهم، وقد أثبت الإخوان جدارة في هذا الصراع الدولي حيث اصطفوا مع الأنطمة المحافظة ضد ما كان يعرف بالأنظمة التقدمية، فقد انحازوا -باختصار شديد- إلى المعسكر الغربي ضد المعسكر الشرقي، وكان الإخوان وقود الحروب ضد الشيوعيين في اليمن ثم في أفغانستان.

**********

صحيح أن الإخوان فازوا بالأغلبية في الرئاسة، وأستبعد شبهات التزوير، لأنهم لم يديروا الانتخابات، إنما أدارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة .

لكن الصحيح كذلك، أن صناديق الانتخابات سبقتها ثلاثة تفاهمات:

1- تفاهم بين الأمريكان والإخوان .

2 – تفاهم بين الأمريكان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان مكلفا بإدارة شؤون البلاد .

3 – تفاهم بين الجيش والإخوان .

بموجب هذه التفاهمات لم يمانع الأمريكان في أن يحكم الإخوان مصر، ولم يمانع الجيش من ترشحهم ولا من فوزهم، لكن هذه التفاهمات ضمنت لهم الوصول فقط،  ولم تضمن لهم الاستمرار، ولم تضمن لهم البقاء، ولم تضمن لهم الخروج الآمن، ولم تضمن لهم العودة إلى المشهد من جديد .

**********

العودة بالعنى القريب للعودة، أي العودة في إطار دورات الإجهاض المتكرر الواردة جدا، فكل ما تفعله ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو هو إبقاء موقع الإخوان شاغرا، فهي تخلق فراغا مهولا ييسر لهم مهمتهم، في حال تغيرت الظروف، وفي حال تغيرت التحالفات، وفي حال عودتهم لاستئناف نشاطهم في أجل قريب أو بعيد، لكنهم -بكل يقين- سيعودوا كما كانوا بقية من بواقي القرن العشرين ومجرد فائض من فوائضه ومخلفات مهمة من مخلفاته الكثيرة.

العودة ثم الانتشار ثم الازدهار ثم السيطرة ثم الانكسار ثم الانحدار سهلة جدا، وحصلت قبل ذلك، ومن الوارد أن تحصل من جديد، مع تغير الظروف وتغير التحالفات، لكنها تظل عودة مآلها هو الإجهاض الحتمي .

**********

السؤال: لماذا الإجهاض المتكرر حتمي في المستقبل مثلما كان حتميا في الماضي؟

ثم كيف يمكن تفاديه لتكون العودة دائمة لا تنتهي بإجهاض جديد؟

الجواب: في مقال الأربعاء المقبل بمشيئة الله تعالى.