عرف التاريخ الإنساني -قديمًا وحديثًا- الدولة القائمة على الأسس الدينية والعرقية، وعانت شعوب الأرض مشكلات تمييزية وقمعية كبيرة نتاجًا لذلك. وقاوم المفكرون وعلماء علم الاجتماع هذا الوضع لسنوات طوال. فكان الانتقال من الدولة القائمة على هذه الأسس إلى القائمة على أساس المواطنة، أحد أبرز الانتصارات التي تحققت في مسيرتنا الإنسانية كلها. ومن هذا المنطلق، ولأن الأسرة صورة من المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع وإن فسدت انهار البناء المجتمعي ككل، يأتي الزواج المدني في مصر باعتباره خطوة على طريق المواطنة ودولة المساواة أمام القانون والدستور.

ذلك لأنه يحل عديد من إشكاليات تشريعات الأسرة، التي يأخذ على كثير منها تمييزها ضد المرأة، ومن ثم الإضرار أيضًا بحقوق الأطفال. وهو ما حاول المحامي والباحث الحقوقي أحمد أبو المجد توضيحه، في ورقة بحثية جديدة، نشرتها وحدة الأبحاث الحقوقية بمركز التنمية والدعم والإعلام (دام)، تحت عنوان “الزواج المدني.. هل يمكن أن يكون حلًا لإشكاليات تشريعات الأسرة في مصر”. وقد تطرق فيها إلى إشكاليات قوانين الأسرة الحالية ونماذج للدول التي وجدت في الزواج المدني حلولًا لأزماتها.

للاطلاع على الورقة كاملة.. اضغط هنا

إشكاليات قوانين الأسرة في مصر

ينتقل الباحث -في ورقته- بعد مقدمة عن القوانين والدساتير العالمية والمحلية وأهمية مبدأ المواطنة، إلى محاولة الإجابة على سؤال: لماذا نحن بحاجة إلى إقرار الزواج المدني؟

وهنا، يستعرض إشكاليات قوانين الأسرة التي تعرفها مصر حاليًا. ويصل إلى أن فلسفة القانون الذي صدر من حوالي قرن (الأحوال الشخصية لسنة 1920)، ترسخ لمفاهيم رجعية تظلم النساء ولا تعطي حقوق متساوية لأفراد الأسرة. وهو يرجع إليها النتائج الصادمة فيما يتعلق بحالات الطلاق في مصر. وقد بلغت نسبته 180 ألفًا و344 حالة عام 2014 مقابل 162 ألفًا و583 حالة خلال 2013. ذلك بزيادة 17 ألفًا و761 حالة ونسبة 10٫9%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ما وضع مصر في المرتبة الأولى عالميًا بمعدل فاق 170 ألف حالة، معظمها عن طريق قانون الخلع. ذلك وفقًا للإحصاءات الدولية بالأمم المتحدة.

هذا الأمر فرض ضرورة المطالبة بمقترحات لإدخال تعديلات على القانون الحالي تسعى إلى تحقيق العدل والمساواة لكل أفراد الأسرة. بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق الأفراد بما لا يخالف الدستور ومواثيق حقوق الإنسان عامة، والمرأة والطفل خاصة.

يشير الباحث -في عرضه- أيضًا إلى أزمة تعدد الزوجات بين مسلمي مصر، ومحاولات تقييد هذا التعدد بالقضاء، والتي تعود إلى عام 1926. فيما يتطرق إلى لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للمسيحيين. وهنا تبرز إشكالية كبرى. إذ أن قوانين الكنيسة تضع شروطًا قاسية لطلب التطليق. كما أنها تفرض مطالب صعبة على الزواج الثاني حال التطليق بحكم محكمة وفقًا للشريعة الإسلامية.

هل يتعارض الزواج المدني مع الإسلام والمسيحية؟

للإجابة على هذا السؤال، يتعرض الباحث إلى ما يمكن أن يثار عن تعارض الزواج المدني مع المادة الثانية من الدستور (مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع). ويقول إن المحكمة الدستورية العليا المصرية تمكنت في العديد من قضاياها من إقرار مبادئ حالت بين أن يؤدي النص في الدستور على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع إلى تحول الدولة إلى دولة دينية.

وأهم هذه المبادئ التي قررتها الدستورية العليا: أن خطاب هذه المادة موجه إلى المشرع وليس موجهًا إلى القاضي. وبالتالي لا يجوز للقاضي أن يتجاهل القانون الوضعي وأن يذهب إلى تطبيق الشريعة مباشرة. ذلك ولو تراءى له أن نص القانون الوضعي مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية. فالمقصود بالشريعة التي هي مصدر التشريع الأحكام الكلية العامة التي اتفقت عليها مختلف المذاهب الفقهية. ذلك دون الدخول في تفصيلات اختلافات المذاهب. وخاصة تلك المرتبطة بثقافات نسبية تجاوزها العصر.

إن المقصود بصفة عامة من كون الشريعة مصدرًا رئيسيًا للتشريع هو ألا تكون التشريعات متعارضة مع الأحكام الكلية للشريعة. دون أن يعنى ذلك اشتراط أن تكون التشريعات مستمدة مباشرة من أقوال الفقه القديم. ففي مبدأ المصلحة مجال فسيح لسلطة المشرع في الدولة الحديثة.

وهناك حقيقة لا مجال لنكرانها ولابد من الإقرار بها، وفق ما يشير الباحث. وهي أن الفقه الإسلامي بعد أن تألق وبلغ أوجه حتى أوائل القرن الرابع الهجري، تحول إلى الركود وانتهى بالجمود المطبق. إذ انحصر العمل الفقهي المعاصر غالبًا في ترديد ما سبق، ودراسة ألفاظ بعينها وحفظها، في تجاهل للقاعدة الشرعية: “لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان”.

وبناءً على ذلك، فإن المادة الثانية من الدستور المصري أصبحت تفهم وتفسر على أساس أن الشريعة الإسلامية التي هي مصدر التشريع أو القانون ليست مجرد شريعة دينية يدين بها المسلمون. وإنما هي نظام قانون ناضج يعتبر مكونًا جوهريًا في التراث القانوني للأمة بكل مواطنيها. والمقصود بالشريعة في كلا الأمرين هو المبادئ العامة التي يتقبلها الضمير القانوني المعاصر.

الزواج المدني ليس ببدعة

أما فيما يتعلق بالزواج المدني وتعارضه مع المسيحية، فإن تشدد الكنيسة في قصر الطلاق على حالات الزنى فقط. فضلًا عن إجبار الزوجان بعد تطليقهما بحكم محكمه على شروط تكاد تكون مستحيلة للتصريح بالزواج مرة أخرى هما أمران يستدعيان أن نجد مخرجًا يعفي الكنيسة من الحرج في إعادة تحديث تفسير الكتاب المقدس وفقًا لمعطيات العصر.

هنا، يبرز الزواج المدني، وهو ليس ببدعة. بل يعمل به في أغلب دول العالم، وقد نجح في حل الكثير من المشكلات الأسرية.

إن قانون الزواج المدني -كما يوضح الباحث- لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون بديلًا للزواج الكنسي. فسوف يستمر الزواج الكنسي إلى جوار الزواج المدني. إلا أنه سيكون للأزواج اختيار شكل زواجهما سواء كان كنسيًا أو مدنيًا. على ألا يخلط بينهما، فمن تزوج مدنيًا يعامل طبقًا لقانون الزواج المدني، ومن تزوج كنسيًا يعامل طبقًا للطقوس والأعراف الكنسية المعمول بها. وهنا يقصد أنه لا يمكن لزوجين تزوجا كنسيًا أن يطلبا الطلاق وفقًا للقانون المدني، فطلاقهما يكون كنسيًا أيضًا وفقًا لمعايير الكنيسة في هذا، والعكس صحيح.

ويجب أن يكون الزواج وفقًا لقانون الزواج المدني صحيحًا، مسجلًا في سجلات الزواج والأسرة، وفقًا لقانون الأحوال المدنية، ويثبت اسم الزوج في بطاقة الرقم القومي للزوجة. وكذلك الأمر في نسب الأبناء، وفقًا لما هو معمول به في قوانين الأسرة والأحوال المدنية. وبموجب الزواج المدني يحق للأزواج الانفصال في حال تعذر واستحالة الحياة بين الزوجين وبموجب مستند الطلاق يحق لكل منهما الزواج مرة أخرى سواء كان إعادة الزواج بينهما أو الزواج من أشخاص آخرين.

وبموجب عقد الزواج المدني سيتم القضاء على حالات الطوابير التي تقف أمام الكنيسة، طلبًا لتصريح الزواج للمرة الثانية. لأنهم لن يكونوا بحاجة إلى تصريح زواج وليسوا في احتياج للتحول إلى ديانة أخرى من أجل الزواج.

للاطلاع على الورقة كاملة.. اضغط هنا

يشير الباحث كذلك إلى أزمة كبرى تتعلق بزواج من هم من غير المسلمين والمسيحيين في مصر كالبهائيين مثلًا. وأيضًا مشكلات توثيق الزواج من أجنبي وأجنبية. وما يترتب على ذلك من مشكلات إثبات نسب الأطفال وأيضًا الميراث بين مختلفي الأديان، وغيرها من المشكلات التي لم يتمكن قانون الأحوال الشخصية من حلها.

كيف نقنن الزواج المدني؟

ولتحرير الزواج المدني من قيد الفهم الخاطئ لمعناه وشروطه، يتطرق الباحث إلى التعريف. يقول إن الزواج المدني هو عقد زواج بين شريكين موثق العهد بشاهدين في مقر رسمي  (المحكمة أو الشهر العقاري). على أن يقوم هذا العقد على الحب المتبادل والرغبة في تأسيس أسرة. بينما يتم تسجيله في سجلات الدولة. وهو خاضع بشكل كامل للقواعد القانونية التي حددها المشرع، والتي لا يجوز للأفراد مخالفتها. وبهذا هو يضمن حقوق كلا الزوجين بالمساواة في حالة الطلاق.

وأهم ما يميز الزواج المدني هو أنه يسقط كلّ الفوارق الدينيّة والمذهبيّة بين رجلٍ وامرأةٍ يريدان الارتباط ببعضهما والعيش سويًا تحت سقفٍ واحدٍ. فالزواج بذلك مدني انطلاقًا من مبدأ فصل الدين عن الدولة. بينما يترتب على مدنية الزواج أن القانون لا يعترف بهذا الزواج إلا إذا أُبرم أمام الموظف المختص. فإذا أُبرم الزواج بين الزوج والولي بحضور الشهود، واستكمل جميع أركانه وشروطه، لا يُعترف به قانونًا لأنه ينقصه شرط الإبرام أمام الموظف المختص.

وعليه، فإن الزواج المدني ينظر إليه على أنه مؤسسة اجتماعية من نتاج القانون الوضعي. وهو محض مدني يحصل أمام السلطة العامة في شكل رسمي احتفالي ولا يمكن إجراؤه إلا بتدخل أحد موظفي الدولة. ليس فقط لتنظيم وثيقة بحصوله، بل لتأكيد شكله أيضًا والزواج المدني تغلب عليه الصفة التعاقدية من حيث اجتماع إرادتي الأشخاص الراغبين ببعضيهما.

ولما كانت الصفة التعاقدية هي الغالبة فكان لزامًا توافر شروط معينة في الأشخاص الذين انعقدت عزائمهم على إنشاء هذا العقد الاحتفالي.

شروط الزواج المدني:

والشروط المقصودة هي المتعلقة بالأهلية الطبيعية من حيث بلوغ السن القانونية والرضى.

بالنسبة لبلوغ السن القانونية:

وهو تجاوز سن الطفولة كما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل بثمانية عشر عامًا

بالنسبة للرضى:

بالقدر الذي يكون فيه الزواج اتفاقًا لإنشاء عائلة معينة، فإن طبيعته عقدية. فالرضى هو من جوهر الزواج كما هو في عقد آخر وتبادل بالرضى يحصل باجتماع الإرادتين. وذلك بتوافر القبول الشخصي لكل من المتعاقدين ووفقًا لأشكال يعينها القانون.

إذًا عند توافر الرضى التام يعطي العقد مفاعيله لأن الرضى إما أن يكون مفتقدًا بالمطلق أو أن يكون معيوبًا، فالنسبة لفاقدي الرضى، لا زواج لهم أما معيوبو الإرادة أو معيوبو الرضى فيمكنهم إجراء عقود زواج حال انتفاء العيب وتوافر الأسباب الموجبة لذلك.

آثار الزواج المدني:

إن أهم الآثار التي تترتب على الزواج هي الطلاق الذي يلجأ إليه الزوجان لإنهاء علاقتهما. وقد تختلف أسبابه وله إجراءات محددة، لذلك سنتناول تفصيل مفهوم الطلاق المدني وأسبابه وإجراءاته.

مفهوم الطلاق المدني:

الزواج المدني كمؤسسة اجتماعية ينظر إليها استحبابًا، كونها أيسر مدى في ممارسة طلب الطلاق، الذي يلجأ إليه الزوجين لوضع حد لعلاقة زوجية ذات ضرر لأحدهما.

ونظرًا للطابع التعاقدي للزواج المدني، فإنه يحق لطرفيه أن يطلبا إنهاء هذا العقد متوسلين الأساليب القانونية اللازمة عند إخلال أحد المتعاقدين لالتزاماته، ووقوع الضرر بالزوج طالب الطلاق.

أسباب الطلاق المدني:

إن الأسباب التي من شأنها وضع حد للعلاقة الزوجية منها ما هو حاسم ومنها ما هو اختياري.

الأسباب الحاسمة منها:

أ- الزنى: حيث إنه من أسباب استمرارية الحياة الزوجية بشكلها السوي أن يكون كل طرف أمينًا للآخر. وإذا كان ثمة خرق لهذا العهد، فإن الزاني يصبح مذنبًا تجاه الآخر الأمر الذي يبرر طلب الحكم بالطلاق حال ثبوت فعل الزنى الممارس من أيهما.

ب- العقوبة الجنائية: الضرر الذي يصيب الزوج الذي لم يكن موافقًا على النشاط الجرمي الذي أدى لإيقاع عقوبة جنائية بحق الفاعل يؤلف سببًا لطلب الطلاق من الفريق الذي اعتبر نفسه مصابًا بفضيحة العمل الذي مارسه الفريق المحدث للفعل الجرمي.

الأسباب الاختيارية هي:

أ– العنف وسوء المعاملة:

ويشترط في هاتين الحالتين أن تكون الأفعال إرادية وغير صادرة عن جنون مثلًا.

ب- الإهانة:

وهي الأفعال التي من شأنها الإساءة لكرامة الحياة الزوجية، والتي من شأنها المخالفة الجسيمة أو المتكررة لفروض وواجبات الحياة الزوجية كخرق واجب المساكنة أو خرق واجب الإسعاف والمساعدة والإدمان على تعاطي المسكرات عند توفر أحد هذه الأسباب؛ فللزوج المساء إليه تقديم دعوى الطلاق ضد الفريق المسيء وحق الادعاء يقتصر على الزوج الذي أسيء إليه فقط.

https://www.youtube.com/watch?v=C_lHrZWcok0

 إجراءات الطلاق المدني:

إن طلب الطلاق يدخل مبدئيًا في اختصاص المحاكم المدنية التي لها وحدها حق الفصل به والقاضي الجزائي الذي ينظر بملاحقة تشكل وقائعها سببًا للطلاق ليس له الحق بالحكم بالطلاق سندًا للقضاء بالعقوبة، فهو يمكنه البت بالدعوى مدنيًا تبعًا للدعوى العمومية، ولكن مدار الدعوى المدنية هو فقط للمطالبة بالتعويضات الشخصية عن الضرر الحاصل. وحال الحكم بالطلاق المدني، فإن النتائج المترتبة على ذلك هي التالية:

يصبح الزوجان مطلقين ونتائج ذلك تمتد للمستقبل فقط دون المساس بنتائج الماضي

يصبح الزوجان حران بعد الطلاق وكل منهما مستقل عن الآخر

لكل من الزوجين التزوج ثانية لكن بعد انقضاء مدة العدة بالنسبة للمرأة التي يمتنع عليها التزوج ثانية ما لم تنقض هذه المدة ما خلا الحالات الاستثنائية وبناءً للضرورة.

إن طلب الطلاق يقدم للقاضي الذي له اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها الإفساح في تسوية النزاع وإعادة الصلح بين الزوجين.

الإرث والوصية وحقوق الأطفال:

في الزواج المدني، تتحدد قواعد الإرث فيه ضمن العقد، أو في الوصية التابعة له، أما في رعاية الأطفال بعد الطلاق أو الفسخ، يمكن تحديد قواعدها في العقد نفسه، ما يسمح بحفظ حقوق الأطفال المادية والإنسانية ومصلحة الطفل الفضلى.

هكذا نجد أنه لم يتم فرض نموذج واحد محدد للزواج، مراعاة للحاجات الشخصية المتنوعة، مع وضع قواعد عامة محددة من قبل الدولة.

للاطلاع على الورقة كاملة.. اضغط هنا

مميزات الزواج المدني

يقول الباحث إن الزواج المدني ليس إلزاميًا. فمن شاء الخضوع لأحكامه كان له ذلك، ومن شاء الخضوع لأنظمة الأحوال الشخصية السائدة كان له ذلك أيضًا. كما أنه لا يمس بالمعتقد وليس موجهًا ضد ما هو قائم حاليًا أي أنه لا يلغي نظام محاكم الأسرة. بل هو فسحة من حرية الاختيار تنسحب على الذين لا يريدون تطبيق النظام القائم على عقد الزواج وإفساح المجال أمام تفعيل مبدأ المواطنة وحرية الاختيار.

ويضيف أن ميزة الزواج المدني هي إعطاء الحرية لمن يريد الزواج. ليس وفقًا لقواعد دينية أيًا كان سبب ذلك سواء كان عدم اقتناع أو عدم الرغبة في التقيد بها. وهي النقطة التي سيستفيد منها مختلفو الديانات للزواج. خصوصًا إذا كان الدين ليس له أثر في حياتهم أو لهم عليه بعض الملاحظات. وسيستفيد منه من لا يؤمن بأي دين سواء كان لا دينيًا أو ملحدًا أو يؤمن بديانات أخرى غير الديانات الإبراهيمية، والذي يضطر لاعتناق أحد الأديان حتى يتم القبول به كطرف شرعي في الزواج. فالمسلمون الذين يتبعون مذاهب لا تحرم الزواج المختلط -كالقرآنيين- الذين يجدون أنفسهم مجبرين على الخضوع إلى قواعد دينية لا يعترفون بها سيتمكنون من الزواج من خلاله. وكذلك المسيحيون سيستفيدون منه في حالات الزواج المختلط والتي تمنعه أيضًا بعض الطوائف.

أما ميزته الأخرى فهي سهولة الطلاق مقارنة بشروط الطوائف المسيحية. حيث سيكون الطلاق حسب قوانين المحكمة أو برضا الطرفين. ذلك دون التحايل على الدين والقانون الذي يحدث الآن باعتناق طائفة أخرى أو دين آخر ليحدث مثل هذا الطلاق. وفي المذاهب الإسلامية سيكون الطلاق ليس أمرًا قاصرًا على صاحب العصمة -الرجل في أغلب الأحوال- الذي يملك حق إنهاء الزواج حتى بدون الرجوع إلى الطرف الآخر في نفس الوقت الذي يعاني فيه الطرف الآخر -المرأة- إذا أراد إنهاء تلك العلاقة دون الحصول على موافقة صاحب العصمة ليجد نفسه مضطرًا على العيش مع شريك لا يريده أو يعيش مع مأساة استصدار حكم بالطلاق أو الخلع، ربما يأخذ عدة سنوات ويقضي على المصادر المالية للطرفين.

وفيما يتعلق بالاعتراض المتوقع من أن هذا الزواج سيحلل ما حرمه الله. يرد الباحث فيقول إن القانون لا يحلل أو يحرم، وليس من المفترض أن تكون له علاقة بالحلال والحرام. لأن المفترض أن القانون فقط يتعامل مع ما هو قانوني وما هو غير قانوني، لا مع ما هو موافق أو مخالف للشرع. خصوصًا أن الزواج المدني لن يجبر أحدًا على مخالفة دينه.

ويضيف أن البعض للأسف يمنعون الأفراد من حقهم في الاختيار بدافع الدفاع عن الأديان. وهم يعتقدون أنه إذا قام القانون بالسماح بما هو غير شرعي فسيهرع الناس إليه. وهو ما يدل على أنهم على يقين من ضعف انتماء الأفراد وإخلاصهم لدينهم، وأن الشخص يحترم القانون أكثر مما يحترم قواعد دينه. ما سينعكس على الصورة السريالية للمجتمع المتدين الطاهر التي يسوقها رجالات الدين والسياسة للسيطرة على شعوبهم وغلق أبواب الحرية أمام المطالبة بحقوقهم.

الأفضل للجميع إعطاء الحرية للإنسان في اختيار أفعاله بدلًا من إجباره على الالتزام بقواعد هو لا يراها واجبة التنفيذ ويعتبرها كلام بشر وليست تنزيلًا أو وحيًا.

للاطلاع على الورقة كاملة.. اضغط هنا