في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن القادة العسكريون في السودان حالة الطوارئ وحل مجلس السيادة. وهو الهيئة التنفيذية المدنية والعسكرية التي تقود المرحلة الانتقالية بعد الإطاحة بعمر البشير في أبريل/نيسان 2019. بعد شهر، توجت جهود الوساطة التي يقودها السودانيون باتفاق يعيد رئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك.

واجهت الصفقة انتقادات شديدة من العديد من السودانيين، الذين خرجوا بالآلاف للاحتجاج على الاستيلاء على السلطة. كما أنها لم تحصل على دعم المسؤولين المدنيين الذين وقعوا اتفاق 2019 مع الجيش. في 2 يناير/كانون الثاني، استقال حمدوك محبطًا بعد فشله في إقناع الجنرالات بالوفاء بالتزاماتهم.

لذلك يجب على الاتحاد الأفريقي والقوى الخارجية الأخرى ممارسة الضغط على كبار الضباط في السودان للانخراط مع ممثلي الحركة الاحتجاجية، والاتفاق على خارطة طريق لاستعادة الحكم المدني، خشية أن تنغمس البلاد بشكل أعمق في اضطرابات دموية طويلة الأمد. كما توصي ورقة توصيات صدرت الثلاثاء الماضي عن مجموعة الأزمات الدولية. وقد جاءت تحت عنوان “ثمانية أولويات للاتحاد الأفريقي عام 2022”. وتناولت ما اعتبرته فرصة لتقييم إنجازات الاتحاد، وكذلك تنشيط عمله لحماية السلام والأمن في القارة.

مأزق الوساطة في أزمة السودان

لعب الاتحاد الأفريقي، جنبًا إلى جنب مع إثيوبيا، دورًا فعالًا في التوسط في اتفاقية تقاسم السلطة المدنية والعسكرية لعام 2019، التي وضعت خارطة طريق واضحة لانتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي. منذ ذلك الحين تراجع دور الاتحاد كضامن ورقيب. ومع ذلك، فقد لعب دورًا مهمًا في الرد على انقلاب أكتوبر.

على الرغم من الانقسامات الكبيرة بين أعضائه، علق مجلس السلم والأمن عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، حتى تتم إعادة السلطة الانتقالية التي يقودها المدنيون. منذ ذلك الحين -ولسوء الحظ- جلس الاتحاد الأفريقي إلى حد كبير على الهامش.

لذلك، يمثل المأزق السياسي في السودان فرصة للاتحاد الأفريقي ليأخذ زمام المبادرة في الوساطة، كما فعل في عام 2019. ولكي يكون أكثر فاعلية، يجب تعيين مبعوث رفيع المستوى مكلف فقط بالسودان ومقره في الخرطوم لتمكين الارتباط، كما تشير ورقة مجموعة الأزمات.

ويمكن أن يكون المبعوث المقترح جزءًا من لجنة يمكن أن يقودها الممثل السامي للاتحاد للقرن الأفريقي أو قائم بذاته. وسيتطلب كلا الخيارين تقسيمًا واضحًا للعمل بين المبعوثين. ينبغي دعم مبعوث السودان من قبل ممثلي الاتحاد الموجودين بالفعل في العاصمة السودانية.

دور الجيش في السودان لا مفر منه

جنبًا إلى جنب مع الجهات الخارجية الأخرى، يجب على الاتحاد الأفريقي ممارسة الضغط على الجيش للقاء ممثلين عن حركات الاحتجاج. ومن ثم رسم مسار نحو العودة إلى انتقال بقيادة مدنية، وفق ما توصي به ورقة مجموعة الأزمات. وتطالب حركات الاحتجاج، التي تحشدها لجان الأحياء -الكيانات الشعبية غير الرسمية- بخروج الجيش من السياسة.

لكن بالنظر إلى الانقلاب وهيمنة الجنرالات على مدى عقود طويلة، فإن بعض الأدوار للجيش أمر لا مفر منه. قد يكون الحل الوسط هو استعادة الوضع السابق، مع وجود رئيس وزراء مدني أمام حركة الاحتجاج وتفويضه بتعيين حكومة. وخارطة طريق قائمة على الإجماع لإجراء انتخابات حرة، وحكم مدني كامل.

الخوف من التنازلات

قد يكون خوف القادة العسكريين من مواجهة تهم بارتكاب جرائم في عهد البشير وفقدان أجزاء كبيرة من القطاعات الزراعية والصناعية السودانية التي يسيطرون عليها عاملًا في قراراتهم.

إذا رفض الجنرالات تقديم تنازلات، يجب على الاتحاد الأفريقي فرض عقوبات فردية على أي شخص يفسد التقدم – فقد اتخذ إجراءات مماثلة ضد المجلس العسكري في غينيا في عام 2009.

وبشكل حاسم، يجب أن يظل الاتحاد الأفريقي منخرطًا في هذا الملف، كما ترة ورقة مجموعة الأزمات. إذ أدى عدم الاهتمام -من جانب الاتحاد الأفريقي وغيره- إلى ترك القيادة المدنية السابقة غير مدعومة، وفتح المجال للجنرالات للإطاحة بها.

يجب أن يثبت مجلس السلم والأمن أنه مستولي على الموقف من خلال عقد اجتماعات منتظمة بشأن السودان لتتبع تقدم المرحلة الانتقالية. علاوة على ذلك، ينبغي للمفوضية أن تركز على تعزيز قدرة مكتب الاتصال في الخرطوم. وهي خطوة خططت لها منذ فترة طويلة ولكنها لم تتخذها بعد في الواقع. وستكون هناك حاجة إلى استمرار الضغط على القيادة الانتقالية حتى موعد الانتخابات وبعدها.