تلقى قطاع السياحة ضربة جديدة باشتعال الحرب الأوكرانية. فروسيا وأوكرانيا هما الداعم الأساسي لصناعة الفندقة بمنتجعات جنوب سيناء. كما أنهما معًا يشكلان الرقم المهم من حركة السياحة الوافدة للغردقة وشرم الشيخ. ومنذ اندلاع الأزمة، تراجعت نسبة الإشغالات في منتجعات شرم الشيخ والغردقة. وقد بلغتا حاليًا 35% فقط في المتوسط. ذلك بعد عام واحد فقط من الانتعاش التي شهدته المنطقة.

كانت السلطات الروسية قد علقت رحلات الطيران إلى مصر عقب تحطم طائرة ركاب روسية بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ أكتوبر عام 2015. ذلك الحادث الذي أودى بحياة 224 روسيًا آنذاك. وبعدها بثلاثة أعوام تم استئناف الرحلات لمطار القاهرة فقط. بينما أبقي على تعليق الرحلات لباقي المطارات المصرية، قبل أن تعود السياحة بقوتها في أبريل 2021.

أما السياحة الأوكرانية فهي تمتاز بكونها جيدة الإنفاق على شراء المنتجات في مقابل السياحة الروسية منخفضة الإنفاق. لكن في الوقت ذاته تأتي السياحة الروسية في مجموعات كبيرة. ما يعمل على تشغيل الفنادق بطاقتها. وهو ما جعله محببة من قبل المنشآت السياحية في جنوب سيناء تحديدًا.

الدكتور عاطف عبداللطيف، عضو جمعيتي مستثمري مرسى علم وجنوب سيناء، يقول إن مصر جاءت في المرتبة الثانية من عدد الرحلات القادمة من أوكرانيا خلال العام الماضي بنسبة 21%. بينما جاءت تركيا في المرتبة الأولى بنحو 28%.

وتظهر لغة الأرقام أهمية السياحة الأوكرانية. إذ أن عدد الرحلات السياحية إلى الخارج التي قام بها المواطنون الأوكرانيون عام 2021 بلغت نحو 14.7 مليون رحلة سياحية. وبالتالي فهي رقمًا جيدًا بالنسبة لمصر وتركيا في الوقت ذاته.

الحرب الأوكرانية.. أزمة خانقة

يضيف عبداللطيف أن شركات التأمين على الطائرات ألغت تعاملها مع رحلات الطيران الأوكرانية منذ اندلاع الأزمة. كما امتنعت الطائرات عن دخول المجال الجوي الأوكراني، مثل شركة “لوفتهانزا” الألمانية التي ألغت رحلاتها إليها.

وقد سعت وزارة السياحة خلال العام الماضي لفتح أسواق جديدة للسياحة المصرية. وأيضًا أعلنت عن خطة تستهدف الدول العربية وآسيا، خاصة الصين التي تصدر وحدها نحو 150 مليون سائح سنويًّا لجميع أنحاء العالم. وذلك بمبالغ تناهز 200 مليار دولار سنويًا. علمًا بأن أعلى رقم سجلته مصر في حركة السياحة بوجه عام كان 14 مليون سائح فقط.

يدعو عبداللطيف إلى ضرورة تنويع الأسواق التي يتم اجتذاب السائحين منها، حتى لا نتعرض لمشكلات تتعلق بالأزمات الطارئة. وهو يقول إن مقترحً التركيز على أسواق إندونيسيا والهند واليابان وكوريا والسياحة الخليجية والعربية مهم. مع وضع خطة تسويقية وتصميم شعار مميز لمصر والتركيز على الدعاية بشكل كبير.

كانت وزارة الآثار اتفقت مع تحالف كندي إنجليزي منذ بداية عام 2021 بإعداد استراتيجية إعلامية للترويج السياحي لمصر. ذلك تمهيدًا لإطلاق حملة ترويجية دولية للسياحة لمدة 3 سنوات. على أن تبدأ في الربع الأخير من العام الجاري.

حملات جديدة

ووفق المعلن من قبل وزارة الآثار، فإن الحملة هدفها أن تظهر مصر كمقصد نابض بالحياة لجذب فئات عمرية مختلفة من السائحين. وألا تركز فقط على الحضارة الفرعونية. بل تمتد لتشمل الطقس والفن والحرف التراثية والأكلات والفعاليات الرياضية.

كما وضعت الحكومة خطة عمل لتحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء صديقة للبيئة تحافظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، بتطبيق ذلك في المنشآت الفندقية والسياحية بجميع أنواعها ووسائل النقل السياحي المختلفة للحد من التغيرات المناخية.

لكن عبداللطيف يطالب بإنشاء شركة طيران عارض مصرية قوية، سواء حكومية أو بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، لتكون الذراع القوية لاستجلاب السياح من مختلف بلدان العالم التي نستهدف جذب سياح منها، وليس روسيا وأوكرانيا فقط.

تأثير الحرب الأوكرانية.. لدينا ألمانيا وعلينا التفكير في أسواق جديدة

بحسب نورا علي، رئيسة لجنة السياحة بمجلس النواب، فإن نسبة السياح الأوكرانيين من مجمل سياح البحر الأحمر تصل إلى 30%. وهي ترى أن حركة  السياحة الألمانية عادت بقوة. بينما يتوقع أن تبدأ حركة السفر الإنجليزية بكثرة لمصر في شهر مارس المقبل.

وتؤكد جمعية الاستثمار السياحي بالبحر الأحمر، أن ألمانيا تتصدر حاليًا النصيب الأكبر من إشغالات الفنادق، بنسبة تتراوح ما بين 30% و40%.

كانت حركة السياحة لمصر قد انتعشت في 2021 بفضل الحوافز التشجيعية التي منحتها وزارة الآثار. ومنها منح تخفيضات على أسعار وقود الطائرات لتصل القيمة الإجمالية للتخفيض إلى 15 سنتًا للجالون (3.78 لتر). وكذا تخفيض بنسبة 50% على رسوم الهبوط والإيواء وتخفيض بنسبة 20% على رسوم الخدمات الأرضية المقدمة في المطارات المصرية في المحافظات السياحية.

وبدأت مصر استهداف أسواق مثل جنوب أميركا اللاتينية عبر تشغيل خطوط جوية إليها. وهي مشكلة قديمة حالت دون اجتذاب السياحة البرازيلية. رغم أنها سوقًا واعدة وقد  حققت رقما قياسيًا في معدلات الارتفاع في الحركة الوافدة خلال يناير 2017 حينما قفزت حينها بنسبة 111%.

وظل الطيران التركي العارض الناقل الأساسي للسياحة الوافدة من روسيا إلى مصر، قبل أن تفكر مصر في إنشاء شركة “إيجيبشيان ليجر”، لكسر ذلك الاحتكار واستئجار 44 طائرة سوخوي روسية. لكنها غير كافية وحدها على القيام بذلك الدور. ما يعني أن مصر بحاجة للاستثمار بقوة في مجال شركات الطيران، إن أرادت استهداف المزيد من الأسواق.