تسأل إحداهن كيف يقضي المتزوجون عيد الحب، فتتلقى العديد من التعليقات الساخرة، والتي تضع الزواج في صيغة عداء للحب. فهل الزواج مشروع فاشل لأنه يُعادي الحب؟

تعودنا صورًا نمطية للأزواج والزوجات، تكشف عن تكشيرات، صمت، خلافات وكأن حالة عدائية بامتياز. هذه التهويمات والصور التي يتم غرسها صور مؤهلة ومُعدة للمقبلين على الزواج كي يسكنوا ذات القالب، إنه الاستعداد للفشل الذي يكسر آمال السعادة.

الزواج مؤسسة لها نسب فشل وأخرى للنجاح

الفارق بين التطوع والالتزام هو ذاته الفارق بين الزواج والارتباط خارج المؤسسة. حيث تتمثل المسؤولية والضغوط بقيود تجعل صاحبها يشعر بثقل. فما يفعله بإقدام وسعادة تجاه الشريك في حالة الارتباط، نجده متذمرًا وفي ضيق وهو يفعل جزءًا منه في الزواج. هذا الأمر الذي يفلت منا عند المناقشة. إذ أن حالة الترصد والتربص للشريك نابعة من دور المراقب الذي يمارسه كل طرف تجاه شريكه خاصة في المناسبات.

على سبيل المثال، في عيد الحب الذي يقترب، عندما كان الزوجان في حالة حب وارتباط كان كل منهما يُفكر ويخطط لمفاجأة الآخر. يسعى بكل جهد لشق ابتسامة تملأ وجهه. أما المتزوجون فأولوياتهم مختلفة. تأتي الالتزامات والمسؤوليات كنصال حادة، تقطع كل طموح في السعادة، وتتبدل الأدوار. فإن أبدى الزوج رغبته في الخروج أو السهر أو الاحتفال جاءت الزوجة لتتهمه بعدم التقدير وعدم الإحساس بالمسؤولية. ثم تنقلب أفكارها في اتجاه آخر؛ توفير المال لأمر أسري أو خاص بالأولاد، وإن بادرت الزوجة كان الزوج مخيبًا للآمال.

ما يحدث في الزواج يمكن أن نجده عندما يريد صاحب كشك إدارة سوبر ماركت بنفس منطق إدارة الكشك. فلا وعي حقيقي بطبيعة الحالة التي يعيشها الفرد وشكل المسؤولية التي يتحملها. ومن هنا، تحدث الفجوة، حيث تأتي المقارنات غير المتسقة، والتي غالبًا ما تقودها المرأة. إذ تلعب لعبة التبادل؛ تُريد منطق المرتبطين ومسؤولية الزواج. وهي ترغب في التدليل والهدايا، وتحاسب على تراجع مسؤولية الزواج.

الرجال أيضًا، يدخلون إلى الزواج محملين بصور نمطية أقرب لصور المستشرقين عن الشرق، الممتلئ بالجواري والمحفوف بالرغبة والغناء والرقص. كل من الطرفين يدخل إلى شركة الزواج من باب غير الآخر، ويريد إدارته بمنطقه فتزداد احتمالات الفشل، ويتحول الزواج إلى حلقة صراع وتحقيق مكاسب الحرب.

صور ثابتة تقود إلى الفشل

بعض الحيل النفسية التي تتم ممارستها في التسويق هي الترويج للسعادة والتميز. وهو الأمر الناجح، الذي يُشعر الفرد بحالة من التميز. وهو ما يروج لسلعة دون أخرى.

على النقيض، فإن الصور التي يتم ترويجها عن الزواج هي النكد – المراقبة – الضغوط – الملاحقة وكثير من الأمور التي تؤهل الطرفين لحالة من الضيق والغضب. والحزن بطبيعة الحال أكثر تأثيرًا من الفرح، والدراما تصنعها المشاكل، ولذلك سنجد الحكايات الرائجة هي التي تتناول الخيانة والتخلي والعنف. في حين أن عشرات القصص التي تتناول السعادة والتفاهم هي قصص تخص أصحابها.. جزء من الأمر أن أصحابها يخافون قصّها بسبب الحسد، وسبب آخر أنها لا تجد زبونًا.

رجل يتحدث عن امرأته التي تفتش أغراضه سيجد مناصرين أكثر من الذي لديه خصوصية ويحرص على خصوصية زوجته. كما أن زوجة يهتم بها زوجها لن تجد في سامعيها سوى الحسد وعشرات القصص المضادة المحتوية على الإهمال. ولكل هذه الصور الرائجة يُقدم الطرفان على الزواج. وكل منهما يعد نفسه بتعاسة يتمسك بها مع التفاصيل الصغيرة. ويتم تأويل تصرفات الشريك وفق الصور المسبقة. فالاستعداد للفشل أقوى عوامل الفشل، لماذا إذا نُقدم على علاقة نرى فشلها ونغض البصر عن نجاحها؟

البحث عن الفشل يقود إليه

ترتدي النساء فساتين السهرة في المناسبات. بينما يحرص الرجال على الملابس الرسمية في المناسبات الرسمية. والغالبية ترعي الـ CODE Dress. لكن عند التعامل مع العلاقات، فإننا نقيس بمقاييس أخرى، كأن تدخل السوبر ماركت وتطلب كيلو عصير ولتر لحم. هذا ما يحدث في الزواج. فالرجل ينتظر من زوجته أن تلعب دور العشيقة والمرأة اللعوب ويقيمها أيضًا كزوجة يحاسبها على الالتزامات العائلية والمنزلية. كذلك الزوجة التي ترغب في رجل عاشق ورومانسي وفي ذات الوقت لن تصمت إذا تراجع في أي مسؤولية.

القياس بأدوات غير ملائمة هي محاولات لإثبات فشل الشريك، والتأكيد على مظلومية يعيشها كل طرف تطلبًا لدعم خارجي يتمثل عند الرجل في علاقات خارج الزواج. وربما ذات الأمر عند الزوجة.

نتجاهل زيادة العلاقات غير الشرعية للزوجات. لأنه أمر مُرسل ولا يمكن إخضاعه لدراسة هذه أمور لن يشارك بها أحد، لكن حالة من التعاسة يسعى لها الطرفان بجد واجتهاد وكل منهما يحاول تحقيقه بدأب ومثابرة لو استخدمنا ربع الجهد المبذول للتأكيد على فشل الشريك في إنجاح العلاقة كنا سنجد كثير من العلاقات الناجحة.

فرص النجاح المتوفرة

المناسبات فرص عظيمة لتجديد العلاقات. خاصة تلك المتشبعة بحالة من الدفء والرومانسية.. نحن بصدد عيد الحب، وكل منا ينتظر ما سيفعله الشريك. بينما تقل حالة التأهب فيما سيفعله هو للشريك. فإذا تفهم كل طرف حقيقة وضعه الحالي، وصنع حالة الحب التي تليق بواقعه وظروف العلاقة، واستعد دون أن ينتظر، سيتحول الأمر لحالة من البهجة.. نحن نسقط ضحايا نصال العشم، والانتظار والتوقعات. فماذا إن حاولنا ألا نضع توقعات؟