أعلنت هيئة التأمين الصحي مؤخراً حزمة تعزيزية محفزة من الخدمات الطبية المقدمة بالمنظومة الجديدة. والتي طبقت في ثلاث محافظات ويجري تطبيقها في محافظتين حاليا -الإسماعيلية وأسوان.

ورفعت الهيئة عدد الخدمات الطبية المدرجة من 1500 إلى 2850 خدمة. منها خدمات الأسنان والتخاطب والأجهزة التعويضية والسمعية والبصرية وبعض الجراحات كزراعة الأعضاء وجراحات الأورام خلال الـ6 أشهر المقبلة.

وتعاني المنظومة الجديدة نقصا ببعض التخصصات الهامة. منها الصدر والحميات وبعض أنواع الرعاية والأشعة.

وتعتمد المنظومة الجديدة على تقديم الخدمات الطبية عبر نظام التعاقد مع مقدمي الخدمة بالقطاعين الخاص والحكومي.

وتحدد اللائحة التنفيذية لقانون التأمين الصحي الشامل والصادرة بالقرار رقم 909 لسنة 2018 اختصاصات لجنة تسعير الخدمات والمنشأة بهيئة التأمين الصحي الشامل.

وتمنح اللائحة صلاحية وضع أسعار الخدمات الصحية على كافة مستوياتها الثلاثة. تكون أساسا للتعاقد بين الهيئة ومقدمي الخدمة المعتمدين من القطاعين الحكومي والخاص. يراعى فيهـا حجم التفاوت في المدخلات المختلفة للمنشآت الصحية. سواء حجم الاستثمارات أو القوى البشرية أو الخدمات المقدمة. فضلا عن تحديث قوائم الأسعار دوريا بما يراعي حجم التضخم السنوي وتكلفة الخدمة الصحية وجودتها. وذلك طبقا لمتغيرات السوق المصرفية. كما تراعي اللجنة أن يحقق سعر شراء الخدمة هامش ربح عادلا لمقدم الخدمة. وذلك وفقا للقواعد التي تقرها اللجنة وتدعم السياسة التسعيرية للهيئة التنافسية بين مقدمي الخدمة.

مدة تطبيق نظام التأمين الصحي الجديد

يستغرق تطبيق النظام الجديد للتأمين الصحي مدة زمنية تصل إلى 15 عاما. وتمهد الحكومة خلال هذه الفترة لإدراج وضم جميع الفئات المؤمّن عليها وغير المؤمن عليها من أصحاب المهن والأعمال الحرة والعمالة غير النتظمة. وكذا إلى غلق العيادات الخاصة للأطباء والصيدليات وإدراجها داخل المنظومة الجديدة “إجباريا” ليكون التعامل الصحي عبر المؤسسات العلاجية فقط -مستشفيات.

وقد لاقى هذا النظام اعتراض نقابة الأطباء عند صدور القانون فيما يتعلق بملكية المستشفيات. إذ حذرت النقابة من شراء شركات متعددة الجنسية مستشفيات خاصة وسيطرتها على المنظومة الصحية في مصر. وقالت إن ذلك “سوف يشكل خطرًا كبيرًا”. وهو ما حدث بالفعل موخراً. حيث استحوذت إحدى الدول العربية التي لها استثمارات بالمجال الطبي في مصر على عدد كبير من المستشفيات الخاصة. وذلك تمهيدا لإدراجها في النظام الجديد للتأمين الصحي.

ومن ضمن المآخذ على النظام الجديد أنه يطلب من المواطن أن يدفع مصاريف تصل إلى 10% على رسوم التحاليل والأدوية عند حاجته إلى الخدمة الطبية. رغم دفعه اشتراكًا شهريا من دخله لصالح التأمين الصحي.

أيضا تعريف فئة “غير القادرين” في القانون بأنهم: “الأسر التي يتم تحديدها بمعرفة لجنة مشكّلة من وزارتي التضامن الاجتماعي والمالية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لوضع معايير وعناصر الاستهداف المتّبعة فى هذا الشأن”. واسترشادًا في قيمة الاشتراك بالحد الأدنى للأجور. والذي يعتبره البعض “مجحفا” لفئة العاملين. خاصة في ظل سياسة الحكومة في رفع الدعم عن الكهرباء والمياه والوقود والتضخم وزيادة الأسعار.

تكلفة الخدمة في “التأمين الصحي الجديد”

الدكتور محمد حسن خليل -الخبير الصحي والنقابي- كشف أن نظام التأمين الصحي الجديد يقوم على أساس فصل التمويل عن الخدمة. ما يعني أنها ستكون مقابل قيمة ما تحصله الهيئة من اشتراكات الأعضاء. فإذا كانت أقل من تكلفة الخدمة للهيئة حق رفع قيمة الاشتراك كل ثلاث سنوات.

وأشار “خليل” إلي أن القانون القديم رقم 79 لسنة 1975 الذي ما زال يعمل ببعض المحافظات، التي لم يتم ضمها للنظام الجديد، ينص على أن الهيئة “جهة غير ربحية وتقدم الخدمة بسعر التكلفة”. مبينا أن الجهات الحكومية التي كانت تتعاقد معها الهيئة تحصل منها على الخدمة بسعر التكلفة.

ولفت “خليل” إلى أن القانون الجديد رقم 2 لسنة 2018 يقوم على تحديد هامش ربح للمؤسسات العلاجية. ما فتح الباب للاستثمار في صحة المواطن وتحميل المشترك أعباء إضافية مقابل علاجه. حيث ستخضع الخدمة لمتطلبات السوق وما يحقق مصالح المستشفيات.

وقال “خليل” لـ”مصر 360″: “رغم أن القانون الجديد ينص على أن يكون نظام التأمين الصحي اجتماعيا شاملا مستمدا من قاعدة بيانات الرقم القومي وحتى للمواليد والأطفال، فالواقع يكشف عكس ذلك في المحافظات التي طبق بها مثل محافظة بورسعيد وجنوب سيناء والأقصر. فحتي الآن لم يخضع له إلا فئة الموظفين فقط. أما باقي الفئات من أصحاب الأعمال والمهن الحرة والعمالة غير المنتظمة والقطاع غير الرسمي فالنظام الجديد اختياري بالنسبة لهم”.

التأمين الصحي الجديد والتسرب من التعليم

وأشار إلى وجود “غُبن وقصور سيقع على العمالة غير المنظمة وأصحاب المهن والأعمال الحرة في تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد بالاشتراك كل ثلاث أشهر”. حيث يعطي القانون حق وقف الخدمة حال عدم تسديد المواطن الاشتراكات. كما يعطي أيضا القانون منع الموطن المشترك وغير المسدد من التعامل مع الجهات الرسمية، و”من ضمنها المدارس”.

واستكمل أن طلاب المدارس من سن 6 سنوات حتى 18 سيدرجون ضمن هذا النظام الجديد. لذا ستتحمل الأسرة تكلفة العلاج، وبالتالي يعطي للهيئة الحق في طرد أبنائهم من المدارس حال عدم تسديدهم الاشتراكات  كل ثلاث أشهر. مما يهدد بزيادة نسبة التسرب من التعليم.

زيادة الروتين في التأمين الصحي الشامل

رغم تطوير المستشفيات وتجهيزها بالمحافظات الثلاثة المطبق بها حاليا نظام التأمين الشامل. فالخدمة الطبية لم تتحسن. إذ يخضع المتعاملون مع النظام الجديد لسلسلة إجراءات معقدة. تبدأ من ذهاب المريض إلى الوحدة الصحية التابع لها ووقوفه في طابور طويل للحجز في اليوم التالي للكشف. ثم يقوم طبيب الوحدة بتحويله لأحد المستشفيات التي يختارها. والتي تقوم بدورها بتحديد معاد للكشف خلال أيام. وإذا احتاج إلى أشعة أو تحاليل يقوم بتحويله إلى أحد المستشفيات التي بها هذه الأشعة.

يروي حسين عبد اللطيف -من العاملين بشركة القناة لتوزيع الكهرباء ببورسعيد- بعض المعوقات في النظام الجديد للتأمين الصحي. بدءا من الأجهزة “العطلانة” ومشكلات في سستم الكشف والحجز. مثلا عند الحجز لمريض للكشف يعطي له معاد من أسبوع فأكثر. وإذا احتاج إلى إشاعات وتحاليل يعطي له موعدا آخر بعده لدى طبيب آخر: “معظم المرضى بتموت قبل ما ييجي دورها في الكشف”.

https://www.youtube.com/watch?v=ZcQVAAu7p8Y

حلم تحسين الخدمة

هاني كمال -عضو مجلس إدارة شركة بورسعيد للحاويات وأحد الخاضعين مع أسرته للمنظومة الجديدة للتأمين. وصف المنظومة بأنها “شكلية”. وقال لـ”مصر 360″ إنه تم تطوير الأبنية ولم يتم تحسين الخدمة. بل زادت سوءا بسبب طول الإجراءات التي ترهق المريض فلا يستفيد منها. بل يهرب منها للعيادات الخاصة في الحالات العاجلة.

وذكر أن محافظة بورسعيد بها 4 مستشفيات عامة. هي (النصر والزهور والسلام وبورفؤاد). تم تطويرها وإدراجها للعمل بالتأمين الصحي الشامل. لكن لا يوجد بها جهاز أشعة مقطعية باستثناء مستشفى النصر الذي يتم تحويل الأشعة المقطعية إليه من المدن الأخرى.

وذكر أنه تم استثناء مستشفيات هامة من نظام التأمين الجديد. مثل مستشفى الحميات والصدر. فأي مريض يحتاج إلى هذه التخصصات يتم التعامل معها خارج النظام التأميني. ما يبين أن النظام التأميني “ليس شاملا وبه عيوب وقصور والفرق بينه وبين القديم حجم الاستقطاعات الكبيرة من المرتبات”.

وأشار إلى أنه يتم خصم نحو 700 جنيه من راتبه في النظام الجديد. كما يتم استقطاع 4% من صافي ربح مؤسسات العمل لصالح نظام التأمين الصحي طبقا للقانون -رغم تدني الخدمة.

يؤكد “كمال” أن أي خدمة طبية يحتاج إليها لا توجد بهذه المستشفيات. فإذا احتاج إلى تخصص نادر يتم تحويله خارج المحافظة ليتحمل النظام التأميني قيمة 10% فقط وباقي التكلفة على المريض.

وأكد أنه رغم تطبيق نظام التأمين الصحي في المحافظة من عامين فلا تزال العيادات الخاصة للأطباء تعمل بكامل طاقتها. كذلك المستشفيات الخاصة لم يتم غلقها وإخضاع الجميع للنظام الجديد.

تحركات برلمانية

يذكر أن قانون التأمين الصحي الشامل تم تمريره في مجلس النواب بعد 37 يومًا من مناقشته وذلك منذ قدومه من الحكومة إلى لجنة الصحة بالبرلمان في الدورة السابقة في 2017. وأُقرّ القانون في 18 ديسمبر خلال جلستين فقط. ما لم يسمح بعقد حوار مجتمعي حوله. وأسفر الاستعجال عن إدخال ملاحظات طفيفة غير جوهرية على القانون وقتها.

ولم تتمكن لجنة الصحة بالبرلمان من عمل دراسة اكتوارية لتقدير المخاطر المحتملة ماليا وصحيا عن النظام الجديد.

النائب أحمد فرغلي -عضو مجس النواب- تقدم مع 60 نائبا بطلب إحاطة في شهر نوفمبر الماضي لتعديل قانون التأمين الصحي الشامل. ونص مشروع التعديل في مادتين منه على ضم مستشفيات الصدر والحميات لمنظومة التأمين الشامل. لأن هذه المستشفيات تقدم خدمات علاجية وليست وقائية فقط. وهو ما كشفته جائحة كورونا.

ومَن يتلقى هذه الخدمات العلاجية ممول ومشترك بدفع الاشتراكات المقررة وفقاً لأحكام هذا القانون. والتى تحوّل للصرف على المنظومة، لذا فهو من مستحقي الخدمة ضمن منظومة التأمين الشامل. كما تعد معظم الأمراض الصدرية ضمن الأمراض العلاجية المزمنة وبعض أمراض الحميات.

وأشار طلب الإحاطة إلى تبعية مستشفيات الحميات من قطاع الشؤون الوقائية إلى قطاع الرعاية العلاجية بوزارة الصحة طبقا لقرار وزيرة الصحة رقم (201) لسنة 2020.

تعديلات على القانون

وطالبت مذكرة التعديل بتغيير النص رقم 2 من المادة 22، والتي تحدد اختصاصات هيئة الرعاية -الأصول العلاجية ومنافذ تقديم الخدمة التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي ومنافذ تقديم الخدمة التابعة لوزارة الصحة- بتأهيل هذه الأصول وفقا لمعايير الجودة والاعتماد خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أعوام من تاريخ دخول المحافظة الواقعة بها المنشأة نطاق تطبيق القانون.

وطالبت المذكرة أيضا بأن تحل هيئة الرعاية محل الهيئة العامة للتأمين الصحي والجهات المشار إليها قانونا في كل ما لها وما عليها فيما يتعلق بتلك الأصول.

ويتم نقل العاملين بكل من الهيئة العامة للتأمين الصحي والجهات التابعة لوزارة الصحة من شاغلي الوظائف المرتبطة بمجال عمل هيئة الرعاية في نطاق المحافظات التي يتم تطبيق القانون بها للعمل بهيئة الرعاية. وفي جميع الأحوال يحتفظ العاملون المنقولون إلى هيئة الرعاية بدرجاتهم المالية والمزايا الوظيفية التي يتمتعون بها في جهات عملهم كحد أدنى. وذلك كله طبقا لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

وقال النائب أحمد فرغلي -عن دائرة بورسعيد-: “وزير الاتصالات أكد ميكنة منظومة التأمين الصحي الشامل في بورسعيد بنسبة 100%. الأمر الذي لم يحدث وعطل وصول الخدمة للمريض. بالإضافة إلى عدم ميكنة كارت التأمين الصحي للمستفيدين. وما زال التعامل بالكارت الورقي”.

وأضاف “فرغلي” أنه لم يتم ربط هيئة الرعاية بهيئة التأمين الصحي حتى الآن. بل يتم إرسال فواتير العلاج يدويا. ولم يتم الربط أيضا بين الهيئة ومصلحة الأحوال المدنية وهيئة التأمينات الاجتماعية والمعاشات. ما يعطل إجراءات الفحص والكشف للمرضى.

قيمة الاشتراك في التأمين الصحي الشامل

وفيما يخص جداول الاشتراكات حدّد مشروع قانون التأمين الصحي الشامل اشتراكات العاملين المؤمّن عليهم. وهم الخاضعون لقانون التأمين الصحي رقم 79 لسنة 1975 بنسبة 1% من أجر الاشتراك و3% عن الزوجة غير العاملة أو التي ليس لها دخل ثابت. و1% عن كل مُعالٍ أو ابن.

ويكون الاشتراك 5% من الأجر وفقًا للإقرار الضريبي أو الحد الأقصى للأجر التأميني -أيهما أكبر. وذلك بالنسبة للمؤمّن عليهم ومن في حكم الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي رقم 108 لسنة 1976 وأعضاء المهن الحرة (من غير الخاضعين للقانونيْن السابقين). والمصريين العاملين بالخارج.

قيمة اشتراكات التأمين الشامل
قيمة اشتراكات التأمين الشامل

وينص مشروع القانون على أن يكون الاشتراك 5% من الأجر التأميني فقط. بحيث لا يزيد مجموع ما يسدده الفرد عن كل الأسرة على 7%. وتتحمل الخزانة العامة فرق التكلفة. وذلك فيما يتعلق بالعمالة الخاضعة لقانون نظام التأمين الاجتماعي الشامل رقم 112 لسنة 1980.

وفيما يتعلق بالأرامل ومستحقي المعاشات. يكون الاشتراك 2% من قيمة المعاش الشهري. و2% كذلك من قيمة المعاش الشهري فيما يتعلق بأصحاب المعاشات. و3% عن الزوجة غير العاملة أو التي ليس لها دخل ثابت و1% عن كل مُعالٍ أو ابن.

ونص مشروع القانون على تحصيل اشتراك 4% (3% تأمين مرض+1% إصابات عمل) نظير خدمات تأمين المرض والعلاج وإصابات العمل بحد أدنى 50 جنيهًا شهريًا.