تحت عنوان “الحبس الاحتياطي مش عقوبة” انطلقت حملة من أسر المحتجزين احتياطيا في قضايا سياسية لفترات مختلفة تخطت العام. ووصلت إلى الأربعة سنوات لإنهاء فترات الحبس الطويلة والتدوير.

تتعارض تلك الفترات من الحبس الاحتياطي مع المادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية. التي تنص على “ألا يتجاوز مجموع مدد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق والمحاكمة بأي حال من الأحوال مدة عامين”. ولا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية.

حدد القانون المدد القانونية للحبس الاحتياطي “بحيث لا تجاوز 6 أشهر في الجنح و18 شهرا في الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة هي السجن المؤبد أو الإعدام”.

انطلقت تلك الدعوة بعد مطالبة محمد صلاح بتحويله إلى المحاكمة، نظرا لاستمراره رهن الحبس الاحتياطي، عامين وثلاثة أشهر. ومن ثم تقدم المحامي مختار منير بطلب إلى النائب العام وكذلك إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، لعقد محاكمة عاجلة لمحمد صلاح. وأيضا وقف حبسه الاحتياطي اللانهائي، كما ينص القانون والدستور.

وقال صلاح خلال رسالته التي سلمتها زوجته إسراء عبد الفتاح، “سأتوقف نهائيا عن المطالبة بإخلاء سبيلي أو الإفراج عني أريد تحويلي لمحاكمة علنية. كما ينص القانون والدستور فسوف أتغاضي عن حبسي على ذمة القضية الأولى فأنا محبوس علي ذمة القضية الثانية لمده ١٨ شهرا”.

لاقى الهاشتاج تفاعلا كبيرا، ومن جانبها كشفت إلهام عيداروس وكيل مؤسسي حزب العيش الحرية. عن أوضاع سجناء السويس، قائلة: “لا تنسوا سجناء السويس المحبوسين من سبتمبر ٢٠١٩ حتى الآن، عمال ونقابيين وشباب مكافح وموظفين مسؤولين عن أسرهم. محبوسين لعامين ونصف في سجون شديدة السوء مثل سجن الزقازيق العمومي وأبو زعبل”.

وذكرت عيداروس عن بعض من هؤلاء المعتقلين وهم محمد وليد، لؤي الخولي، خليل عبد الحميد، خالد محسن، مؤمن ربيع، أيمن نحمدو، ورشاد كمال، وغريب مقلد وآخرين.

لم يكن هؤلاء المحتجزين بالسويس بمعزل عن الآخرين، فمنذ أكتوبر 2018 يستمر احتجاز الناشر أيمن عبد المعطي. لـ 3 سنوات و 8 أشهر قضى منهم سنة و11 شهرا على ذمة القضية ٦٢١، ثم تم تدويره على ذمة القضية 880 وهو محبوس على ذمتها منذ حوالي سنة و5 أشهر.

رهن الحبس الاحتياطي

ومن جانبها قالت زينب مصطفى، زوجة الناشر أيمن عبد المعطي ومدير الدعاية والتسويق لدار المرايا للنشر والتوزيع. “لحد إمتى ممكن يستمر الوضع ده لأيمن واللي زيه لحد إمتى؟”. مطالبة الجميع بالمشاركة في حملة المطالبة بالإفراج عن المحبوسين وإنهاء فتراتهم الطويلة وتدويرهم.

كما تضامنت مع الحملة الصحفية هبه أنيس زوجة الدكتور وليد شوقي، والذي يقضي حتى الآن 3 سنوات ونصف رهن الحبس الاحتياطي. تم قضاؤها على ذمة القضية 621 والتي قضى بها سنتين، بعد القبض عليه في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

بعد عامين، أخلي سبيل “شوقي” في 24 أغسطس/آب 2020. وبدلا من تنفيذ قرار المحكمة تم إخفاؤه للمرة الثانية، ثم تدويره وعرضه مرة أخرى على نيابة أمن الدولة في 6 أكتوبر 2020، والتحقيق معه على ذمة القضية 880 لسنة 2020 المعروفة بأحدث سبتمبر 2020، ليستمر احتجازه على ذمتها عام ونصف.

وتفاعلت صفحة حملة لعمرو إمام، وهو محامي تم إلقاء القبض عليه من منزله ليلة 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2019. ليصبح متهم في القضية رقم 488 لسنة 2019 التي كان محام فيها.

يستمر احتجاز المحامي عمرو إمام عامين و4 أشهر رهن الحبس الاحتياطي المطول. في زنزانة انفرادية وبدلاً من أن يحصل على قرار عادل بإخلاء سبيله يفاجأ في 26 أغسطس/أب 2020 بالتحقيق معه على ذمة قضية جديدة رقم 855 لسنة 2020 بالاتهامات نفسها تقريبا.

وطالبت أسرة إمام بإخلاء سبيله أو تبديل الحبس الاحتياطي بأي تدبير آخر مناسب. حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي من إجراء احترازي كما وصفه المشرعين إلى أداة تنكيل وعقوبة لمحامي وأب ورجل مسؤول.

“سنتين إلا 3 أسابيع “، بهذه الكلمات تحدثت إيمان محروس زوجة أحمد سبيع. موضحة عن ظروف اعتقاله التي بدأت عقب تأدية واجب العزاء بمسجد الحمد بالتجمع الخامس في 28 فبراير/شباط 2020. ليختفي بعدها وليظهر في 2 مارس/أذار في نيابة امن الدولة.

بدأت مرحلة احتجاز سبيع بتجاوز في حقوقه. حيث تم منع حضور المحامين معه ليتم حبسه وتقييده في سجن شديد الحراسة 2 في ظروف غير آدمية، على حد وصف زوجته.

وتابعت الزوجة: “تم منع الزيارة عنه ومن كافة أشكال التواصل. وحتى جلسات تجديده لم يلتقيه المحامي لعدم حضوره طوال الفترة سوى آخر تجديد حيث رآه من خلف القفص الزجاجي العازل للصوت والرؤية”.

التدوين سلاح للمقاومة

وتم إدراج أحمد على ذمة القضية 1360 لسنة 2019 ووجهت له تهم نشر أخبار كاذبة وانضمام. رغم أن هذه نفس التهم التي سبق أن نُسبت إليه وحُبس على ذمتها 4 سنوات سابقا وحصل بها على حكم فيها بالبراءة مما نسب إليه.

وأشارت الزوجة إلى أن من يقوم بنظر التجديد الخاص بزوجها هو نفسه من حكم بـ”البراءة” من نفس التهم. ورفض الاستماع إلى المحامي الذي قدّم له صورة الحكم. قائلاً “لا تُحدّثني عن القضية نحن ننظر تجديدات وفقط”.

وحتى كتابة هذه السطور، أكدت إيمان محروس أنه لا يزال يتم منع الأسرة من زيارته ومن إدخال زيارة آدمية بكل احتياجاته من علاج وغطاء وملابس فضلاً عن طعام مناسب. قائلة، :”ممنوع يعرف حاجة عن أسرته أو يرى أولاده، ممنوع من الحياة بأكملها، افرجوا عنه فهذا أقل حق من حقوقه المسلوبة”.

حملة المهندس إبراهيم عز الدين، شاركت بدورها في حملة التدوين. وقالت إن “إبراهيم عز الدين، مهندس وباحث عمراني. محبوس احتياطيا من يونيو 2019؛ قضى حوالي سنة و٦ شهور على ذمة القضية 488 لسنة 2019. ثم تم تدويره على ذمة القضية 1018 لسنة 2020 ومحبوس على ذمتها من أكثر من سنة”.

من جانبها، شاركت أيضا الدكتورة ندى مقبل، زوجة الدكتور المحتجز محمد محيي الدين، ضابط متقاعد بالقوات المسلحة. وأستاذ مساعد بكلية الهندسة في جامعة بني سويف، في الحملة، مطالبة الجميع بتسليط الضوء على الحبس الاحتياطي الممتد. بالمخالفة للقانون أو بالتحايل عليه (التدوير) وتفعيل استراتيجية حقوق الإنسان.

وقالت مقبل: “دكتور محمد محيي الدين وغيره كتير يتعرضوا لظلم غير محدد المدة بسبب رأي أو موقف معارض. دكتور محمد تم القبض عليه في 22 فبراير 2019 بعد إعلانه رفضه لتعديلات الدستور وتم ضمه للقضية 277 لسنة 2019، خلال 3 سنين لم يحصل على أي إخلاء سبيل”.

مطالب لإنهاء الحبس الاحتياطي

طالب عدد من المنظمات والمراكز الحقوقية والبرلمان بتبديل الحبس الاحتياطي بإجراءات احترازية أخرى. ففي أبريل/نيسان الماضي تم التقدم بمقترح في البرلمان المصري من خلال النائبة سميرة الجزار، عضوة لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان. باستبدال الحبس الاحتياطي بسوار المراقبة الإلكتروني، في حالة سجناء الرأي أو الجنائيين بتهم بسيطة. لإنهاء أزمة عقوبة الحبس الاحتياطي، والمحكوم عليهم بأحكام بسيطة والغارمات.

وأيدت ذلك الاقتراح بعض الجهات الحقوقية بهدف تقليل أعداد المحتجزين. خاصة في ظل ظروف وباء كورونا، والتكدس في السجون المصرية.

كما قدم مركز التنمية والدعم والإعلام (دام) 15 توصية لإنهاء أزمة الحبس الاحتياطي في مصر. تضمنت وقف الحبس الاحتياطي المطول الذي تلجأ إليه النيابة العامة والمحاكم والالتزام بالتعديلات الواردة بموجب القانون 143 لسنة 2006. وكذلك اقتصار حق استخدام الحبس الاحتياطي من قبل النيابة العامة على درجة معينة من أعضائها. وأيضا إلزام النيابة العامة أو المحاكم بتسبيب أوامرها القضائية بالحبس الاحتياطي.

كما طالبت بضرورة إعادة النظر في المنظومة القانونية بشكل عام. خاصة في نصوص المواد العقابية ذات العلاقة بممارسة حرية الرأي والتعبير عامة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص.