أدخلت الأزمة الأوكرانية الروسية الأمم المتحدة في حالة من الفوضى رغم انعقاد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فور الغزو. لكن روسيا استخدمت حق النقض “الفيتو” لمنع مشروع قرار كان من شأنه أن يوصم الغزو انتهاكًا للقانون الدولي “بأقوى العبارات”.

دعا مجلس الأمن إلى جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة الأولى منذ 40 عامًا لمناقشة قرار آخر يدين روسيا. لكن التوصل إلى أي نوع من الاتفاق عملية مرهقة وبطيئة، والأزمة ببساطة أحدث مثال على أن “ويلات الحرب” لا تزال تبتلي العالم.

مع اندلاع الصراعات أيضًا في اليمن وإثيوبيا وأفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر. فمن الواضح أن الأمم المتحدة لا ترقى إلى مستوى التوقعات العالية التي وضعها مؤسسوها، وأصبحت غير مناسبة على ما يبدو لمنع النزاعات وحلها. حتى أن الكثير من الناس حول العالم يشعرون بأنها عفا عليها الزمن.

على سبيل المثال، قال أكثر من نصف الشباب الذين شملتهم الدراسة التي أجرتها الأمم المتحدة في عام 2020. إنهم يرون أنها “بعيدة عن حياتهم ولا يعرفون الكثير عنها”.

شهد الأسبوع الحالي إصدار الفصل الثاني من التقييم المناخي الشامل للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ. الذي يركز على “الآثار والتكيف وقابلية التأثر”، الذي سارع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. إلى تلخيص التقرير بأنه “أطلس للمعاناة الإنسانية” و”لائحة اتهام دامغة للقيادة الفاشلة”، وهو نقد يشمل المنظمة التي يترأسها.

الأمم المتحدة.. فشل مستمر في غالبية الملفات

بحسب تقرير لشبكة المراجعة السياسة العالمية “دابليو بي آر”، فإنه إذا كانت الأمم المتحدة تفشل في الوفاء بالوعد الأساسي الذي تم توقعه على أساس وجودها. فقد يكون من المفيد التساؤل: هل ما زلنا بحاجة إليها؟.. فالبشرية ليست على المسار الصحيح لتحقيق عالم مستدام وقادر على الصمود في وجه تغير المناخ.

في هذه المرحلة، لا مفر من حدوث قدر من الدمار نتيجة لتغير المناخ، حتى لو نجحنا في الحد من ارتفاع درجة الحرارة عالميًا إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة. وهو هدف لا يزال بعيد المنال على الرغم من عدد لا يحصى من مؤتمرات القمة والإعلانات التي ترعاها الأمم المتحدة.

تغير المناخ ليس حربًا ولم يتم ذكره في ميثاق الأمم المتحدة، الذي تمت صياغته قبل فترة طويلة من فهم آثار الاحتباس الحراري. ومع ذلك، في القرن الحادي والعشرين، لا توجد طريقة “لإنقاذ الأجيال المقبلة” دون معالجة حالة الطوارئ الكوكبية.

تاريخيًا، كان الأثر الإيجابي للأمم المتحدة واضحا منذ تأسيسها في عام 1945، انخفض تواتر الحروب وحجمها وعدد القتلى فيها. على الرغم من أن ما إذا كان هذا يمكن أن يُعزى بالكامل إلى الأمم المتحدة أم لا، فهذا أمر مطروح لبعض النقاش.

مصالح المجتمع الدولي في خطر

أدت العولمة على سبيل المثال، إلى أن تصبح البلدان مترابطة بشكل متزايد، سياسياً ومالياً. لذلك فإن أي صراع الآن يعرض للخطر ليس مصالح الأطراف المتحاربة فحسب، بل مصالح المجتمع الدولي بأسره، وكان ذلك رادع قوي.

هناك أدلة قوية تشير إلى أن الأمم المتحدة نفسها ساعدت في جعل العالم أكثر سلامًا مما كان عليه من قبل من خلال تعزيز الحوار العالمي. وتشكيل القواعد وتطوير القوانين الدولية التي تدين “التهديد باستخدام القوة أو استخدامها”.

لكن ذلك لا يمنع أن العالم استفاد من المنظمة عبر 30 عامًا من التعاون الدولي في مجال المناخ بقيادة الأمم المتحدة فبدون أي عمل وتعاون دوليين. كان العالم قد تجاوز بالفعل عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار الخطير، أو سيكون على وشك القيام بذلك قريبًا. وبالتالي كانت تكاليف تغير المناخ “أكبر من تلك التي تجري مناقشتها حاليًا” مع فرصة صفرية تقريبًا لإبعاد الإنسانية عن الهاوية.

قيمة الأمم المتحدة كبيرة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين والصحة العالمية، لكن هذا لا يعني أن أولئك الذين خاب أملهم في الأمم المتحدة مخطئون. أو أنها ستكون مطلوبة دائمًا.

جميع أنحاء العالم يتقدمون لأخذ الأمور بأيديهم

بينما تتردد الأمم المتحدة والهيئات العالمية الأخرى وتتفاوض، كان الناس في جميع أنحاء العالم يتقدمون لأخذ الأمور بأيديهم. ففي أوكرانيا نظمت المنظمات غير الحكومية والشبكات الشعبية الواسعة تبرعات للاجئين الأوكرانيين. كما أن الشباب يصممون ويقودون برامجهم الخاصة لحفظ السلام.

يتكرر الأمر مع ملف المناخ، عبر المنظمات الشعبية أو حكومات المدن المحلية، فعلى سبيل المثال. اجتمعت مجموعة عالمية من رؤساء البلديات لتشكيل مجموعة القيادة المناخية لمدن C40، وتبادل الأفكار والمعلومات من أجل مساعدة بعضهم البعض على تحقيق خطط عمل مناخية طموحة. عندما خذلتهم القيادة العالمية، يقوم الناس بإنشاء مساحات خاصة بهم للمشاركة وتنفيذ حلولهم الخاصة.

الأمم المتحدة لديها دور لا يقدر بثمن لتلعبه في تنسيق هذه الجهود المحلية لمنع التجزئة الإقليمية والأيديولوجية، وتعزيز الحلول الشاملة بعيدة النظر لتحديات القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، إذا استمرت في تعرضها للشل قبل البيروقراطية والانقسام بسبب تضارب المصالح الوطنية فلن تكون مناسبة لذلك الغرض. وإذا فشلت في إيجاد طرق مبتكرة وذات مغزى للعمل مع هؤلاء الفاعلين المحليين المغامرين، فقد تصبح أيضًا زائدة عن الحاجة..  ولن يكن إنقاذ الأجيال القادمة مهمة سهلة أبدًا – ولكن هذا ليس عذراً لعدم المحاولة.