أصبحت روسيا في قلب الأزمة الأوكرانية وسط الضغوط المتزايدة عليها لمنع مرور السفن الحربية الروسية من مضيقي البوسفور والدردنيل إلى البحر الأسود.

تحاول تركيا مسك العصا من المنتصف فعلاقاتها بروسيا وأوكرانيا تتضمن مكاسب اقتصادية لا يجب التضحية بأي منهما. لكنها مالت بعض الشيء نحو كفة كييف بتغيير خطابها حول العملية العسكرية الروسية إلى من عملية إلى “حرب”.

بحسب معهد الإحصاء التركي، يبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا نحو 34.7 مليار دولار ومع أوكرانيا نحو 7.4 مليار دولار.

الرئيس الأوكراني قال إن تركيا وافقت على منع مرور السفن الحربية الروسية إلى البحر الأسود. عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، لكن أنقرة لم تؤكد ذلك حتى الآن.

صحيفة “الجارديان” قالت إن المطالبات الأوكرانية والغربية تزايدت. وأن موافقة تركيا على القرار ستكون خطوة مهمة تقطع الدعم طويل الأمد للقوات الروسية بأوكرانيا.

شوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال إن بلاده ستنفذ اتفاقية مونترو لعام 1936 التي يمكنها منع مرور السفن الحربية أثناء الحروب، إذا تعرضت للتهديد.

فكرة تطبيق الاتفاقية مطاطة فهي تنص على السماح للدول المشاركة في الحرب بالعودة لقواعدها. والسفن الحربية موجودة بالفعل في البحر الأسود.

منذ بداية فبراير/شباط، مرت ست سفن هجومية برمائية روسية على الأقل. بالإضافة إلى غواصة من طراز كيلو وباتت روسيا تملك أربع غواصات من هذا الطراز في البحر الأسود. كل منها مسلحة بصواريخ قادرة على ضرب أهداف في أي مكان بأوكرانيا.

مشكلة تركيا شديدة التعقيد، لا تريد أن تخسر أوروبا التي لم تسمح لها بدخول اليورو منذ عقود. كما أن روسيا وأوكرانيا من أكبر شركائها التجاريين.

تركيا دولة مستوردة للغاز، وتحصل على نحو 35% احتياجاتها منه من روسيا بسعر ممتد ولا تتحمل الشراء من بديل حاليا. خاصة في ظل التضخم القياسي وفقدان الليرة أكثر من نصف قيمتها العام الماضي.

أزمة تركية عنيفة

ومع الغزو الروسي، فرضت السلطات التركية زيادة جديدة على المنتجات البترولية قدرها 1.61 على سعر لتر البنزين. و1.51 على لتر الديزل.

وعام 2020، استوردت تركيا 16.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا. التي تعتبر أيضا أكبر مصدر للمنتجات الزراعية لتركيا بنحو 4.3 مليار طن في 2021 بينها قمح بقيمة 1.8 مليار دولار. كما تمد موسكو تركيا بنحو 42% من صادرات زيت عباد الشمس بقيمة 1.1 مليار دولار.

مثل الروس موردا للعملة الصعبة لأنقرة في مجال توريد العقار. بعدما أصبحوا أكثر جنسية أجنبية تشتري عقارات تركية. بجانب عمل المقاولون الأتراك في روسيا في مشروعات بقيمة 11.2 مليار دولار العام الماضي.

أصبح الروس مصدر إنعاش للسياحة لتركيا إذ زارها 7 ملايين في عام 2019 مقابل نحو 2.5 مليون أوكراني.

وبحسب اتحاد أصحاب الفنادق والمرافق السياحية ببحر إيجة، فإن اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا يمثل خسارة لتركيا 5 مليارات دولار سياحيا. قد ترتفع إلى 10 مليارات دولار حال ضم 54 قطاعا فرعيا مرتبطة بالسياحة.

والسوق الروسية مصدر أساسي للمنتجات الزراعية والصناعية التركية. خاصة اليوسفي والعنب والطماطم والمنسوجات والملابس والإكسسوارات.

غضب روسي

تعرف تركيا، حاليا، أن الروس غاضبون بسبب الأسلحة التركية التي باعتها أخيرا لكييف. ومنها الطائرات المسيرة، كما أن قطاع من الشعب التركي يرفض الناتو ويتهمه بالإمبريالية. ونظم متظاهرون أتراك تظاهرات تطالب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وإغلاق القواعد.

في فبراير الماضي، وقعت تركيا وأوكرانيا اتفاقية للتجارة الحرة خلال زيارة الرئيس أردوغان لكييف وأعلنتا عن صفقة لأوكرانيا لتصنيع طائرات مُسيّرة تركية.

يخطط أردوغان لتعميق العلاقات بأوكرانيا، التي تعد سوقًا مهمًا لتصدير منتجات الدفاع التركية. ومحور لجهود أنقرة للتخفيف من التداعيات السلبية للعقوبات الأمريكية على صناعتها الدفاعية.

نظرا لعضوية تركيا في حلف الناتو، يجب عليها أن تتبنى موقفه المناوئ لأي غزو أو تدخل روسي في الأراضي الأوكرانية. لكن دول بالناتو انتقدت أكثر من مرة  بيع الطائرات المسيرة التي استخدمها الجيش الأوكراني ضد الانفصاليين في شرق البلاد وانتهاكها قرار وقف إطلاق النار.

ربما يكون أردوغان مجبرا على بيع مسيراته لأوكرانيا فمحركاتها تأتي في الأساس من كيبغ وتبني أنقرة الهيكل وتزودها بمنظومات التسليح وتعيد بيعها إلى 12 دولة.

ترتبط أنقرة بعلاقات قوية مع كييف خاصة في السياحة فتحو 28% من المسافرون الأوكران زاروها العام الماضي. ووقع البلدان اتفاقية تجارة حرة بينهما لرفع التبادل التجاري بينهما إلى 10 مليارات دولار.

تأتي الأزمة وسط ارتفاع التضخم في تركيا بأكثر من 36٪ في ديسمبر/كانون الأول الماضي وتوقعات بوصوله 50% حال عدم تغيير السياسة النقدية. بينما استهلكت تكلفة النقل والطعام والسلع الأساسية الأخرى ميزانيات غالبية الأسر. خاصة بعد الزيادات الأخيرة في أسعار فواتير الكهرباء والغاز بحوالي 50٪ و25٪ على التوالي.