تحاول الدول الغربية، حاليا، الوصول بمعركة العقوبات الغربية إلى محطة الاحتياطي الروسي من الذهب. بعدما قدم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. مشروع قانون لمنع روسيا من تصفية الذهب، حتى لا يمكنها تحمل العقوبات القاسية.

البنك المركزي الروسي احتفظ بحوالي 2301 طنًا من الذهب نهاية عام 2021. مما يعني أنه يمتلك خامس أعلى كمية من الاحتياطيات، في جميع أنحاء العالم.

أضرت العقوبات المفروضة على روسيا أصول النقد الأجنبي للبلاد، لكن مخزونها من الذهب يمثل لها شريانا للحياة. تحاول أمريكا حاليا سده. ومواصلة الإجراءات العقابية ضد روسيا بشكل أكثر قسوة.

ترتبط العقوبات الأمريكية المزمع اتخاذها بأي كيانات محلية تتعامل عن قصد مع الذهب أو تنقله من حيازات البنك المركزي الروسي. أو تبيع الذهب ماديًا أو إلكترونيًا في روسيا، وربما يمكن ربطه بمشروع قانون الإنفاق الشامل الذي يأمل المشرعون في تمريره.

يشمل قانون الإنفاق الشامل، الذي شهد نقاشا صاخبا بين الجمهوريين والديمقراطيين. أكثر من 12 مليار دولار كمساعدات طارئة لأوكرانيا، وأكثر من 15 مليار دولار للتأهب بسبب جائحة كورونا بدءًا من 2014. عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا بسبب غزوها لشبه جزيرة القرم، زادت موسكو من وتيرة مشترياتها من الذهب.

زيادة عزلة موسكو

يقول محللون إن المعروض الهائل من الذهب لروسيا، هو أحد الأصول القليلة المتبقية التي يمكن لبوتين استخدامها لمنع اقتصاد بلاده من الانهيار. ومن خلال فرض عقوبات على هذه الاحتياطيات، يمكن زيادة عزلة موسكو عن الاقتصاد العالمي.

ووفقا لكاتارينا بوخهولز، خبيرة الإحصاء والبيانات، كانت الصين أكبر مالك أجنبي لاحتياطيات البنك المركزي الروسي اعتبارًا من 30 يونيو 2021. كما تمتلك 13.8٪ من إجمالي الاحتياطيات الروسية.

الاحتياطي الروسي مزيج من الذهب والعملات الأجنبية خاصة الأصول المملوكة باليوان الصيني. لكن الذهب هو المكون الرئيسي لممتلكات روسيا بنسبة تعادل 22% من الإجمالي.

مع تقدم العقوبات ضد بنكها المركزي، فإن روسيا ستظل على الأرجح مسؤولة عن حوالي ثلث احتياطياتها القوية الحالية. البالغة 630 مليار دولار من خلال الذهب المحلي واليوان الصيني.

نظرًا لوجود تخارج لرأس المال من روسيا، يمكن أن يبدأ الذهب في الظهور بشكل أكثر جاذبية. خاصة أن البنك المركزي الروسي قال إنه سيستأنف شراء المعدن النفيس في السوق المحلية.

كما تستفيد موسكو من بقية احتياطياتها من المعادن النفيسة، وتم استبعاد مصافي تكرير البلاديوم والبلاتين من التعليق. نظرًا لأنه يتم تداولها في بورصة لندن ولحاجة الصناعات الاستراتيجية إليها. فروسيا ثاني أكبر منتج للمعادن الثمينة في العالم والتي ليس بينها الذهب أو الفضة.

الذهب بروباجندا أكثر منها عقوبة

تبدو الخطوات الأمريكية بلا مغزى سوى تعزيز موقف إدارة بايدن وإظهار وصولها لأقصى مستوى من العقوبات الممكنة. فالذهب ليس سيولة يمكن ضبطه مثل بالسندات الحكومية. ولكن يمكن نقلها خلسة إلى خارج الشبكات الرقمية في قطاع التمويل ويصعب تتبعها.

كما يمكن للروس ببساطة الهروب من العقوبات الغربية من خلال تداول بضاعتهم في بورصة الذهب في شنغهاي بالصين. ولهذا السبب الذهب جذاب للغاية للدول المنبوذة لأنه تحوط ضد العقوبات المالية وفي الحالات القصوى. يمكن لهذه الحكومات استبداله بعملة في أسواق المعادن الثمينة غير الخاضعة للتنظيم.

تكرر روسيا حاليا تجربة فنزويلا، التي استطاعت عبر استغلال ثغرة في العقوبات الحالية المفروضة عليها. بما يسمح لها بالتحايل على الأزمة من خلال شراء وبيع المعدن النفيس.

 

الاستثمار في الذهب محط أنظار عكبرى شركات التنقيب العالمية
الاستثمار في الذهب محط أنظار كبرى شركات التنقيب العالمية

وفرضت الدول الغربية عقوبات على فنزويلا بداية من 2017 وحظرت حينها تصدير السلاح وعقوبات على عشرات المسؤولين بكاراكاس تتعلق بتجميد الأرصدة ومنع السفر. بسبب أزمة نتائج الانتخابات الرئاسية وأعمال العنف التي تلت إعلان زعيم المعارضة جوان جايدو نفسه رئيساً للبلاد.

ظل الذهب موردا لحكومة فنزويلا منذ تطبيق العقوبات وانخفاض أسعار النفط إبان أزمة كورونا فحاليا لديها احتياطي 83 طنًا مقابل 300 طن عام 2015. وهو أدنى مستوى منذ 50 عامًا.

طهران كررت التجربة ذاتها، فخلال أزمة العقوبات قامت بتسييل 80 طنا من احتياطي الذهب لاستثمارها.

أصبحت روسيا أكثر دول العالم تعرضا للعقوبات بإجمالي 5530 عقوبة خلال 15 يوما. لتتجاوز إيران التي تعرضت 3616 عقوبة على مدار 10 سنوات، معظمها بسبب برنامجها النووي.

روسيا لا تحتاج إلى تسييل الذهب

في الوقت الحالي، يبدو أن البنك المركزي الروسي لا يزال بعيدًا جدًا عن الحاجة إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة. والبدء في تصفية احتياطي الذهب.

تزال روسيا تتلقى دعما ماليا من قطاع الطاقة، فبحسب رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، فإن الاتحاد الأوروبي لن يفرض عقوبات على إمدادات النفط والغاز من روسيا. وعدم تعريض واردات الطاقة للخطر.

وقال بنك جولدمان ساكس المرموق إن الاقتصاد العالمي قد يواجه قريباً واحدة من أكبر صدمات إمدادات الطاقة على الإطلاق. التي قد تتضمن تأثيرا هائلا حال توقف حوالي 3 ملايين برميل يومياً من صادرات النفط والمنتجات البترولية الروسية المنقولة بحراً.

بحسب البنك، فإن ذلك سيعتبر خامس أكبر اضطراب شهري على مدار التاريخ، ويذكر بالأزمات السابقة التي تضمنت الحرب العالمية الثانية. وحرب 6 أكتوبر عام 1973، والثورة الإيرانية عام 1978، والحرب الإيرانية – العراقية عام 1980، والحرب العراقية الكويتية عام 1990.

ورفع خبراء جولدمان ساكس توقعاتهم لسعر خام برنت إلى 135 دولاراً، كما يتوقع البنك الآن تداول خام برنت عند 115 دولاراً العام المقبل.