كتب النادي الأهلي المصري تاريخًا كبيرًا من جديد بكأس العالم للأندية، وأصبح أكثر أندية العالم تتويجًا بالميدالية البرونزية والمركز الثالث به عبر كل العصور. وذلك بعد الفوز على بطل آسيا الهلال السعودي مساء أمس السبت برباعية نظيفة قاسية. ليواصل إنجازاته وإعجازه الكروي وعلى مستوى النجاحات والألقاب والفخر العالمي والقاري والمحلي لزعيم أفريقيا ومصر والوطن العربي “المارد الأحمر“.
رباعية الأحمر جاءت بشكل استثنائي بعد بداية قوية للغاية للمباراة أمام زعيم المملكة. حيث بدأ الشوط الأول بنشاط وضغط رهيب على عناصر بطل السعودية وخطف هدفا مبكرًا عن طريق مدافعه ياسر إبراهيم. قبل أن يطرد نجم الهلال بيريرا مبكرًا ثم أحرز الأهلي الثاني عن طريق اللاعب نفسه. وتزداد الإثارة بحالة طرد ثانية لزعيم آسيا.
ثم يحرز أحمد عبد القادر الثالث للشياطين الحمر وينهي على المباراة تمامًا من شوطها الأول.
وجاء الشوط الثاني من طرف واحد حتى أسكن عمرو السولية قذيفة نارية في مرمى محمد العويس لتنتهي المباراة برباعية دون رد مع الرأفة. ويحقق الأهلي الميدالية البرونزية الثانية على التوالي والثالثة بتاريخه الكبير. ونستعرض هنا أسباب ذلك الانتصار العريض لأبناء الجزيرة.
موسيماني ملك المواعيد الكبرى
مرة أخرى يثبت المدرب الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني جدارته كأحد أفضل المدربين في القارة وفي المنطقة العربية. بسبب كل ما يقدمه مع الأهلي. فقد لعب بتشكيل مثالي وهجومي من البداية. وكان الضغط واضحًا منذ الوهلة الأولى للفريق المصري. حيث لم يتمكن الهلال من مجاراة الضغط المستمر وهو ما تسبب في العديد من الأخطاء الدفاعية.
البرتغالي ليوناردو جارديم مدرب الهلال وقف عاجزًا أمام موسيماني. رغم امتلاكه كافة الأسلحة للخروج بالكرة ومقاومة الضغط العالي. في تفسير آخر لهذه الكارثة المحققة فلم يستطع قراءة الأهلي جيدًا ولا التعامل السريع مع موسيماني وتشكيله وسرعة وقوة وشراسة لاعبيه ليتلقى الضربة تلو الأخرى دون أن يحرك ساكنًا.
الأهلي والهلال.. وعدم التقدير الكافي
كان من الواضح من مجريات المباراة عدم دخول الهلال جاهزًا من أجل مواجهة الأهلي بالشكل الكافي. وكأن البطولة انتهت بعد الخسارة من تشيلسي. فمن المفهوم أن مواجهة بطل دوري أبطال أوروبا مختلفة عن لقاء الأهلي. لكن هذا لا يعني عدم اللعب بالجدية الكافية أمام بطل أفريقيا. أو الاعتماد على مستواه في مباراة بالميراس بنصف النهائي التي كان أداؤه فيها غير جيد. فالبطل يظهر في تلك المواقف ومن الممكن أن يتغير 180 درجة من مباراة لأخرى. وهو ما قد كان وصعق جارديم والهلال في أرضية الملعب بشكل مفاجئ للغاية.
هنا يجب توجيه الاتهام مرة أخرى إلى جارديم الذي فشل في تحضير لاعبيه نفسيًا وخلق الدوافع الكافية أمامهم لانتزاع المركز الثالث. وهو ما يأتي بمثابة الدرس للبرتغالي الذي لن تتهاون معه جماهير الهلال بعد الآن بعد هذا السقوط المدوي والكارثي.
فنيًا قام جارديم بأمور كثيرة غريبة وأحدث تغييرات عديدة أثرت على شكل الفريق وأسهمت في هذه النتيجة المفجعة. ومنها الاعتماد على الحارس محمد العويس بدلًا من عبد المعيوف الذي لعب أول مباراتين أمام الجزيرة ثم تشيلسي. وكأن المدرب لا يهتم من الأساس بهذه المباراة. ثم قيامه باستبعاد ميشايل ديلجادو مرة أخرى من التشكيل الأساسي بعد دخوله كبديل أمام تشيلسي. رغم قيام الهلال بشراء اللاعب خصيصًا للبطولة. وأخيرًا الاعتماد على سعود عبد الحميد بدلًا من محمد البريك الذي تسبب في خطأ الهدف الأول للأهلي. بالإضافة للإصرار على ماتيوس بيريرا رغم هبوط مستواه وعدم وجود النيجيري أوديون إيجالو كأساسي.
حالتا طرد وشخصية الأهلي تحضر
على النقيض تمامًا مرة أخرى تجد أن الأهلي يمتلك الشخصية اللازمة للمواعيد الكبرى والتعافي من أي أزمة ممكنة. فبعد أن تعرض لصدمة في أحلامه بالوصول للنهائي بعد الخسارة من بالميراس لم تحدث مشكلة عند المارد الأحمر الذي أصبح متخصصًا في مونديال الأندية.
وهنا يعود الفضل لموسيماني الذي تغلب على كل الظروف التي واجهته والشكوك المحيطة بمستقبله. ليصنع التاريخ مرة أخرى بانتصار كبير. فالأهلي دخل متحفزًا لتعويض خيبة بالميراس بالحصول على مركز مشرف. بدلًا من اليأس والاستسلام لضياع حلمه الأكبر. وهو ما يعكس شخصية الأهلي عمومًا على مر العصور.
ربما ساعد الأهلي استكمال الهلال للمباراة بـ9 لاعبين من الشوط الأول بطرد الثنائي بيريرا وكنو لتعمد الإصابة والضرب دون كرة. وأثر ذلك قطعيًا على حظوظ الفريق الأزرق في باقي المباراة. ولكن الأهلي كان قد تقدم بهدف بالفعل قبل تلك الحالات وكان الأفضل منذ انطلاقة المباراة ومصرًا أكثر على الفوز.
كما كان للجانب الفني للأهلي دور كبير في أداء الجبهة اليسرى. وذلك بقيادة الرائع علي معلول -أحد أهم المحترفين في تاريخ النادي- وكان من نجوم البطولة ومن أفضل اللاعبين بها. حيث استخدمه موسيماني مرة أخرى كسلاح فتاك في مواجهة الهلال وأدى وظيفته على أكمل وجه. فصنع الهدف الأول لياسر إبراهيم من عرضية متقنة. فضلا عن تهديده الهلال كثيرًا من الناحية اليسرى. وجعل من سعود عبد الحميد نقطة ضعف واضحة وأرهق بديله محمد البريك بعد نزوله. بالإضافة للساحر الجديد أحمد عبد القادر صاحب الهدف الثالث السينمائي بعد مهارة كبيرة منه وأداء ساحر وممتع طوال اللقاء ليفرض نفسه نجمًا فوق العادة بتشكيل الأهلي خلال الفترة الحالية والمقبلة بالتأكيد.
أرقام استثنائية للأهلي عقب البرونزية
عديد من الأرقام المميزة حققها الأهلي بهذا الانتصار العريض أمام الهلال وهذا الإنجاز بالفوز بالميدالية البرونزية الثالثة في تاريخه. نستعرض أبرزها في 5 ومضات آتية:
* الأهلي تخطى رقم مونتيري المكسيكي صاحب البرونزيتين. وبات أكثر الأندية تحقيقًا للميدالية البرونزية للمرة الثالثة بعد نسختي 2006 و2020.
* كما حقق أكبر فوز له في تاريخه بكأس العالم للأندية. حيث كان الأكبر له قبل مواجهة الهلال الانتصار على أوكلاند سيتي النيوزيلندي بهدفين دون رد في 2006.
* المارد الأحمر يحقق انتصاره الثاني على الأندية العربية في كأس العالم للأندية بعد التفوق على الدحيل القطري بهدف نظيف في النسخة الماضية.
* موسيماني أصبح أول مدير فني في تاريخ الأهلي يحقق برونزيتين في مونديال الأندية. متفوقًا على البرتغالي مانويل جوزيه الذي حققها في 2006.
* ياسر إبراهيم مدافع الأهلي يعادل أهداف عماد متعب مهاجم الفريق السابق من حيث عدد الأهداف بالرقم 2 بعد ثنائيته في شباك الهلال بطل آسيا.