رحبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتصريحات السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان. بشأن أهمية إقرار الحقوق الأساسية للبهائيين المصريين. والتي تتضمن ضرورة تخصيص مقابر لدفن موتاهم.

كانت المبادرة قد طرحت ورقة سياسات بعنوان “أوراق هوية وزواج ومدافن”. وقالت إنها في انتظار ترجمة هذه التصريحات في إجراءات عاجلة. تكفل الحقوق الأساسية للمواطنين من الفئة الرابعة للتنوع الديني. (من غير أتباع الأديان الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية).

أرض للجبانات

وذكرت خطاب في مداخلة تليفونية مع قناة صدى البلد: “لا أعلم هل أستطيع الحديث عن شيء يؤرقني”. متحدثة عن البهائيين، حيث قالت عنه “مواطنون ليس لهم جنسية إلا مصر، مواطنين مخلصين مبدعين، منهم حسين بيكار الفنان العظيم. البهائيين عايزين أرض للجبانات”.

وأضافت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان “عددهم صغير جدا. لكن مواطنين ولهم حق حرية العقيدة. ولكن ذلك سيحدث نقلة في الحقوق المدنية والسياسية”.

وكانت المبادرة أصدرت تقريرا مفصلا عن تاريخ وحاضر مقابر الفئة الرابعة بعنوان “تجاهل الموتى: أين ذهبت مقابر أحرار العقيدة والأديان غير المعترف بها؟”. كما طرحت في ورقة سياسات بعنوان “أوراق هوية وزواج ومدافن” عدد من المقترحات التنفيذية العاجلة لحماية الحقوق الأساسية. والتي تستهدف إزالة العوائق أمام الحقوق الأساسية للمواطنين غير المنتمين إلى الأديان الثلاثة.

وأهم تلك الحقوق هي الحق في الحصول على بطاقة الرقم القومي وشهادات توثيق الزواج. والحق في التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية. والحق في دفن الموتى منهم، وذلك من خلال قرارات تنفيذية تصدرها الحكومة وهي لا تتطلب تعديلا تشريعيا أو دستوريا. ولا تتطرق إلى تعديلات أو إصلاحات في مسألة الاعتراف بالطوائف والفئات الدينية الأخرى.

اقترحت المبادرة إضافة عبارة “أو يتقدمون بطلب إلى لجنة خاصة يشكلها قطاع الأحوال المدنية تكون هي جهة الاختصاص. في توثيق انتماء المواطنين المصريين إلى غير الديانات الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية”. لنص المادة 33 من اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الصادرة بالقرار رقم 1121 لسنة 1995 والمعدلة بقرار وزير الداخلية رقم 520 لسنة 2009

تعديلات تشريعية

وكان وزير الداخلية أصدر قرارا رقم 250 لسنة 2009 بتعديل المادة 33 من اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية بعد عدة أحكام من محكمة القضاء الإداري. برفض إلزام وزارة الداخلية بإثبات ديانة غير الديانات الثلاث المعترف بها في خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي. وبإلزام وزارة الداخلية بترك خانة الديانة فارغة أو إضافة شّرطة للمواطنين الذين سبق لهم أو لأبويهم استصدار أوراق مدون بها ديانة غير الديانات الثلاث. ولم تتقدم وزارة الداخلية بطعن على الأحكام وبعدما قضت المحكمة الإدارية العليا في مارس 2009 برفض الطعن المقدم على أحد هذه الأحكام.

وقالت محكمة القضاء الإداري في حكمها رقم “12780 لسنة 61 ق” إن حيثيات الحكم أتت “انطلاقا من مبدأ عدم إجبار أي مواطن على الدخول في دين من الديانات السماوية. إذا كشفت أوراقه ومستنداته خلو خانة الديانة من إثبات سماوي بها. وعليه فإنه يضحى استخراج أوراق بطاقة رقم قومي لهم خالية أمام خانة الديانة أو مشهرة بعلامة محددة بما يوضح أنه لا يعتنق أيا من الديانات السماوية الثلاث”.

لذلك فإن الوضع الحالي الذي يعاني منه مواطنون مصريون مدون بأوراقهم الرسمية إحدى الديانات الثلاث متابعة لديانة الأب. ولكنهم في الوقت نفسه يعلنون أنهم لا يدينون بدين من الديانات الثلاث المعترف بها سواء أكانوا ينتمون إلى ديانة غير معترف بها أم لا يدينون بأي دين. هو مخالف للحقيقة ومخالف لحكم القضاء الإداري الذي أيدته المحكمة الإدارية العليا.

تخصيص المدافن

كما اقترحت أن يصدر المحافظون قرارات تخصيص مدافن لغير المنتمين إلى الأديان الثلاثة، في المحافظات التي يتقدم فيها مواطنون بطلب يفيد حاجتهم إلى ذلك. حيث يشكو المصريون من غير أتباع “الديانات السماوية” من عدم كفاية المدافن التي سبق تخصيصها لهم. وقال بعض ممثليهم في مقابلات مع باحثي المبادرة إنه سبق تخصيص أراضٍ كمدافن لهم في محافظات القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والشرقية وكلها لم تعد متاحة الآن باستثناء مدفن واحد في القاهرة.

كما طالبت المبادرة، بإصلاح وضع حرية الدين والمعتقد والسياسات الدينية بمجموعة مترابطة من السياسات والإصلاحات الدستورية والقانونية. تخص وضع الدين الرسمي وحدود استخدام مفاهيم مثل الشريعة الإسلامية والنظام العام والوضع القانوني للأزهر والهيئات التابعة له. ووزارة الأوقاف والتنظيم القانوني لاتخاذ دور عبادة وقوانين تنظيم الأحوال الشخصية وغير ذلك.

وأوضحت المبادرة أن هناك تعديلا أساسيا مطلوبا يخص المصريين من غير أتباع الديانات الثلاث ليفتح الطريق إلى إتاحة حرياتهم الدينية وما يتصل بها من حقوق. خاصة أنه متصل بمفهوم “الأديان السماوية” الذي ترتكز عليه العديد من السياسات والممارسات القانونية والإدارية والحيثيات القضائية فيما يتعلق بـ”الاعتراف” والحق في الحريات الدينية.

وكانت مجموعات من البهائيين، من المسجل في خانة الديانة في أوراقهم الرسمية علامة (-). قد حاولوا التقدم بطلبات لتخصيص قطع أراض كمقابر في الإسكندرية وبورسعيد، وتم رفض طلباتهم. ثم تقدم محامو المبادرة المصرية للشخصية بدعاوى في القضاء الإداري ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير التنمية المحلية ومحافظَي الإسكندرية وبورسعيد. لإلزام المحافظتين بتخصيص مقابر للفئة الرابعة من المواطنين (غير أتباع الأديان الثلاثة).

وقضت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية في 27 ديسمبر 2021 برفض الدعوى، واستندت إلى رأي هيئة مفوضي الدولة ورأي مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر. اللذين تضمنا أنه: “لا يجوز تخصيص قطعة أرض لدفن الموتى ممن يحملون علامة (-) الشرطة أو غيرها. لما يؤدي إليه من التمييز والمزيد من التفرقة والانقسام وتمزق نسيج المجتمع الواحد”.

ويستعد محامو المبادرة المصرية للتقدم بطعن على حكم القضاء الإداري في الإسكندرية أمام المحكمة الإدارية العليا. بينما لا تزال الدعوى ضد محافظة بورسعيد قائمة.