على الرغم من تزايد أعداد العمالة المنزلية فلم يتضمن مشروع قانون العمل الجديد في نسخته الأولى أية نصوص تختص بحماية فئة العمالة المنزلية أو تضمن لهم أية حقوق، وكأنهم ليسوا من العمال المطلوب حمايتهم، إلا أن النائبة هالة أبو السعود قد تقدمت بمشروع قانون لحماية هذه الفئة أو لضمان حقوقهم، أو البعض منها حسب تصورها في المشروع المقدم منها، وقد أيد النائب عصمت زايد، عضو مجلس النواب، مشروع القانون المقدم من النائبة هالة أبو السعد، بشأن العمالة المنزلية، وتقنين أوضاعهم كونهم الفئة الأكثر احتياجا لتشريع يدعمهم ‏ويحفظ حقوقهم، مؤكدًا أهمية وجود قانون لرعايتهم والحفاظ على حقوقهم، وقد تم إحالة مشروع قانون العمل إلى مجلس الشيوخ، مشتملاً ما تضمنه من مشروع مضاف عن حقوق العمالة المنزلية.

ويتضمن عمل خدمة المنازل عددا من المهن الهامة التي غفلها القانون الجديد وهم، البوابون، والجناينية، والسائقون، والسفرجية والطباخون والأمن وكل من يعمل داخل المنزل، وتعتبر مهنة عمالة المنازل من المهن القديمة على مر التاريخ في العالم كله. أصل هذه المهنة يرجع بشكل أو بآخر إلى عصر العبيد مثل الرق وأشكال العبودية الأخرى بما في ذلك الاستعمار. بالإضافة الى ذلك هي مهنة تتصف بالعشوائية حيث أنه عمل غير منظم وقديما كان ينظر إليه على أساس أنه عمل حقير لأنه في معظم البلاد لا يذكر في قانون العمل، ولأن هذا العمل مهم وكثير المشاكل ولا يقتصر على مؤهلات دراسية محددة، ولما أحدثت ممارسة هذا العمل تساؤلات عديدة فقد اتجهت منظمة العمل الدولية مؤخرا إلى دراسة مستفيضة في هذا المجال وانتهت إلى تعريف المهنة ووضع توصيف حقيقي لممارسات وواجبات وحقوق هذه المهنة. ففي الاتفاقية الجديدة التي اعتمدتها منظمة العمل الدولية في يونيو 2012 (C189) تم وصف العمل المنزلي بأنه كل عمل يتقاضى عنه أجر يقام لخدمة أسرة أو أكثر. ويختلف هؤلاء العاملون عن الذين يقومون بالأعمال المنزلية الخاصة بأسرتهن فهي جزء من المسئوليات الأسرية ولا تعتبر نوعا من أنواع العمل. كما تشتمل هذه الأعمال على مهن التنظيف والغسيل سواء للملابس أو الأطباق والكى والطبخ وحراسة الأمن (للمنازل) والتشجير وقيادة السيارات للآخرين ورعاية الأطفال والمسنين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والحيوانات وأخيرا المساعدة في الأعمال المنزلية، وقد عرفت منظمة العمل الدولية العمالة المنزلية على أنه: هو كل شخص يعمل في منزل شخص آخر وللتأهيل لذلك يجب أن يتعامل الشخص الذي يرغب في العمل مع هيئة وسيطة. وهذه الهيئة الوسيطة أو مكتب العمل يستبعد كلا من الذين يعملون في أوقات معينة فقط أو بشكل متقطع (مثل المربيات الذين يعملوا بدوام جزئي) والذين يقومون بأداء العمل المنزلي لمساعدة أسرهم. بالرغم من ذلك العمال الذي يتم تعيينهم من أجل تنظيف المباني الخاصة والعامة وغيرها من الأنشطة المذكورة أعلاه يختلفون عن عمال المنازل حيث أن الأعمال المنزلية هي الأعمال التي تقام داخل المنزل.

وقد تضمنت قوانين العديد من الدول نصوص تضمن حماية لهذه الفئة من العمالة، وعلى سبيل المثال فقد تضمن القانون رقم 86 لسنة 2015 بشأن العمالة المنزلية الكويتي العديد من الضمانات لهذه الفئة، وقد عرفت المادة الأولى من هذا القانون الكويتي فئة العمالة المنزلية بأن “العامل المنزلي: كل ذكر أو أنثى يكلف بأعمال يدوية داخل المساكن الخاصة (وما في حكمها) لحساب الأفراد وذلك بموجب عقد مكتوب”، ومن ثم فقد اعترفت بحقوق عمالية لتلك الفئة من العمال التي تتزايد في ظل اتساع فجوة الفوارق المالية بين الطبقات في المجتمع في ظل تسعر التوجهات الرأسمالية في العالم بأسره.

ومن حيث التعريف الأولي البسيط لمفهوم العمل فإن هذه الفئة تقوم بعمل لصالح فئة أخرى لفترة قد تطول وقد تقصر حسب الاحتياج، ولكن جرى العرف أو العادة في المجتمع المصري تحديدا أن تلك الفئة من العمالة من الفئات المهجورة من أية حقوق أو ضمانات لدى أصحاب الأعمال، اللهم إلا أن تكون بشكل ودي وبطريقة تتناسب ورغبة صاحب العمل ذاته، دونما أية ضمانات رسمية أو قانونية، ذلك برغم كون أن معظم تلك الفئة من العمال تبقى في أسر عملها لفترات طويلة دون عقود تضمن حقوقها أو تأمينات أو تسجيل بمكاتب العمل أو مكاتب التأمينات، وكأن البعد الرسمي أو القانوني لا يظلهم بأي يظل، ولا يضمن لهم أية حوق تجاه أصحاب الأعمال.

وبحسب المشروع المقدم من النائبة، فإن هذه الفئة لا تدخل تحت مظلة قانون العمل لغياب الصفة الرسمية، التي تجمع العاملة وصاحب أو صاحبة المنزل، بسبب عدم إبرام عقد بين الطرفين، فقد تمّ إقصاؤهم من تطبيق قانون العمل، في حين أن عاملات المنازل بأشد الاحتياج إلى أن يكون هناك نوع من التقييم لأوضاعهن من أجل حفظ حقوقهن وحفظ حقوق صاحب العمل أيضا، وقد وبينت أنَّه من الصعوبة أن يكون للخادمات نقابةـ لأن ذلك يستلزم أن تكون المهنة محددة بشكل دقيق ولها قانون واضح يحدد شكل وطبيعة العمل وإجراءات تتعلق بإصدار تشريع يحدد طبيعة المهنة وصفتها وأهميتها في المجتمع والضوابط القانونية المتعلقة بممارسة المهنة، كأي مهنة ـخرى لها نقابة، وأن تكون هناك جمعية عمومية محددة لأفراد المهنة وهو ما نفتقده في مهنة عمالة المنزل.

ومن هنا فنحن نذكر أولي التشريع في مصر “مجلسي النواب ومجلس الشيوخ” على ضرورة حماية هذه الفئة من العمالة من خلال مشروع القانون المعروض حاليا، بداية من الأجور، وتنظيم أوقات العمل والإجازات، وكيفية إنهاء علاقة العمل، بما يضمن حقوق العاملين حال إنهاء العمل، كما يجب أن يكون هناك طريقة منظمة تضمن حماية تلك الفئة من العمالة منذ لحظة دخولهم النازل، ولا يتم ترك ذلك لقوانين السوق الحالية التي تأكل أجساد العاملين، وتتركهم فريسة لأصحاب الأعمال. ولا يغيب عن القائمين على التشريع المصري أننا لا نقل قيمة عن الدول العربية التي كانت تستورد تشريعاتها من مصر، وتستعين بالمشرعين المصريين لصياغة تشريعاتهم، وقد سبقونا في إقرار حقوق تلك الفئة من العمالة المنزلية، وقد ضربنا مثلاً في ذلك بالتشريع الكويتي، ونزيد على ذلك بيتاً بما ورد بالتشريع القطري في القانون رقم 15 لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل، والذي نظم حقوقهم، بداية من إقرار عدم جواز التشغيل دون وجود عقد عمل مصدق عليه من الجهة الإدارية صاحبة الاختصاص.