تواجه الدول المستوردة للزيوت أزمة حادة بسبب ارتفاع الأسعار عالميا ومخاوف من حدوث نقص في المعروض منها على وقع الأزمة الأوكرانية. خاصة أن الأخيرة تستحوذ على نصف صادرات زيوت دوار الشمس عالميًا.

وتحتل أوكرانيا مكانة عالمية بارزة في البذور الزيتية. فهي تمثل نصف صادرات زيت عباد الشمس في العالم. كما أنها المصدر الثالث لبذور اللفت. فضلا عن اعتبارها أحد أكبر منتجي الذرة الذي يعتبر مصدرا للزيوت أيضًا.

وحينما حاولت الدول تغيير دفتها نحو زيت النخيل الأرخص سعرًا والأقل جودة فوجئت بخطة إندونيسيا -أكبر منتج ومصدّر لذلك النوع عالميًا بتخصيص 20٪ من مبيعات جميع منتجي النخيل للسوق الداخلية. وذلك في محاولة لتهدئة أسعار زيت الطهي المحلي.

وقال سانديب باجوريا -الرئيس التنفيذي لمجموعة صن فين الهندية- إن قيود الصادرات الإندونيسية وديناميكيات السوق التي تعاني أساسا من مشكلات الطقس. زادت السياسات الحكومية الآن من حالة عدم اليقين حول المستقبل.

كان زيت النخيل الخام في يناير الماضي يعرض بنحو 1500 دولار للطن. بما في ذلك التكلفة والتأمين والشحن. ما جعله أغلى من زيت فول الصويا الخام الذي بلغ حينها 1490 دولارًا. وزيت عباد الشمس الخام عند 1460 دولارًا. لكن أزمة أوكرانيا غيرت المعادلة.

أزمة في إمدادات الزيوت الرئيسية الثلاثة

وتحول المشترون إلى زيت الصويا وزيت عباد الشمس للشحن في مارس القادم. حسبما قال مسؤولون بشركات تجارية عالمية. لكن تلك الإمدادات أصبحت غير مؤكدة مع تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا.

إذا لم تأت الشحنات من أوكرانيا فإن روسيا والأرجنتين تمثلان مصادر بديلة. وقد لا يكون هناك أي تأثير كبير على أسعار التجزئة لزيت عباد الشمس. لكن حال توجيه عقوبات ضد روسيا وتوقف أوكرانيا ستصبح الضربة مزدوجة للمستوردين.

وتحتل الأرجنتين المرتبة الأولى في تصدير فول الصويا. لكنها تعاني انخفاضًا قدره 5 ملايين طن في إنتاج العام الحالي بجانب صعوبة عمليات الشحن بسبب تناقص نسبة المياه في النهر الرئيسي للشحن. ما يقلص أحجام البضائع بنسبة تصل إلى 30%. كما خفضت وكالة الإحصاء البرازيلية “كوناب” تقديراتها لإنتاج فول الصويا لدورة 2021/2022 بنحو 15 مليون طن. وقد ينخفض محصول فول الصويا في باراجواي بما يصل إلى النصف أيضًا.

وقد واجه المستهلكون ارتفاع تكاليف الغذاء منذ أن بدأ كورونا. وارتفعت أسعار المواد الغذائية وفقًا لمقياس مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.4٪ سنويًا في عام 2020. و3.9٪ في عام 2021. وهي زيادة كبيرة عن مكاسب 2019 التي بلغت 1.9٪.

ومن المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بين 2٪ و3٪ هذا العام وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.

إنتاج كبير على وشك التعطيل

تحتل أوكرانيا المرتبة الأولى عالميا في إنتاج الزيوت. حيث تشكل 60٪ من تجارة الزيوت العالمية. وهذا يساعد على الحفاظ على توازن المصالح بين المزارع والمعالج الذي ينتج الزيت. حيث يتم معالجة 50 ألف طن من عباد الشمس يومياً ولم تشحن أوكرانيا قطرة من زيت دوار الشمس خلال فبراير الحالي.

وارتفعت أسعار زيت عباد الشمس المصدرة من البحر الأسود الأسبوع الماضي بمبالغ تتراوح بين 30 و50 دولارًا للطن من 1420 الى 1440 دولارًا للطن.

وعزا الشاحنون الأوكرانيون ارتفاع الأسعار إلى شراء الهيئة العامة للسلع التموينية مجموعة كبيرة من زيت عباد الشمس بسعر 1463 دولارًا للطن.

وتعاقدت وزارة التموين والتجارة الداخلية -ممثلة فى الهيئة العامة للسلع التموينية- على شراء كمية 34500 طن زيت خام مستورد. منها كمية 28500 طن زيت عباد خام مستورد. و6 آلاف طن زيت صويا خام مستورد. وذلك لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية في مصر -خاصة سلعة الزيت.

استيراد مصر من الزيت

ظلت مصر حتى وقت قريب تستورد 97% من الزيوت. وذلك بما يعادل 800 ألف طن. قبل أن تستبدل الزيوت المصنعة بالبذور وعصرها في 32 مصنعا محليا. ما خفض الاستيراد إلى 600 ألف طن. لكن المشكلة في ارتفاع أسعار البذور أيضًا.

واضطرت وزارة التموين إلى رفع سعر زيت الطعام المدعم إلى 25 جنيها للزجاجة سعة لتر واحد في أكتوبر الماضي. وذلك بعد أربعة أشهر (يونيو 2021) من رفعها بنسبة 23.5% إلى 21 جنيها للزجاجة سعة لتر أيضًا. وذلك بعد قفزة عالمية في أسعار المواد الخام.

وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الزيوت النباتية 185.9 نقطة في يناير الماضي. أي بزيادة شهرية قدرها 7.4 نقطة (أو 4.2%). محققًا بذلك أعلى مستوى له على الإطلاق.

وبدأت مصر تتجه نحو ماليزيا في تعاون مشترك في مجال زيت النخيل. إذ أعلنت وزيرة الصناعات الماليزية -زريدة قمر الدين- عزم بلادها إنشاء مركز لوجستي وتسويقي لزيت النخيل في مصر لتعزيز صادراتها من السلع الأولية للقارة الأفريقية.

ونقلت وكالة الأنباء الماليزية عن الوزيرة أن مصر حريصة على العمل مع ماليزيا لتطوير منشأة لتخزين وتوزيع وتسويق زيت النخيل تلبي احتياجات الأسواق المجاورة. مضيفة أن “مصر تريد أن تكون مركزًا إقليميا رائدا ويمكننا تطوير المنشأة بمشاركة القطاع الخاص”.