يقدم مؤشر الإرهاب العالمي (GTI) في نسخته التاسعة ملخصًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسية للإرهاب على مدى العقد الماضي. وقد توصل إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تعد المنطقة الأكثر تضررًا من الإرهاب. بينما لعب إضعاف تنظيم داعش في المنطقة دورًا رئيسيًا في تحسين الأداء في المؤشر، الذي يقيس حجم الحوادث المرتبطة بالإرهاب على مدار عام 2021.

وذكر التقرير أن “القتلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمثلون 39% من إجمالي الوفيات العالمية بسبب الإرهاب بين عامي 2007 و2021”. وتظهر البيانات تحولًا في ديناميات الإرهاب. إذ أصبحت أكثر تركيزًا في المناطق والبلدان تعاني من عدم الاستقرار السياسي والصراع، مثل الساحل وأفغانستان وميانمار.

انخفاض في الوفيات وارتفاع في الهجمات.. مؤشر الإرهاب لـ 2021

وفق التقرير، فإن العام 2021، سجل انخفاضًا في الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 1.2% إلى 7142. وتشكل الوفيات الآن ثلث ما كانت عليه في ذروتها في عام 2015. وقد انعكس الانخفاض الطفيف في الوفيات على انخفاض تأثير الإرهاب. ذلك مع تسجيل 86 دولة مقارنة بـ 19 حالة تدهورت.

ومع ذلك، فإن ارتفع عدد الهجمات على مستوى العالم بنسبة 17% إلى 5226.

وعلى هذا النحو، فقد انخفضت خطورة الهجمات المميتة من 1.6 حالة وفاة لكل هجوم إلى 1.4 حالة وفاة لكل هجوم خلال فترة 12 شهرًا. بينما شهدت روسيا وأوراسيا أكبر تحسن إقليمي.

وبلغ عدد البلدان التي تعاني من حالة وفاة واحدة على الأقل ناتجة عن الإرهاب 44 دولة خلال العام 2021. وذلك بزيادة طفيفة مقارنة مع 43 دولة في عام 2020. وقد بلغ عدد الدول التي لم تشهد وفيات أو هجمات ناتجة عن عمليات إرهابية 105 دول في عام 2021. وهذه هي الحصيلة الأعلى في عدد البلدان الآمنة من الإرهاب منذ عام 2007.

للاطلاع على تقرير مؤشر الإرهاب في 2022 كاملًا.. اضغط هنا

"العام

التحول في ديناميات الإرهاب

وتظهر بيانات “مؤشر الإرهاب” تحولًا في ديناميات الإرهاب. إذ أصبحت أكثر تركيزًا في المناطق والبلدان التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والصراع. مثل الساحل وأفغانستان وميانمار.

ولا يزال الصراع العنيف الدافع الرئيسي للإرهاب. وقد سُجل أكثر من 97% من العمليات الإرهابية في 2021 في البلدان التي تشهد نزاعات. وكانت الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب متورطة في نزاع مسلح. وسجلت الهجمات في البلدان المتورطة في الصراع 6 أضعاف عدد القتلى من الهجمات في دول مسالمة.

48 % من جميع وفيات الإرهاب في جنوب الصحراء بأفريقيا

أيضًا، كان هناك تدهور خطير في العديد من بلدان جنوب الصحراء في أفريقيا. ولا سيما منطقة الساحل. حيث سجلت 48% من جميع وفيات الإرهاب على مستوى العالم. وكانت مناطق جنوب الصحراء الكبرى ضمن 4 من البلدان العشرة التي شهدت أكبر الزيادات في الوفيات الناجمة عن الإرهاب. وذلك في دول مثل بوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومالي، والنيجر.

وفي ملاحظة أكثر إيجابية، كان هناك 10% تحسن في نسب الوفيات الناجمة عن الإرهاب في جنوب الصحراء في أفريقيا. وهو ما يمكن أن يعزى إلى نجاح عمليات المكافحة التي استهدفت جماعة “بوكو حرام”. وقد تسببت في سقوط قتلى، ما أدى إلى تراجع قوة هذه الجماعة الإرهابية إلى نسبة 72% بين عامي 2020 و2021. وقد أسفرت عملياتها عن 179 حالة وفاة في 2021 مقارنة بـ 629 حالة في 2020. وسجلت نيجيريا الثانية في أكبر انخفاض في الوفيات.

الإرهاب انتشر في دول الساحل

وكانت منطقة الساحل مصدر قلق بالغ. إذ توسع تنظيم الدولة (داعش). كما نجم عن انتشار الجماعات التابعة له تصاعدًا في الإرهاب بالعديد من البلدان في منطقة الساحل. وهو أمر أبرز حجم مشكلة الإرهاب في هذه المنطقة من أفريقيا.

وقد ارتفع عدد الوفيات بنسبة تزيد عن ألف في المائة فيما بين 2007 و2021 في منطقة الساحل. وسجلت وفيات الإرهاب في النيجر أكثر من الضعف في عام 2020. حيث ارتفعت الوفيات المنسوبة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا (ISWA)، وجماعة نصر الإسلام والمسلمين (JNIM)، وبوكو حرام. وسجلت حركة الشباب وفيات حتى جنوب موزمبيق، مع وجود 43% في منطقة الساحل.

اقرأ أيضًا: اتجاهات الإرهاب في 2022.. ورقة بحثية جديدة من “دام”

كما لفت “مؤشر الإرهاب 2022” إلى أن الوضع في الساحل يتدهور بسرعة. ذلك مع 8 محاولات للانقلاب في بوركينا فاسو ومالي وغينيا وتشاد في الـ 18 شهرًا الماضية.

سجل المؤشر أيضًا جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) وهي منظمة عسكرية جهادية، تكونت في 2 مارس 2017، بعد اندماج 4 حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي. باعتبارها المجموعة الإرهابية الأسرع نموًا على مستوى العالم. وقد سجلت أكبر زيادة في عدد الهجمات والوفيات في عام 2021. وكانت مسؤولة عن 351 حالة وفاة في عام 2021.

وعلى النقيض من ذلك، فإن داعش في غرب أفريقيا ISWA هي المجموعة الأكثر فتكًا في منطقة الساحل. وهي مسؤولة عن متوسط ​​15.2 حالة وفاة لكل هجوم في النيجر.

تنظيم داعش.. الأكثر دموية

لا يزال تنظيم الدولة هو التنظيم الأكثر دموية على مستوى العالم بأكبر عدد من الهجمات والوفيات مقارنة بأي جماعة أخرى في عام 2021. ومع ذلك، فإن قوة وتأثير داعش والجماعات التابعة لها، مثل ولاية خراسان (ISKP)، وولاية سيناء (ISSP) وداعش في غرب أفريقيا، تظهر علامات الانحدار.

وقد سجلت 20 دولة حالة وفاة واحدة من الإرهاب الذي تسبب فيه تنظيم “داعش” في عام 2021. ذلك بانخفاض عن 26 دولة العام السابق. كما انخفض عدد الوفيات المنسوبة إلى تنظيم الدولة في عام 2021، بنسبة 1.6% إلى 2066 وذلك بشكل إجمالي.

كذلك، انخفض عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 14% إلى 1139 حالة وفاة. وهو أدنى مستوى منذ عام 2007. وذلك على الرغم من أن الهجمات ظلت ثابتة عند 1،271 وهو ما معناه أن الهجمات أصبحت أقل فتكًا في المنطقة، بأقل من قتيل واحد في المتوسط ​​لكل هجوم إرهابي في عام 2021. وهو أدنى معدل فتك في العقد الماضي.

في المقابل، سجلت جنوب آسيا وفيات أكثر من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد تراجع الإرهاب في الغرب تزامنًا مع جائحة كوفيد -19. وساعدت في ذلك القيود على حرية الحركة، والتجمعات العامة وحظر السفر.

الإرهاب في أوروبا

في أوروبا، نفذ متطرفون إسلاميون 3 هجمات في عام 2021. بينما تراجعت الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة أيضًا إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2015. حيث تم تسجيل 7 هجمات فقط في عام 2021. ولم تُنسب أي هجمات إلى أي جماعة إرهابية معروفة. وقد ارتفع عدد القتلى في الولايات المتحدة بشكل طفيف، من اثنين إلى ثلاثة بين عامي 2020 و2021.

أوضح المؤشر كذلك أن الإرهاب ذي الدوافع السياسية تجاوز دوافعه الآن. إذ انخفض الإرهاب بدوافع دينية بنسبة 82% في عام 2021. وفي السنوات الخمس الماضية، كان هناك خمسة أضعاف هجمات إرهابية ذات دوافع سياسية أكثر من كونها ذات دوافع دينية.

بالإضافة إلى ذلك، أكثر الهجمات المنسوبة إلى أيديولوجيات اليسار أو اليمين يرتكبها أفراد أو مجموعات ليس لديهم انتماء رسمي إلى جهة معترف بها. ذلك مع العديد من العوامل التحفيزية الأساسية كونها متشابهة.

الدول الأبرز في نشاط الإرهاب

شهدت ميانمار أكبر زيادة في وفيات الإرهاب، بارتفاع 20 ضعفًا من 24 إلى 521 في عام 2021. وقد ظهر ميانمار للمرة الأولى هذا العام بين الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب. وكانت الاضطرابات السياسية الحالية هي المسؤولة عن هذه الزيادة. ومن المرجح أن تنمو في عام 2022.

كما سجلت النيجر ثاني أكبر زيادة في الإرهاب. حيث ارتفعت الوفيات بنسبة 129% لتصل إلى 588. ويرجع السبب في هذه الزيادة في معدل الوفيات إلى التطور المتزايد والقدرات التنظيمية
لتنظيم داعش في غرب أفريقيا.

ولا تزال أفغانستان الدولة التي لديها أعلى نسبة تأثير بالإرهاب للسنة الثالثة تليها العراق. وقد حسنت 16 دولة في المنطقة درجاتها عن العام السابق. مع ثلاث لم يظهر منها أي تغيير في الأداء. حيث سجلت الجزائر فقط زيادة في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب. فيما صُنفت الإمارات كواحدة من أكثر الدول أمانًا. ولم يتم الإبلاغ عن أي حوادث إرهابية خلال عام 2021.

كذلك، سجلت موزمبيق أكبر انخفاض في الوفيات بسبب الإرهاب، مع 414 حالة وفاة أقل في عام 2021. وذلك بانخفاض 82% عن العام 2020. وكان هذا التراجع بسبب إجراءات مكافحة الإرهاب الناجحة التي نفذتها موزمبيق ضد تنظيم الدولة بالاشتراك مع رواندا وجهود تنمية المجتمع.

وتظل منطقة جنوب آسيا هي المنطقة ذات أسوأ متوسط في مؤشرات الإرهاب في عام 2021. حيث سجلت المنطقة 1،829 حالة وفاة في عام 2021. ذلك بزيادة قدرها 8% أو 137 حالة وفاة. ولا تزال باكستان واحدة من أكثر عشر دول تضررًا في 2021. وقد ارتفع عدد الوفيات في باكستان إلى 275، أي 5% زيادة، من 263 حالة وفاة في عام 2020.

ولم تسجل هجمات إرهابية أو وفيات في سريلانكا للعام الثاني. ذلك بعدما كان عام 2019 أسوأ عام للإرهاب، بتسجيل 197 شخصًا قُتل في 11 هجومًا.

للاطلاع على تقرير مؤشر الإرهاب في 2022 كاملًا.. اضغط هنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتم إنتاج تقرير مؤشر الإرهاب من قبل معهد الاقتصاد والسلام (IEP) باستخدام بيانات من “متعقب الإرهاب” ومصادر أخرى. ويوفر هذا المتعقب سجلات الأحداث حول الهجمات الإرهابية منذ 1 يناير 2007. ويحتوي على مجموعة بيانات لأكثر من 60500 من الحوادث الإرهابية في الفترة من 2007 الى 2021.