هي ليلة غير متوقعة تمامًا بالنسبة لكل عشاق وجماهير عملاق القارة العجوز ريال مدريد. عندما استضاف غريمه الأزلي برشلونة على ملعبه سانتياجو برنابيو بالعاصمة الإسبانية مدريد في كلاسيكو الكرة العالمية الأشهر بالجولة الـ29 من الليجا. حيث تعرض لهزيمة مدوية برباعية نظيفة وسط أنصاره وعلى ملعبه وهو متصدر الدوري بفارق كبير عن أقرب ملاحقيه. لتكون نهاية لهيمنته على البارسا خلال آخر عامين في مواجهتهما المثيرة بالقمة.

رجال المدرب الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي لم يفهموا ماذا حدث لهم بأرضية الميدان ومنذ انطلاقة المباراة. حيث ظهروا تائهين عاجزين مرتبكين تمامًا أمام مارد خرج من القمقم الخاص به وهو برشلونة رفقة مدربه الشاب وأسطورة النادي تشافي هيرنانديز. الذي أعد فريقه على أفضل ما يكون لتلك القمة واستطاع السيطرة بالطول والعرض على مجريات اللقاء. ومن ثم الفوز برباعية ليواصل رباعياته مع البلوجرانا منذ قدومه لتدريب الفريق منتصف الموسم الحالي.

فوز كبير ومدوي بلا شك وليلة رائعة لكل عشاق البارسا، بينما كانت مؤلمة وقاسية لجماهير الريال الملكي حول العالم بلا شك. فرغم أنها خسارة لا تؤثر على حظوظ الصدارة وتنافسه على لقب الدوري الأقرب له لفارق النقاط الكبير. ولكنها بكل تأكيد تعكر الصفو العام للفريق والإدارة لأنها من الغريم التقليدي وعلى أرضية ميدان البرنابيو. وخسارة مذلة وعريضة بأربعة أهداف كاملة دون رد، فكيف حدث ذلك وما هو أسبابه؟ نستعرضها في العوامل الآتية.

تشافي يتفوق في يوم كبير!

بلا شك هو بطل الكلاسيكو هذه المدرب كمدرب وليس كلاعب كما اعتدنا بالسنوات الماضية. تشافي هيرنانديز أعد فريقه على أفضل ما يكون لتلك المباراة ودرس الريال جيدًا ولعب على كل نقاط ضعفه خاصة على الأطراف وقلب الدفاع. واستغل كل نقاط قوته في الهجوم والوسط لضرب نقاط ضعف الخصم واستغلالها على أكمل وجه وقد كان له ما أراد بالفعل. ونجح في التسجيل مبكرًا وإنهاء اللقاء بهدفين مباغتين في الشوط الأول. وتبعهم بمثلهم مع بداية الشوط الثاني ليقضي على الريال والمباراة تمامًا.

فلم يغير تشافي طريقته المفضلة (4-3-3)، وهو ما منح الفريق ثباتًا وأريحية واضحة منذ انطلاق المباراة. وفرض الفريق الكتالوني هيمنته على مجريات اللعب واعتمد على الاستحواذ والضغط العالي. ما أظهر لاعبي الريال عاجزين عن الخروج بالكرة من منتصف ملعبهم.

ووضح أن تشافي جهز نفسه جيدًا للمواجهة من خلال حسن استثمار غياب كريم بنزيما والظهير الأيسر فيرلان ميندي. حيث أعاد توظيف لاعبه الصلب أراوخو في مركز الظهير الأيمن ليشكل جبهة مزدوجة مع ديمبلي بالضغط على ناتشو. وفي الوقت نفسه إيقاف خطورة فينيسيوس وهو ما نجح في تنفيذه إلى حد بعيد.

كما نجح ديمبلي في استباحة الجبهة اليسرى للريال، ولم يتمكن ناتشو من مجاراة سرعة الجناح الفرنسي طوال الشوط الأول. الذي أنهاه البارسا متقدمًا بثنائية دون رد، واستمر بنفس الفاعلية بالشوط الثاني وسجل هدفين آخرين وكان بإمكانه زيادة غلة الأهداف. لكن لم يستطع لاعبيه في ذلك واكتفوا بالرباعية الكبيرة.

أنشيلوتي سبب مباشر في هزيمة فريقه

الإيطالي أنشيلوتي سبب مباشر في خسارة فريقه لتلك القمة وبهذه النتيجة الكبيرة بلا أدنى مجال للشك. بسبب “العك” أو التأليف الذي قام به منذ بداية المباراة بتغيير طريقة اللعب والتكتيك الخاص. لعلاج غياب مهاجمه وقائد الفريق الهداف الأول له ولليجا كريم بنزيما للإصابة. حيث قرر نقل لوكا مودريتش من الوسط إلى الهجوم للعب دور المهاجم الوهمي وهو ما لم يعتد عليه طوال مسيرته. ما صنع الفارق للبارسا والارتباك والخلل للريال داخل الملعب.

واتضح اعتماد أنشيلوتي على طريقة مختلفة عند امتلاك البارسا للكرة، بالتحول من (4-3-3) إلى (4-5-1). بوضع مودريتش في المقدمة للقيام بالضغط المتقدم، فيما يعود الجناحين لمساعدة الأظهر. وأحيانا يتقدم توني كروس لمساعدة زميله الكرواتي في الأمام.

الارتباك الذي أصاب أنشيلوتي عند التحضير للمباراة بعد علمه بغياب بنزيما، انتقل إلى لاعبيه بسبب تغيير طريقة اللعب بشكل مفاجئ. ما جعلهم تائهين على أرض الملعب منذ الدقيقة الأولى. وتسبب ذلك في خسارة الأفضلية لبرشلونة الجاهز والمستعد فنيًا وبدنيًا للكلاسيكو أفضل بمراحل من الملكي. ما جعله يتقدم ويزيد غلة الأهداف كما يحلو له.

تدخلات متأخرة بالتغييرات وحظ سيء للريال

حاول أنشيلوتي معالجة أخطائه بين شوطي المباراة بإحداث عدة تغييرات. بخروج داني كارفاخال ونزول إدواردو كامافينجا مع تحويل ناتشو إلى مركز الظهير الأيمن. وتواجد دافيد ألابا على الجانب الأيسر، مع تحول لاعب الوسط كاسيميرو إلى قلب دفاع بجوار ميليتاو. لعلاج أزمة الظهيرين الأيمن والأيسر دفاعيًا التي أدت لتقدم برشلونة وصنع كل الخطورة خلفهما طوال الشوط الأول.

 

لكن تلك التغيرات العديدة في الأدوار والمراكز أصابت الريال بحالة شلل تام داخل أرض الملعب. ليستغل البارسا هذه الحالة حتى يتكيف لاعبي الريال على أدوارهم الجديدة وسجل هدفين جديدين مع بداية الشوط الثاني. ليقضي تمامًا على الآمال المدريدية في العودة، وهو حظ سيء كبير للمدرب أنشيلوتي وفريقه. الذي لم يسعفه الوقت لتعديل أوضاعه وسجل الخصم هدفين سريعين مع بداية الشوط أخرجه تمامًا من اللقاء.

وبعدها بدأ لاعبو البارسا في تناقل الكرات مع شن هجمات خطيرة بين الحين والآخر. وكان الثنائي بيير إيميريك أوباميانج وفيران توريس الأكثر توهجًا بين لاعبي البارسا. حيث نجحا في استغلال حالة التوهان التي ظهر بها الدفاع الملكي، ليجد الحارس تيبو كورتوا نفسه أمام وابل من الهجمات. علمًا بأنه أنقذ مرماه من أهداف أخرى رغم الرباعية.