يبدو أن قدر نادي الزمالك هو الاستمرار في أزمات لا نهاية لها. فبعد موسم كبير استطاع خلاله التتويج ببطولة الدوري الممتاز بعد صراع شرس مع الأهلي ولأول مرة منذ 6 مواسم كاملة. عاد الفارس الأبيض لمواجهة كل أزمات العالم بأسره في الموسم الحالي من مشاكل إدارية وعدم استقرار. لقلة موارده مالية وعدم التجديد لنجوم الفريق وعلى رأسهم المغربي أشرف بن شرقي والحارس الدولي محمد أبو جبل.

أيضا كان لعودة مرتضى منصور لرئاسة النادي وما سببته من انقسام واضح في الفريق ونجومه الكبار عبر تاريخه. ليدخل النادي النفق المظلم مرة ثانية وتدفع جماهيره الثمن باهظا من أعصابها وحزنها على نتائج وأحوال فريق ميت عقبة الأشهر.

فبعد التعادل الصعب أمام بترو أتليتكو الأنجولي باستاد القاهرة قبل أيام عديدة في افتتاح دور المجموعات لدوري أبطال أفريقيا. في الدقائق الأخيرة بعد تأخره بهدفين نظيفين، خسر الزمالك مساء أمس ببطولة الدوري الممتاز أمام مستضيفه سموحة السكندري بهدفين دون رد. وسط أداء ولا أسوأ من المدير الفني الفرنسي باتريس كارتيرون للقلعة البيضاء. بجانب عدد كبير من اللاعبين وتحديدًا العناصر البديلة.

كارتيرون فاجئ المدرب الكل بمشاركتها أساسيًا مع وضع نجوم المنتخب والأجانب على مقاعد البدلاء. ليتلقى الفارس الأبيض خسارته الثانية هذا الموسم بالدوري ويبتعد عن الصدارة بفارق 6 نقاط محتملة مع الأهلي إذا ما فاز بلقائيه المؤجلين.

كارتيرون يتعمد الخسارة ليرحل عن الزمالك

بدا واضحًا أن كارتيرون مدرب الزمالك يرغب في الرحيل ويتعمد الخسارة لتتم إقالته من قبل الإدارة. حتى لا يتحمل قيمة الشرط الجزائي في عقده هذه المرة “راتب 3 أشهر”، مثلما فعل من قبل عند هروبه بالمرة الأولى صوب التعاون السعودي. فيبدو أن الديك الفرنسي يتعامل بذكاء مع مرتضى وإدارته هذه المرة وينوي إجبارهم على إقالته. ودفع قيمة الشرط الجزائي له حتى يرحل وهو فائز بكل شيء دون خسارة، فالجميع يعرف موقفه من مرتضى وعدم رغبته في التعامل معه بعد ما عانى منه خلال ولايته الأولى معه.

ولذلك يتعمد كارتيرون إرتكاب الأخطاء في التشكيل أو التغييرات وإدارة المباريات لكي تتم إقالته من قبل الإدارة. وبدا ذلك واضحًا مثل الشمس للجميع في لقاء سموحة بالأمس. فقام المدرب بإشراك البدلاء وإبقاء نجوم منتخب مصر بكأس الأمم الأخيرة على مقاعد البدلاء بحجة الإرهاق. حيث أشرك 10 لاعبين في التشكيل الأساسي من مقاعد البدلاء عكس المباراة السابقة أمام بيترو أتليتكو الأنجولي بدوري الأبطال. ما ساهم في الخسارة بكل تأكيد.

فظهر الزمالك بصورة سيئة للغاية طيلة الشوط الأول، وامتلك سموحة زمام المبادرة وكان الأخطر حتى بالشوط الثاني. الذي أحرز فيه هدفين، رغم تحسن الزمالك بعد نزول النجوم الأساسية مثل زيزو وبن شرقي وإمام عاشور. لكن دون فائدة وسط إهدار غريب لفرص عديدة من نجومه، لتنتهي المباراة لصالح سموحة. وأعقب ذلك هدوء كبير لكارتيرون في أحداث المؤتمر الصحفي وكأنه لم يخسر وظهر عاديًا إلى حد كبير. ما يؤكد نظرية رغبته في الإقالة والرحيل دون تحمل قيمة الشرط الجزائي. بعد نجاح مرتضى ثانية في رئاسة النادي.

يذكر أن الزمالك سيكون في ورطة أخرى بعد أيام قليلة من الآن وسط هذه الحالة الفنية الكارثية. عندما يواجه ساجرادا إسبيرانسا الأنجولي في الجولة الثانية من دور المجموعات في بطولة دوري أبطال إفريقيا يوم 19 من الشهر الجاري في أنجولا. بعد تعادله في القاهرة مع بيترو أتلتيكو الأنجولي أيضًا 2/2. بينما خسر ساجرادا إسبيرانسا لقاءه الأول أمام الوداد المغربي.

مدرب سموحة يذبح الديك الفرنسي

نجح أحمد سامي مدرب سموحة في التعامل بذكاء شديد مع أخطاء كارتيرون. وحجم فريق الزمالك كليًا وأبطل كل نقاط قوته وترك له الاستحواذ بشكل سلبي. ولعب على المرتدات السريعة المباغتة واللعب على نقاط ضعف دفاعه. وكان له ما أراد بالفعل وتقدم في النتيجة وحسم اللقاء لصالحه واستطاع قهر الفارس الأبيض والخروج بالنقاط الثلاثة كاملة من المباراة.

اعتمد سامي على محمد عبد العاطي في التكملة الهجومية لفريق سموحة. خاصة في الضغط على خط دفاع الزمالك لمنعه من تمرير الكرة. مما دفع لاعبي الأبيض لتمرير الكرات الطويلة في أحضان دفاعات أصحاب الأرض دون خطورة سوى من الكرات الثابتة.

كما أسهم ذكائه في الهجمات المرتدة والتمركز في وسط الملعب ولعب الكرات الطويلة على الطرفين. في إحراز الهدف الأول لفريقه عن طريق البديل أوجولو بتسديدة قوية سكنت شباك محمد عواد ثم خطأ دفاعي للزمالك. زاد من أوجاع فريقه بسوء في التمركز استطاع منه مهاجم سموحة الحصول على ضربة جزاء. أسكنها المغربي عبد الكبير الوادي هدفًا ثانيًا في شباك عواد لينهي المباراة لصالح الفريق السكندري تمامًا.

كما تفوق سامي على كارتيرون في التغييرات وتمكن من النجاح بها والمحافظة على رتم الفريق الدفاعي وخلق متنفس هجومي. بنزول كل من جيرمي فيليب وأبوبكر ليداي النيجيريين وتحقق له ما أراد بفوزه الأول على الأبيض والوصول للنقطة 18 في سباق الصدارة مع القطبين.

عودة مرتضى ثانية تخلق الأزمات

بلا شك منذ عودة مرتضى منصور لرئاسة الزمالك بحكم المحكمة عقب شطبه وإيقافه من قبل وزارة الرياضة العام قبل الماضي. وبدأت الأزمات تدب ثانية في أرجاء النادي الأبيض، لتصفية مرتضى حساباته مع الجميع ممن وقفوا ضده أو حتى مع من لم يساندوه أو يدعمونه ضد قرار الإيقاف هذا. بالإضافة لأزمته السابقة مع كارتيرون نفسه وهروبه بعد ما لاقاه من سوء معاملة بولايته الأولى.

لم يقتصر الأمر على هذا الحد بل زاد كثيرًا مع نجاحه بانتخابات الزمالك لأربعة سنوات مقبلة. وفتح سهام النقد على الجميع من نجوم سابقة ومنافسين حاليين وقدماء ولاعبين ومدربين وإعلاميين وصحفيين والجميع بمعنى الجميع، مما خلق أجواء سلبية كثيرة داخل النادي وتلاسن ورد وقصف من هنا وهناك.

وبات الكل وليس فريق الكرة فقط في حالة نفسية ومعنوية سيئة ومحبطة لعودة تلك الأجواء ثانية مع نجاح مرتضى ورجوعه للساحة كرئيس للزمالك من جديد، وخسر فريق السلة مباراتين بالمونديال وحل رابعًا مثلما أخفق فريق الكرة في مباراتين ببطولتين مختلفتين في أقل من 4 أيام منذ نجاحه هذا بالانتخابات الأخيرة.

ليدخل نادي ميت عقبة النفق المظلم ثانية لاسيما مع أنباء رغبة الجميع في الرحيل للخارج، من لاعبين ومدربين وعلى رأسهم بن شرقي وجاباسكي والمدرب كارتيرون نفسه للمرة الثانية.