“الدولة لا تدخر جهداً في سبيل دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير أفضل سبل العناية بهم. سواء من حيث العمل على تنمية مهاراتهم. وتوفير الخدمات التدريبية والتأهيلية لهم. تطبيقاً لمبادئ تكافؤ الفرص والمساواة وعدم التمييز”.

بعد 3 سنوات على تلك الوعود التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفالية عام ذوي القدرات الخاصة. أعلنت جامعة القاهرة افتتاح “مركز خدمات ودعم ذوي الإعاقة”. فما الجديد الذي يقدمه هذا المركز؟ وهل يحقق طموح أبناء ذوي القدرات الخاصة داخل الجامعة؟.. وهل كان للمجلس القومي لذوي الإعاقة إسهام في هذا الأمر.

مركز ذوي الاحتياجات بتمويل أمريكي

ووفقا لما أعلنته جامعة القاهرة، فإن المركز تم إنشاؤه بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وهى إحدى الجهات المشرفة على تنفيذ المشروعات الممولة من المعونة الأمريكية لمصر. وكذلك منظمة “أمديست” وهي منظمة غير ربحية أمريكية بارزة تأسست عام 1951 وتُعنى بأنشطة التعليم والتدريب والتطوير الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وذلك بالتعاون مع منظمة “حلم” إحدى أهم المنظمات الحقوقية المصرية المعنية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر. فضلا عن أنها شريك مع جهات حكومية وغير حكومية في العديد من المبادرات والمشاريع المتعلقة بتلك الفئة.

وكان المركز قد افتتحه الدكتور محمد عثمان الخشت -رئيس جامعة القاهرة- وممثلو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يوم الأربعاء 19 يناير تحت شعار “جامعة متاحة كليًا”. تحقق مبدأ الدمج وتكافؤ الفرص للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. وذلك بعد الانتهاء من إعداد المكان الملائم له ووضع اللوائح المنظمة لعمله.

إلزام قانوني تجاه ذوي الاحتياجات

تأتي تلك الخطوة داخل الجامعات المصرية في ظل إلزام قانوني للعمل على الدمج الكامل لذوي القدرات الخاصة داخل الجامعات. وذلك بعد صدور قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم ۱۰ لسنة ۲۰۱۸ من مجلس النواب المصري. ولائحته التفيذية الصادرة من مجلس الوزراء. والذي ألزم الجهات الحكومية وغير الحكومية بإتاحة الخدمات والمعلومات للأشخاص ذوي القدرات الخاصة واتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة لمساعدتهم على التعليم والتدريب والإعداد والتأهيل المهني والتوظيف.

وتنص المادة (١١) من القانون بأن تلتزم مؤسسات التعليم الحكومية وغير الحكومية بمختلف أنواعها بتطبيق مبدأ المساواة بين الأشخاص ذوي الاحتياجات وغيرهم، ويجب على هذه المؤسسات التزام قواعد وسياسات الدمج التعليمي لذوي القدرات الخاصة، وتوفير فرص تعليمية متكافئة مناسبة لجميع أنواع الإعاقة ودرجاتها.

وجاء في نص المادة: “ويجب أن تتضمن مناهج التعليم في جميع المراحل مفاهيم الإعاقة والتوعية والتثقيف باحتياجات وأحوال الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم، وسبل التعامل معهم. ويحظر حرمان أي منهم من التعليم بمختلف مراحله أو رفض قبوله للالتحاق بالمؤسسات التعليمية بسبب الإعاقة”.

ضمان استمرار الحقوق ضمن أهداف ومهام المركز

ووفقا لما أعلنته جامعة القاهرة، فإن الهدف الأساسي من المركز هو العمل على إستمرارية المتابعة لضمان استفادة ذوي الاحتياجات الخاصة من التمتع بحقوقهم المنصوص عليها بالقانون. وذلك عبر تفعيل دور المركز كوحدة تدريبية خدمية في تقديم الخدمات الاستشارية والتدريبية للمجتمع الجامعي وغير الجامعي. وكذلك التنسيق بين إدارات الجامعة العاملة بذات المجال والكليات لدعم الخدمات للطلاب من ذوي الإعاقة.

وتضمنت الأهداف المعلنة للمركز، توفير الخدمات التدريبية الخاصة بذوي الإعاقة، مع العمل على تذليل العقبات الخاصة بالتواصل مع الطلاب ذوي الإعاقة داخل الجامعة، مع العمل على تهيئة ذوي الإعاقة لتناسب احتياجات سوق العمل. فيما تضمنت المهام الخاصة بالمركز مراجعة وتطوير الخدمات المقدمة داخل الجامعة. فضلا عن توفير الكوادر البشرية المتخصصة للعمل في المجالات المطلوبة. وكذلك تحديد الفئات المستفيدة للخدمات من الطلاب ذوي الإعاقة.

ومن المنتظر أن يعلن المركز قريبا عن تصميم موقع إلكتروني له بجانب وسائل التواصل الاجتماعي. وأيضا العمل على تحديث قواعد البيانات الخاصة بالطلاب ذوي الإعاقة. بالإضافة إلى توفير المقررات التعليمية للطلاب بما يتناسب مع نموذج التصميم الشامل (Universal Design).

مركز ذوي الاحتياجات.. الخامس على مستوى الجمهورية

الدكتورة جيهان المنياوي -عميدة كلية العلاج الطبيعي والمشرفة على المركز- قالت إن المركز هو رقم 5 على مستوى الجامعات المصرية الحكومية. ولكن جامعة القاهرة كانت سباقة في العديد من الخطوات لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. “فنحن جامعة عميد الأدب العربي طه حسين”.

وعن الإضافة الجديدة التي سيمثلها المركز لما يقدمه من خدمات ودعم لذوي الإعاقة. أوضحت المنياوي لـ”مصر 360″ أن المركز أساسا مكان لكافة الخدمات التي تقدم إلى أبنائنا من ذوي القدرات الخاصة. ويعمل كحلقة وصل وتسهيل لمعرفة الطلاب بحقوقهم وكيفية الحصول عليها. وكذا تذليل العقبات التى يمكن أن تواجههم في هذا الشأن.

وتتابع: “نحن في الجامعة لدينا خدمات مركزية لذوي الإعاقة، مثل قاعة طه حسين في المكتبة المركزية، وإدارة الإرادة والتحدي في الإنشطة الطلابية، مع مسؤولي التكافل في شؤون الطلبة. وذلك غير الخدمات المتوفرة في كل كلية وفقا لطبيعة الكلية ودمج طلابيها من ذوي الإعاقة، وبالطبع سيكون هناك مهام أخرى للمركز بجانب التنسيق لأبنائنا للحصول على الخدمات الموجودة بالفعل”.

تضيف: “سنسعى لتحقيق الأهداف التي تم وضعها للمركز والتي تأتي ضمن أولوية الجامعة في تنفيذ ما جاء في قانون الإعاقة الصادر 2018. والذي يعكس مدى اهتمام الدولة بهذه الفئة وتلبية لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي لمجموعة كبيرة من أبناء مصر”.

“المركز سيعمل على ضمان الدمج الكامل للطلبة ذوي الإعاقة داخل الجامعة، والإتاحة التامة للحصول على التعليم مهما كان نوع الإعاقة. ومثالا توفير محاضرات مسموعة وكتب برايل وبرامج لاستخدام الكومبيوتر للمكفوفين. وكذلك توفير محاضرات بلغة الإشارة وتدريب أساتذة الجامعة وموظفي الجامعة على لغة الإشارة. خصوصا الذين يعملون في مساحة تعامل مباشر مع أبنائنا من الصم والبكم. وكذلك سيعمل المركز على تأهيل ذوي الإعاقة لسوق العمل وفقا لما يناسب دراستهم وطبيعة إعاقتهم”.

توسع في الكليات المتاحة لذوي الاحتياجات

الدكتور محمد عثمان الخشت -رئيس جامعة القاهرة- قال في كلمته أثناء افتتاح المركز: “إنشاء المركز يأتي في إطار حرص الجامعة على رعاية أبنائها وبناتها من ذوي الإعاقة وإنشاء مركز لهم يجمع كل الأنشطة والفعاليات التي تقدمها الجامعة. ويذلل العقبات التي تواجههم داخل المجتمع الجامعي وخارجه، لتحقيق مبدأ التكافؤ بين الطلاب، وإتاحة جميع المقررات الدراسية بشكل يسمح بالدمج بين طلاب الجامعة لخلق فرص متساوية داخل سوق العمل”.

يضف “الخشت”: “مركز ذوي الإعاقة يأتي تتويجا لجهود عديدة تمت بجامعة القاهرة لدعم طلابها. فالجامعة أتاحت الآن الفرصة أمام أي طلاب ذوي الإعاقة للالتحاق بأي كلية بها لا تتعارض مع إعاقتهم. طالما استوفوا شروط الالتحاق. وهو عكس ما كان يتم اتباعه سابقا من حيث اقتصار قبول الطلاب ذوي الإعاقة ببعض الكليات”.

وتابع: “في ظل حرص الجامعة على مسايرة منظومة التعليم الإلكتروني، تم توزيع تابلت على الطلاب من ذوي الإعاقة، هذا بجانب تعليمهم لغة الإشارة، واستخدام طريقة برايل وتوفير المحاضرات المسموعة المكفوفين”.

“القومي للإعاقة”: تم دون التعاون معنا

وعن موقف المركز القومي لذوي الإعاقة من المركز الجديد بجامعة القاهرة. تقول الدكتورة إيمان كريم -المشرف العام للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة- إن هناك بالفعل بروتوكولا بين المجلس ووزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات والتنسيق مع وزارة التعليم. وذلك من أجل التعاون في إنشاء مراكز تميز للطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة. ولكن الواقع أن مركز جامعة القاهرة “تم دون التعاون معنا”.

تضيف الدكتورة “إيمان” لـ”مصر 360″ أن المركز هو بالأساس جهة استشارية وليس تنفيذية. ومن الطبيعي أن نكون شركاء مع كافة الجهات الرسمية والأهلية العاملة على تمكين ذوي الاحتياجات وتذليل العقبات أمامهم. خصوصا أننا نمتلك الرؤية الواقعية لاحتياجات تلك الفئة والوجه الأمثل لتحقيق ذلك.

وعن موقفها عموما من إنشاء المركز توضح أن هذه المراكز لدعم الطلاب ذوى الاحتياجات. وهي إحدى الوسائل لتحقيق الدمج والتمكين لتلك الفئة. وذلك كونها داخل الجامعة وتيسر العملية التعليمية وحل المشكلات والتوعية وغيرها من التحديات. مشيرة إلى أن المجلس عقد بالفعل اتفاقية مع بعض الجامعات بهذا الشأن ومنها جامعة مصر. وذلك بهدف التعاون المشترك في مختلف المجالات لتوفير سبل الإتاحة المكانية والتكنولوجية لذوي الاحتياجات داخل الجامعة وغيرها من المجالات الأخرى.