اكتسب اليوان زخما منذ الحرب الأوكرانية الروسية لتصبح العملة الصينية حاليا مصدر تهديد للدولار الأمريكي عالميًا. خاصة بعد إعلان مستثمرين روس أنها ستكون البديل الأول للعملة الأمريكية في السوق الروسية.
سجل الاحتياطي الروسي من العملات الأجنبية 630 مليار دولار نهاية يناير/كانون الثاني الماضي. ويتكون من أصول وودائع مقومة بالعملات الرئيسية في العالم لكن أغلبها حاليا من اليوان واليورو بجانب 2300 طن من الذهب.
البيانات الرسمية الروسية تكشف أن البنك المركزي الروسي بدأ التخلص من الدولار منذ شهر يونيو/حزيران 2017. وخلال عام واحد وقبل يونيو/حزيران 2018 هبطت كمية العملة الأمريكية نسبة 24٫4% بقيمة 100 مليار دولار حينها.
بحسب مسح المستثمر الحكومي العالمي، الصادر عن منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية الصادر في يوليو/تموز الماضي. فإن ثلث البنوك المركزية تخطط لإضافة العملة الصينية إلى احتياطياتها على مدار 12-24 شهرا القادمة، مقارنة مع 10% فقط العام الماضي.
التقرير ذاته، أشار إلى أن 20% من البنوك المركزية لتقليص حيازاتها من الدولار الأميركي على مدار 12 إلى 24 شهراً. وتخطط نسبة 18% لتقليص الحيازات من اليورو، فيما يرغب 14% تقليص الحيازات من الدين السيادي لمنطقة اليورو.
وقفزت المدفوعات باستخدام اليوان إلى حصة قياسية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية بعد أن زادت الصناديق الدولية حيازاتها من السندات الحكومية الصينية. بالإضافة إلى قرار منتجة الغاز “غازبروم نيفت” قبول اليوان بدلاً من الدولار لتزويد الطائرات الروسية بالوقود في المطارات الصينية.
صعود كبير لليوان على مستوى المدفوعات عالميًا
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ارتفع اليوان الصيني مركزًا واحدًا ليصبح رابع أكثر العملات نشاطًا للمدفوعات العالمية من حيث القيمة بدلاً من الين الياباني. وارتفعت في يناير/كانون الثاني التالي بنحو 11% رغم أن جميع العملات الأخرى حينها تقلصت بنسبة 6.48%. الأمر الذي فسره وانج يوكسين، الباحث البارز في بنك الصين بأنه دليل على دور بكين المتزايد في التجارة الدولية.
وحث محافظ بنك الشعب الصيني يي جانج الاقتصادات الناشئة على تعزيز استخدام العملات المحلية في اجتماع مجموعة العشرين للبنوك المركزية. مردداً دعوة مماثلة من إندونيسيا لتقليل الاعتماد على الدولار مع مخاطر سحب الحزم التحفيزية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
توقَّع ألفين تان، رئيس استراتيجية آسيا للعملات لدى “رويال بنك أوف كندا” في هونج كونج، أن يكون اليوان أحد أكبر المستفيدين من سياسات البنك المركزي الأمريكي. نظراً لأنَّ “التجارة بين مختلف الدول الآسيوية والصين تنمو، كما يتم تحديد المزيد منها باليوان”.
توقَّعت لبيكي ليو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين لدى “ستاندرد تشارترد” أن تشهد سوق السندات الصينية تدفقات داخلة من 700 إلى 800 مليار يوان (110 – 126 مليار دولار) في عام 2022 مقارنة بـ 755 مليار يوان العام الماضي.
جريجوري سوسنوفسكي، مدير الشبكة الإقليمية للعمل مع العملاء الأثرياء «عالم BCS للاستثمارات». قال إن اليوان هو البديل الأفضل للدولار في الأسواق الروسية، موضحا أنه مع صرف العملة الصينية قد تنشأ بعض الصعوبات. التي لا تنشأ عادة مع الفرنك السويسري، مضيفا أنه إذا لم يكن لدى الشخص مهمة أو هدف تخزين النقود. بالتالي فإن اليوان أكثر سيولة في السوق الروسية من الدولار واليورو.
ووصف مدير الشبكة الإقليمية أن الذهب قد يكون بديلا آخر، مذكرا أنه في الوقت الحالي تم إلغاء ضريبة القيمة المضافة البالغة 20% على شراء هذا المعدن الثمين. ولاقت قضية تحويل أسعار الشقق إلى دولارات، التي روج لها في نهاية فبراير الماضي. رد فعل من قبل أصحاب العقارات، فيما نفت وكالات العقارات في موسكو البيانات التي ظهرت في وقت سابق على الشبكة.
البنوك الروسية تفعل بدائل لنظام فيزا وماستركارد
من جهة أخرى تستعدد بنوك روسية في مقدمتها “سبير بنك و”ألفا” و”تينكوف” لإصدار بطاقات تستخدم نظام مشغل البطاقات الصيني “يونيون باي”. الذي سيكون مربوطا بنظام “مير” الروسي، بدلا من “فيزا” و”ماستر كارد” الأمريكيتين المربوطين بنظام سويفت.
“يونيون باي” تعمل بالشراكة مع أكثر من 2500 مؤسسة حول العالم وتتيح قبول البطاقة في 180 دولة ومنطقة مع إصدار في أكثر من 70 دولة ومنطقة. وتوفر خدمات دفع عبر الحدود عالية الجودة ورخيصة من حيث التكلفة وآمنة لأكبر قاعدة لحاملي البطاقات في العالم.
وفي سياق متّصل، أعلن البنك المركزي الروسي أن بطاقات فيزا وماستر كارد الصادرة عن البنوك الروسية ستظل تعمل في روسيا بفضل نظام الحوالات المالية الروسي البديل. وأن العقوبات لن تؤثر على ذلك.
أضاف البنك أن المعاملات المالية باستخدام فيزا وماستر كارد خارج روسيا لن تكون متاحة، بما في ذلك المتاجر الإلكترونية الأجنبية. وحال السفر إلى الخارج أوصى باستخدام بطاقات نظام الدفع الوطني “مير”، والتي تعتمدها دول بينها تركيا وبيلاروس وفيتنام وطاجيكستان.
وتم استحداث نظام الدفع الوطني “مير” عام 2015 بعد أن فرض الغرب عقوبات على موسكو. وإصدار أكثر من 95 مليون بطاقة ما يمثل حوالي ثلث سوق البطاقات في روسيا الذي كان يهيمن عليه سابقًا أنظمة الدفع الدولية مثل فيزا وماستر كارد.