قديمة هي فنون وأشكال الكوميديا الساخرة والناقدة للأوضاع السياسية والاجتماعية. وإن كان علماء الاجتماع لم يستطيعوا تحديد نشأتها، فإنهم يُقرنُون ظهورها بظهور التسلط والقهر السياسي. وقد لعبت الفكاهة في الموروثات الشعبية العالمية دورًا مهمًا في معارضة الحكام والساسة. هلهلتهم، وفضحت ممارساتهم، وكشفت الوجه الاستبدادي، بخفة وذكاء. والأهم من ذلك، أنها نفَذت بسلاسة إلى عقول ووجدان الناس.

الحروب بوصفها إحدى الممارسات السياسية الأكثر ضراوة وخطرًا على حياة البشر وتغييرًا لمصائرهم، كان لها نصيبًا كبيرًا من النقد الساخر.

النقد السياسي الساخر.. من الأدب إلى المسرح

يختلف علماء التاريخ حول أقدم نص أدبي وجد على الأرض. فبينما يقول بعضهم إن النص السومري (وصايا شروباك) هو النص الأدبي الأول في التاريخ، يرى آخرون أن نص (ملحمة جلجامش) – السومري أيضًا- والمكتوب على ألواح الطين المحفوظة، هو الأقدم. إلا أن هناك من يعتبر أن برديات الفلاح الفصيح والتي ترجع إلى عهد الأسرة التاسعة في مصر القديمة، 2040 ق.م، هي أول النصوص الأدبية.

أما الأدب الساخر تحديدًا، فولد من رحم التراجيديا اليونانية، مقترنًا بظهور المسرح الإغريقي، في القرن الخامس قبل الميلاد.و تعد النصوص المسرحية الكوميدية للمؤلف المسرحي الساخر (أريستوفان) أو (أريستوفانوس) من أقدم أشكال الأدب الساخر وهي بالطبع أقدم أعمال المسرح السياسي الفكاهي.

قدم أريستوفان في أعماله المسرحية نقدًا لاذعًا للمجتمع وأعرافه وللنظام السياسي المتمثل في (كليون). فسخر من  انحيازه لطبقة التجار التي يمثلها. فقد كان (كليون) صاحب تجارة الدباغة الواسعة في أثينا وأحد أغنى التجار، كما سخر من استمراره في سياسة الحرب.

المسرح الفكاهي.. السخرية من الحرب

في ملهاة الضفادع والتي عُرضت في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد، يقدم (أريستوفان) نقدًا ساخرًا للنظامين الديني والسياسي. أما مسرحيته (ليسستراتي) فيسخر فيها بشدة من الحرب، وخطاباتها الدعائية الجوفاء ومن شرف الجندية الزائف.

تقود (ليسستراتي) أو (ليستراتا) رفيقاتها من نساء المدينة للاستيلاء على قلعة (الأكروبوليس) المركز الديني والعسكري في أثينا. ذلك بعد أن رفضن استقبال أزواجهن الجنود أو السماح لهم بدخول المنازل أو الاقتراب منهن إلا بعد تركهم مهنة الجندية، ما عرف بـ”الإضراب الجنسي”. في محاولة منهن لإنهاء الحرب، وهو ما نجحن فيه في النهاية.

قُدمت (ليسستراتي) في قالب فاكهي شديد السخرية، وحققت نجاحًا كبيرًا بحسب المصادر التاريخية. شأنها شأن خمسون مؤلفًا مسرحيًا كوميديًا -قيل إنها مجمل أعمال (أريستوفان). وقد انتقد فيها كافة نواحي الحياة في اليونان. لم يتبق من أعمال (أريستوفان) الخمسين سوى إحدى عشرة مسرحية، ترجم منها إلى العربية ثلاث.

المسرح الكوميدي في العصر الحديث

خلال قرون طويلة في أوروبا لعب المسرح عامة والمسرح الساخر على وجه الخصوص دورًا هامًا في نقد الممارسات الاجتماعية والسياسية.

كان الكاتب (شون أوكيسي) هو أول من قدم “المسرح السياسي” في إيرلندا أواخر القرن التاسع عشر. وهو أول من أطلق هذا المسمى على الأعمال المسرحية التي تتناول الأوضاع والممارسات السياسية والاجتماعية.

اتسمت أعمال (أوكيسي) بالسخرية الشديدة والضحك الأسود. وتُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات وقُدمت على العديد من مسارح العالم.

وتزخر مكتبة البرنامج الثقافي بعدد من أعمال (أوكيسي)  التي ترجمها ميخائيل رومان، وأخرجها عبد المنعم الحفني، ومنها مسرحية “ظل حامل السلاح” أو “ظل البطل”. كما تزخر بتسجيلات لعشرات الروائع من الأدب العالمي.

في ظل البطل يسخر (أوكيسي) من حرب الجيش الجمهوري الإيرلندي ضد بريطانيا مُظهرًا وجه الحرب الحقيقي. كانت سخرية  أوكيسي من الجيش الإيرلندي تساوي سخريته من القوات البريطانية فقد رأى أن الجيش الإيرلندي والذي  انضم إليه هو نفسه في شبابه، معاديًا للحركة العمالية التي كان ينحاز إليها.

وفي مسرحية “الفنجان الفضي” وهي نص فكاهي ساخر، هاجم (أوكيسي) بشدة الحرب العالمية الأولى بعدما انتقل إلى لندن عام 1927. ما جعل الحكومة البريطانية تمنع عرضها.

يعج تاريخ المسرح في أوروبا بالكثير من الأعمال الساخرة والكاشفة للوجه الحقيقي  للممارسات السياسية المعادية للشعوب، ونهم القادة السياسيين والاقتصاديين لإشعال الحروب. 

في إنجلترا قدم رائد المسرح الإنجليزي الحديث برنارد شو، الإيرلندي الأصل، عشرات المسرحيات الساخرة منها الميجور باربارا. وهي تتحدث عن صناعة وتجارة السلاح، ودور أصحابها في إشعال الحروب من أجل أرباحهم.

(الميجور باربارا) واحدة من المسرحيات التي تمت إعادة عرضها على مسارح إنجلترا وأمريكا برؤى إخراجية ومعالجات جديدة إبان الحرب على العراق في 2003 لكشف الوجه الحقيقي لتلك الحرب, ذلك إلى جانب العديد من الأعمال المسرحية الكلاسيكية التي تم إعادة إنتاجها لهذا الغرض.

وفي روسيا القيصرية كان لأعمال “أنطون تشيكوف” الأدبية والمسرحية الساخرة، تأثير كبير في المجتمع الروسي، وتحديدًا داخل النخبة السياسية آنذاك.

في مسرحيته بستان الكرز يرصد (تشيكوف) التغيرات الكبيرة التي كان يشهدها المجتمع الروسي آنذاك: أرستقراطية تحتضر، ورأسمالية ناشئة تسود ثقافتها، وتُنشأ طبقة جديدة من العبيد، بينما غالبية روسيا تغرق في جهل وتخلف في علاقات شبه إقطاعية.

الكاريكاتير.. الفن الساخر الأقدم

بينما يُعتقد أن الأدب هو أقدم الفنون التي تم رصدها، تقديمًا للنقد الساخر للأوضاع الاجتماعية والسياسية، يرى علماء المصريات أن رسومات “كاريكاتير” نُقشت على “شقفات” تعود لنحو 1500 سنة قبل الميلاد، كانت الأسبق إلى ذلك.

يشير العلماء هنا إلى رسمة “كاريكاتورية” وجدت على شقفة تعود  لسنة 1500 قبل الميلاد. فيها يصور الفنان المصري القديم، صراعًا بين القطط والفئران. يقود زعيم الفئران عجلة حربية تجرها كلبتان، في هجوم على قلعة للقطط. يهاجم جيش الفئران القلعة. بينما تبدو القطط مذعورة من اجتياح الفئران، لتستسلم لهم في النهاية، وتنتصر الفئران.

رسومات "كاريكاتير" نُقشت على "شقفات" تعود لنحو 1500 سنة قبل الميلاد
رسومات “كاريكاتير” نُقشت على “شقفات” تعود لنحو 1500 سنة قبل الميلاد

هذا الصراع “الكاريكاتوري” تم تأويله من جانب عدد من علماء المصريات البريطانيين أبرزهم (جورج بوزنر). وذلك في مؤلف ضخم اشترك فيه مع آخرين حمل اسم (معجم الحضارة المصرية القديمة. ترجمة أمين سلامة. الهيئة المصرية العامة للكتاب). قالوا إن القطط ترمز إلى ىسلطة الدولة والحاكم، بينما الفئران ترمز إلى الشعب المهضوم حقه، عندما فاض به الكيل وهب ثائرًا ضد حكامه الذين بدوا مذعورين، ليتمكن الشعب في النهاية من الانتصار على قاهريه.

يشير (معجم الحضارة) أيضًا إلى اكتشاف مخطوطات من أوراق البردي ترصد الصراع بين القطط والفئران في رمزية واضحة لصراع الشعب مع السلطة، وإمكانية انتصاره عليها. من بين هذه الأوراق واحدة دُونت عليها عبارة: “تصبح القطة عبدة لدى الفأرة”.

يمكننا تبني تأويل (معجم الحضارة المصرية القديمة) من أن تلك الرسومات “الكاريكاتورية” كانت نقدًا سياسيا ساخرًا، إذا أخذنا باعتبارين:

أولًا: المكانة التي كانت تحظى بها القطط في مصر القديمة. وكانت تتمتع بقدسية كبيرة، ويُعلن الحداد في المنازل عند موت إحداها. كما كانت تدفن في مدافن خاصة، ويوضع معها الحليب والفئران.

أراد الفنان المصري القديم هنا أن يهلهل ويُسقط تلك القدسية الدينية والسياسية للقطط، رامزًا بها إلى الحكام الذين يقهرون الشعب الذي رمز له بالفئران.

ثانيًا: لم تحظ هذه الرسومات رغم ما  تحمله من براعة في التصوير، بمكانة كبيرة. فلم تنقش على جدران المعابد والمقابر. بل وجدت منزوية على “شقفات” وأوانٍ حجرية وفخارية. ما يدل على أن تلك الرسومات لم يكن مرحبًا بها لتكون جزءًا من الفن الرسمي لمصر القديمة. ذلك لما كانت تحمله من تسفيه للحكام وتبشيرًا أو تجسيدًا للثورة الشعبية ضدهم والانتصار عليهم.

الكاريكاتير ونقد الحروب الاستعمارية

كان أول ظهور للكاريكاتير إبان ما عرف بالثورة الدينية في أوروبا، في القرن السادس عشر الميلادي. هاجمت رسومات الكاريكاتير آنذاك البروتستانت والرومان الكاثوليك، وسخرت منهم بشكل شديد.

امتد الكاريكاتير ليغزو أوروبا كلها، كشكل فني جديد. استطاع هذا الفن الناشئ عن طريق سمته الرئيسية – “المبالغة” – Caricare)) بالإيطالية أو (Caricature) بالفرنسية – أن يقدم بخفة شديدة نقدًا ساخرًا للأوضاع السياسية والاجتماعية. كان لهذا النقد أثرًا كبيرًا، حيث تحول الكاريكاتير لأداة فاعلة للنقد السياسي والمقاومة.

في القرن السابع عشر أدخل النحات والرسام والمعماري (جيان برنيني) فن الكاريكاتير إلى فرنسا بعدما انتقل إليها تاركًا موطنه روما. لكن ذروة ازدهار فن الكاريكاتير في فرنسا كوسيلة لنقد الممارسات الاجتماعية والسياسية، كان في القرن الثامن عشر الميلادي، عندما بدأ نشر رسومات الكاريكاتير في الصحف.

بالتزامن مع فرنسا كانت الصحف البريطانية تمتلئ برسومات الكاريكاتير السياسي للفنان العظيم جيمس جيلراي. أشهر رسومات جيلراي، رسمة مناهضة للحروب الاستعمارية لانجلترا وفرنسا، حيث رسم في 1805 كاريكاتيرًا لاذعًا لرئيس الوزراء البريطاني (ويليام بيت) والجنرال الفرنسي (نابليون بونابرت) يجلسان على مائدة طعام يتوسطها “ديك رومي” يأخذ  شكل الكرة الأرضية. بينما يتقاسمانه في نهم، إشارة إلى تقسيم العالم بين القوتين الاستعماريتين.

رسمة مناهضة للحروب الاستعمارية لانجلترا وفرنسا
رسمة مناهضة للحروب الاستعمارية لانجلترا وفرنسا

استمر فن الكاريكاتير والذي تطور كثيرًا في القرن العشرين، في نقد الأنماط والممارسات الاجتماعية والسياسية.  امتلأت الصحف في أمريكا وأوربا برسومات “كاريكاتورية” ساخرة عن الحرب العالمية الأولى والثانية ثم الحرب ضد العراق وأفغانستان، وغيرها من الأحداث السياسية التي أثرت في تاريخ العالم. 

الكاريكاتير السياسي في المنطقة العربية

في المنطقة العربية عُرف فن الكاريكاتير على يد يعقوب صنوع، من خلال صحيفته “أبو نضارة” والتي هاجمت الخديوي إسماعيل.  وكان للمصري من أصل أرمني (ألكسندر صاروخان) مع الفنان المصري محمد عبد المنعم رخا، فضلًا كبيرًا في ظهور هذا الفن في المنطقة العربية.

كانت رسومات الأخير بمثابة الصداع في رأس سلطة الاحتلال الإنجليزي في مصر وللملك. وقد سجن بسببها في عام 1934 بتهمة الإساءة للذات الملكية في رسوماته.

أما صاروخان فكانت لشخصية “المصري أفندي” الكاريكاتورية التي ابتدعها أثرًا كبيرًا في نقد الحرب العالمية الثانية وفضح وجه القوى الاستعمارية الألمانية والبريطانية. وقد أصدر صاروخان كتابًا في مجال الكاريكاتير السياسي بعنوان “هذه الحرب”.

شخصية "المصري أفندي" الكاريكاتورية
شخصية “المصري أفندي” الكاريكاتورية

تبع رخا وصاروخان وخرج من تحت عباءتهما جيل مميز من رسامي الكاريكاتير المصريين والعرب، مثل صلاح جاهين وبهجت عثمان والبهجوري والفلسطيني الثائر ناجي العلي.

فضحت رسومات ناجي العلي والتي اتخذت من شخصية حنظلة تيمة لها، الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، كما فضحت الأنظمة العربية المهادنة للكيان الصهيوني، حتى سقط شهيد رسوماته وقضيته.

أخذ فن الكاريكاتير في الازدهار في المنطقة العربية بحكم تدافع الأحداث السياسية، ومجابهة الاحتلال. في العراق ظهر غازي وفي سوريا عبد اللطيف ماديني، وفي لبنان خليل الأشقر، وفي ليبيا الزواوي.

هذه الموجه الهادرة لفن الكاريكاتير وقدرته على التعبير والنقد اللاذع، حوصرت بقوة مع ازدياد سطوة واستبداد الأنظمة القومية في المنطقة العربية. فمنعت الرسومات الكاريكاتيرية الناقدة للأنظمة في مصر وسوريا والعراق من النشر في الصحف، وفصل أصحابها من عملهم وسجنوا لسنوات.

ظهور السينما وانتشار الكوميديا السياسية

نقل اختراع السينما الفنون التمثيلية نقلة كبيرة، على مستوى الانتشار. كسبت السينما قطاعات واسعة من الجمهور إلى  فن التمثيل، كما صنعت من الممثل شخصية واسعة التأثير. التطور السريع لآلة السينما وتقينياتها الفنية، طور بشكل كبير فنون التمثيل ذاته وأدوات الممثل “حركة الجسد وتعابير الوجه والزي ونبرة الصوت” إلى غير ذلك من الأدوات. كما غيرت من شكل الموضوعات، وفيما بعد الجمل الحوارية مع الأعمال السينمائية الناطقة.

كان على الممثل وصناع الفنون التمثيلية أن يدركوا أنهم يتعاملون مع جمهور يختلف بشكل كبير عن جمهور المسرح التقليدي. جمهور أوسع ينمتي إلى قطاعات مختلفة عمال فقراء وشرائح أكثر بؤسًا من رواد المسارح. إذن، فعليك ليس فقط أن تتناول قضايا تشغلهم، أكثر منها تسليهم، ولكن أيضًا عليك أن تحذر من الكذب عليهم أو التسفيه من قضاياهم وهمومهم. سيسمحون لك بالضحك معهم، لكن لن يسمحوا بالضحك عليهم أو التقليل من معاناتهم.

هذا الواقع الجديد، جعل صناع السينما الكوميدية يتعرضون في أفلامهم للقضايا الاجتماعية اليومية بشكل أكبر. بعضهم تناولها في قالب كوميدي “ساذج” معزول عن سياقها العام، فكانت أقرب لاسكتشات بُنيت على المفارقة. آخرون استطاعوا أن يكونوا أكثر عمقًا فربطوا تلك القضايا بسياقها الاقتصادي والسياسي، فكانت أعمالهم نقدًا سياسيًا ساخرًا من طراز فريد. على رأس هؤلاء كان الممثل والمؤلف والمخرج الساخر – الأكثر شهرة وأهمية على الإطلاق (شارلي شابلن).

أكثر من مجرد ضحك

تعددت فنون الكوميديا السياسية وتطورت أشكالها من الأدب الساخر إلى “النكتة” ومن الشعر والزجل إلى الرسومات الكاريكاتورية، ومن فنون الكوميديا التمثيلية القديمة بكافة أنواعها، إلى الـ”ستاند آب” و”الـ”كوميس”.

كل تلك الأشكال لم تكن مجرد فنون للتسلية (وإن كانت التسلية مهمة من مهام الكوميديا) لكنها كانت آلية فضح وتشهير للممارسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعلى رأسها سياسة الحروب. كما لم تكن تقليلًا من ويلات الحرب أو آلام ضحاياها، بل تسفيهًا من مشعليها وكشفًا لدمويتهم وأهدافهم المتوارية خلف شعارت وخطب التعبئة للحرب.

في الجزء الثاني من الموضوع نستعرض تطور فنون الكوميديا السياسية الساخرة  بداية من نشأة السينما، وتجاور تلك الفنون، ومدى قدرتها على مقاومة وفضح دعاوى الحرب. وكذلك المناخ الفكري والاجتماعي والسياسي الذي أنتجها.

كما سنحاول رصد مدى عمق النقد الساخر للحرب الروسية في أوكرانيا، وعلاقة ذلك بتخبط رؤى قوى المعارضة السياسية والاجتماعية في أوروبا وأمريكا بل وفي العالم كله، تجاه تلك الحرب.