لليوم السابع عشر يستمر الدكتور وليد شوقي و12 آخرون في الإضراب عن الطعام. وذلك احتجاجا على استمرار حبسهم لسنوات تجاوزت العامين من الحبس الاحتياطي.

وقرر وليد شوقي -طبيب الأسنان- الإضراب عن الطعام بعد احتجازه 3 سنوات ونصف. إذ رفضت إدارة السجن تحرير محضر لإثبات إضرابه ما دفع والدته والتي زارته مؤخرا بمطالبته التوقف عن الإضراب. بينما رفض هو ذلك.

وقالت زوجته الصحفية هبة أنيس إن والدة وليد علمت بإضراب 12 آخرين عن الطعام معه عقب زيارتها له مؤخرا. وأشارت إلى سوء حالته الصحية نظرا لاستمرار إضرابه الذي بدأ 11 فبراير الجاري.

وطالبت الزوجة من خلال مقطع مصور لها نشرته على صفحتها الشخصية بـ”فيسبوك” بالإفراج عن زوجها الذي لم يتورط في أعمال عنف أو قتل أو سرقه. ووجهت رسالة إلى المسؤولين: “منتظرين أن يموت؟ هل ذلك هدفكم؟”.

وأشارت إلى أنه سبق وتم تقديم بلاغات للنائب العام ووزارة الداخلية والعدل ورئاسة الجمهورية ومناشدات للمطالبة بإخلاء سبيله. وتساءلت: “هل تهم نشر أخبار كاذبة تستوجب حبس 3 سنوات ونصف احتياطي”. بجانب إرسال مطالبات إلى رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان السفيرة مشيرة خطاب. ومحمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية.

وكانت زوجته علمت ببدء إضرابه عن الطعام بعد زيارتها له في 14 فبراير الجاري: “علمت أن وليد دخل إضراب عن الطعام من يوم الجمعة. بسبب تجديد حبسه لما يقرب من 3 سنين ونص في دائرة مفرغة من العذاب بلا نهاية”.

وقالت الأسرة في بيان لها: “نخشى أن نفقد وليد ويفقدنا دون ذنب أو ارتكاب جريمة تستحق وجوده تلك الفترة محبوسا على ذمة قضيتين”.

بين الإضراب ونشر أخبار كاذبة

كان قد تم القبض على وليد شوقي منذ 14 أكتوبر 2018. وظل مُختفيا حتى ظهوره بنيابة أمن الدولة في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018. على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا. ووجهت له النيابة اتهام بالانضمام لجماعة إرهابية وتعمد نشر بيانات وأخبار كاذبة.

وبعد ما يقرب العامين تم إخلاء سبيل وليد في 24 أغسطس/آب 2020. وبدلًا من تنفيذ قرار المحكمة تم إخفاؤه للمرة الثانية ثم تدويره وعرضه مرة أخرى على نيابة أمن الدولة يوم 6 أكتوبر 2020. والتحقيق معه على ذمة القضية 880 لسنة 2020 المعروفة بأحداث سبتمبر/أيلول 2020.

وأشارت الأسرة إلى أنه تم حبسه مرة أخرى بنفس تهم القضية الأولى. بالإضافة إلى تهمة التجمهر. رغم عدم إطلاق سراحه بشكل فعلي. إذ كان محتجزا خارج إطار القانون لمدة أكثر من شهر. بعد إخلاء سبيله في مكان غير معلوم. ولا توجد أي أدلة على التهم غير محضر تحريات الأمن الوطني.

وأكد المحامي نبيه الجنادي استمرار إضراب الدكتور وليد شوقي وأحمد ماهر “ريجو” وموكا وجلال البحيري وآخرين. مشيرا إلى أن سجن مزرعة طرة به 12 محتجزا مضربا عن الطعام. فيما أشار إلى أن سجن طرة لا يزال يرفض إثبات إضراب هؤلاء المحتجزين. ما يضع حياتهم وصحتهم في خطر. وقال: “فيه 12 سجين حياتهم مهددة. فيه 12 إنسان حياتهم ممكن تنتهي في أي لحظة. وطلبهم الوحيد والمنطقي هو حريتهم. أعتقد ده مش كتير أبدا”.

موكا.. إضراب لليوم الثاني عشر

ويستمر عبد الرحمن طارق الشهير بـ”موكا” إضرابه عن الطعام لليوم الثاني عشر. وقال محاميه محمد فتحي إن أسرة “موكا” أرسلت تلغرافا للنائب العام حمل الرقم ٢٥٣٩٩٨١٢٧ بتاريخ ١٤ فبراير ٢٠٢٢ ضد إدارة السجن التي رفضت تحرير محضر بحالة إضراب موكا عن الطعام. وطالبته باتخاذ اللازم قانونا للحفاظ على سلامته.

وعن الحالة الصحية لموكا قالت سارة طارق -شقيقته- عقب انتهاء والدتها من الزيارة إنه لا يستطيع تحمل الوضع داخل السجن وحالته النفسية والبدنية سيئة.

أبدت شقيقة “موكا” تخوفها من استمرار شقيقها في الإضراب عن الطعام. مشيرة إلى أنه واصل إضرابه السابق لمدة 50 يوما. مما أثر على صحته وتم نقله للمستشفى.

ووفقا للقانون والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر يجب إثبات الإضراب في محضر شرطة. سواء للمحتجزين أو المضربين خارج أماكن الاحتجاز وتوفير الرعاية الطبية لهم.

ويحق للمضربين خارج أماكن الاحتجاز إثبات إضرابهم في محاضر شرطة. أو من خلال التلغرافات. يوضحون فيها أسباب الدخول في إضراب عن الطعام.

اختفاء ثم تدوير

وتعود أحداث حبس عبد الرحمن طارق على ذمة القضية الأخيرة 1056 لسنة 2020 أمن دولة إلى تاريخ 21 سبتمبر 2020. حيث حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية. لكن القرار لم ينفذ وظل مختفيا لأكثر من 60 يوما. حتى ظهوره على ذمة قضية جديدة بنفس التهم التي سبق وأن تم اتهامه بها في القضايا التي كان محبوسا على ذمتها.

بدأت معاناة “موكا” مع التدوير عقب اعتقاله أول مرة في 9 سبتمبر/أيلول 2019. أثناء قضائه فترة المراقبة الشرطية تنفيذا للحكم الصادر ضده في قضية “أحداث مجلس الشورى”. حيث اختفى وقتها من محيط قسم قصر النيل حتى ظهوره على ذمة القضية 1331 لسنة 2019. لتبدأ رحلته مع التدوير من قضية لأخرى.

وفي 10 مارس/آذار الماضي حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية في القضية 1331 لسنة 2019. لكن لم يتم تنفيذ القرار وظل محبوسا لأكثر من شهر ليتم تدويره للمرة الثانية على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020.

وقبل إتمامه عاما في الحبس الاحتياطي حصل على إخلاء سبيل لكن هذه المرة أيضا لم تكتمل فرحته بالقرار. ليظل مختفيا رغم تقديم أسرته بلاغات تلغراف للنائب العام والجهات المختصة تفيد باختفائه لكن دون جدوى. لينتهي الأمر بظهوره على ذمة القضية الأخيرة رقم 1056 لسنة 2020.

وبعد مرور شهرين من الواقعة ألقي القبض عليه أثناء فترة مراقبته في مركز شرطة قصر النيل. ليصبح متهما على ذمة قضية جديدة. لتبدأ رحلته مع الحبس الاحتياطي، ودوامة التدوير من قضية لأخرى.

“الحبس الاحتياطي مش عقوبة”

وشهدت الفترة الماضية حملة تدوين بعنوان “الحبس الاحتياطي مش عقوبة” انطلقت حملة من أسر المحتجزين احتياطيا في قضايا سياسية لفترات مختلفة تخطت العام. ووصلت إلى أربع سنوات لإنهاء فترات الحبس الطويلة والتدوير.

وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن النشطاء الثلاثة الذين بدأوا إضرابا عن الطعام احتجاجا على حبسهم الاحتياطي لأجل غير مسمى أو تقديم أدلة على ارتكابهم مخالفات في محاكمة تفي بمعايير المحاكمة العادلة.

وأشارت المنظمة إلى أن النشطاء الثلاثة أحمد ماهر ووليد شوقي وعبد الرحمن طارق معتقلون منذ ما بين 20 شهرا ونحو ثلاث سنوات ونصف. موضحة: عندما أصدر القضاة أوامر بالإفراج عنهم قامت النيابة العامة بـ”تدويرهم” أو إضافتهم إلى قضايا جديدة للالتفاف على حد السنتين للحبس الاحتياطي وفق القانون المصري.

وقال جو ستورك -نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “من المشين أن يقضي شخص سنوات في السجن دون محاكمة بتهم ملفقة. على السلطات المصرية الإفراج عن شوقي وماهر وطارق فورا. وإنهاء الاستخدام الجائر للحبس الاحتياطي اللا نهائي كأداة للقمع”.

وأضاف: “اعتماد الحيلة القانونية المتمثلة في التدوير يستهزئ بالقيود التي يفرضها قانون الإجراءات الجنائية المصري على الحبس الاحتياطي”.

وأوضحت المنظمة أن السلطات المصرية تعتمد بشكل متزايد على “التدوير” لحبس النشطاء لأجل غير مسمى دون محاكمة. لا سيما في أعقاب حملة الاعتقالات الجماعية في سبتمبر/أيلول 2019.

وقد ثقت المنظمة الحقوقية “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” ما لا يقل عن 97 حالة “تدوير” من يوليو/تموز 2015 إلى مايو/أيار 2020.

“ريجو”.. إضراب مستمر عن الطعام

بدأ أحمد ماهر الشهير بـ”ريجو” إضرابه عن الطعام في 10 فبراير/شباط على حد قول أحد أفراد أسرته لـ”هيومن رايتس ووتش” أثناء زيارة للسجن في 13 فبراير/شباط. حيث أخبر ماهر أحد أقاربه أنه قرر الإضراب عن الطعام بسبب فترة الحبس المطول دون محاكمة ولأنه تم “تدويره” في قضية جديدة.

وقال “ماهر” لأحد أفراد أسرته إنه “مريض ويعاني وليس لديه أي أمل”.

واعتقلت قوات الأمن “ماهر” في 4 مايو/أيار 2020 واتهمته بـ”الانضمام لجماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”و”إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي”. وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020 أمرت محكمة جنايات بالإفراج عن “ماهر” لكنه مثل لاحقا أمام نيابة أمن الدولة في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020. فيما يتعلق بقضية أخرى بنفس التهم.

وأثناء استجوابه في القضية الثانية -بحسب محاميه- استجوب المحققون “ماهر” حول أنشطته السياسية وكذلك علاقته بالناشط المحتجز علاء عبد الفتاح. والمحامي المحتجز محمد الباقر.

وقالت عائلة “ماهر” ومحاميه لـ”هيومن رايتس ووتش” إن السلطات لم تقدم أدلة ضده في أي من القضيتين.

في 14 فبراير/شباط وجهت عائلة “ماهر” مذكرة إلى النائب العام ومديري قطاع الإصلاح والتأهيل وحقوق الإنسان بوزارة الداخلية. وتفيد بأن أفراد الأسرة يحمّلون المسؤولين المسؤولية الكاملة عن حياة ابنهم. وأعربت أسرة “ماهر” عن قلقها إزاء عدم وجود أي اعتراف رسمي بالإضراب عن الطعام من السلطات خوفا من عدم تلقي المضربين عناية طبية كافية.