في الحادي عشر من سبتمبر عام 2021 جاء إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي لـ”الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”. وذلك لتطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع الملفات ذات الصلة لتعزيز احترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وبعد نحو 5 أشهر من إطلاق الرئيس “السيسي” الاستراتيجية التي وصفها حينئذ بـ”اللحظة المضيئة في تاريخ مصر المعاصر”، نجد علاء شلبي -رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان- يقول إن الأولويات التي توقعناها في مسار تفعيل الاستراتيجية “لم يتم التفاعل معها بعد”.

ودعا “شلبي” -خلال ندوة للبعثة المصرية بالأمم المتحدة في جينيف برئاسة السفير إيهاب جمال الدين حول “الاستراتيجية الوطنية” اليوم- للاهتمام بأولوية الإصلاح التشريعي لتعديل قانون الإجراءات الجنائية. بالإضافة إلى إصدار قانونَي المعلومات وتأسيس المفوضية الوطنية لمنع التمييز. فضلا عن تعزيز الإيمان بالاستراتيجية عبر الإفراج عن المحتجزين ممن لم يتورطوا في أعمال عنف.

قلق تجاه خطوات استراتيجية حقوق الإنسان

وفي حضور المستشار عمر مروان -وزير العدل- والدكتورة نيفين القباج -وزيرة التضامن الاجتماعي- والسفير خالد البقلي -مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان- أبدى “شلبي” قلقه مما أسماه “تأخر بعض الخطوات ذات الأولوية في مسار تفعيل الاستراتيجية أو إزاء عدم برمجة اتخاذها زمنياً”. رغم سعادته بالمشاركة منذ اللحظة الأولى في تقديم الاستشارات حول مسار وضع الاستراتيجية الوطنية منذ مارس/آذار 2020.

وتابع: “رغم الاتفاق على أن أطراف تفعيل الاستراتيجية هم اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني فلم يتم عقد الاجتماعات التحضيرية بعد للنظر في برامج النفيذ والتفاهم حول الأدوار”.

ولخص “شلبي” أسباب قلقه في استمرار إجراء محاكمات بموجب الطوارئ رغم عدم تجديد العمل بحالة الطوارئ. وبينما لا يمكن المجادلة فيها من ناحية قانونية -حسب قوله- لكنها تتعارض مع المعنى الذي عكسته الاستراتيجية. ما يثير التساؤل تجاه إذا ما كانت هناك تنازع رؤى داخل الدولة -حسب قوله.

نظرة تعاون مع المجتمع المدني

وأكد أنه رغم جهود الوزارات والأجهزة الحكومية لتأسيس وتطوير هياكل مختصة بحقوق الإنسان. فإن ذلك لا يشكل اختراقاً دون تطوير قدراتهم ومهاراتهم. وهذا أمر يتطلب استثمار القدرات المتخصصة التي تتوافر لدى المجتمع المدني. وهو ما لم يتم حتى الآن.

كان من بين حضور الندوة السفيرة مشيرة خطاب. فيما شارك عن المجتمع المدني منى ذو الفقار والمحامي الحقوقي نجاد البرعي وعصام شيحة والدكتورة هبة هجرس.

ولفت “شلبي” إلى أنه رغم تأكيد أهمية منع الخلط بين المعارضين السياسيين وبين المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن تحسين وضعية حقوق الإنسان وتقوية الإيمان العام بالاستراتيجية يتطلب خطوات إيجابية تشمل العفو عن المحتجزين “حتى لو كانت سلوكياتهم تمثل خرقاً لبعض النصوص القانونية”. وقال إن “العفو سيزيح عبئا كبيرا ويؤشر على عهد جديد يتأسس على التسامح ويسهم في تعزيز المشاركة التي هي هدف رئيسي للاستراتيجية الوطنية”.

واختتم “شلبي” بأنه لا بد من إجراء تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية وإصدار قانوني المعلومات وتأسيس المفوضية الوطنية لمنع التمييز وفق نص الدستور. مع أهمية الانتباه إلى أن هذه المفوضية “ليست مجرد ديوان مظالم”.

لا اختلافات

وفي تقريرها السنوي لعام 2021 قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن وضع حقوق الإنسان في مصر لم يختلف كثيرًا في 2021 عن مثله في أعوام سابقة. وأشارت إلى مواصلة المحاكم الاستثنائية -أمن الدولة طوارئ- مقاضاة نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين السلميين. كما لفتت إلى ما أضفته اللوائح التنفيذية لقانون الجمعيات من طابع رسمي على قيود واسعة على منظمات المجتمع المدني المستقلة.