نجح عملاق أوروبا ريال مدريد الإسباني في خطف بطاقة العبور إلى ربع نهائي بطولته المحببة (دوري أبطال أوروبا) من أنياب باريس سان جيرمان الفرنسي، مساء أمس الأربعاء. في ليلة ساحرة من ليالي “تشامبيونزليج”. بعد أن قلب تأخره بهدف نظيف في الشوط الأول إلى انتصار مستحق بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في الشوط الثاني. ليصعد لدور الثمانية بمجموع المباراتين (3-2).

ورغم أن البداية كانت للضيوف ولم يقدم الملكي شوط أول جيد إلى حد كبير. حيث كان باريس متماسكًا بشكل مثالي على الصعيد الدفاعي، وخطير جدًا في الهجمات المرتدة. كما استطاع وضع الكرة في مناطق ريال مدريد لفترة طويلة من الوقت. وذلك لامتصاص حماس رجال المدرب كارلو أنشيلوتي.

لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب في الشوط الثاني. أو تحديدًا بعد تسجيل كريم بنزيما هدفه الأول. فأصبح هناك لقاء آخر تمامًا يتسيده ريال مدريد بالطول والعرض. لبنما يقف باريس عاجزًا عن القيام بأي ردة فعل أو حتى مجاراة هذا النسق المخيف. فكيف حدث ذلك وما أسباب تلك الريمونتادا العظيمة للميرينجي؟

باريس يكسر الريال في معركة الشوط الأول

بدأ باريس الشوط الأول بمثالية كبيرة وكان أكثر خطورة على مرمى الريال وأفضل على مستوى السيطرة على الكرة ومتماسك دفاعيًا بشكل قوي، وافتقد الملكي الحيوية والكثافة في وسط الملعب. حيث أصر المدرب أنشيلوتي على الدفع بتوني كروس البطيء وغير الجاهز بدنيًا لمباراة بهذا المستوى. والأكثر غرابة أنه أقحم ماركو أسينسيو المرتبك دائمًا.

لو كان المدرب الإيطالي يرى أن وجود توني كروس ضرورة قصوى، فكان لابد من الدفع بلاعب خط وسط رابع والتضحية بماركو أسينسيو. لكنه لم يفعل ذلك. وبالتالي كان الفريق الأبيض عشوائي نوعًا ما في التمركز وبطيء في التنقلات.

ورغم أن التشكيلة لم تكن مثالية لكن ريال مدريد لم يكن سيئًا أيضًا في الشوط الأول. وقد نجح في وضع الكرة بمناطق باريس في مرات عديدة. لكن المشكلة الرئيسية التي جعلته أقل خطورةً من باريس تتمثل في تسرع اللاعبين وارتباكهم. وهو ما أدى إلى اتخاذ الكثير من القرارات الخاطئة، من جانب أسينسيو وفينيسيوس وداني كارفاخال، في هجمات كان يمكن فيها خلق فرص خطيرة بل والتسجيل.

بدأ باريس الشوط الأول بمثالية كبيرة وكان أكثر خطورة على مرمى الريال
بدأ باريس الشوط الأول بمثالية كبيرة وكان أكثر خطورة على مرمى الريال

الريال.. تغييرات ساحرة وعودة من الباب الكبير

لا شك أن إقحام رودريجو وكامافينجا جعل ريال مدريد يلعب بشكل مختلف. كما أعطى الحيوية لخطي الوسط والهجوم. لكن العنصر الأهم في معادلة الريمونتادا كان تسجيل الهدف الأول. ولو تم تسجيله في الشوط الأول لكنا شاهدنا نفس الانتفاضة أيضًا.

مشكلة ريال مدريد قبل التسجيل كانت نفسية أكثر من أنها فنية. فالفريق كان يخرج بالكرة ولديه رغبة كبيرة بالفوز. لكنه كان فاقدًا للثقة ومرتبك ويشعر أن باريس سان جيرمان أقوى منه بمراحل. رغم أن الحقيقة ليست كذلك. ولهذا عندما جاء هدف كريم بنزيما الأول تحرر اللاعبون نفسيًا وذهنيًا وبدأوا يؤمنون بقدرتهم على قلب الطاولة.

ومن هنا، جاءت العودة الكبيرة وتوالت الأهداف لنجم اللقاء الأول بنزيما الذي توهج في ليلة كبيرة من ليالي الأبطال. وقد حقق الريال الفوز الكبير مستغلًا أخطاء بالجملة وقع فيها لاعبي سان جيرمان بالشوط الثاني. ذلك بداية من الحارس دوناروما ثم خط الدفاع وحتى نيمار ولاعبي الوسط. الفريق خرج تمامًا من المباراة بعد هدف التعادل. ما ساعد الملكي كليًا في صنع تلك الريمونتادا الكبيرة وقلب الطاولة والصعود لربع النهائي.

الريال وباريس.. شخصية البطل والتاريخ يدهس الأموال!

الجميع يتحدث عن أن الأموال لا تجلب البطولات ولا تصنع شخصية للفريق. وهذا في الحقيقة ربما يكون فيه جزء من الحقيقة. لكنه ليس واقعيًا. لأن الأندية التي تمتلك الأموال تجلب أفضل اللاعبين، وتكون دائمًا فرصها أكبر بتحقيق البطولات. ولنا في تشيلسي ومانشستر سيتي أكبر دليل.

كانت شخصية باريس المهزوزة بعد الهدف سببها المدرب ماوريسيو بوكيتينو في المقام الأول. فقد حدث معه نفس الأمر ضد مانشستر سيتي في الموسم الماضي، وقد فرط ببطاقة التأهل، وكاد أن يفعلها ضد بايرن ميونيخ لولا أن الحظ وقف بجانبه.

كانت شخصية باريس المهزوزة بعد الهدف سببها المدرب ماوريسيو بوكيتينو في المقام الأول
كانت شخصية باريس المهزوزة بعد الهدف سببها المدرب ماوريسيو بوكيتينو في المقام الأول

شاهدنا مباريات عديدة هذا الموسم يظهر فيها باريس بهذه الشخصية عندما يتعرض لضغط كبير. وهو أمر لم نراه مثلاً تحت قيادة توماس توخيل.

المدرب الأرجنتيني لا يزرع عقلية القتال بلاعبيه كما يجب. كما لا تشعر أن نجوم باريس سان جيرمان مؤمنين بالاستراتيجية التي يلعبون بها تحت قيادة هذا المدرب. دون أن ننسى وجود 3 لاعبين في الأمام يدافعون بطريقة خجولة. وبالأخص نيمار وليونيل ميسي اللذان فقدا شغف كرة القدم بشكل واضح هذا الموسم.

رجل الليلة.. بنزيما من كوكب آخر

بنزيما رجل المواعيد الكبرى دائمًا، ليس بسبب الهاتريك التاريخي الذي أحرزه بتلك الليلة. وإنما لأنه لاعب يثق بنفسه إلى حدٍ كبير جدًا. وكان مؤمنًا منذ الدقيقة الأولى أنه قادر على صناعة الفارق، فحتى قبل تسجيل الهدف الأول كان اللاعب الأخطر والأكثر اتزانًا في خط الهجوم، وكاد أن يلدغ شباك دوناروما في أكثر من كرة لكن الحظ عانده كثيرًا.

كريم بنزيما هو الأفضل في العالم بلا منازع من حيث الثقة بقدراته. لا يوجد أي مهاجم آخر في العالم يطلب الكرة بهذا الشكل، ولا يتوقف عن التحرك لفتح المساحة وخلق فرص من العدم. لهذا هو بتلك الليلة كان في مستوى آخر عن بقية اللاعبين في العالم، وأشبه بلاعب أتى من كوكب آخر ليصنع كل الفارق لفريقه ويقوده لفوز ملحمي وصعود استثنائي على حساب سان جيرمان بكامل نجومه لربع نهائي دوري أبطال أوروبا.

أفرز هذا اللقاء التاريخي الذي سيظل عالقًا للأبد في أذهان عشاق الميرنجي، عدة أرقام مُهمة
أفرز هذا اللقاء التاريخي الذي سيظل عالقًا للأبد في أذهان عشاق الميرنجي، عدة أرقام مُهمة

أرقام خاصة في ليلة ساحرة

أفرز هذا اللقاء التاريخي الذي سيظل عالقًا للأبد في أذهان عشاق الميرنجي، عدة أرقام مُهمة نسرد أبرزها خلال النقاط الآتية:

* أصبح  بنزيما بفضل الهاتريك الذي سجله في المباراة، أكبر لاعب يُسجل “هاتريك” في دوري الأبطال، حيث يبلغ من العُمر 34 عامًا و80 يومًا، ليتفوق على الرقم السابق المُسجل باسم مُواطنه أوليفيه جيرو الذي سجل أربعة أهداف ضد إشبيلية في ديسمبر 2020، وحينها كان يبلغ من العُمر 34 عامًا و66 يومًا.

ورفع بنزيما رصيد أهدافه مع ريال مدريد هذا الموسم للهدف رقم 30 له في كافة المسابقات مع ريال مدريد، وذلك بالإضافة لصناعته 12 هدفًا لزملائه.

* واصل الأرجنتيني ليونيل ميسي سجله السلبي مؤخرًا في المُباريات التي يخوضها ضد ريال مدريد، فخلال آخر 9 مُباريات للساحر ضد الريال لم يُسجل أي هدف، ولم يصنع أي هدف لزملائه.

* على الرغم من هزيمة الباريسيين إلا أن هناك رقم إيجابي يتمثل في كون نيمار برصيد 21 تمريرة حاسمة “أسيست”، وكيليان مبابي برصيد 20 تمريرة حاسمة “أسيست”، هما فقط من نجحا في تجاوز 20 أسيست في المسابقة الأوروبية الأهم منذ بداية موسم 2016/2017.