يواصل فتحي باشاغا، وزير الداخلية الأسبق، المشاورات في ليبيا حاليًا من أجل تشكيل حكومة جديدة، في وقت لا يزال سلفه عبدالحميد الدبيبة. يتعامل على أنه الرئيس الفعلي للحكومة، ما يهدد بانقسام سياسي جديد في ليبيا، قبل 50 يوما من الموعد المحدد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.
بدلاً من التقدم نحو حكومة شرعية يمكنها، أخيرًا، تحقيق الاستقرار في البلاد. أصبح الليبيون مرة أخرى رهائن بمواجهة بين مركزيّ قوة يخدمون أنفسهم. وينذر هذا الوضع بإحداث موجة جديدة من العنف في العاصمة وخارجها، بحسب المجلس الأوروبي للشئون الخارجية .
يقول المجلس إن موقف المجتمع الدولي هو المفتاح لما سيحدث بعد ذلك. وطالب الدبلوماسيين الأوروبيين بتجاهل الدعاية التي تدور حول هذه التطورات الأخيرة ومواصلة الضغط من أجل خارطة طريق انتخابية جديدة. تبلغ ذروتها في تصويت شامل بحلول الصيف نهاية المطاف، وهذا التصويت هو الوسيلة الوحيدة لإيجاد مسار سياسي مستقر لليبيا.
يؤكد التقرير أنه لا جديد لطموح باشاغا، وزير الداخلية الأسبق، وعقيلة صالح، داعمه الرئيسي ورئيس مجلس النواب. فهما يحاولان السيطرة على ليبيا منذ ديسمبر 2020، عندما بدأت الأمم المتحدة في تنفيذ خريطة الطريق الحالية في البلاد. ستكون هذه محاولتهم الثالثة للقيام بذلك.
تستند خطط باشاغا وصالح على ثلاث ركائز: شرعية أكبر من حكومة الوحدة الوطنية، وحل الانتخابات الفاشلة. والدعم العسكري لجعل قيادتهما أمرًا واقعًا لكن تبدو الأعمدة الثلاثة متذبذبة قليلاً، بحسب تقرير المجلس الأوروبي.
بما أن حكومة الوحدة الوطنية قد بُنيت لغرض تسهيل إجراء انتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021. فإن معارضي الدبيبة يدعون الآن أنه لم يعد يتمتع بالحق القانوني أو الشرعية الشعبية للحكم.
تحركات باشا أغا
في زيارته لطرابلس، كان باشاغا محميًا من قبل عصابة الميليشيات نفسها التي حاول قتالها ذات مرة عندما كان وزيراً للداخلية. من الواضح أن صالح اختار باشاغا لهذا الدور لأنه كان يأمل أن يكون الأخير بصفته سياسيًا من مصراتة. يتمتع بعلاقات جيدة مع الجماعات العسكرية في المدينة وتلك التي قاتلت ضد قوات المشير خليفة حفتر. بما يمكن من تحييد المعارضة المسلحة، وترك دبيبة بلا حول ولا قوة، بحسب التقرير.
في المقابل الدبيبة غير راغب في التنحي، وإذا كان مصمماً على البقاء في السلطة. فيمكنه الاعتماد على دعم الميليشيات الرئيسية وسيطرته على مصرف ليبيا المركزي. وكلاهما لا يقدر بثمن في أي صراع طويل الأمد خاصة أن مجموعات من المتحالفة مع صلاح بادي منعوا جلسة خاصة للمجلس الأعلى للدولة في 12 فبراير/شباط من حشد الدعم لتعيين باشاغا.
الصديق الكبير رئيس مصرف ليبيا المركزي، قيادي بتنظيم الإخوان، لم يتزحزح من منصبه منذ أن تم تعيينه عام 2011. رغم عشرات الاتهامات التي طالته وأخرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. حينما تقدم 12 نائبا بالبرلمان الليبي بطلب إلى رئيس البرلمان لإيقافه وإحالته للمحاكمة بتهمة إهدار مليار ونصف مليار دولار من أموال المصرف.
أما صلاح بادي فهو قائد ما تسمى بـ”مليشيات الصمود” في مصراتة غرب ليبيا. والتي تعد من أكبر الجماعات المسلحة في ليبيا.
المواجهة الجديدة
اليقين الوحيد هو أن المواجهة الجديدة ستكون ضارة لليبيين. لدى الدبيبة وعقيلة صالح والنخب الليبية الأخرى قواسم مشتركة مع بعضها البعض أكثر بكثير مما تشترك فيه مع الأشخاص الذين تحكمهم. إنهم يتجادلون حول أيهم أقل شرعية بينما يعلنون العمليات الدستورية المعقدة كشرط مسبق للانتخابات بحسب التقرير.
تقول ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ليبيا، إن الطريقة الوحيدة للحفاظ على خريطة طريق الأمم المتحدة هي إجراء انتخابات بحلول الصيف. ومع ذلك، فإن الجهات الفاعلة في الصراع الليبي تتباطأ لبعض الوقت.
المجلس الأوروبي للشئون الخارجية: ليبيا إذا أرادت تجنب نفس الديناميكيات السياسية التي أشعلت فتيل حربها الأهلية الطويلة. فستحتاج هذه الدبلوماسية إلى التركيز على وضع خريطة طريق انتخابية جديدة ودفع كلا الجانبين لقبولها
وأكد سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا، خوسيه ساباديل، في سلسلة تغريدات عبر «تويتر». الدعم الأوروبي لجهود وليامز، ضد الاتهامات بالتحيز التي طالتها من المتحدث باسم حكومة الدبيبية محمد حمودة.
وقال الدبلوماسي الأوروبي: “نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى دعم أولئك الذين يعملون من أجل السلام في ليبيا نحن ندعم المبعوثة الأممية وفريقها”. مشيرا إلى أن جهود المبعوثة الأممية أسهمت في الحفاظ على الاستقرار والوحدة وتقريب المواقف والمضي نحو الانتخابات. باعتبارها الطريقة الوحيدة المستدامة للخروج من الأزمة الحالية.
اليوم، يبدو أن الدول التي تستثمر في الدبلوماسية الليبية تشعر بدافع للوساطة بين الجانبين. على أمل تقليل احتمالية اندلاع المزيد من الصراعات، بحسب المجلس الأوروبي للشئون الخارجية. الذي قال “إن ليبيا إذا أرادت تجنب نفس الديناميكيات السياسية التي أشعلت فتيل حربها الأهلية الطويلة. فستحتاج هذه الدبلوماسية إلى التركيز على وضع خريطة طريق انتخابية جديدة ودفع كلا الجانبين لقبولها”.
إفساد العملية الانتخابية
ويمكن للنخب الليبية أن تحرز تقدمًا إذا تم دفعهم إلى موقف يمنحهم فيه الرفض العلني للانخراط مسؤولية واضحة عن إفساد العملية الانتخابية.
لكن عضو مجلس النواب الليبي، أسماء الخوجة تقول، لـ “سبوتنيك” إن “حكومة باشاغا ستكون بطرابلس ومن طريق السكة (المقر الرئيسي لرئاسة الوزراء الليبية). وهذا ما أكده هو بنفسه وإلا ستكون هناك حكومتين متوازيتين إذا باشر حكومته من مدينة أخرى”.
وتابعت: “لدى باشاغا من الثقة ما يكفي لجعل عبد الحميد الدبيبة ينسحب كما انسحب رؤساء حكومات قبله. خاصة أن الدبيبة وعد بأنه لن تكون هناك حرب في ليبيا”.
كان الدبيبة قد قال، في تصريحات لقناة «ليبيا الأحرار»: إن تعيين باشا أغا محاولة لدخول العاصمة طرابلس بالقوة. رفضت سابقًا ولا زلت أرفض جر الليبيين نحو حرب جديدة.. أهل طرابلس سيدافعون عن أنفسهم”.
نفت حكومة الدبيبة، ما وصفته بـ”شائعات” تحدثت عن استقالات وزراء ومسؤولين فيها. قبل أن يعلن رئيس هيئة الاتصالات والمعلومات سالم الدرسي تقديمه استقالته حرصاً على عدم «الانقسام» في البلاد. بجانب تداول استقالة منسوبة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي عمران القيب، دعا فيها وزراء حكومة الدبيبة للاستقالة حفاظاً على وحدة ليبيا.