تواجه صادرات الموالح المصرية لروسيا أزمة جديدة بفعل قرار الهيئة الفيدرالية الروسية لحماية المستهلك رفض شحنات من البرتقال المصري. ذلك لاستخدام أحد أنواع المطهرات على الثمار في مرحلة تعبئتها. رغم أنه أحد الأنواع المعمول بها دوليًا في جميع الأسواق المستوردة.
لم تعلن وزارة التجارة عن عدد الحاويات التي تم رفضها. لكن مصادر أكدت أنها تتعلق بشركتي “البنا” و”بيراميدز” الكبيرتين في التصدير. وفي حدود 200 طن من البرتقال.
طبقًا للمواصفات الأوروبية والعالمية، يسمح باستخدام أنواع بعينها من المطهرات في محصول البرتقال. وذلك بنسب محددة ومتعارف عليها، تطبقها روسيا، أو كانت قبل أن يفاجأ الجانب المصري بقرار جديد من موسكو يحظر قبول أي منتج يستخدم فيه المطهر الدارج محليًا.
نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، عقدت اجتماعًا مع جيورجي بوريسينكو، السفير الروسي بالقاهرة. حيث ناقشا قرار إيقاف شحنات البرتقال المصرية الموجهة للسوق الروسية. ووفقًا لبيان وزارة التجارة والصناعة، فإن المكتب التجاري المصري بموسكو والحجر الزراعي المصري يجريان -حاليًا- اتصالات مكثفة مع الجانب الروسي لحل المشكلة.
جامع أكدت للسفير الروسي أن وزارتها حريصة على تصدير منتجات مطابقة للمواصفات العالمية ومعتمدة بالجهات الروسية المعنية. خاصة أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا في تصدير البرتقال.
ويصل إجمالي صادرات البرتقال المصري لحوالي 2 مليون طن سنويًا. وهي تُصدر إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان.
والسوق الروسية أحد أهم الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية من الموالح عالميًا. إذ بلغ إجمالي الصادرات العام الماضي نحو 489 مليون دولار، مقارنة بنحو 416 مليون دولار، محققة نسبة زيادة قدرها 17.5%.
الدبلوماسية لحل أزمة البرتقال المصري
سفارة موسكو بالقاهرة، قالت إنها تتابع باهتمام بالغ تطورات وقف شحنات البرتقال المصرية بالموانئ الروسية. كما تنسق مع السلطات الروسية المعنية إيلاء المزيد من الاهتمام بالمشكلة، والعمل على حلها في أسرع وقت ممكن.
وتتشابه تلك المشكلة مع أزمة شبيهة حدثت قبل عام بالتمام والكمال. حينما طلبت الصين إرجاء تصدير الموالح المصرية لحين الانتهاء من التفاوض بين سلطتي الحجر الزراعي بالبلدين بشأن بعض البنود المرتبطة بالتفتيش على الشحنات المصدرة.
وقد نجح المكتب التجاري المصري في بكين -حينها- في التوصل لاتفاق مع الجمارك الصينية، يقضى باستمرار تصدير الموالح بنفس قائمة المحطات والمزارع المصرح لها بالتصدير من الموسم السابق. وذلك لحين اعتماد القائمة الجديدة.
يتم تطهير الفاكهة بإضافة مطهرات بعينها إلى مستحلبات الشموع. ما يساعد على عدم نمو البكتريا والفطريات على الثمار، خاصة العفن الأسود. كما تساعد في إطالة فترة تخزين الثمار لمدة 7 أيام تقريبًا، وتعطيها لمعانًا وشكلًا مميزًا.
تضييق روسي على مصدري الموالح
القرار الروسي، لا يستهدف مصر تحديدًا، ولكن مصدرين الموالح بوجه عام. فمنذ نهاية أكتوبر الماضي حظرت دائرة مراقبة المستهلك استيراد المندرين (اليوسفي الطازج) من قبل إحدى الشركات التركية. وذلك بمزاعم تتعلق بزيادة تركيز المبيدات.
القرار الروسي -حينها- أكد أن الصادرات التركية تضمنت متبقيات مبيد الكلوربيريفوس، والتي يتجاوز تركيزها الحد الأقصى المسموح به. ذلك بمقدار ضعف النسبة المسموح بها (2.5 مرة).
تركيا هي أكبر مورد لليوسفي إلى روسيا. وخلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021 تم نقل 107.6 ألف طن من تركيا لروسيا. بينما جاءت في المرتبة الثانية باكستان بأكثر من 73 ألف طن. ثم المغرب ومصر وجنوب إفريقيا.
في التوقيت ذاته، تم السماح للصين باستئناف توريد محاصيل الحمضيات إلى روسيا، بعد انقطاع دام عامين. وقد ارتبط الحظر حينها بزيادة حالات الكشف عن كائنات الحجر الصحي الضارة على الفاكهة.
ومع عودة المنتج الصيني، تم وقف استيراد الليمون واليوسفي والفلفل والعنب والرمان والبرتقال والنعناع المجفف من تركيا وإيران ومصر إلى الاتحاد الروسي. وكان ذلك بزعم الزيادة في المبيدات الحشرية.
وخلال الأسبوع الأول من ديسمبر الماضي، تم تحديد 8 أنواع من المنتجات الغذائية الزراعية (اليوسفي والليمون والعنب والرمان والفلفل الحلو والحار والبرتقال والنعناع المجفف) من قبل 35 منتجًا من تركيا وإيران ومصر وتزعم روسيا بنحو كميات متبقية من مبيدات بها.
تقول موسكو إن 12 من شركات للتصدير في الدول المذكورة لم تنجح في التسجيل الرسمي ولا يُسمح باستخدام منتجاتها في الاتحاد الروسي، بسبب تركيزات مبيدات الآفات مثل الكلوربيريفوس، الأسيتاميبريد. وهي مواد من فئة الخطر الثانية، تجاوزت الحدود الآمنةَ.
ويبدو القرار الروسي غريبا بالنسبة لمصر. خاصة أن مصر خلال الموسم بين سبتمبر 2020 ويوليو 2021 صدرت ما يقرب من 310 آلاف طن من البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي. لتحتل بذلك المرتبة الأولى بين المصدرين. وبزيادة قدرها 21.7٪ مقارنة بالفترة ذاتها خلال الموسم السابق 2019/ 2020. والاتحاد الأوروبي أكثر صرامة في اشتراطاته من روسيا.
أبعاد أخرى للقرار الروسي ضد البرتقال المصري
ربما يرتبط القرار الروسي بأبعاد أخرى. فموسكو أوقفت استيراد 6 منتجات تركية بشكل مؤقت بزعم رصد مواد ضارة. بينما تتحدث الصحف الروسية أن الأمر مرتبط بخلاف مع أنقرة التي باعت طائرات دون طيار لأوكرانيا، استخدمت إحداها في تدمير دبابة روسية.
وتوقفت روسيا عن استقبال المنتجات الواردة من تركيا في مرات متباعدة خلال السنوات التالية، كسلاح لمعاقبة أنقرة، مثلما حدث مع أزمة القاذفة الروسية “سوخوي” التي أسقطتها تركيا على الحدود مع سوريا قبل أعوام.
لكن بالنسبة بمصر، لا توجد أي مشكلات سياسية مع موسكو أو مخاوف من نسبة المتبقيات. والحديث عن أزمة مطهر على القشرة الخارجية تبشر بحل أزمة الموالح المصرية خلال ساعات، بحسب مصدر بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية.
يقول المصدر إن الموالح المصرية المصدرة عبر الشركات تضع قواعد صارمة حول المتبقيات، ولديها باع طويل في التصدير ومستشارين من ذوي الخبرة العالمية والمحلية، ولن تخل بالاشتراطات الموضوعة.
شركة بيراميدز التي شملها القرار الروسي تعتمد فى توفير البرتقال للأسواق الخارجية بنسبة %50 من مزارعها و%50 من مزارع أخرى مسجلة ومعتمدة، وصدرت خلال 2020 نحو 35 ألف طن من الفاكهة، واستهدفت في 2021 رفعها إلى 100 ألف طن.
أما شركة البنا فتمتلك محطتين لفرز وتعبئة وتصدير الموالح بمنطقتي وادي الملاك وأخرى بمنطقة السادات بالحزام الأخضر، بطاقة انتاجية إجمالية للمحطتين؛ حوالي 170 ألف طن سنويًا.
الحجر الزراعي المصري، قال إن وقف شحنات الشركتين لأسباب فنية خاطئة وغير مدروسة من هيئة حماية المستهلك الروسية. فالعينات من الشحنات سليمة 100% ومطابقة للمعايير العالمية والمواصفات الروسية أيضًا.
وقال المهندس السيد عباس، مدير المكتب الفنى بالحجر الزراعى، إن من أكبر الأسواق التي نصدر لها سوق الاتحاد الأوروبي ، متابعًا: “دي ناس مبتهزرش”.
أضاف أن المنتجات المصرية مطابقة للمواصفات القياسية العالمية، من خلال اختبار التقاوى ومتابعة وزارة الزراعة، ويتم إعطاء الفلاح كتيب يلتزم بالتعليمات التى تطابق المواصفات العالمية حتى يتم تصدير المنتجات الزراعية للدول الخارجية.