تشهد حركة التبادل التجاري البري بين مصر والسودان أزمة حاليًا بسبب فقدان الخرطوم السيطرة المركزية. خاصة على المناطق الشمالية.

تعرضت عدد من الشاحنات المصرية للاحتجاز بسبب مظاهرات مزارعي الولايات الشمالية. الذين قطعوا الطريق أمام عربات النقل الثقيل وسمحوا فقط بعبور السيارات النقل الخفيف. احتجاجا على قرارات للحكومة السودانية قبل أن تأخذ منحى آخر فئوي.

كانت مظاهرات المزارعين في البداية كرد فعل على زيادة أساحتجاز عار الكهرباء التي تهدد موسم الحصاد في الولاية السودانية الفقيرة في شمال البلاد. بجانب عدم توافر الأسمدة الزراعية خاصة اليوريا، ووعدت الخرطوم بالاستجابة. لكن الأهالي يريدون استلام قرار رسمي خشية رجوع الحكومة في تعهداتها السابقة.

قبل ساعات، هدد المتحدث باسم تجمع المزارعين عثمان خالد بإغلاق شامل للولاية الشمالية وإيقاف الجبايات بكل إنحاء الولاية. مع منع أي حركة تجارية أو مرور السيارات باستثناء سيارات الإسعاف والحالات الإنسانية.

الولاية الشمالية تحدها من الشمال مصر وتمتد حتى الحدود الليبية ومن الشرق ولاية نهر النيل ومن الجنوب ولايتي الخرطوم وشمال كردفان. ومن الجنوب الغربي ولاية شمال دارفور وهي أكبر الولايات الشمالية من حيث المساحة.

يمتهن حوالي 90% من أهالي الولاية الشمالية الزراعة وأغلبهم من محدودي الدخل الذين لا يحصلون على تسهيلات بنكية. وبالتالي يعتمدون على الإنتاج المباشر لكن زيادة أسعار الكهرباء تؤدي لرفع تكلفة الزراعة، وتوقف عشرات المشروعات الإنتاجية الصغيرة.

أزمة الكهرباء تهدد التجارة البينية بين مصر والسودان

المزارعون الذين يغلقون الشريان الأساسي للمرور البري بين السودان والحدود المصرية. يطالبون فقط بحل أزمتي الكهرباء والسماد دون الجنوح إلى أي مطالب سياسية أخرى. لكن بعض التيارات السودانية السياسية تحاول استقطابهم لدرجة وصفهم بلجان المقاومة الشمالية. وإضافة مطالب أخرى لهمة بتخصيص جزء من عائدات التعدين وبقية موارد الولاية لصالح التنمية.

مرت على  الأزمة أكثر من أسبوع، ورغم حساسية عامل الوقت بالنسبة لموسم الزراعي الشتوي الذي يوشك على لانهيار بالنسبة للمزارعين ما قد يدفعهم لمطالب أخرى.

ينعكس إغلاق الطريق على السودان بشكل عنيف، فعبر ذلك الطريق تمر الواردات المصرية الأساسية التي تتضمن نحو 500 سلعة، تأتي من مصر بينها محاصيل أساسية مثل الأرز والعدس الأمر الذي يهدد بارتفاع كبير في الأسعار بالسودان.

يبلغ حجم التبادل التجاري كبير بالنسبة للخرطوم نحو 800 مليون دولار غالبيته في صالح مصر. التي تصدر للسودان عدة منتجات أهمها البلاستيك بقيمة 81.4 مليون دولار وحديد وصلب بقيمة 50.8 مليون دولار. وأسمدة بقيمة 41.8 مليون دولار وزجاج وأواني زجاجية بقيمة 29.4 مليون دولار. ومنتجات صيدلانية بـ26.1 مليون دولار ومواد نسيجية بقيمة  24.3 مليون دولار، وورق بأصنافه بقيمة 17.2 مليون دولار.

تأثيرات الأزمة على السوق

بينما تستورد مصر من السودان بذور وفواكه زيتية بقيمة 83.9 مليون دولار وحيوانات حية بقيمة 45.9 مليون دولار. وقطن بقيمة 45.5 مليون دولار خلال عام 2019 ولحوم وأحشاء وأطراف صالحة للأكل 26.8 مليون دولار.

حال انخفاض نسبة الواردات المصرية فإن مستوى الأسعار سينفلت بالسوق. فالتضخم في السودان سجل 318.21% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول الماضي مقابل 339.58% خلال نوفمبر من العام نفسه. وسط أزمات اقتصادية مزمنة يعود بعضها إلى تاريخ انفصال الجنوب الغني بالنفط.

جاء قطع الطريق بعد أقل من ثلاثة شهور على أزمة طريق عصيان قبائل البجا التي أغلقت طريق بورتسودان – الخرطوم. الذي يعدّ بمثابة شريان الحياة للسودان باعتباره يربط الموانئ الرئيسية على ساحل البحر الأحمر، والتي يُعتمد عليها في استيراد 70% من احتياجات البلاد.

مطالب موجهة للداخل السوداني وليس مصر

محمد الأنور الإدريسي رئيس تجمع المزارعين قال، في مؤتمر صحفي الجمعة الماضية، إنهم يحترمون “لأشقاء في مصر”. للتأكيد على أن مطالبهم مواجهة لحكومتهم وأنهم بعيدون عن السياسية  وحذر في الوقت ذاته من توقف عشرات المشاريع بالمنطقة عن زراعة القمح عقب قرار زيادة الكهرباء.

في 25 يناير/كانون الثاني الماضي طبقت الشركة السودانية للكهرباء زيادة غير معلنة على أسعار الاستهلاك الزراعي من 1.6 جنيه للكيلواط إلى تسعة جنيهات. كما تشمل زيادات كبيرة للاستهلاك المنزلي أيضًا، قبل أن يصدر قرارًا من مجلس السيادة قراراً بتجميد الزيادة لحين دراستها. لكن المزارعون يريدون انتهاز أزمة قطع الطريق للحصول على وعد كامل بإلغائها وليس تجميدها.

في 2020، ألغى السودان دعم الوقود وخفض بشدة دعم الدقيق في إطار إصلاحات تابعها صندوق النقد الدولي. لمدة ثلاث سنوات ويبدو أن سعر الكهرباء أحد مراحله لكن الشركة تؤكد في الوقت ذاته مواجهتها أعباء كبيرة في الصيانة وتوفير الوقود.
خالد قناوى، عضو جمعية النقل البرى بالقاهرة، يقول إن الجهات المعنية في مصر. تتحرك من أسبوع لحل الأزمة سواء في وزارة الخارجية والقوى العاملة والسفارة المصرية وفي السودان. التي تتواجد مع السائقين العالقين وتوفر لهم احتياجاتهم من الغذاء والدواء رغم وقوع المشكلة على بعد 400 كيلو من مقر السفارة.

وقال قناوي إن جمعية النقل البري تواصلت مع بلال ملكاي أمين عام اتحاد الدولي للنقل الدولي. الذي بعض خطاب شديد اللهجة للخرطوم حول احتجاز الشاحنات المصرية. وحذر من تهديدها لحركة التجارة بين البلدين.

يقول قناوي لـ”مصر 360″، إن عدد السيارات المصرية في الأراضي السودانية حاليًا نحو  600 شاحنة في الاتجاهين (الذهاب للخرطوم والعودة). مشيًرا إلى أن السائقين المصريين تلقوا وعود بفتح الطريق في وقت لاحق اليوم من الحكومة السودانية، حسبما أخبرهم السفير المصري بالخرطوم حسام عيسى,

وتدرس وزارة القوى العاملة حاليا بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة أن يتم إنزال البضائع المصرية في المعبر الحدودي. بين البلدين على أن يتولى نقلها شاحنات سودانية. لحين حل مشكلات الولاية الشمالية واستتباب الأمن بها تحاشيًا لتكرار تلك المشكلات مستقبلاً.