أدى التمرد الحادث في مقاطعة كابو ديلجادو الواقعة في أقصى شمال موزمبيق إلى مقتل أكثر من 3000 شخص. هذا فضلًا عن تشريد أكثر من 750 ألف آخرين. ورغم تمكن قوات من رواندا ومجموعة التنمية للجنوب الأفريقي -سادك- من طرد المتمردين من معاقلهم الرئيسية. لكن المسلحين اقتحموا أماكن أصغر لشن هجمات كر وفر على الجنود والمدنيين.

رغم انتشار بعض الجماعات في مقاطعة نياسا المجاورة، وأن التدخل العسكري الدولي قد وجه ضربة كبيرة للمتمردين، فإن حل الأزمة يتطلب المزيد من الإجراءات التي تتعامل مع أسبابها الأساسية. إذ يجب على الاتحاد الأفريقي أن يدفع الحكومة الموزمبيقية للنظر في طرق لمعالجة مشكلات المسلحين. وفي المقام الأول مطالبهم بأن يستفيد سكان المقاطعة أكثر من استغلال مواردها المعدنية والهيدروكربونية.

هذا هو ما أوصت به ورقة توصيات صدرت الثلاثاء الماضي عن مجموعة الأزمات الدولية. وقد جاءت تحت عنوان “ثمانية أولويات للاتحاد الأفريقي عام 2022”. وتناولت ما اعتبرته فرصة لتقييم إنجازات الاتحاد، وكذلك تنشيط عمله لحماية السلام والأمن في القارة.

جيش موزمبيق الضعيف في مواجهة المسلحين

على الرغم من أن المسلحين الآن في موقف ضعيف. إلا أن بإمكانهم الارتداد بسهولة لاستعادة الأراضي، إذا انسحب شركاء العاصمة مابوتو قبل الأوان. لذلك، سيكون من الأهمية أن يجد الاتحاد الأفريقي طرقًا لدعم بعثة الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي في موزمبيق، وفق ورقة التوصيات.

يقول مسؤولون في سادك وروانديون إن الجيش الموزمبيقي قد يحتاج إلى 12 شهرًا لاكتساب القدرة التي يحتاجها للتعامل مع أزمة كابو ديلجادو وحدها. بينما يقول بعض المسؤولين الموزمبيقيين إن الترقية قد تستغرق وقتًا أطول، وربما عدة سنوات.

وفي اجتماع لمجموعة سادك في بريتوريا في ديسمبر الماضي، تساءل العديد من المسؤولين عما إذا كانت البعثة في موزمبيق يمكنها تأمين التمويل في المستقبل. وقد أعربوا عن قلقهم من أن مابوتو قد تطلب البقاء على الأرض لفترة طويلة.

يمكن أن يساعد الاتحاد الأفريقي في تحديد مصادر تمويل بديلة لمهمة الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي. وسيكون الاتحاد على استعداد لاستخدام آلية التمويل الجديدة، مرفق السلام الأوروبي، لدعم البعثة. لكن بروكسل لن تغطي التكلفة الكاملة للعملية. حيث أنها مصممة على تجنب تكرار تجربة سداد فاتورة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، والتي هي الآن في عامها الرابع عشر.

التعامل مع مطالب المتمردين في موزمبيق

بعيدًا عن مستقبل مهمة السادك، يجب على الاتحاد الأفريقي الضغط على مابوتو للتعامل مع المطالب الجوهرية للمتمردين. في حين أن العديد من قادة التمرد -بعضهم من الأجانب ومعظمهم من تنزانيا- يبدو أنهم جهاديون متشددون. رتب الجماعة هم من الموزمبيقيين، ولا تحركهم الأيديولوجيا بقدر ما يدفعهم الإحباط من الإقصاء السياسي والاقتصادي المتصور.

أدى تطوير الرواسب المعدنية والهيدروكربونية الضخمة في كابو ديلجادو، ولا سيما مشروع الغاز المسال التابع لشركة توتال الفرنسية، وتبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، إلى تفاقم هذه المظالم. لذا، يجب على الاتحاد الأفريقي أن يدفع مابوتو لمضاعفة جهود التنمية في المقاطعة لاستعادة ثقة الشباب المحبطين الذين قد يميلون إلى الانضمام إلى التمرد، كما توصي ورقة مجموعة الأزمات.

كما ينبغي أن يتم تشجيع مابوتو على فتح حوار مباشر مع المتمردين، بهدف إقناعهم بالاستسلام، مع تأكيدات بأنهم يستطيعون القيام بذلك بأمان. هناك حاجة أيضًا إلى برنامج تسريح تموله الحكومة يسمح للمقاتلين بالخروج من التمرد والاستعداد للعودة إلى الحياة المدنية.

التعاون عبر الحدود

يمكن أن يساعد الاتحاد الأفريقي أيضًا في الجهود المبذولة للتصدي لاتصالات التمرد عبر الحدود. إذ يعتمد المتمردون في التدريب والتمويل، بالإضافة إلى بعض التجنيد، على شبكات تصل إلى الساحل السواحلي حتى الصومال، وربما غربًا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذلك إلى خلايا في جنوب أفريقيا.

ويمكن أن يشجع الاتحاد الأفريقي التعاون بين الهيئات الإقليمية التي تواجه التهديد الجهادي العابر للحدود الوطنية. مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، ومجموعة شرق إفريقيا، والسادك.

على سبيل المثال، يمكن أن تدفع الدول الأعضاء ذات الصلة إلى زيادة التعاون الاستخباراتي وإنفاذ القانون، مع التركيز على التحقيقات في الشبكات المالية العابرة للحدود الوطنية التي تدعم التمرد وتقييد حركة الجهاديين الذين يحاولون الانضمام إلى القتال في كابو ديلجادو.

كما يمكن للاتحاد الأفريقي أن يدعم مركز التعاون لمكافحة الإرهاب، التابع للجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، الذي يتم إنشاؤه في تنزانيا. ذلك من خلال تنسيق المعلومات ذات الصلة من المناطق الأخرى ومركز مكافحة الإرهاب الخاص به.