تراهن وزارة المالية على تفعيل برنامج الطروحات الحكومية لصالح جانب من الإيرادات للموازنة العامة للدولة، خلال العام المالي الجديد 2022/2023. وهو ما يتضح فيما كشف عنه الدكتور محمد معيط وزير المالية، في تصريحاته مساء الأربعاء. إذ قال إن الحكومة تستهدف طرح حصص من 10 شركات حكومية بالبورصة خلال 2022. على أن يكون هذا الطرح متنوعًا ما بين طرح عام أولي وطرح ثانوي. وهو أمر يقول عنه خبراء إنه يستهدف تمويل العجز، بعيدًا عن طروحات أدوات الدين، التي تزيد العبء على المصروفات، وترفع معها أعباء الدبن العام.

ويمكن أن تدر الطروحات الحكومية على الخزانة العامة مبالغ تناهز 100 مليار جنيه. ذلك وفق نسبة الطرح وحجم الشركة المطروحة في السوق، حسب تقديرات سابقة لوزارة المالية. بينما تتضمن الخطة الحكومية التي تم وضعها قبل خمس سنوات، طرح: 20 شركة و3 بنوك في 7 مجالات. وتتراوح النسبة المطروحة من الشركات ما بين 15% إلى 30%، إلا إذا كانت حصة المال العام تقل عن ذلك.

لكن قبل شهور، تم الإعلان عن توسيع تلك الخطط لتتضمن شركات تابعة لجهاز الخدمة الوطنية مثل صافي للمياه ومحطات وطنية. ذلك إلى جانب دراسة طرح شركة العاصمة الإدارية. وجميعها شركات ناجحة يفترض أن تجذب مستثمرين جدد لسوق المال.

الطروحات الحكومية.. سيولة بعيدة عن الضرائب لحل أزمات الموازنة العامة

حنان رمسيس، محللة أسواق المال، تقول إن برنامج الطروحات بالبورصة يمثل وسيلة لتخفيف الأعباء عن المواطن. ذلك بتوفير موارد للدولة، تغنيها عن رفع العبء الضريبي والرسوم، من أجل زيادة الغلة الضريبية بغرض تمويل مصروفات الموازنة.

وتستهدف الوزارة خفض العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة إلى 6.7% في يونيو المقبل، مقابل 7.4% في يونيو الماضي. كما تستهدف أقل من 6% العام المالي المقبل.

ويرجع السبب الأساسي في ارتفاع قيمة الدين العام إلى الزيادة المستمرة في عجز الموازنة العامة للدولة. ذلك بسبب زيادة نمو المصروفات بمعدلات تتعدى بمراحل معدل نمو الإيرادات العامة.

للمرة الأولى في التاريخ.. رفع الإيرادات الضريبية لما يتجاوز التريليون جنيه

تستهدف المالية رفع الإيرادات الضريبية في العام الجديد لما يجاوز التريليون جنيه للمرة الأولي في التاريخ. ذلك لسد جزء من المصروفات المتنامية. وقد كشف وزير المالية في ديسمبر الماضي عن قرار بزيادة رسوم حفلات الساحل الشمالي 5%. وكذا زيادة 5% رسوم على الأفلام الأجنبية. وأيضًا زيادة 10% رسوم على أدوات التجميل المستوردة.

كما أعلن عن فرض رسم تنمية موارد مالية على عدد من السلع غير الأساسية وغير الضرورية. وذلك بواقع 10% من قيمة الفاتورة للأغراض الجمركية، مضافًا إليها الضريبة الجمركية.

وتحدثت “المالية” أيضًا عن عدم فرض ضرائب جديدة ومنح إعفاءات أكبر للقطاع الصناعي بتعديلات قانون القيمة المضافة والدمغة. كما أنها تعتمد على دمج القطاع غير الرسمي، وإخضاع  التجارة الإلكترونية.

وبحسب حنان رمسيس، فإن الشركات عند طرحها بالبورصة يعاد تقييمها مجددًا. بينما الارتفاع في قيمة الأسهم المطروحة يرفع معه قيمة الجزء غير المطروح. ما يعني تعظيم قيمة الشركات. وكذلك منحها القدرة على توفير سيولة بعيدًا عن الاقتراض البنكي المحمل بالفائدة.

ويتضمن البيان المالي لوزارة المالية للموازنة الجديدة -المفترض إعلانه قريبًا- خفض معدل الدين للناتج المحلي في يونيو 2022 لأقل من 90%، و85% خلال السنوات الثلاث المقبلة، نزولًا من 108% في يونيو.

وأكد معيط، في لقاء مع رجال الأعمال والمستثمرين أمس الأربعاء، أن موازنة العام المالى الجديد 2022/2023، ستكون أكثر إنفاقًا على الاستثمارات التنموية. ذلك لتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم.

الموازنة العامة تواجه تحديات تتطلب موارد جديدة

فرضت موجة التضخم العالمية على الموازنة الجديدة تحديات، من بينها زيادة أعباء دعم الخبز بقيمة 12 مليار جنيه. ومن المقرر تخصيص 200 مليار جنيه لصالح مشروعات “حياة كريمة” في 2022/2023، وسداد 90 مليار جنيه لصندوق التأمينات والمعاشات؛ ليصل إجمالي المبالغ المسددة إلى 510.5 مليار جنيه في يونيو المقبل.

طرح الشركات الحكومية ومساهمة حملة الأسهم في اختيار مجالس الإدارات من شأنه استقطاب شخصيات تتسم بالكفاءة تستطيع تعزيز الأرباح، بما يعود بالنفع على الدولة في نسب الضرائب، وعدم تحميل الخزانة عبء دعم الشركات الخاسرة، بحسب خبراء.

تقول رمسيس إن شركة مثل العاصمة الإدارية ينتظر المستثمرون طرحها بفارغ الصبر، وستكون بمثابة محرك للسوق، وداعم للخزانة العامة للدولة، في ظل ضخامة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي سيظل محركًا للسوق العقارية لعدة عقود.

وتعاني البورصة المصرية من ضعف بأحجام التداول ونقص بالسيولة، والطروحات الحكومية يمكنها جذب شريحة مستثمرين اجانب بالعملة الصعبة للسوق. ما يخفف الضغط على الاحتياطي النقدي.

دخول سوق الدين أم سوق الأسهم

وانضمت وزارة المالية، الإثنين الماضي، لمؤشر جي بي مورجان للاسواق الناشئة، ما يمنحها الفرصة لجذب مستثمرين أجانب نحو أدوات الدين الحكومية. لكن محمد رضا، العضو المنتدب لشركة سوليد كابيتال، يقول إن انضمام مصر لذلك المؤشر رغم أهميته في تحسين كفاءة إدارة الدين الحكومي. لكنه تزامن مع خروجها من مورجان ستانلي للأسهم.

وقفزت استثمارات الأجانب في أدوات الدين إلى 30 مليار دولار، ما عمل على استقرار الجنيه، وتعزيز الاحتياطي النقدي. لكن رضا يحذر من أن تأثير رفع سعر الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المحلي. ويوضح أن الاقتصاد المحلي أمامه خيارات إما الإبقاء على الفائدة الحالية وخسارة عدد من الاستثمارات الأجنبية أو رفع الفائدة ما يزيد من تكلفة عبء الدين.