لم يكن أكثر المتفائلين بمنتخب مصر لكرة القدم يتوقع الشكل والمستوى الذي ظهر به في مواجهة ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا مساء أمس الأربعاء أمام منتخب كوت ديفوار. إذ قدم الفراعنة أفضل مباراة لهم على الإطلاق منذ زمن طويل ونجحوا في امتلاك زمام الأمور. بل أضاعوا عددا من الفرص كانت كفيلة بفوزهم في الوقت الأصلي قبل الاحتكام للأشواط الإضافية ثم الفوز بركلات الترجيح بنتيجة 5-4.

ظهر أبناء النيل بصورة رائعة خلال أحداث المباراة المثيرة. وفرضوا الكلمة العليا طوال أحداث اللقاء، وقدموا مباراة تكتيكية على أعلى طراز. فضلا عن أداء دفاعي متماسك. لتنصفه الركلات الجزائية بالنهاية رغم الإصابات المؤثرة التي ضربت الفريق وعلى رأسها الحارس محمد الشناوي. لتلاقي مصر منتخب المغرب على ملعب أحمدو أهيدجو يوم الأحد المقبل 30 يناير. وذلك في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا 2021.

ولكن كيف تحول شكل المنتخب بتلك الحالة 180 درجة عما ظهر به بمباريات دور المجموعات. وتحديدًا الشكل الكارثي أمام نيجيريا في افتتاح البطولة والخسارة بهدف دون رد. هو ما نستعرضه لكم في أسباب ذلك الفوز وهذا الأداء المختلف كليًا والرائع لمنتخب الساجدين أمام أفيال ساحل العاج.

كارلوس كيروش يقدم أوراق اعتماده أمام كوت ديفوار

البداية دائمًا ما تكون لدى المدرب من تشكيل وطريقة لعب وتكتيك مناسب لكل مباراة على حدة. وهو ما فعله على أفضل ما يكون البرتغالي المتمرس كارلوس كيروش مدرب الفراعنة في هذه المباراة. فبعد حملات انتقاد لاذعة وهجوم ضار عليه لتواضع أدائه وإدارته للمباريات وإشراكه لاعبين في غير مراكزهم طوال الفترة الماضية مع تأليف أدى لهزائم ونتائج متواضعة وأداء وشكل فني ضعيف.

كارلوس كيروش
كارلوس كيروش

عاد كيروش ليستعيد ثقة الجميع به ثانية ويقدم أوراق اعتماده من جديد كأفضل ما يكون بمباراة ولا أروع فنيًا وتكتيكيًا من المدرب الكبير. ففي مواجهة كوت ديفوار كانت له بصمة واضحة في اختياره التشكيلة المناسبة والتكتيك المثالي. وتقليل خطورة مفاتيح اللعب الإيفوارية بشكل كبير وكذلك تغييراته على مدار اللقاء. كل شيء قام به كان صائبًا ولولا إضاعة الفرص السهلة من نجوم الفراعنة لكان قد كسب بنتيجة مريحة في الوقت الأصلي.

أداء جماعي وروح قتالية ودفاع محكم أمام أفيال كوت ديفوار

امتاز المنتخب المصري بالأداء الجماعي خلال مواجهة كوت ديفوار. وبالروح القتالية المفقودة منذ فترة وهي سبب كبير في هذا الانتصار وهذا التحول الكبير في الشكل والمستوى ومن ثم الفوز باللقاء والصعود لربع النهائي.

فمع جماعية الأداء كانت الروح والحماس والإصرار واضحين تمامًا على كل اللاعبين في كل الكرات بالمباراة. وكأنهم متفقون بالفعل على تقديم صورة مغايرة وجيدة واستعادة هيبة الفراعنة ومستواهم الكبير بالقارة السمراء وقد كان بالفعل.

وكان هناك تعاون كبير بين كافة اللاعبين سواء دفاعيًا أو هجوميًا. وقدم ثلاثي الوسط (عمرو السولية وحمدي فتحي ومحمد النني) مساندة دفاعية وهجومية رائعة. كما أظهر خط الدفاع صلابة كبيرة بقيادة الثنائي أحمد حجازي ومحمد عبد المنعم والظهيرين أحمد فتوح وعمر كمال عبد الواحد. ووقفوا حائطا منيعًا أمام الهجمات الإيفوارية. وكان خط الدفاع أبرز نجوم المباراة كاملاً بأداء أكثر من رائع ومتزن وجيد للغاية.

حراسة مرمى عبقرية

الشناوي
الشناوي

ظهر حارس منتخب مصر الأول محمد الشناوي أفضل حراس البطولة في دور المجموعات بصورة رائعة خلال أحداث اللقاء كما عودنا دائمًا. ومنع العديد من الهجمات الخطيرة أمام نجوم كوت ديفوار إبراهيم سنجاري وسباستيان هيلير وويلفريد زاها. وتصدى لهدفين محققين على الأقل وذاد عن المرمى المصري ببسالة وتألق كبيرين يؤكدان أنه السد العالي للمنتخب كما كان مدربه الحالي عصام الحضري من قبل.

وبعد تعرضه للإصابة قبل نهاية الوقت الأصلي بدقائق نتيجة شد في العضلة الخلفية بعد إنقاذ كبير لمرمى الفراعنة. واصل بديله محمد أبو جبل مشوار الدفاع عن العرين المصري باقتدار. فرغم ابتعاده عن المشاركة خلال الفترة الماضية مع ناديه الزمالك فإنه كان في الموعد أمام منتخب كوت ديفوار، وأنقذ تصويبة خطيرة في الوقت الإضافي عبر إبراهيم سنجاري. وفي ركلات المعاناة الترجيحية تألق في الركلة الثالثة وأبعد بردة فعل ممتازة تسديدة مدافع مانشستر يونايتد، إيريك بايلي ليسهم في فوز المنتخب المصري.

ثقة صلاح وتألقه وعامل نفسي عكسي

قدم نجم ليفربول محمد صلاح مستوى رائعًا خلال اللقاء. وأسهمت تحركاته وتمريراته في الشكل الهجومي المميز الذي ظهر به المنتخب المصري. وصنع اللاعب العديد من الفرص الحاسمة لزملائه. وظهرت أهمية الخبرة الكبيرة للنجم العالمي في التعامل مع المواقف الصعبة. خصوصًا مع ركلة الحسم التي سددها صلاح باقتدار لتنطلق أفراح المصريين بتحقيق الانتصار الغالي.

كما أن هناك عاملا نفسيا عكسيا حسم جزءا كبيرا من انتصار الفراعنة على الأفيال. حيث دخل منتخب كوت ديفوار المباراة وهو المُرشح لتحقيق الفوز من جانب الكثيرين. ما جعل المنتخب المصري يخوض اللقاء بضغوط نفسية أقل. كذلك كان في أذهان لاعبي الأفيال ذكرياتهم السيئة في تاريخ مواجهاتهم الأفريقية مع مصر. حيث خسروا مرتين أمام الفراعنة في نسخة عام 2006.

صلاح
صلاح

الأولى كانت في مرحلة المجموعات (1-3) والثانية كانت في النهائي. حيث ذهب اللقب آنذاك للمنتخب المصري بعد الفوز بركلات الترجيح التي أبدع فيها الحارس السابق عصام الحضري.

كما أن منتخب كوت ديفوار انهزم أمام مصر في كأس أمم إفريقيا 2008 بنتيجة (1-4) في نصف النهائي. رغم امتلاكه في ذلك الوقت كتيبة رائعة من النجوم على رأسهم الأسطورة ديديه دروجبا. لكن هذا لم يمنع فريق المدرب حسن شحاتة من تحقيق الفوز. وفي مباراة أمس أكد المنتخب القومي مرة أخرى أنه عقدة بالفعل للمنتخب الإيفواري ومنعه من مواصلة المشوار في الكان الذي بات مثيرًا مع مراحله الإقصائية والنهائية.