ورث هشام عطوة حملا ثقيلا في هيئة قصور الثقافة. بدءا من عزوف شباب الأدباء بالأقاليم عن المشاركة في أي أعمال تخص الهيئة. وذلك لضعف الميزانية وتراكم مشكلات الإدارة بالهيئة. ومنها اعتماد الأنشطة بالفروع عبر الإدارات المركزية. ومنع القائمين بها من الإعلان عنها قبل عقدها. وضعف المخصصات المالية لنوادي الأدب. فضلا عن تأخر صرفها لشهور وضعف الموارد المالية المخصصة لأنشطة المرأة والطفل.
تولى “عطوة” رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة في يوليو 2021. وهو ممثل ومخرج مسرحي بالبيت الفني لمسرح وزارة الثقافة. كان قد تولى رئاسة بعض الإدارات بوزارة الثقافة بقطاعات مختلفة. وشغل منصب نائب مدير مسرح الطليعة 2006-2007. ومديرًا لمسرح الشباب 2007-2010. ومديرا عاما لمسرح الطليعة 2010ـ2011. ومديرًا لمركز الهناجر للفنون 2012-2014.
وتواجه الهيئة دائما اتهامات مثقفي الأقاليم بأنها تُدار بنظام “الشللية”. خاصة منذ أزمة حريق مسرح بني سويف عام 2005. والذي أوقف نشاط غالبية المسارح بالفروع لحين تأمينها ضد الحرائق. ما أعاق العروض الفنية للفرق لسنوات.
كانت الهيئة قد تم إنشاؤها عام 1945 بقرار وزير المعارف العمومية آنذاك -عبد الرزاق السنهورى باشا- تحت اسم “الجامعة الشعبية”. وذلك لنشر الوعي والثقافة في ربوع الدولة المصرية. ثم تم تغيير اسمها سنة 1965 إلى “الثقافة الجماهيرية”. وفي 1989 أصبح اسمها حتى الآن “الهيئة العامة لقصور الثقافة”.
قامت الهيئة بدور رائد في نشر الفنون والثقافة وإثراء الحركة الأدبية ونشر أعمال مبدعي الأقاليم. وقدمت عددا كبيرا من الأدباء والفنانين تخرجوا من مسرح الهيئة. وأسهمت في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي قبل تراجع دورها.
الفنان هشام عطوة رئيس الهيئة يتحدث عن الأزمات والتحديات التي تواجهه في هيئة قصور الثقافة في حوار لـ”مصر 360″.
رؤية الدولة لقصور الثقافة
كيف ستواجه أزمة المقار الثقافية المغلقة أو التي تدار من شقق سكنية؟
الدولة المصرية ممثلة في وزيرة الثقافة توجه كل مواردها المتاحة لإعادة البنية التحتية لهيئة قصور الثقافة أفضل مما كانت عليه بالمحافظات. وكل قطاعات الوزارة حاليا تعمل لإنجاز كل الفروع تحت التطوير. وتم حصر جميع المواقع المغلقة لننتهي منها بالتنسيق مع مؤسسات الدولة. منها ما انتهينا منه بالفعل وهو “قصر التذوق” بسيدى جابر. والذي كان مغلقاً من 2014. وانتهينا أخيراً من مشكلاته وأسندناه للهيئة القومية للإنتاج الحربي وتم افتتاح قصر ثقافة شبين الكوم المغلق منذ 2009.
نمتلك 600 موقع بين قصر وبيت ثقافة على مستوى الجمهورية. 143 قصر ثقافة ضخما بالمحافظات كافة. تم تقسيمها لـ6 أقاليم ثقافية مركزية. فضلا عن 205 بيوت ثقافة وأكثر من 251 مكتبا ومركز ثقافة.
استطعنا التعافي والآن نمضي بخطى ثابتة نحو التطوير والتجديد لتنفيذ رؤية الدولة الثقافية.
ما المواقع الثقافية المتبقية تحت التطوير؟
لدينا أكثر من موقع نعمل عليه منها مسرح الطور الذى يجرى تطويره. وقصور ثقافة دمياط وكفر الدوار والغردقة وههيا في محافظة الشرقية. ولدينا مواقع أخرى جارٍ انتهاء أعمال التطوير بها. منها مسرح 23 يوليو بالمحلة الكبرى وبيت ثقافة أبرق رأس حدربة بحلايب وشلاتين. كما نسعى لإقامة عدة مشروعات أخرى مستقبلاً للوصول إلى أكثر عدد من الجمهور.
ما أولوياتكم في هيئة قصور الثقافة؟
لدينا ثلاثة أشياء عاجلة وملحة. أولا الانتهاء من أعمال البنية التحتية لقصور الثقافة التي تحتاج إلى صيانة. ثانيا العمل على تطوير المحتوى الفني والثقافي ورفع كفاءة ما تقدمه الهيئة. وذلك للوصول إلى القاعدة العريضة من الناس. وثالثا الهيكلة بما يتماشى مع سياسات الدولة من رقمنة وتكنولوجيا. ونعمل على رقمنة المنتج الموجود في قصور الثقافة وربطه بمواقع التواصل للوصول به لأكبر عدد من الجمهور على السوشال ميديا.
ميزانية ضعيفة
كيف تواجه ضعف الميزانية التي تؤثر على الأنشطة؟
ميزانية الأنشطة ليست ضعيفة. ونعمل في حدود الإمكانيات المتاحة لنا. وهناك أولويات يتم تقديمها على الثقافة مثل الصحة والتعليم. وأكيد لو فيه فرصة لإتاحة ميزانية أكبر لن تتأخر الدولة في ذلك.
هل تراجع دور الهيئة في التأثير الثقافي مجتمعيا؟
كان ذلك في الماضي. الآن نشاطنا منتشر في كل القرى. ونعمل في كل المراكز والقرى وتوابعها وأنشطتنا تشهد على ذلك.
بعض مثقفي الأقاليم يشتكون نظام “الشللية” والمحاباة بالهيئة.. فما تعليقك؟
هذا غير صحيح. أنا ابن الهيئة وتقلدت العديد من المناصب والوظائف بها. وأؤكد أن ذلك غير موجود. أي حد يشاور علي أي مكان فيه شللية في أي موقع أو محاباة. هذا غير صحيح. الكل يعمل بروح الجماعة. فين الكلام دا؟! بلاش كلام هدام! خلينا ننظر إلى نصف الكوب المليان علشان نتقدم للأمام”.
الإصرار على اعتماد المشاريع والمقترحات عبر الأقاليم المركزية يسبب هجرة الكوادر الثقافية والضيوف.. فما الحال لهذه المشكلة؟
“عادي.. الضيف اللي بيرفض يجيلنا مرة ثانية نستبدله ونجيب غيره. لدينا بدائل”. وبعدين تقسيم القطاعات الثقافية إلى 6 أقاليم مركزية يتبع النظام الإداري للدولة وليس لوزارة الثقافة دخل فيه.
غياب الوحدات الحسابية بالفروع يؤخر صرف بدلات المحاضرين والندوات ومكافأت الفرق.. ما رأيك؟
عدم وجود وحدات حسابية فرعية هي مشكلة وزارة المالية التي لم تنشئ وحدات فرعية وليست مشكلتي على الإطلاق.
هل خاطبتم “المالية” لحلها تيسيرا على العاملين بالهيئة والمتعاونين معها؟
سنحاول ذلك ضمن خطة إعادة هيكلة الوحدات.
متى يصبح في كل قرية بيت ثقافي؟
لدينا 600 موقع ثقافي بين قصور ثقافة وبين ومكتبة منتشرة في كل مصر. وحاليا الدولة أتاحت لنا عبر مبادرة “حياة كريمة” عمل بيت ثقافة وبدأنا في مركز ساحل سليم بأسيوط وجميع القرى التابعة له.
مأساة المسرح
عانى المسرح بالأقاليم من التعطل لسنوات بعد حادث بني سويف.. فمتى تُفتح المسارح المغلقة ويعود النشاط إليها؟
هذا الكلام كان موجود زمان. حاليا لا يوجد أي مسارح متعطلة. تم افتتاح كل المواقع التي كان يتم تطويرها. أما المواقع الثقافية التي لا تناسب مقراتها النشاط المسرحي يتم التنسيق مع بعض الجهات لتوفير أماكن بمراكز الشباب بالأندية بالساحات بالجامعات. لا يتعطل النشاط لعدم وجود مكان.
ما خطتكم لتطوير المسرح؟
بدأنا بمبادرة “ابدأ حلمك”. وعن طريق مسرح الشباب نستهدف تدريب وصناعة ممثل شامل. المبادرة أطلقتها وزيرة الثقافة مؤخرا داخل عدد من المحافظات ولكنها الآن بدأت تنتشر في كل محافظات مصر.
مستقبلا هناك توجيه بتعميم مبادرة “ابدأ حلمك” في كل المحافظات. وذلك لاكتشاف المواهب والقدرات لموهوبي القرى والمراكز. فوزارة الثقافة بدأت في تعميم المبادرة بالفعل وتم الانتهاء من المرحلة الأولى لها. والآن يتم تنفيذ المرحلة الثانية داخل كفر الشيخ وبني سويف والجيزة وأسوان وأخيرا العريش.
أيضا شهدت ورشة السينما بين يديك التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة إقبالا كبيرا. وتم سحب أكثر من ٤٠٠ استمارة للاشتراك ضمن برنامج “صيف بلدنا”. الذي بدأ في الإسكندرية يوم ١٠ أغسطس الماضي بمشاركة نخبة من أساتذة المعهد العالي للسينما وكبار الخبرات في السوق السينمائي. بالإضافة إلى نوادي السينما الشهرية بالمحافظات. وقد تم اختيار محافظة مرسي مطروح لعرض أول أفلام نوادي السينما يوم ٢٢ أغسطس الماضي. كما تم اختيار منطقة وادي الريان بالفيوم لإقامة أول معسكر سينمائي بها. وهنا أذكر بعودة مجلة “أبيض وأسود” في شكلها الجديد قريبا. وقد تم الاتفاق مع كبار النقاد والكتاب للكتابة بها. منهم الناقد طارق الشناوي ورامي عبد الرازق ونادر عدلي والصحفي الكبير سمير الجمل.
مشاريع ثقافية
ماذا عن أهم مشاريع الهيئة الثقافية حاليا؟
نعمل حاليا على الوصول إلى الجمهور في كل المواقع بالقرى والنجوع.
على الشواطئ تم تدشين مشروع “صيف بلدنا” وهي حفلات على الشواطئ بدأناها الصيف الماضي ونستكملها وهى خدمة مقدمة مجاناً للجمهور. وقد حققت نجاحاً وإقبالاً كبيرا. هناك أيضا مشروع “أهل مصر” الذي تنفذه قصور الثقافة منذ عامين ويستهدف فئات الأطفال والشباب والمرأة بالمحافظات الحدودية لدعم دمجهم والتواصل معهم. وبدأنا المرحلة الثالثة منه في أغسطس الماضي. وتم توسيع قاعدة المشاركة على مستوى الجمهورية من محافظات الوادى الجديد وأسوان والبحر الأحمر ومطروح وشمال سيناء وجنوب سيناء وحلايب وشلاتين وأبورماد والإسماعيلية. وذلك للانخراط في مجموعة كبيرة من الأنشطة الثقافية والفنية واكتشاف المواهب.
أيضا لدينا مشروع “المسارح المتنقلة” الذي ساعدنا في دخول القرى بـ12 مسرحاً تنقلت في 6 أقاليم. ونسعى ليكون لدينا 27 مسرحاً متنقلاً بعدد محافظات مصر خلال الثلاث سنوات القادمة.
لماذا لا يتم استغلال مسارح قصور الثقافة لعمل عروض سينمائية بسعر مخفض للجمهور؟
في معظم قصور الثقافة توجد قاعات للعروض السينمائية. وهناك مشروع يجري إعداده لحصر هذه القاعات ودراسة حالاتها لتنفيذ الفكرة. يهمنا جدا أن نعمل على اكتشاف الموهوبين. لذا نعد حاليا قاعدة بيانات الموهوبين بالمحافظات عبر الإدارة العامة للموهوبين بقصور الثقافة لإنشاء مراكز لهم بكل قصر ثقافة.