في سبتمبر 2020، أصدر مجلس النواب قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي برقم 194. بينما نال شركات الصرافة جزء من تعديلات أدخلت بموجب القانون الجديد.
قبل تعديل القانون بنحو 4 أعوام، تعرضت شركات الصرافة لحملة أمنية كبرى، بسبب ما عُرف حينها بـ”أزمة السوق السوداء للدولار”. وكانت أُديِنت بعض شركات الصرافة بالاتجار غير المشروع في العملة. فضلا عن إدانة بعض آخر بتمويل أنشطة لجماعة الإخوان المُدانة بالإرهاب بحكم قضائي صادر في عام 2013. حيث مثلت بابًا خلفيًا لتحويل الأموال، وفقًا لما ذكرته لجنة التحفظ على أموال الإخوان.
وفقًا لمواد الباب الخامس من القانون الخاصة بشركات الصرافة، تم رفع رأسمال هذه الشركات إلى 25 مليون جنيه، بدلا من 5 مليون جنيه كما كان الحال في القانون السابق رقم 88 لسنة 2003. فضلا عن إلزامها أو الجهات المُرخص لها التعامل بالنقد الأجنبي، بسداد 100 ألف جنيه عن المركز الرئيسي لها. أما فيما يتعلق بفروع تلك الشركات، فألزم القانون بسداد مبلغ 50 ألف جنيه عن كل فرع، عند التسجيل القانوني. إضافة لسداد رسم سنوي يُطلق عليه “رسم رقابة” على شركات الصرافة بما لايتجاوز 20 ألف جنيه عن مركزها الرئيسي، و10 آلاف جنيه عن كل فرع، يُسدد خلال شهر يناير من كل عام.
ونص القانون على منح شركات الصرافة مهلة لتوفيق أوضاعها لمدة عام، حسبما ورد في المادة الرابعة. ومع انتهاء المدة الأولى في سبتمبر 2021، وافق مجلس النواب في يوليو 2021 على زيادة المهلة لعام آخر تنتهي في سبتمبر الجاري 2022، وفقًا لما ورد في قرار البنك المركزي الصادر قبل أسبوع.
لكن يبدو أن المهلة لن تكون كافية، وفقًا لما ذكره علي الحريري عضو المجلس التنسيقي لشركات الصرافة لمصر 360.
يقول، إن بعض الشركات قد تستطيع الوفاء باشتراطات القانون الجديدة. ذلك نظرًا لتعرض بعضها لخسائر مالية خلال العامين الأخيرين. ويضيف أن ذلك ما جعل البنك المركزي يعطي مهلة أخرى للشركات لتوفيق أوضاعها.
لكن الأزمة تكمن أيضًا -وفق ما يرى الحريري- في أن بعض الشركات لم تكن تعلم بنهاية المدة القانونية لتوفيق الأوضاع، إلا بعد منشور وصل إليها من البنك المركزي. متابعًا أن التعديلات التي أُجريت على قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادرة برقم 194 لعام 2020، لم يتم التباحث بشأنها مع أصحاب شركات الصرافة.
ويعتقد، أن بعض الشركات قد تتخارج من السوق قريبًا. وذلك لعدم استطاعتها تحقيق الملاءة المالية. وأيضًا رفع رأسمالها إلى 25 مليون جنيه. فضلا عن تنفيذ الاشتراطات الأخرى التي أقرها القانون.
ويقترح الحرير، إدخال بند جديد في القانون يسمح بتقسيم شركات الصرافة إلى فئتين: “فئة أولى ورأسمالها 25 مليون جنيه – فئة ثانية ورأسمالها 10 مليون جنيه”. بحيث يكون هناك تدرج في رأسمال الشركات. متابعًا أن هذا النظام معمول به في بعض الدول العربية المجاورة.
يتساءل الحريري :”ما هو العائد أو الميزة التي ستحصل عليها شركات الصرافة جراء تنفيذ اشتراطات القانون الجديدة؟”. ثم يجيب، بأن الميزة الأكبر التي قد تحصل عليها شركات الصرافة حال رفع رأسمالها، هي إتاحة خدمة التحويل الدولاري عن طريق شركات الصرافة، مثل الخدمة المتوفرة في شركات أخرى مثل ويسترن يونيون، حسب قوله.
كما يشكو الحريري، مما يصفه بكثرة الإجراءات الإدارية التي فرضها القانون الجديد. يقول: “بقالهم سنتين تفتيش وكل حاجة، بقينا زي البنك!”. مضيفًا أنه خلال الأعوام الأخيرة أُغلق عدد كبير من شركات الصرافة نتيجة لأسباب عدة، مقدرًا عددها بنحو 70 شركة.
وبحسب إحصاءات منشورة، بلغ عدد شركات الصرافة التي شُطبت أو سُحبت تراخيصها أو إيقافها مؤقتًا إلى نحو 47 شركة. وكان ذلك في العام 2016، إثر حملة مداهمات أجرتها الأجهزة الأمنية للكثير من شركات الصرافة. وقد انتهت إلى توجيه اتهامات لهم بالاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء.
ويختم الحريري حديثه، بأن شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية حاليًا معطلة لأسباب كثيرة. وهو يشير إلى مخاطبة البنك المركزي في كثير من المرات لمعرفة عدد شركات الصرافة العاملة في السوق لإحياء الشعبة مرة أخرى، لكن دون جدوى.
ووفقًا لبيانات متاحة بقطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي، حصلت عليها مصر 360، بلغ عدد شركات الصرافة في مصر 81 شركة. ذلك بإجمالي فروع بلغ 363 فرعًا. بينما كانت ضمن أبرز الشركات العاملة في هذا المجال شركات: مصر للصرافة التابعة لبنك مصر بعدد 32 فرعًا. ثم المصرية للصرافة، وهي إحدى كبرى شركات السمسرة في الأوراق المالية بعدد 24 فرعًا. فصرافة الأهلي التابعة للبنك الأهلي بعدد 23 فرعًا. ثم شركة مصر السعودية بعدد 10 أفرع، وشركة الأميرة بعدد 7 أفرع وغيرها.
للاطلاع على بيانات شركات الصرافة العاملة في مصر.. اضغط هنا
السيطرة على سوق الدولار
يُعلق رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية. فيقول: “البنك المركزي يريد التحكم في سوق العملات الأجنبية”.
ويضيف لمصر 360، أن هذه التعديلات ستُتيح لكبرى الشركات فقط العمل. إذ ستكون هي فقط المالكة لملاءة مالية تساعدها على رفع رأسمالها ودفع الاشتراطات المالية الأخرى. ويستكمل أنه في فترة سابقة كانت شركات الصرافة أشبه بـ”الأكشاك”. وهذا وضع لم يكن على هوى الحكومة. بينما يعتقد أن أزمة شركات الصرافة تتمحور حول غياب مدخولها من العملة الأجنبية عن الحسابات البنكية.
إذ أن كثير من الشركات لم تكن لتضع تلك العملات الأجنبية في حساباتها البنكية. وبالتالي كان يُخشى من استخدام تلك الأموال في تمويل أنشطة غير شرعية. أو تهريب الأموال للخارج، وفقًا لرئيس المنتدى المصري للدراسات.
وصدر قرار بالتحفظ على 14 شركة صرافة بإجمالي 66 فرعًا لها منتشرة بالمحافظات في عام 2015. ذلك بسبب تورطها في أنشطة غير مشروعة، وفقًا لما ذكره المستشار عزت خميس الرئيس الأسبق للجنة التحفظ وحصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المُدانة بحكم بالإرهاب بحكم قضائي.
ويرى عبده، أن وضع شركات الصرافة تحت أعين الرقابة هو الهدف. ذلك لأن البنك المركزي يستهدف التحكم في العملة الأجنبية، لعدم تكرار تجربة وجود سعرين للدولار، أحدهم في السوق الرسمي والآخر في السوق السوداء.
البنوك الرابح الأكبر
إلى ذلك، يرى الدكتور رمزي الجرم، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، أن المستهدف من وراء تلك التعديلات في القانون، هو توفير الملاءة المالية لشركات الصرافة الجهات التي تتعامل بالنقد الأجنبي.
ويُضيف لمصر 360، أن أهم آليات الملاءة المالية هو أن يكون رأس المال المدفوع هو نفسه رأس المال المُصدر. وذلك حسبما نصت عليه المادة 208 من القانون. فضلا عن إتاحة تأسيس أكبر عدد من شركات الصرافة التي لديها ملاءة مالية، لتوفير احتياجات سوق الصرف الأجنبي في مصر.
ويشرح الجرم، بأن القانون أيضًا تدرج في مسألة العقوبات على شركات الصرافة، إذ نصت المادة السابعة منه على توجيه تنبيه للمُخالف. ثم إيقاف النشاط لمدة لاتُجاوز سنة، أو توقيع جزاء مالي كما ورد في المادة 145 من القانون، ما ينتهى إلى شطب الشركة أو إلغاء التراخيص في حالة التكرار.
كما ضمن القانون موافقة المحافظ على إنشاء أي فرع جديد لشركة الصرافة في المحافظات قبل افتتاحه للتعامل مع الجمهور. وذلك لتوفير قدر من التنظيم والكفالة القانونية لحماية التعاملات بالنقد الأجنبي وضمانًا لمصلحة المُتعاملين وحماية لموارد الدولة، بحسب عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع.
ويعتقد، أن مد مهلة أخيرة للتوافق مع القانون، يأتي في إطار الحرص على استدامة نظام الصرف الأجنبي، وحماية لحقوق العاملين والمُتعاملين مع شركات الصرافة. فضلا عن زيادة القاعدة الرأسمالية للشركات والجهات المُرخص لها التعامل بالنقد الأجنبي. ذلك لدرء أي ممارسات من شأنها الأضرار بالمصالح العليا للبلاد، حسب وصفه.
ويختم قوله، بأن هذه التعديلات ستكون مناسبة لقيام الكثير من البنوك العاملة في مصر بإنشاء شركات صرافة تابعة لها، مما قد يدعم سوق الصرف الأجنبي.