تعتمد مصر منذ عقود على دقيق القمح في إنتاج رغيف الخبز المدعم. رغم وجود بدائل يمكن الاستعانة بها في تقليص نسبة الدقيق لتقليل حجم الاستهلاك على المدى البعيد. وتحقيق فوائد صحية لمستهلكيه الذين يعتمد بعضهم عليه كمصدر أساسي للنشويات والطاقة.

يعتمد 71 مليون مواطن مقيدين على 23 مليون بطاقة تموينية على رغيف الخبز المدعم في احتياجاته اليومية. وذلك بعدد أرغفة تتراوح بين 250 و270 مليون رغيف يوميًا تنتجها 30 ألف مخبز. ما يعني أن إدخال أي مكونات جديدة مع القمح ستؤدي لنتائج اقتصادية سريعة. خاصة في ظل أزمة الروسية الأوكرانية التي خرجت 25% من الإنتاج العالمي من المعادلة.

كان لدى مصر نظام قديم لإنتاج الخبز يعتمد على تقليل القمح في عهد وزير التموين السابق الدكتور أحمد جويلي. يجعل الرغيف مقسما بين 80% قمح و20% ذرة. وهي تجربة تقلل استهلاك القمح بنسبة 20%. فيما تضمن أثرا صحيا أفضل باعتباره دقيقا أكثر فائدة صحيًا.

دقيق الذرة يتضمن مضادات للأكسدة ما يجعله أكثر فائدة لمرضى السكري والقلب. كما ثبت أنه مناسب أيضا لمرضى الأورام ويقلل مستويات الكوليسترول لاحتوائه على ألياف أعلى بكثير من القمح.

لكن واجهت الحكومة بعدها مشكلة في امتناع المزارعين عن زراعة الذرة واستبداله بالمحصول المنافس حينها المتمثل في الأرز. خاصة أنه أجدى على المستوى المالي. واستمرت المشكلة. ما أدى إلى ارتفاع تكلفة استيراد الحكومة للذرة سنويًا إلى مليار و٧٠٠ مليون دولار.

ويصل حجم إنتاج مصر من الذرة إلى 15 مليون طن سنويًا. نستورد 50% منها من الخارج. وتمثل 70% من مدخلات صناعة الأعلاف للثروة الحيوانية والداجنة والسمكية. وتؤثر أسعارها ارتفاعًا وانخفاضًا على أسعار اللحوم والدواجن والأسماك في السوق المصرية.

خلط الدقيق بالذرة يوفر استيراد القمح

ربما يمثل خلط الذرة بالقمح فكرة يمكن العودة إليها حاليا. فرغم أن أوكرانيا تمثل 16% من صادراته. لكن الولايات المتحدة هي أكبر منتج ومصدر له في العالم بإنتاج 366 مليون طن متري. نصفه متاح للتصدير. تليها الصين بـ257 مليون طن متري ويتم استهلاكه محلياً. ثم البرازيل والأرجنتين 94.5 مليون طن متري و46 مليون طن متري سنويًا.

أزمة رغيف العيش
أزمة رغيف العيش

بالنسبة للذرة الرفيعة توجد العديد من الدول التي تنتجها في مقدمتها الولايات المتحدة أيضًا بنحو يبلغ 11.5 مليون طن متري. ثم الهند بنحو ​​7.5 مليون طن متري. ونيجيريا التي تتربع على عرش أفريقيا بنحو 7.4 مليون طن متري. ثم المكسيك التي تنتج نحو 6.1 مليون طن متري.

الشعير بديل مهم للقمح ويتحمل الظروف المناخية الصعبة

ويمثل الشعير أحد البدائل الأساسية التي يمكن إضافتها لرغيف الخبز لتقليل كمية القمح داخله بنسب كبيرة قد تصل إلى 50% من وزن الرغيف (90 جرامًا). دون أي اختلال في الطعم. خاصة أن الشعير فوائده الصحية أعلى فيما يتعلق بأمراض القلب والضغط والكبد. كما يخلص الجسم من السموم.

ويمثل الشعير المركز الثاني بعد القمح في المنتجات الزّراعية في ألمانيا التي تنتج منه سنويا 10.73 مليون طن. كما تنتج فرنسا سنوياً ما يقارب 10.306 مليون طن وتصدر غالبيته للخارج. وتأتي كندا في المرتبة الثالثة عالميًا إذ صدرت بمفردها 18.5 مليون طن لبعض الدول. فيما تنتج بريطانيا سنوياً ما يقارب 6.55 مليون طن. بينما يبلغ إنتاج أستراليا للشّعير سنوياً 8.992 مليون طن.

 

وكانت المناطق الريفية في مصر تزرع الشعير باستمرار كأحد الوسائل الأساسية لإنتاج الرغيف مع القمح. خاصة في المناطق التي تعاني ندرة المياه. ما يجعله مناسبا للمناطق المستصلحة حديثا. لكن مصر حاليا تحتل المرتبة الخمسين عالميا في إنتاجه.

تبلغ المساحة المزروعة بالشعير في مصر نحو 250 ألف فدان، منها 150 ألف فدان تزرع على الأمطار بمتوسط إنتاجية يقدر بنحو من 5 إردبات للفدان؛ في الساحل الشمالي وسيناء، و100 ألف فدان تعتمد على المياه الجوفية بمتوسط 17 إردبا للفدان وأغلبه في شرق العوينات.

يزرع الشعير والقمح في التوقيت ذاته لكنهما لا يتنافسان لأن الشعير يمكن زراعته في المناطق الجديدة، وينافس القمح في الأراضي القديمة أيضًا البرسيم والبنجر ما يتطلب من الدولة وضع سياسات لتوزيع نسبة الأراضي المخصصة لتلك المحاصيل فالبنجر يمكن زراعته أيضًا في المناطق المستصلحة، ما يوفر مساحة أوسع للقمح.

وتوجد العديد من تجارب الدول التي تعاني الظروف المناخية ذاتها في مصر كالدول الإفريقية بجنوب الصحراء التي تعتمد على نبات الكسافا في صناعة الخبز، والذي حال استخدامه من الممكن أن يقلل استهلاك الدقيق في الخبز البلدي بنسب قد تصل إلى 20% بحسب دراسات لمركز البحوث الزراعية.

أشجار صحراوية أفريقية تعطي دقيقًا بسعر زهيد 

 

الكسافا شجيرات معمره تتكاثر تحت سطح الأرض شبيه تمامًا بشكل البطاطا والبطاطس لكن وزن للثمرة الواحدة يصل إلى 1.5 كيلو جرام وزيتم تحويلها إلى دقيق عبر تقشيرها وتقطيعها كحلقات وتجفيفها في الشمس ثم تطحن لنحصل منها على دقيق الكسافا، وميزة تلك الأشجار أنها تعيش في بيئة صحراوية أي تتحمل الحرارة وندرة المياه والجفاف والملوحة ولا تتعارض مع خريطة إنتاج محاصيل قائمة.

فدان الكسافا يعطى إنتاجية عالية بمتوسط 17 طنًا تنتج 9 أطنان من الدقيق بجانب قشور صالحة للعلف كما يمكن تخزينه فترات طويلة عكس القمح والفدان الواحد يتكلف في زراعته فقط  نحو 4 آلاف جنيه فقط، ويمكن إضافته لرغيف الخبز بنسب تصل إلى 25%، ما يعني أنه قد يكون أحد البدائل الهامة.

تستهلك مصر 9.7 مليون طن من القمح لرغيف الخبز المدعم سنويا يتم توفير حوالى 3.7 إلى 4 ملايين طن داخليًا فيما يتم استيراد 6 ملايين طن قمح سنويا من الخارج لتوفير رغيف الخبز، وحال إدخال بدائل من الذرة والشعير والكسافا يمكن تقليل تلك الكميات إلى النصف تقريبًا ما يخرج مصر من المرتبة الأولى في استيراد القمح عالميًا.

بدائل للأعلاف توفر أطنان قمح يستخدمها المزارعون لإطعام ماشيتهم

أزمة الرغيف
أزمة الرغيف

توجد بدائل أيضًا للأعلاف التقليدية التي تنافس رغيف الخبز على الإنتاج المحلي من الذرة، وفي مقدمتها مزارع الطحالب البحرية التي تزايد استخدامها عالميا في أعلاف الأسماك والثروتين الحيوانية والداجنة، خاصة طحلب الأزولا الذي يمكن أن يتضاعف وزنها خلال سبعة أيام فقط وهي غنية بالبروتين تُستخدم لتغذية مزارع البط في جنوب شرق آسيا والدواجن والأسماك في فيتنام.

تزيد الطحالب من نسبة البروتين للمخلفات النباتية التي تتناولها الحيوانات خاصة أن لها مزايا في رفع المناعة وزيادة الإنتاجية ما يجعلها موفرة لاستهلاك الكميات المحلية من الذرة أو استيرادها من الخارج.

تعميم تلك التجارب التي لا تحتاج لتكاليف كبيرة ويمكن الاعتماد فيها على المياه المالحة، يمكن أيضًا أن توفر كميات كبيرة من القمح المحلي يطحنها المزارعون لإطعام مواشيهم على اعتبار أنها متوفرة لديهم وتعنيهم عن شراء الأعلاف التي سجل سعر الطن الواحد منها مستوى يتراوح بين 7 و10 آلاف جنيه للطن الواحد.