يعود منتخب مصر الأول لملاقاة نظيره كوت ديفوار بعد 14 عامًا منذ اللقاء الأخير بينهما عام 2008. في كأس الأمم الأفريقية التي أقيمت بغانا وتوج بلقبها منتخب الفراعنة، ليتجدد الصراع أمام الأفيال من جديد على أرض الكاميرون في النسخة رقم 33 من الكان ضمن دور الـ 16. وتنتظر القارة السمراء نتيجة هذا السباق الشرس بين اثنين من المرشحين للتتويج باللقب القاري.

ولم يقدم المنتخب المصري المستوى والنتائج المأمولة منه حتى الآن بالبطولة. رغم حجم التوقعات الضخم له في وجود أحد أفضل نجوم العالم بالوقت الحالي، محمد صلاح هداف البريميرليج وليفربول. فيما أثبت منتخب ساحل العاج قوته بالشكل الكافي خلال دور المجموعات من الكان. وختمها بتفوق وقوة كبيرة بعد الفوز على الجزائر حامل اللقب بثلاثية نظيفة ساهمت في طرده من كأس الأمم، ولكن لمن تبتسم الساحرة المستديرة في لقاء مساء اليوم. هو ما نحاول الإجابة عليه بعرض المعطيات القادمة.

مباراة الملك صلاح وعوامل فوز الفراعنة

تضع الجماهير المصرية آمالا كبيرة على محمد صلاح نجم ليفربول، الذي يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز حاليًا. برصيد 16 هدفا بفارق كبير أمام أقرب ملاحقيه، فوجوده يمثل قوة كبرى للفراعنة في مواجهة الأفيال. وقد يصنع كل الحدث والعجب على أرضية الميدان ويسجل أهدافًا بسحره الخاص يقود بها مصر لعبور ثمن النهائي إلى دور الثمانية ويجتاز عقبة الأفيال الصعبة.

وستكون مواجهة منتخب كوت ديفوار فرصة للبرتغالي كارلوس كيروش مدرب منتخب مصر لاستعادة ثقة الجماهير المصرية. التي كثيرًا ما وجهت انتقادات لاذعة لطريقة إدارة المدرب المخضرم للمباريات والتغييرات. فرغم تاريخه الكبير وتوليه قيادة فريق ريال مدريد الإسباني ما بين عامي 2003 و2004. بالإضافة لمنتخبات البرتغال وكولومبيا وإيران والإمارات وجنوب أفريقيا.

إلا أن كثيرين طالبوا بإقالته من منصبه بسبب الظهور الباهت لمنتخب مصر خلال دور المجموعات. غير أن المدرب المخضرم أكد أكثر من مرة أن هدفه الرئيسي مع المنتخب المصري يتمثل في التأهل لمونديال قطر. وربما تكون تلك المواجهة ثم المغرب في ربع النهائي إذا ما نجح في الفوز بها بداية لصفحة جديدة بينه وبين الجماهير المصرية. وتضع فيه كل ثقتها من جديد لتحقيق حلم المونديال بالمباراة الفاصلة أمام السنغال شهر مارس المقبل.

وبخلاف قوة وقدرة صلاح الكبيرة ورغبة كيروش في استعاد الثقة وتقديم كل ما لديه بتلك المباراة. هناك عوامل أخرى تدعم نجاح المنتخب المصري في تلك المواجهة. وهي أمور خاصة بالروح والإصرار والقتالية رغبة من المجموعة في تحقيق إنجاز للكرة المصرية. وتعويض إخفاق بطولة 2019 الماضية التي كانت بالقاهرة وخرج الفراعنة من ثمن النهائي كذلك أمام جنوب أفريقيا.

كما أن هناك مفاتيح لعب جيدة أخرى من اللاعبين قادرين على صناعة الفارق بجانب صلاح. متمثلة في الحارس العملاق محمد الشناوي وعمرو السولية في الوسط ومصطفى محمد ومرموش في الهجوم وعلى مقاعد البدلاء هناك رمضان صبحي وتريزيجيه ومحمد شريف هداف الدوري المصري. والمخضرم عبدالله السعيد مع عودة فتوح والونش كلها أمور جيدة تصب في صالح الفراعنة للانتصار وتجاوز هذا الدور وصولاً لربع النهائي.

الأفيال أقوياء بما يكفي

منتخب كوت ديفوار يمتلك كتيبة مدججة بالنجوم المحترفين في مختلف المراكز وفي العديد من الأندية الأوروبية المرموقة. مما يجعله خصمًا صعبًا للغاية على الفراعنة وباقي منتخبات القارة، ويكفي إذلاله لمنتخب الجزائر حامل اللقب بثلاثية نظيفة وطرده من البطولة مبكرًا بالمباراة الماضية.

ويأتي سيباستيان هالر نجم أياكس أمستردام الهولندي، الذي يتصدر حاليا ترتيب هدافي بطولة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم. على رأس الكتيبة الإيفوارية في البطولة، التي تضم أيضا فرانك كيسي لاعب وسط ميلان الإيطالي. ونيكولاس بيبي ولويس زاها لاعبي أرسنال وكريستال بالاس الإنجليزيين على الترتيب، وهو ما يعكس صعوبة المواجهة بالنسبة لمنتخب مصر.

وما يعزز من صعوبة المواجهة على المنتخب المصري هو الرغبة الكبيرة لدى لاعبي كوت ديفوار في الفوز بلقب تلك النسخة من البطولة. من أجل تعويض إخفاق الفريق في التأهل للمرحلة النهائية بالتصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم بقطر هذا العام.

وعلى مستوى القيمة السوقية، يعد منتخب ساحل العاج أحد أغلى المنتخبات المشاركة في كأس أمم أفريقيا 2021. بناء على القيمة السوقية المقدرة على موقع “ترانسفير ماركت”، بقيمة 298.7 مليون يورو. وبهذا فإن القيمة السوقية للاعبي كوت ديفوار تعادل تقريبا ضعف القيمة السوقية لمنتخب مصر (161.25 مليون يورو). في المقابل فإن أغلى لاعب في قائمة كوت ديفوار هو فرانك كيسي بقيمة سوقية تبلغ 48 مليون يورو. أقل من نصف قيمة محمد صلاح (100 مليون يورو) أغلى لاعب في البطولة.

ومن المتوقع أن يلعب منتخب كوت ديفوار بخطة (4-3-3) في المواجهة الإقصائية أمام مصر. وسيضم التشكيل الأساسي لهم كل من: علي سنجاري في حراسة المرمى، أورييه وسيمون ديلي وإيريك بايلي وويلفريد كانون في الدفاع. فرانك كيسي وجان ميشيل سيري وإبراهيم سانجاري في الوسط. ويلفريد زاها ونيكولاس بيبي وسيباستيان هالر في الهجوم.

ويحتل منتخب كوت ديفوار المركز الـ56 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. وهو العاشر على مستوى أفريقيا خلف منتخب مصر صاحب المرتبة الـ45 على العالم والسادس على القارة السمراء.

مشوار المنتخبين بالبطولة وتاريخ مواجهتهما

تأهل منتخب مصر لدور الـ 16 كثاني المجموعة الرابعة بعد أن جمع 6 نقاط من أصل 9 نقاط. بالفوز على غينيا بيساو والسودان في الجولتين الثانية والثالثة والخسارة في الجولة الأولى من نيجيريا بهدف نظيف.

في حين نجح منتخب كوت ديفوار في تصدر المجموعة الخامسة برصيد 7 نقاط. بعد التفوق في أول مباراة على غينيا الاستوائية 1-0 والتعادل في الثانية مع سيراليون 2-2، وحسم التأهل في الجولة الثالثة بعد الفوز على الجزائر 3-1.

ومن خلال الأرقام تبدو حظوظ المنتخب المصري هي الأوفر لكن كرة القدم لا تعترف إلا بالواقع الحالي. مهما كان التاريخ ونتائج لقاءات الماضي خاصة وأنهما لعبا 10 مباريات في نهائيات البطولة العريقة فازت مصر في 7 وكوت ديفوار في واحدة وتعادلا في مباراتين.

المواجهة الأولى بين مصر وكوت ديفوار كانت عام 1970 في البطولة التي جرت على أرض السودان. وتوج بلقبها صاحب الأرض وانتهت يومها المباراة لمصلحة «الفراعنة» بنتيجة 3-1، في مباراة تحديد المركز الثالث سجلها حسن الشاذلي.

وجاءت المواجهة الثانية في بطولة عام 1974 التي أقيمت في القاهرة ووقع الفريقان في مجموعة واحدة ويومها فازت مصر بثنائية نظيفة. ثم في نسخة 1980 أكد الفراعنة تألقهم بالفوز 2-1 في منافسات المجموعة والتي جرت في نيجيريا. وكانت نسخة 1986 تأكيد على براعة مصر بالفوز 2-0 في النسخة التي جرت بالقاهرة وتوج بها المصريون.

لم يتذوق المنتخب الإيفواري طعم الانتصار على مصر إلا في البطولة التي جرت عام 1990 في الجزائر. وانتهت يومها لمصلحة الأفيال بنتيجة 3-1 ضمن فرق المجموعة الأولى وهي النسخة التي لم يحصل فيها الفراعنة على أية نقطة للمشاركة بلاعبي المنتخب الأولمبي وتوج باللقب منتخب الجزائر للمرة الأولى.

وفي 2006 وقع الفريقان في المجموعة الأولى وفازت مصر 3-1 ليس هذا فحسب بل لعبا معًا في المباراة النهائية. وانتهى وقتها الأصلي بالتعادل السلبي وتفوقت مصر بركلات الترجيح 4-2 في جيل كان هو الأروع في مشوار الفراعنة بهذه البطولة القارية. وفي 2008 كان اللقاء الأخير في غانا حيث التقيا معًا في نصف النهائي ويومها قدم منتخب مصر مباراة رائعة وكبيرة وتفوق 4-1 في نسخة توج بلقبها منتخب مصر بعد الفوز في المباراة النهائية على حساب الكاميرون.

حقائق عن القمة المرتقبة

الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “الكاف” استعرض بهذه المناسبة بعض حقائق والأرقام المهمة عن تاريخ مواجهات المنتخبين، نعرضها في الآتي:

* تواجه منتخبا كوت ديفوار ومصر، 10 مرات سابقة في كأس الأمم الأفريقية. ومواجهة اليوم  ستكون 11، ليكونا أكثر منتخبين التقيا معاً في تاريخ البطولة.

* تأهلت مصر في الـ4 مواجهات السابقة عند ملاقاة كوت ديفوار بالأدوار الإقصائية في كأس الأمم الإفريقية. واثنتان منهما بركلات الترجيح والثانية في نهائي 2006 عندما فازت مصر 4-2.

* لم تخسر كوت ديفوار في 3 مباريات بكأس أفريقيا 2021، إذ فازت في مباراتين وتعادلت في مباراة. وآخر مرة لم تخسر في أول 4 مباريات بذات النسخة من البطولة. كانت في 2015 عندما توجت باللقب على حساب غانا في النهائي بركلات الترجيح.

* خسرت مصر في آخر مباراتين بالأدوار الإقصائية في كأس الأمم الإفريقية 1-2 أمام الكاميرون في نهائي 2017. وبنتيجة 0-1 أمام جنوب إفريقيا في دور الـ16 عام 2019، وقبل ذلك كانت قد تأهلت في 11 مباراة متتالية بالأدوار الإقصائية بين 2006 و2017.

* فقط الجزائري يوسف بلايلي بـ 24 تسديدة، يتفوق بشكل مباشر في التسديدات أكثر من الإيفواري نيكولاس بيبي في دور المجموعات بكأس الأمم الإفريقية 2021. حيث سدد بيبي 19 تسديدة منها 12 تسديدة على المرمى، وصنع 7 فرص. وساهم بشكل مباشر في أهداف أكثر من أي لاعب إيفواري في النسخة الحالية من البطولة حتى الآن.