يُعد تجميد أصول المؤسسات والأفراد الروس. أحد المكونات الرئيسية للعقوبات التي قادتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا. والتي أُعلنت في أعقاب غزو أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط الماضي. في الوقت نفسه، هناك مؤشرات عن إخفاء استثمارات روسية تقدر بنحو 90 مليار دولار عن السلطات الغربية. وذلك مقارنة بالتقارير الروسية عن استثمارات في الخارج مع البيانات الغربية.
في مقال تحليلي نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. يُشير الدكتور حجاي إتكس، الممثل السابق لدولة الاحتلال في صندوق النقد الدولي. إلى التوزيع الجغرافي للاستثمارات الروسية في الاقتصادات الأخرى. والتي بلغت 381 مليار دولار في نهاية عام 2020. مؤكدًا أن العقوبات يمكن أن تكون فعالة للغاية.
يوضح إتكس، الذي يدرس اقتصاديات الشرق الأوسط، ويركز على العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والفلسطينيين. أن ثلثي الاستثمارات الروسية موجودة في الاتحاد الأوروبي، الذي أعلن عن أكبر عدد من العقوبات منذ فبراير/شباط. وفي الوقت نفسه، يقدم الدليل على نقص المعلومات الرسمية عن الاستثمارات الروسية للسلطات الغربية. ما قد يقوض تحديد الأصول الروسية، وبالتالي فعالية العقوبات.
يلفت المقال كذلك إلى أن الاستثمارات الروسية في البلدان التي لا تفرض عقوبات -بما في ذلك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- لا تمثل سوى 20% من الاستثمارات الروسية في الخارج. ما يجعل هناك احتمالية لتقويض قرار تجميد الأصول. الذي يعد جزءًا من العقوبات التي فرضها الغرب في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
اقرأ أيضا: في بؤرة الحرب الروسية الأوكرانية: التضخم يقصف اقتصاد العالم
الاستثمارات الروسية في الاقتصادات الأخرى في عام 2020
شملت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجميد أصول أشخاص وكيانات روسية معينة. يشير تحليل الاستثمارات الروسية الرسمية في الخارج -والتي بلغت 382 مليار دولار في عام 2020- إلى أن الغالبية العظمى من الاستثمارات الروسية موجودة في البلدان التي تفرض عقوبات، وخاصة في أوروبا.
ومن ثم، فإن فعالية تجميد الأصول تعتمد على كفاءة السلطات والقطاع المالي، لا سيما في أوروبا. مع ذلك، هناك مؤشرات على نقص الإبلاغ عن الاستثمارات الروسية التي تبلغ قيمتها حوالي 90 مليار دولار للسلطات الغربية. في الوقت نفسه، تتركز الاستثمارات الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تركيا والإمارات وإسرائيل. والتي تُعّد ذات نطاق وأهمية محدودة بالنسبة لروسيا أو للمنطقة، خاصة بعد تراجع الاستثمارات الروسية في تركيا منذ عام 2017.
يشير توزيع الاستثمارات الروسية المعروفة في الخارج في نهاية عام 2020. إلى أن هذه الاستثمارات من المرجح أن تكون معرضة بشدة لعقوبات تجميد الأصول. حيث أن 79٪ من هذه الاستثمارات في البلدان التي أعلنت عقوبات على روسيا -بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وأمريكا والمملكة المتحدة وسويسرا- وتحديدًا، نجد أن ثلثا الاستثمارات الروسية في الاتحاد الأوروبي بقيمة 258 مليار دولار.
يرى الباحث الإسرائيلي أنه من المثير للاهتمام. أن المؤشرات على نقص الإبلاغ عن الاستثمارات الروسية إلى السلطات في بعض الدول الأوروبية. تنشأ من مقارنة البيانات الروسية ببيانات اقتصادات الوجهة. على سبيل المثال مثلًا، بينما أفادت روسيا بأنها استثمرت في قبرص 190 مليار دولار. تشير البيانات القبرصية إلى أن الاستثمارات الروسية كانت 118 مليار دولار فقط. مما أدى إلى فجوة قدرها 72 مليار دولار.
بالمثل -ووفقًا للبيانات الروسية- فإن الاستثمارات في النمسا، وسويسرا، وألمانيا، والسويد، والولايات المتحدة. كل هذه مجتمعة. تزيد بمقدار 24 مليار دولار عما تقوله السلطات الغربية. الاستثناء الرئيسي هو هولندا، التي يعتبر تقديرها للاستثمار الروسي في اقتصادها أكبر من التقدير الروسي الرسمي. بينما الاستثمارات الواضحة التي لم يتم الإبلاغ عنها في هذه البلدان تصل إلى ما يقرب من 90 مليار دولار أمريكي.
إخفاء أموال روسيا
يلفت إتكس إلى أن هذا النقص الواضح في الإبلاغ عن الاستثمارات الروسية إلى سلطات وجهات الاستثمار -خاصة في أوروبا- يمكن استخدامه لإخفاء استثمارات الكيانات الروسية الواقع عليها العقوبات. ولا يوجد ما يشير إلى ما إذا كان النقص الواضح في الإبلاغ عن الاستثمارات الروسية في وجهات مختلفة مقصودًا.
مع ذلك، وفق الباحث، من المقلق أن المملكة المتحدة صنفت البيانات الخاصة بالاستثمارات الروسية. في الأسهم. في الاقتصاد البريطاني على أنها سرية في تقريرها إلى صندوق النقد الدولي. وبحسب البيانات الروسية، فإن هذه الاستثمارات بلغت في عام 2020 15ما يقرب من مليار دولار. أي نصف الاستثمارات غير المحددة في المملكة المتحدة، بما في ذلك بسبب السرية.
يقول إتكس: على أية حال، فإن قدرة السلطات والقطاع المالي في أوروبا. على تحديد الأصول المملوكة لروسيا بشكل صحيح. أمر بالغ الأهمية لفعالية العقوبات.
جدير بالذكر أن خُمس الاستثمارات الروسية في الخارج فقط تقع في ولايات قضائية لم تعلن عن عقوبات ضد روسيا. توجد أكبر الاستثمارات في البلدان التي لا تفرض عقوبات -في سنغافورة 10 مليار دولار. وجزر الباهاما 7 مليار دولار أمريكي- والتي يعتبرها بعض العلماء ولايات قضائية خارجية.
بطبيعة الحال، قد تخفي الاستثمارات في الوجهات الخارجية. ملكية الكيانات المحددة للأصول في الاقتصادات التي تلتزم بالعقوبات. لكن، المثير للدهشة -كما يقول- أن الاستثمارات الروسية المبلغ عنها في الصين هامشية . حيث بلغت 0.7 مليار دولار أمريكي.
اقرأ أيضا: خطط روسيا والصين للتملص من القوة الاقتصادية للولايات المتحدة: بحثا عن بديل الدولار
الاستثمار الروسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تعتبر الاستثمارات الروسية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محدودة للغاية. وتتركز في ثلاث دول. هي تركيا والإمارات وإسرائيل. في نهاية عام 2020، بلغت الاستثمارات الروسية في تركيا 6.5 مليار دولار أمريكي. أو حوالي 5.2 % من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا. وفي عام 2017، بلغت الاستثمارات الروسية في تركيا ذروتها عند 9.5 مليار دولار أمريكي. أو 21٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الحالي في تركيا.
يرى إتكس أنه من الواضح أن الأزمة المالية الحالية في تركيا تعزز حاجة البلاد إلى تعزيز احتياطيات العملات الأجنبية. بما في ذلك عن طريق تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر. مع ذلك، فإن تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر الروسي في تركيا منذ عام 2017 يقلل من تعرضها للتأثير المباشر لعقوبات تجميد الأصول.
أمّا الاستثمارات الروسية في الإمارات وإسرائيل، فتعتبر أقل قيمة، وأهميتها لهذه الاقتصادات محدودة. مثلًا، زادت الاستثمارات الروسية في الإمارات تدريجياً خلال العقد الماضي إلى حوالي 960 مليون دولار في 2019. ونمت إلى 1.4 مليار دولار في 2020.
من ناحية أخرى، نمت الاستثمارات الروسية في إسرائيل في بداية العقد الماضي حتى فرض عقوبات على روسيا بسبب احتلال شبه جزيرة القرم في 2014. لكنها ظلت راكدة منذ ذلك الحين عند حوالي 570 مليون دولار. في نهاية عام 2020، شكلت الاستثمارات الروسية في إسرائيل حوالي 0.3٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد.
بخلاف هذه البلدان، نجد أن الاستثمارات الروسية المبلغ عنها في بلدان الشرق الأوسط الأخرى هامشية. وتقل عن 100 مليون دولار أمريكي. بشكل ملحوظ، لا يوجد دليل على استثمارات قبرصية كبيرة -في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- والتي كان من الممكن أن تخفي الاستثمارات الروسية.