نجح منتخب مصر الأول لكرة القدم في استمرار تصدير العقدة لنظيره المغرب في عدم الفوز عليه لأكثر من 21 عامًا. بعدما كان أسود الأطلس عقدة الفراعنة الأولى طوال سنوات قبلها “وتلك الأيام نداولها بين الناس”. منتخب الملك محمد صلاح عاد من بعيد واستطاع قلب تأخره المبكر بهدف نظيف من علامة الجزاء إلى فوز بهدفين لهدف بعد 120 دقيقة عصيبة بين الأشقاء العرب. مساء أمس الأحد في ملعب أحمدو أهيدجو بالعاصمة الكاميرونية ياوندي في ربع نهائي كأس الأمم الأفريقية 2021.

فوز الفراعنة جاء بعد مباراة مثيرة وحماسية بين الفريقين الكبيرين بالقارة السمراء، شهدت كافة المتعة الكروية والندية بين نجوم المنتخبين. ولاسيما محمد صلاح نجم ليفربول وهداف الدوري الإنجليزي الأقوى بالعالم. وأشرف حكيمي أحد أفضل ظهراء العالم بالجبهة اليمنى ولاعب باريس سان جيرمان الفرنسي.

وبذلك يتأهل منتخب الساجدين كما يلقب لملاقاة الكاميرون صاحبة الأرض والجماهير، في الدور نصف النهائي من بطولة كأس الأمم الأفريقية. حيث ستقام المواجهة بين المنتخبين يوم الخميس المقبل على الملعب الأوليمبي. ونستعرض بالنقاط الآتية الأسباب التي أدت لفوز مصر على المغرب وصعودها للمباراة قبل النهائية بالكان الإفريقي.

وروح قتالية لمنتخب مصر

ظهر منتخب مصر بقوة بعد تأخره بهدف مبكر للمغرب، واستطاع الفراعنة أن يسيطروا على مجريات اللقاء واستحوذوا بشكل ملحوظ على وسط الملعب. حيث ضغط الفريق القومي بقوة على لاعبي الخصم في اللقاء وظهرت الروح العالية للاعبين المصريين الذين اُتيحت لهم عدة فرص خطيرة للتسجيل.

هذا الضغط العالي من جميع اللاعبين وبالأخص لاعبي الوسط محمد النني وعمرو السولية وأيمن أشرف بجانب الثلاثي الهجومي. جعل الأمور صعبة للغاية على لاعبي المغرب وجعلهم يختنقون في وسط ملعبهم غير قادرين على بناء الهجمات والطلوع بالكرة من الخلف بشكل يسير.

ما أعطى الأفضلية لمصر دائمًا في استخلاص الكرة وسريعًا وضغطهم في وسط ملعبهم والفوز دائمًا بالكرة الثانية وصنع كل الخطورة حتى أحرزوا الهدف. كما أن الروح القتالية الجبارة التي ظهر عليها نجوم الفراعنة طيلة الـ120 دقيقة صعبت المأمورية تمامًا على عناصر أسود الأطلس وأعطت الأفضلية لأبناء النيل بشكل مستحق وعن جدارة كاملة.

فشل سيناريو المغرب المعتاد

استطاع منتخب المغرب تسجيل هدفًا مبكرًا عن طريق بوفال من ركلة جزاء بالدقيقة التاسعة من بداية الشوط الأول. بعد خطأ محتسب ضد أيمن أشرف بعد تدخله بتهور على أشرف حكيمي الظهير الأيمن للأسود.

منتخب المغرب بعد تقدمه في النتيجة تراجع مستواه وترك الاستحواذ للمصريين الذين حاولوا مرارًا وتكرارًا العودة في النتيجة بالشوط الأول. ولكنهم اصطدموا بتألق الحارس ياسين بونو الذي تصدى ببراعة للفرص الخطيرة للفراعنة.

وانتظر المغرب تنفيذ السيناريو المعتاد في الاحتفاظ بتقدمهم بهذا الهدف وتعطيل اللعب واستفزاز النجوم المصرية ليخرجوا عن تركيزهم مع إضاعة الوقت ليخرجوا فائزين به في النهاية. لكن الأمور لم تسير كما أرادوا بعد هدف التعادل لمو صلاح بالشوط الثاني وأكثر من فرصة كادت تكلفهم خسارة المباراة في وقتها الأصلي. رغم فرصتهم العظيمة من كرة رأسية تعملق بها الحارس محمد أبو جبل ثم ارتطمت بالعارضة وارتدت للفريق المصري.

كيروش “المعلم الجديد” وصلاح يصنع الفارق

اضطر مدرب منتخب مصر كارلوس كيروش لتبديل أحمد حجازي بين الشوطين للإصابة. وقرر تعديل طريقته بإعادة أيمن أشرف لمركزه الأساسي كمدافع بجوار محمد عبد المنعم. مع نزول محمود تريزيجيه في الوسط لينعش هجوم الفراعنة في الشوط الثاني. ساهم هذا التغيير السحري في قلب الكفة تمامًا وبفاعلية أكبر لمصر التي كانت مستحوذة على كل الملعب. كما ساهمت باقي تبديلاته والتي جاءت رائعة في تحقيق الفوز لمصر. ليواصل كيروش تألقه ويصبح المعلم الجديد للكرة المصرية.

وفي الدقيقة 53 تمكن محمد صلاح الذي تواجد في موقع مميز أمام مرمى المغرب من الاستفادة بكرة مرتدة من يد الحارس ياسين بونو. ليضع الكرة في المرمى بسهولة ليحرز التعادل بعد التغيير الأول الرائع لكيروش بنزول تريزيجيه وزيادة الضغط الهجومي بقوة وكثافة أكبر على مرمى حارس إشبيلية الإسباني.

فيما أثبت محمد صلاح أنه من الطراز العالمي الكبير بالفعل، حيث قدم مستوى رائع في مباراة أمس. وتسبب في إزعاج مدافعي المغرب وسجل هدف التعادل وصنع الهدف الثاني الذي سجله تريزيجيه. ليقود مصر باستحقاق لنصف النهائي ويخرس كل منتقديه بأداء استثنائي مثل الذي يقدمه مع فريقه ليفربول بالقارة العجوز.

حراسة مرمى ودفاع بخير.. وعودة نجم كبير

ساهم الأداء المتميز للحارس البديل محمد أبو جبل في مباراة المغرب وتصديه الأبرز لرأسية الخصم في فوز مصر بكل تأكيد. ثم أصيب وخرج ليدخل الحارس الثالث محمد صبحي ويكمل المباراة بشكل جيد. لتؤكد الحراسة المصرية جودتها الكبيرة وروعتها بعد استخدام 3 حراس من الأربعة الذين اصطحبهم الجهاز الفني. لإصابة الحارس الأول محمد الشناوي أمام كوت ديفوار ثم أبو جبل أمام المغرب ومشاركة صبحي بدلاً منه.

ساعد ظهور الحراس بمستوى متميز تألق خط الدفاع بشكل كبير، لاسيما الثنائي محمد عبد المنعم وعمر كمال عبد الواحد. مع تألق فريد من نوعه للظهير الأيسر أحمد فتوح الذي تفوق بشكل كامل على أشرف حكيمي نجم سان جيرمان طيلة المباراة. وحتى مع خروج أحمد حجازي للإصابة ظهر الثنائي أيمن أشرف والبديل محمود علاء بعد ذلك بمستوى رائع ودفاع مغلق أرهق نجوم المغرب كثيرًا وأبطل كل محاولاتهم للوصول للشباك المصرية.

كما ساهم المستوى الكبير لمحمود تريزيجيه العائد من إصابة طويلة على ظهور الفراعنة بمستوى جيد هجوميًا في الشوط الثاني. وقام بدوره على أكمل وجه على المستوى الهجومي وأيضًا المساعدة الدفاعية. وأحرز هدف الفوز لمصر في الدقيقة 100 حيث استغل كرة عرضية مرسلة بروعة من صلاح صاحب الهدف الأول ورجل المباراة الأبرز دون منازع.