يغزل من القمر أشعاره، يحكي عن معجزات، يتحدث كأحد الأبطال الخارقين، تُدلله كجارية من بقايا عصر هارون الرشيد، تُرقق صوتها فتبدو قد خرجت من مسلسل تركي رومانسي، يحدث كل ذلك وكل منهما يصدق الآخر، بينما هو يعرف أنه غير قادر على تحويل وعوده لحقائق، ينسى ما يقول ويتذكر فقط كلام الشريك ولذا تبدأ أول بوادر فشل الزواج

متى يبدأ الفشل في الزواج؟

قد يظن البعض أن الفشل أو الإخفاق يحدث بعد فترة من الزواج، وهذا ليس صحيح، لأن الأمر يبدأ من تلك اللحظة التي يبدأ فيها الشريكان خطواتهما نحو الزواج.

الطموح رائع، والخيال يفتح أفق العقل، لكن هناك مساحة بين الطموح الإمكانيات، لأن الطفرات هي مسألة استثنائية، وليست المعتاد فإن البناء والتقدم لا يتحقق إلا بجهود وخطط.

فعلى سبيل المثال تجده يخبرها أنه يريد السكن في منطقة من تلك المناطق التي نسميها راقية بينما راتبه لا يتحمل الايجار في منطقة متوسطة، جميل أن يكون لديه طموح، لكن أين خطط الوصول لهذا الطموح؟ إن أكبر مشكلات المتزوجين حديثًا أن كل شخص ينسى ما قاله ويتذكر فقط الوعود البراقة للطرف الآخر، بينما كل منهما قد ذكر ما ذكر في لحظات الرومانسية المفرطة ودون نقاش حول تلك الأمنيات وكيف سيعملان على تحويلها إلى حقيقة.

الكلام المرسل يملأ الأوقات في البدايات، ثم يحدث الفراغ الكبير بعد ذلك، عدم الوضوح الذي يسبق الارتباط الرسمي يصنع فجوة بين الزوجين تزداد كل يوم، فلا مكاشفة ولا تخطيط ولا شيء سوى تذكر وعود الشريك التي تصبح سيفًا يُشهره الآخر في لحظات الخلاف، وعادة ما تكون الزوجة التي تتذكر التفاصيل أكثر فتبدأ في عدّ ما قال إنه سيفعله ولم يحدث.

وهي ليست مشكلة صاحب الوعود فقط لكنها مشكلة الطرفين، ذلك أن هناك طرف يسمع بلا تفكير ولا يناقش، طرف يسمع فقط ويعدد على الآخر وعوده. يسمع الرجل من زوجته وعودًا بأشياء عن الراحة المفرطة والجنة المنزلية، بينما هي تعمل. لا يفكر لحظة كيف ستتمكن من كل هذا المجهود مع عملها والتزامات الحياة، لكننا دومًا نسمع ما نحب ونتمنى، وعندما يوافق الحديث هوانا نلغي العقل ونفيق للعتاب واصطياد الأخطاء.

كلمة السر للنجاح

أي علاقة أو عمل أو أي شيء يمكن أن يقوم به الفرد سر النجاح فيه هو المسؤولية، والمَسؤوليّة : حالُ أَو صفةُ مَنْ يُسْأَلُ عن أَمْرٍ تقع عليه تبعَتُه، هذا هو تعريفها اللغوي، وحولها كلام كثير، وأقسام، لكننا هنا نطرحها ضمن علاقة الزواج، فكيف يتحمل الطرفين مسؤولية العلاقة، وإذا تغاضينا عن العلامات التي تظهر في فترة الارتباط؟

ولأن إنجاح أي علاقة هو مسؤولية مشتركة، لذلك كان من الضرورة أن يتعرف الطرفان إلى مسؤولياتهما، وكل يؤدي دوره. يفشل الزواج حين يتم تبادل الأدوار، أو يضطلع شخص بمسؤولية الطرف الآخر. ماذا عن البيوت التي لا يعمل بها الزوج؟ هو لا يعمل ولا يرعى الأطفال، ولا يفعل شيء، والأمثلة عديدة.

ومسؤولية الفرد لا تظهر في جانب واحد فقط، بل أن الشخص المسؤول يتحمل كل التزاماته، فالمرأة التي تفرح بإهمال زوجها لوالديه، عليها أن تنتظر إهمال تجاهها في لحظة ما، يمكن أن نذكر العديد من الأمثلة، فتحمل المسؤولية يتضح في تفاصيل عديدة، فإذ كان طرف أو الطرفين يتجاوزان عن أن الشريك غير ملتزم، فإن استمرار التجاهل سيؤدي حتمًا إلى فشل الزواج.

قبل أن يفشل الزواج

صحيح أن الصورة النمطية عن المرأة المطلقة قد تراجعت ولم يعد هناك وصم اجتماعي لها بالصورة القديمة، لكن هذا لا يعني أن يكون الطلاق هو الطريق السهل للتخلص من المسؤوليات والضغوط، فحن ندخل العلاقات لنستثمر فيها وليس بغرض انتهائها، أو القسوة في المعاملة، وأهم ما يمكن البدء به هو الوضوح، وهذا أمر شاق جدًا لم تعتاد عليه الذهنية المصرية، إذ أن المكاشفة فعل لا يقدر عليه الكثيرين، ولذلك قد يصعب على البعض أن يكون واضحًا ولكل أسبابه، لكن إذ لم تكن واضحًا فعلى الأقل تحمل مسؤولياتك التي أقرتها على نفسك في البدء، قد تأخذنا الحماسة في البداية فيتطوع أحد الطرفين بمسؤوليات لا يستطيع أن يقوم بها، وعليه أن يكون من الشجاعة أن يعترف بعدم قدرته على ذلك.

كما أنه على الشريك أن يتفهم، فقد يندفع أحد الطرفين ويذكر مسؤوليات يعرف شريكه أنه لا يستطيع القيام بها، وهنا، عليه ألا يصمت، ويمرر الكلام، فذلك نوع من التربص، فهل هذه حالة ملائمة لبناء علاقة حميمة؟!

الزواج علاقة تقوم على طرفين، ومن المفترض أنهما بدآها باقتناع وموافقة متبادلة وعليهما إنجاحها. هذا النجاح يتطلب وضوح، شجاعة، مسؤولية التخلي عن التربص.

وأنت تفكر في الزواج فكر أن شريكك يراك في أكثر الأمور خصوصية، وهذا يتطلب أمان وثقة ومحبة، إذ أقدمت على الزواج فاجتهد أن ينجح.