بدأت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تصل للمواطن المصري مع ارتفاع التضخم العالمي وزيادة أعباء الشحن، ومن ثم ضربت الزيادات السلع الأساسية. خاصة رغيف الخبز السياحي والمكرونة والدقيق والزيوت. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار القمح، عالميًا، في بورصة شيكاغو الأمريكية لأعلى مستوى لها منذ 14 عامًا، قفزت محليًا بنحو ألف وخمسمائة جنيه للطن، ليرتفع من 9.5 ألف لأكثر من 11 ألفًا جنيه.

تلعب روسيا وأوكرانيا دورًا مهمًا في توفير الغذاء. وهما تشكلان معًا حوالي ربع شحنات الشعير وخُمس الذرة والجزء الأكبر من زيت عباد الشمس. ومع توقف كميات كبيرة من إمدادات المنطقة، سيضطر المشترون إلى البحث عن أماكن أخرى.

روسيا ثالث أكبر منتج للقمح في العالم بإنتاج 85.9 مليون طن في 2020. بينما تحتل أوكرانيا المرتبة الثامنة بمعدل 24.91 مليون طن خلال العام ذاته، وفقا لبيانات منظمة الفاو. وتستورد مصر من روسيا وأوكرانيا 80% من احتياجاتها من القمح. وهي أكبر مستورد في العالم، بكميات تتراوح بين 10 و12 مليون طن سنويًا.

تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.. ارتفاع متتال بأسعار القمح

ارتفعت أسعار الخبز السياحي غير المدعم، من 50 قرشًا إلى 75 قرشًا للرغيف الحجم الصغير. ومن جنيه إلى جنيه ونصف لكبير الحجم. وهو الأمر الذي يؤثر على دخل غالبية المواطنين المصريين.

خلال يومين اثنين فقط، ارتفعت المكرونة بكل أصنافها بما يتراوح بين 2 و3 جنيهات للكيلو، حسب النوع في محال التجزئة. والعبوة الواحدة قد يختلف سعرها من محل لآخر في ظل عدم كتابة السعر النهائي عليها.

ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 21% إلى الآن عام 2022 بعد ارتفاعها بأكثر من 20% طوال عام 2021 بالكامل. لتبلغ الزيادة 41% في عامين. ما ينعكس على أسعار الأعلاف وبالتبعية أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء.

الزيادات تطارد أسعار غالبية السلع

قفز سعر كيلو الدواجن إلى مستوى 38 جنيهًا، وبعض مكوناته كالبانيه قفزت إلى 90 جنيهًا. بينما بلغ سعر كرتونة البيض (30 بيضة) إلى 60 جنيهًا. وقد سجلت اللحوم الحمراء مستوى يتراوح بين 150 و180 جنيهًا في بعض الأماكن.

يقول فتحي، أحد أصحاب المطاعم الشعبية، إن الزيادات التي وقعت على سعر الخبز دفعت زملائه إلى رفع سعر السندوتشات. ليصبح سعر الرغيف 4 جنيهات، بدلًا من 3 ونصف جنيه.

يضيف وليد عبدالهادي، موظف، أن الأعباء تتزايد يومًا بعد يوم. فمع ارتفاع الخبز رفعت المطاعم والمخابز أسعار البيع مرتين أحدهما بشكل غير مباشر عبر تقليل حجم المنتج. فالرغيف رغم رفع سعره أصبح قطره أقل من كف اليد.

يوضح أن المطاعم الشعبية منعت البيع بأقل من ٤ جنيهات لكيس الفول. وأصبحت تبيع حبة الطعمية الصغيرة بنصف جنيه والقرص الكبير بجنيه ونصف بحجة ارتفاع أسعار الزيوت.  والموظف دخله ثابت ولا يستطيع المواجهة.

اقرأ أيضًا: كيف يواجه قطاع السياحة المصري تأثيرات الحرب الأوكرانية؟

الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين، يقول إن الوزارة تحصل على 30% من احتياجاتها من الزيت عصارات محلية. لكن أسعار الزيت شهدت جنونًا بعدما ارتفع منذ 7 شهور إلى 1400 دولار للطن، قبل أن تزيد مجددًا. والدولة تحملت 60% من زيادة أسعار الزيت، على حد قول الوزير.

وسجلت أسعار زيت الذرة في السوق المحلية 26 ألف جنيه للطن، وزيت الذرة المكرر  32 ألف جنيه. بينما سجل زيت عباد الشمس المكرر 30 ألف جنيه. لكن تدور التوقعات حول زيادة جديدة مستقبلًا.

ظلت مصر حتى وقت قريب تستورد 97% من الزيوت. ما يعادل 800 ألف طن، قبل أن تستبدل الزيوت المصنعة بالبذور وعصرها في 32 مصنعًا محليًا. الأمر الذي خفض الاستيراد إلى 600 ألف طن.

الزيت المدعم = 25 جنيهًا

وقد رفعت التموين سعر زيت الطعام المدعم إلى 25 جنيهًا للزجاجة سعة لتر واحد في أكتوبر الماضي. وذلك بعد أربعة أشهر (يونيو 2021) من رفعها بنسبة 23.5% إلى 21 جنيهًا للزجاجة سعة لتر أيضًا. بعد قفزة عالمية في أسعار المواد الخام حينها.

متى بشاى، رئيس لجنة التموين والتجارة الداخلية بشعبة المستوردين، يقول إن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع كبير في أسعار السلع بسبب الزيادة في سعر المواد الخام، والكثير من مستلزمات الإنتاج.

ارتفع مؤشر الأمم المتحدة لأسعار الغذاء بنسبة 4% تقريبًا في فبراير وزادت التكاليف بأكثر من 50% منذ منتصف عام 2020. ما أدى لارتفاع الأسعار في متاجر البقالة، مدعومًا بارتفاعات في أسعار الزيوت النباتية.

تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.. سلع البسطاء في فك التضخم

مع ارتفاع أسعار الزيوت والدقيق عالميًا، رفعت محال بيع المخبوزات والمعجنات أسعار المنتجات الشعبية عدة مرات. كما ارتفع سعر الخبز الفينو ليتراوح بين 50 قرشًا وجنيه واحد مع تقليص واضح للوزن.

صاحب مخبز  في طنطا يعرف نفسه بـ “محمد أبو علي”، يقول إن سعر الطن الدقيق يتزايد أسبوعيًا، وعليه أن يرفع السعر أو يقلل الوزن حتى يضمن الاستمرار ودفع أجور العمالة والمياه والكهرباء والغاز، فمن مصلحته خفض تقليل سعر البيع، حتى يشتري المستهلك كميات أكثر.

يقول الرجل الستيني إن سعر طن الدقيق السياحي ارتفع من 9 إلى 12 ألف جنيه في شهر واحد، وزيت النخيل الذي كان أرخص وأقل الزيوت جودة أصبح حاليًا بسعر زيت عباد الشمس.

وأمام موجة الارتفاعات زاد سعر السكر الأبيض ليسجل سعر الطن 10,250 جنيه، مرتفعًا بمقدار 100 جنيه في الطن قبل يومين، رغم أنه منتج محلي صرف تقريبًا، كما ارتفع جوال الأرز إلى 265 جنيهًا، بسبب استغلال التجار.

يقول المواطنون إن الدولة يجب أن تفعل أدواتها وتتدخل في السوق لضبط الأسعار التي تتفاوت بصورة كبيرة بين محل وآخر، ورفعت أسعار المنتجات المحلية التي تتضمن مخزونًا محليًا منها لم يتأثر بالزيادات العالمية.

واعترف رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بالشعبة العامة للمستوردين، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “من مصر” المُذاع على فضائية “سي بي سي”، بأن بعض التجار يرفعون الأسعار استباقيًا، ويتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذه الحالة، موجهًا حديثه للمواطنين. قائلًا: “أوعوا تشتروا منهم وبلغونا”.