دقت طبول الحرب هكذا استيقظنا صباحًا على الأنباء القادمة من الغرب، حربًا إن اُستكمِلت جاءت على الأخضر واليابس، فهكذا هي الحروب حتى المنتصر فيه خاسر.
قد يظن البعض أننا سنشاهد الحروب عبر الشاشات، لكن تلك العولمة جعلت التأثير واسع الانتشار، وفي الحروب تكون النساء مسددات الفواتير، يتحملن الخوف تسعين لطمأنة عائلاتهن، لتدبير الطعام والدفء، ودائمًا الحياة لا تخلو من نساء مثابرات، نساء يمكن الاعتماد عليهن، الأمر أبعد من فترة زمنية بعينها، الأمر متكرر، فهذه اياح حتب فى القرن السابع عشر قبل الميلاد اعتنت بجيش مصر، وكذلك فعلت حتشبسوت، وهذي سيدة فو هاو حرم الإمبراطور الصيني وو دينغ، قادت 30000 رجل في معركة خلال أسرة شانغ، والباحث سيجد كثيرًا، الواقع أكثر زخمًا، والنماذج عديدة، وبرغم مثابرة النساء فإن الحياة ليست عادلة، والحديث عن العدل في الحياة أشبه بتلك الجدلية هل الانسان مسير أم مخير؟
حروب الخارج
عندما تقع الحرب فإن النساء تصرن في كل الوظائف، ترعى وتدبر وتحمي، تتصاعد حِدة الأدرينالين بما يجعلها قادرة على العمل والانجاز بشكل بطولي، وبرغم أن صوت الحرب بعيد، نتابعه عبر الشاشات، نضحك على الرسوم والصور الساخرة إلا أن الخسارات المتعاقبة ستطوي النساء في أدوار العمل الجاد سريعًا، وقد يظن البعض أن النساء لا تحاربن طيلة الوقت، وأن الأمر يحتاج لإعلان حرب على الأرض حتى تنشغل النساء، لكن هناك حروب أخرى تخوضها المرأة، علّ أولها هو تدبير الحياة وسط سُعار الأسعار، شق طريق بين الزحام، وتوفير قدر ولو ضئيل من الراحة لعائلتها، حروبها لأن تكون موجودة، حتى يراها من حولها ويشعرون بقيمة ما تفعل، حروب من أجل بعض التقدير.
قد تكون الحرب في تعريفاتها تلك التي تسعى فيها جماعة من البشر للسيطرة على جماعة أخرى سواء كان ذلك بغرض استعادة الحق أو الاستيلاء على حقوق الغير، وبهذا المعنى الذي يصير فيه استخدام الأسلحة ركن أساسي فإن النساء يواجهن في حروبهن أسلحة مجازية منها العنف وإهدار الجهد، كثير من النساء تقضين حيواتهن من أجل آخرين الزوج – الأولاد – الأهل، وقلة هن من تنتبهن لخوض الحياة من أجل أنفسهن.
وبينما تتوارد الأخبار عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا انشغلت بعض النساء بالتفكير في الأزمات الاقتصادية اللاحقة القادمة من بلاد تصدر لنا القمح، هل ستخترع النساء بدائل للخبز؟ إن ثمة مخاوف تنبت بالإضافة إلى تلك المتحققة بفعل الحياة.
حروب الداخل
كثير من النساء يعشن حالة من الانقسام بين حروبهن الداخلية والخارجية، فتلك الحروب الخارجية المدفوعات لها رغمًا، ليس لديهن خيار الانسحاب منها، في حين أن هناك صراعات داخلية تُشعلها المرأة طواعية وقودها الغيرة والنفسنة والحقد والكراهية، سوف يخرج سؤال عن تغير ملامح إحداهن، لقد صارت أقبح أو أجمل، والبعض تذهبن في تحليل الأسباب وراء تغير تلك الملامح، إذ يصير الوجه مرآة تعكس الداخل، الانخراط في الحقد والمشاعر السلبية هي حرب تدخلها بعض النساء بإرادتهن وهن تنهزمن أمام تلك المشاعر التي تُشعل نارًا بداخلهن، فتطفئ الفرح والبهجة من الوجه، ويظهر سؤال لماذا لا تقاوم النساء المشاعر السلبية؟ ألا ترى المرأة تغير ملامحها؟ ألا تشعر بالنار التي تأكل روحها؟ ما مكسب المرأة التي تحقد على أخرى أو على رجل، هل سيغير الحقد والكراهية الحقائق، قد أتفق أنه أحيانا يأتي الحسد ببعض النتائج، لكن ما تلك الطاقة العظيمة من الكراهية التي تجعل صاحبها يؤثر في الآخرين بنظرة؟ وما أثر هذا الحقد والكراهية على نفس صاحبها؟
مؤخرًا ظهرت عدد من الأنشطة التي تساعد الإنسان على التخلص من الضغوط مثل اليوجا والتأمل، تلك الممارسات التي تساعد المرء على الالتقاء بروحه والتخلص من الشوائب الممتزجة بنظائر الكراهية والمشاعر السلبية.
لكن الأهم دومًا هو الاعتراف بوجود الحرب، فإن تجاهلت المرأة أن الأسعار مرتفعة، ستظل في حالة انكار ربما تؤدي إلى جمود لحظي، وبالمثل إذا أنكرت المرأة صراعاتها الداخلية فإنها تنهزم وتنعكس الأحقاد على وجهها.
نتحدث عن الحرب التي لا مفر من طرق أبوابها والتعامل مع نتائجها ولأن الشيء بالشيء يُذكر لابد من تناول حروبنا الداخلية وصراعاتنا النفسية، تلك التي تهزمنا أكثر من أي حروب على مسافة كبيرة أو صغيرة، إننا دومًا بحاجة إلى الانتصارات تلك التي تدفعنا إلى الاستمرار في الحياة، وليس هناك انتصار أعظم من هزيمة مشاعر تكسر الروح وتأكلها.